عرض مشاركة واحدة
  #172  
قديم 20-09-2020, 05:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (92)
الحلقة (99)




تفسير سورة البقرة (60)

إن جدال اليهود والنصارى ليس مبنياً على حجة، وتفاخرهم فيما بينهم ليس له شاهد من واقع، إنما هو محض افتراء على الله وتألٍ عليه سبحانه، فلا اليهودية مقبولة عنده سبحانه، ولا النصرانية مرضية عنده عز وجل، فلا بد لهم من أجل نيل رضا الله من الدخول فيما دخل فيه المؤمنون، من إيمان بعقيدة التوحيد، ودخول تحت راية الإسلام الصافي، حتى يتجنبوا ما أعده الله للمؤمنين من الوعيد.

حكم التمسح والتبرك بمنبر المسجد النبوي

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن السورة ما زالت -كعهدنا بها- سورة البقرة، وها نحن مع الآيات المباركات التي نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها، سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها، والعمل بها؛ إنه قريب مجيب سميع الدعاء.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ * قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ [البقرة:137-139].. إلى آخر ما جاء في هذا السياق القرآني المبارك الكريم.معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! وقف إلى جانبي شيخ كبير يقول: إن منكراً شاهده بالمسجد النبوي، فلم لا يغير هذا المنكر، فما هو؟ قال: إن المنبر الذي يخطب عليه إمام المسجد يوجد به حلق أو كذا يرى الناس يتمسحون بذلك ويضعون أعينهم عليه متبركين.فالجواب: هؤلاء عجم، وليسوا بعرب، لو كانوا يعرفون لساننا لجلسوا إلينا ولبينا لهم الطريق، وعلمناهم الهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن علماءهم غشوهم وما نصحوا لهم، فما عندنا حَجَر في العالم ولا حلقة باب ولا عتبة ولا جدار نتمسح به ونتبرك سوى الحجر الأسود، وكل تمسح وكل تبرك بالجدران بالقباب بالحجارة هو من عمل أهل الجاهلية وليس من الإسلام في شيء، ما عندنا إلا الحجر الأسود، والركن اليماني نضع أكفنا هكذا عليه فقط، اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والحجر الأسود يقبل، من استطاع أن يقبله بفيه فليفعل، وإذا ما استطاع فليضع يده عليه ويقبلها، فإن عجز فإنه يشير إعلاناً بأنه عجز، وما عدا ذلك فما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء نقبله أو نتمسح به أو نتبرك قط، لكن الجهل الذي غشينا وغطانا، وأصبح كالليل المظلم فوقنا منذ قرون ليس منذ قرن واحد، تركنا في هذا التخبط والحيرة، ولو قلت لهذا المسلم: هذا لا يجوز فإنه يغضب، وإن قلت: هذا ممنوع حرام فلن يفهم، فماذا تصنع؟ أتتقاتل معه؟ لا يحل ذلك عندنا؛ لأنه يريد الخير، ولكن ما عرفه، ويأثم لأنه ما سأل أهل العلم.

وجوب العلم بحكم العمل قبل الإقدام عليه

وأعيد ما سبق أن ذكرت، واحفظوا وبلغوا إن كنتم تريدون الملكوت الأعلى، إن كنتم تؤمنون بالجنة دار السلام والانتقال إليها بعد الموت، اعلموا أنه لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه، فلا يعتقدن عقيدة في نفسه حتى يسأل أهل القرآن والسنة: هل هذه العقيدة مما شرع الله ورسوله أم لا؟ فإن قالوا: نعم، قال: إذاً: أعتقد. وأصر عليه حتى الموت، وإن قالوا: هذا المعتقد باطل لا وجود له في كتاب الله ولا في هدي رسوله صلى الله عليه وسلم فيجب عليه أن يغسل قلبه منه، وأن ينحيه من نفسه بالمرة؛ لأنه يريد الملكوت الأعلى، ولا يقول قولاً ولا يتكلم بكلمة حتى يعرف هل أذن الله فيها أو لم يأذن، أتعبدنا الله بهذه الكلمة أو لم يتعبدنا، فإن عرف أنها من دين الله وأن الله شرعها في كتابه وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم قال الكلمة وحافظ عليها، فإن قيل له: هذه ليست بدين ولا بعبادة شرعها الله فإنه لا يقولها أبداً، ولو هدد ولو توعد بالسجن والضرب فإنه لا يقول الباطل، ولا يأكل لقمة حتى يعرف هل أذن الله في هذا الطعام أو لم يأذن، ولا يشرب شراباً حتى يعلم آلله أذن فيه أو لم يأذن، بل ولا يمشي مشية حتى يعلم آلله أذن في هذا النوع من المشي أو لم يأذن. ولو أخذ المسلمون بهذا المبدأ في قرية من القرى فقط فلن يحول الحول عليهم إلا وهم علماء، ولكن ما نبالي أوقعنا في الحلال أو الحرام، أصبنا أم أخطأنا، نأتي ما تمليه نفوسنا، وما تزينه شياطيننا، فغرقنا في ظلمات الجهل والإثم، فمن ينقذنا، من يمد يده إلينا؟ أما الله فقد بين، وحسبنا أن أنزل كتابه وبعث رسوله ودعا رسوله ثلاثاً وعشرين سنة، ما مات وترك شيئاً تحتاجه الأمة إلا بينه، ونحن الذين أعرضنا، فماذا نصنع؟

وقت انغلاق باب التوبة

والآن ما زال الحجاج مع اليهود والنصارى، ما زال الصراع والنزاع والجدال والخصومة مع اليهود والنصارى إلى أن تطلع الشمس من مغربها، ومن ثم ينتهي كل شيء، وهل ستطلع الشمس من المغرب؟ إي ورب الكعبة، يختل فلكها ويضعف، فترجع إلى الوراء، ونراها قد طلعت من المغرب، ومعنى ذلك أن المؤمن مؤمن والكافر كافر، والبر بر والفاجر فاجر، والمتقي متق، والفاسد فاسد، أغلق باب التوبة، باب التوبة مفتوح لا يغلق إلا عند ما تغرغر النفس في حال نزعها، إذا غرغرت أغلق باب التوبة على هذا المريض، ثم طلوع الشمس من مغربها، إذا لاحت في الأفق من الغرب علمنا أن باب التوبة أغلق، واقرءوا لذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر )، والله! لهذا الحديث خير من ملء الأرض ذهباً، فأوساخ الدنيا لا قيمة لها، فلم نسمعه ولا نحفظه، ما المانع فيه؟ هل ندفع غرامة؟ نؤخذ به في الشارع فيقال: هذا حفظ حديث الرسول فاضربوه؟ والله ما كان، وإنما ليس عندنا استعداد كما لم يكن لآبائنا ولا لأمهاتنا ولا لأجدادنا، ما عندنا استعداد أن نعلم لنصل إلى دار السلام، وإلا فهذا الحديث كرره، هو حديث صحيح، فبلغه أهلك إخوانك، ما هو؟ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر )، والغرغرة: صوت متغير، إذا بلغت الروح الحلقوم تغير الصوت؛ لأنها ارتفعت من الرجلين ومن الصدر ووصلت إلى الحلقوم ولن تعود، آن أوان الفراق.وفي الآية الكريمة من سورة الأنعام يقول تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ [الأنعام:158] فيؤمنوا، من هؤلاء؟ المتباطئون، المترددون، ما منعهم من الإيمان؟ ماذا ينتظرون؟ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ [الأنعام:158]، إذا جاء الله آمنوا، فهل ينفع الإيمان في ذلك الوقت؟ لا ينفع، أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ [الأنعام:158]، بعضها فقط لا كلها، يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ [الأنعام:158] الدالة على قرب الساعة ونهاية هذه الحياة الدنيا يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [الأنعام:158]، فاسق، فاجر، ضائع، مؤمن رأى الشمس تطلع، وأراد أن يكتسب خيراً فلا يقبل منه، لا صدقة ولا صيام ولا صلاة ولا طهر ولا صفاء. فقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر )، هذا في حياة الفرد، وفي حياة الجميع: إذا طلعت الشمس من مغربها، فالمؤمن مؤمن، والكافر كافر، والبر بر، والفاجر فاجر، والمستقيم مستقيم، والمعوج معوج، ما السر؟ لأن هذه العبادة تنتج الطاقة وتولدها عندما كان العبد يؤمن بالغيب، أما وقد انتهى الغيب وأصبحنا في عالم الواقع والشهادة فتلك العبادة ما تزكي نفسك ولا تطهرها.

الرد على اليهود والنصارى في الدعوة إلى اليهودية والنصرانية

معاشر المستمعين والمستمعات! مع السياق الكريم، يقول تعالى: فَإِنْ آمَنُوا [البقرة:137]، من هؤلاء؟ اليهود والنصارى، إذ قال في السياق قبل ذلك: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة:136]، هذا نقوله نحن لأنفسنا ونقوله لهم وهم يخاصموننا، إذ قالوا: كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا [البقرة:135]، قالوا لنا هذا ويقولونه إلى الآن، ففي حضرة النبي صلى الله عليه وسلم قال وفد نجران واليهود: كونوا يهوداً أو نصارى تهتدوا! وكأن الهداية محصورة في اليهودية والنصرانية، والله ما فيهما هداية، ومن قال: لم؟ قلنا: أرنا هداية في النصارى؛ بل الزنا والعهر والفجور والربا وسفك الدماء والتلصص والخنا والدعارة، فأين الهداية، فهل توجد هداية عند النصارى؟ وأين الهداية عند اليهود؟ أفظع الجرائم يرتكبونها، فأين الهداية، أين القوانين التي تسود البشرية وتقودها تتجلى فيها الرحمة والعدل والإحسان والخير والطهر والصفاء؟ هذا لن يوجد إلا في الإسلام دين البشرية العام. وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا [البقرة:135]، نهتدي إلى ماذا؟! والله يقول لنا: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ [البقرة:136]، لمن؟ لله، مُسْلِمُونَ [البقرة:136]، هل أسلم اليهود اليوم وقبل اليوم قلوبهم لله، هل أسلموا لله وجوههم، هل أسلم النصارى لله قلوبهم ووجوههم؟ إنهم ما عرفوا الله، إنهم يعبدون الشيطان الذي وضع لهم الثالوث، أين هم من الإسلام وإسلام القلوب لله؟ مخدوعون مغرر بهم مضللون، تائهون في صحاري الباطل وأودية الضلال.

وجوب القيام بدعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام

ولكن نحن أيضاً مسئولون عنهم، نحن خلفاء محمد صلى الله عليه وسلم، متى نحمل رايته ونقود المؤمنين إلى أن يصلحوا العالم وينقذوا البشرية من ضلالها؟ لقد فعلنا ذلك ثلاثة قرون، وانتشر النور في العالم، وبلغ أقصى الشرق والغرب، ولكن هم تآمروا علينا وتكاتفوا ضدنا، وكونوا ثالوثاً أسود من المجوس واليهود والنصارى، وضربونا تلك الضربة فهبطنا، فهم المسئولون عن شقاوتهم، فرقوا كلمتنا، مزقوا دولتنا، شتتوا جماعتنا، نفخوا فينا روح الباطل والشر والتحزب والتكتل والإقليمية والعصبية والمذهبية، فتركونا كالجثث الهامدة، فهل نستطيع أن ننقذهم؟ لا نستطيع، فقد قتلونا. ولكن أما نحيا؟ إن الروح موجودة، ولو ضاعت لكان لنا عذر، فالروح -والله- ما زالت، فهل تدرون ما الروح أيها المستمعون والمستمعات؟ إنه القرآن الكريم، كتاب الله رب العالمين، واقرءوا لذلك قول الله تعالى وقوله الحق: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]، فوالله الذي لا إله غيره! لا حياة بدون روح، ولا هداية بدون نور، هل يوجد تحت السماء من ينقض هذه الحقيقة، فيقول: نعم توجد حياة بدون روح؟ فليثبت ذلك ولو في البعوضة، فوالله! ما كان. وهل توجد هداية بدون نور؟ الماشي في الظلام هل يهتدي إلى حاجته، هل يصل إلى منزله، إلى بغيته؟ لا والله، والقرآن هو الروح، وهو النور، أخبر بذلك منزله الذي تكلم به، وأوحاه إلى رسوله، القرآن روح ونور، فلا حياة بدون روح، ولا هداية بدون نور، وهل لذلك مثل؟ الجواب: نعم، فالعرب ذرية إسماعيل وإخوانهم القحطانيون كانوا أمواتاً، كانوا في ضلال عظيم، لا تسأل عما كانوا فيه وعليه، يعبدون الأصنام والأحجار، يعبد الرجل حجرة من الحجارة ثم يستبدل بها أخرى، كانوا أمواتاً فبم أحياهم الله؟ بالقرآن حيوا، أصبحوا مضرب المثل في الكمال البشري، ووالله! ما اكتحلت عيون الوجود بأمة أطهر ولا أصفى ولا أرحم ولا أعدل من تلك الأمة في قرونها الذهبية: الصحابة وأبناؤهم وأبناء أبنائهم، ما عرفت الدنيا أبداً أكمل ولا أشرف من أولئك، وإن ضلل المضللون تاريخهم وغطوه بالأباطيل والترهات، ولكن الواقع واقع، والله! ما عرفت الدنيا أمة أكمل ولا أعز ولا أطهر ولا أصفى من تلك الأمة، بم؟ بالبلشفية الحمراء؟ بالديمقراطية الهابطة؟ باليهودية المبتدعة؟ بالنصرانية الهالكة؟ بالمجوسية الممزقة؟ بم؟ بالقرآن، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم لازمة للقرآن؛ إذ عهد إليه ربه بأن يبين: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44]، فلا غنى عن رسول الله أبداً، ولا تفهمن دين الله بدون رسول الله، فهو المبين المفسر.إذاً: هم الذين فعلوا بنا ما فعلوا، فهل من عودة؟ نحتاج إلى تربية ربع قرن، خمس وعشرين سنة، لو نأخذ في تربية أنفسنا خمساً وعشرين سنة فإنه يهلك من يهلك وينشأ النشأ المبارك، وفي استطاعتهم بإذن الله أن يحولوا العالم إلى كتلة من نور، وسيأتي هذا أحببتم أم كرهتم، أحب الخصوم أو كرهوا، حلف رسول الله أن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، فلا يبقى يبت مدر ولا وبر إلا دخله بعز عزيز أو بذل ذليل، والآن العالم يتخبط يبحث عن المخرج، وخمت الدنيا وتعفنت بالخبث والباطل والشر والفساد، فمن يطهرها؟ بأي وسيلة، بأي منهج أو مبدأ؟ لا وسيلة إلا الإسلام.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.80%)]