عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 16-06-2017, 06:29 PM
سراج منير سراج منير غير متصل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Mar 2017
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 597
افتراضي رد: -غزوة بدر العظمى

فلما بلغ عتبة قول أبي جهل انتفخ والله سحره قال: سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره أنا أم هو، ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها في رأسه فما وجد في الجيش بيضة تسعه من عظم رأسه فلما رأى ذلك اعتجر على رأسه ببرد له .


24- قال : حكيم بن حزام خرجنا حتى إذا كنا بالجحفة رجعت قبيلة من قبائل قريش بأسرها فلم يشهد أحد من مشركيهم بدرا، ثم خرجنا حتى نزلنا العدوة التي قال الله تعالى، فجئت عتبة بن ربيعة فقلت يا أبا الوليد هل لك في أن تذهب بشرف هذا اليوم ما بقيت ؟ قال أفعل ماذا ؟ قلت إنكم لا تطلبون من محمد إلا دم ابن الحضرمي وهو حليفك، فتحمل بديته ويرجع الناس.
فقال أنت علي بذلك وأذهب إلى ابن الحنظلية - يعني أبا جهل - فقل له هل لك أن ترجع اليوم بمن معك عن ابن عمك ؟ فجئته فإذا هو في جماعة من بين يديه ومن خلفه، وإذا ابن الحضرمي واقف على رأسه وهو يقول: فسخت عقدي من عبد شمس، وعقدي اليوم إلى بني مخزوم فقلت له: يقول لك عتبة بن ربيعة هل لك أن ترجع اليوم بمن معك ؟ قال أما وجد رسولا غيرك ؟ قلت: لا ! ولم أكن لاكون رسولا لغيره.



قال حكيم: فخرجت مبادرا إلى عتبة لئلا يفوتني من الخبر شئ وعتبة متكئ على ايماء بن رحضة الغفاري، وقد أهدى إلى المشركين عشرة جزائر.فطلع أبو جهل الشر في وجهه فقال لعتبة: انتفخ سحرك ؟ فقال له عتبة: ستعلم، فسل أبو جهل سيفه فضرب به متن فرسه، فقال إيماء بن رحضة بئس الفأل هذا، فعند ذلك قامت الحرب



25-وقد صف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وعباهم أحسن تعبية قال عبد الرحمن بن عوف. : صفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ليلا. فبدرت منا بادرة أمام الصف، فنظر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال:


" معي معي " وانة صلى الله علية وسلم كان يعدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي ابن النجار وهو مستنتل من الصف، فطعن في بطنه بالقدح وقال " استويا سواد " فقال: يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل، فأقدني فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال: استقد، قال: فاعتنقه فقبل بطنه، فقال: ما حملك على هذا يا سواد ؟ قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله بخير صلى الله عليه وسلم وقاله.


26-قال ابن إسحاق: أن عوف بن الحارث - وهو ابن عفراء - قال يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده ؟ قال: " غمسه يده في العدو حاسرا " فنزع درعا كانت عليه فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل رضي الله عنه. ثم عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ورجع إلى العريش فدخله ومعه أبو بكر ليس معه فيه غيره. : وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه واقفا على باب العريش متقلدا بالسيف ومعه رجال من الانصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا عليه من أن يدهمه العدو من المشركين والجنائب النجائب مهيأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن احتاج إليها ركبها ورجع إلى المدينة كما أشار به سعد بن معاذ.
وقد روى البزار في مسنده عن علي أنه خطبهم فقال: يا أيها الناس من أشجع الناس ؟


فقالوا أنت يا أمير المؤمنين، فقال أما إني ما بارزني أحد إلا انتصفت منه، ولكن هو أبو بكر، إنا جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يهوي إليه أحد من المشركين، فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه فهذا أشجع الناس.قال ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش فهذا يحاده، وهذا يتلتله ويقولون أنت جعلت الآلهة إلها واحدا فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب ويجاهد هذا ويتلتل هذا وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ثم رفع علي بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال: أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون خير أم هو ؟ فسكت القوم، فقال علي: فوالله لساعة من أبي بكر خير من ملء الارض من مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه.



27-فهذه خصوصية للصديق حيث هو مع الرسول في العريش كما كان معه في الغار رضي الله عنه وأرضاه.ورسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الابتهال والتضرع والدعاء ويقول فيما يدعو به " اللهم إنك أن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الارض " وجعل يهتف بربه عزوجل ويقول: " اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم نصرك " ويرفع يديه إلى السماء حتى سقط الرداء عن منكبيه.
وجعل أبو بكر رضي الله عنه يلتزمه من ورائه ويسوي عليه رداءه ويقول مشفقا عليه من كثرة الابتهال: يا رسول الله بعض مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك.



أن الصديق إنما قال بعض مناشدتك ربك من باب الاشفاق لما راى من نصبه في الدعاء والتضرع حتى سقط الرداء عن منكبيه فقال: بعض هذا يا رسول الله أي لم تتعب نفسك هذا التعب والله قد وعدك بالنصر، وكان رضي الله عنه رقيق القلب شديد الاشفاق على رسول الله صلى الله عليه وسلم.



قال أبي بكر بن العربي بأنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام الخوف والصديق في مقام الرجاء وكان مقام الخوف في هذا الوقت - يعني أكمل - قال لان لله أن يفعل ما يشاء فخاف أن لا يعبد في الارض بعدها، فخوفه ذلك عبادة.



هذا وقد تواجه الفئتان وتقابل الفريقان وحضر الخصمان بين يدي الرحمن واستغاث بربه سيد الانبياء وضج الصحابة بصنوف الدعاء إلى رب الارض والسماء سامع الدعاء وكاشف البلاء فكان أول من قتل من المشركين الاسود بن عبد الاسد المخزومي.
: وكان رجلا شرسا سئ الخلق فقال: أعاهد الله لاشربن من حوضهم أو لاهدمنه أو لاموتن دونه، فلما خرج خرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فلما التقيا ضربه حمزة فأطن (أطار) قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد - زعم - أن تبر يمينه (فأقبل يحبو حتى وقع في جوف الحوض فهدم منه واتبعه حمزة حتى قتله) واتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض.



29-: فحمى عند ذلك عتبة بن ربيعة وأراد أن يظهر شجاعته، فبرز بين أخيه شيبة وابنه الوليد، فلما توسطوا بين الصفين دعوا إلى البراز فخرج إليهم فتية من الانصار ثلاثة وهم عوف ومعاذ ابنا الحارث وأمهما عفراء،والثالث عبد الله بن رواحة - فيما قيل - فقالوا من أنتم ؟ قالوا رهط من الانصار.فقالوا مالنا بكم من حاجة.وفي رواية فقالوا: أكفاء كرام ولكن أخرجوا إلينا من بني عمنا، ونادى مناديهم: يا محمد اخرج إلينا أكفاءنا من قومنا.فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "


قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي " و أن النفر من الانصار لما خرجوا كره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لانه أول موقف واجه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءه فأحب أن يكون أولئك من عشيرته فأمرهم بالرجوع وأمر أولئك الثلاثة بالخروج. فلما دنوا منهم قالوا من أنتم ؟ - وفي هذا دليل أنهم كانوا ملبسين لا يعرفون من السلاح - فقال عبيدة: عبيدة، وقال حمزة: حمزة، وقال علي: علي.قالوا نعم ! كفاء كرام.


فبارز عبيدة وكان أسن القوم، عتبة، وبارز حمزة شيبة، وبارز علي الوليد بن عتبة.فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما بضربتين كلاهما أثبت صاحبه، وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه، واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابهما رضي الله عنه.
30-وقد ثبت في الصحيحين: ، عن أبي ذر: أنه كان يقسم قسما أن هذه الآية: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) [ الحج: 19 ] نزلت في حمزة وصاحبه، وعتبة وصاحبه يوم برزوا في بدر (4).
وقال البخاري: عن علي بن أبي طالب.أنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن عزوجل في الخصومة يوم القيامة.
قال قيس: وفيهم نزلت: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) قال هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، .



ثم : برز عتبة وشيبة والوليد وبرز إليهم حمزة وعبيدة وعلي.فقالوا تكلموا نعرفكم.فقال حمزة: أنا أسد الله وأسد رسول الله أنا حمزة بن عبد المطلب.فقال كفؤ كريم.
وقال علي: أنا عبد الله وأخو رسول الله، وقال عبيدة: وأنا أسد الحلفاء وأنا أسد الحلفاء ، فقام كل رجل إلى رجل فقاتلوهم فقتلهم الله.
ولها نذرت هند أن تأكل من كبد حمزة.



قلت: وعبيدة هذا هو ابن الحارث بن المطلب بن عبد مناف ولما جاؤا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أضجعوه إلى جانب موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشرفه (فأفرشه ) رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه فوضع خده على قدمه الشريفة وقال: يا رسول الله لو رآني أبو طالب لعلم أني أحق بقوله: ونسلمه حتى نصرع دونه * ونذهل عن أبنائنا والحلائل


ثم مات رضي الله عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "

أشهد أنك شهيد " رواه الشافعي رحمه الله.وكان أول قتيل من المسلمين في المعركة مهجع (قتله عامر بن الحضرمي) مولى عمر بن الخطاب رمي بسهم فقتله. فكان أول من قتل، ثم رمي بعده حارثة بن سراقة أحد بني عدي بن النجار وهو يشرب من الحوض بسهم فأصاب نحره فمات.


31-وثبت في الصحيحين عن أنس أن حارثة بن سراقة قتل يوم بدر وكان في النظارة أصابه سهم غرب فقتله، فجاءت أمه فقالت يا رسول الله أخبرني عن حارثة فإن كان في الجنة صبرت وإلا فليرين الله ما أصنع - يعني من النياح - وكانت لم تحرم بعد.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " ويحك أهبلت، إنها جنان ثمان وان ابنك أصاب الفردوس الاعلى ".



قال ابن إسحاق: ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض.وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم، وقال إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل.وفي صحيح البخاري عن أبي أسيد.


قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر إذا أكثبوكم - يعني المشركين فارموهم واستبقوا نبلكم . قال عبد الله بن الزبير. : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعار المهاجرين يوم بدر يا بني عبد الرحمن، وشعار الخزرج يا بني عبد الله وشعار الاوس يا بني عبيدالله، وسمى خيله خيل الله.


و: كان شعار الصحابة يوم بدر أحد أحد. : ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش معه أبو بكر رضي الله عنه - يعني وهو يستغيث الله عزوجل - كما قال تعالى: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم) [ الانفال: 9 - 10 ].



32-قال الامام أحمد: قال عمر بن الخطاب : لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وعليه رداؤه وإزاره ثم قال: " اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الاسلام فلا تعبد بعد في الارض أبدا " فما زال يستغيث بربه ويدعوه حتى سقط رداؤه.
فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرده ثم التزمه من ورائه ثم قال: يا رسول الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) [ الانفال: 9 ]


وقد ذكر أن المسلمين عجوا إلى الله عزوجل في الاستغانة بجنابه والاستعانة به وقوله تعالى: (بألف من الملائكة مردفين) أي ردفا لكم ومددا لفئتكم عن ابن عباس. (مردفين) وراء كل ملك ملك. بعضهم على أثر بعض وأمد الله نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة، وكان جبريل في خمسمائة مجنبة، وميكائيل في خمسمائة مجنبة،

قال علي.: . : لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال، ثم جئت مسرعا لانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل، قال: فجئت فإذا هو ساجد يقول: " يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم " لا يزيد عليها فرجعت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك أيضا، فذهبت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك أيضا، حتى فتح الله على يده قال عبد الله بن مسعود. ما سمعت مناشدا ينشد [ حقا له ] (5) أشد من مناشدة محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر، جعل يقول: " اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد " ثم التفت وكأن شق وجهه القمر.وقال " كأني أنظر إلى مصارع القوم عشية "

.
33-وقد روى البخاري : ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة له يوم بدر:


" اللهم أنشدك عهدك ووعدك، الله إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا " فأخذ أبو بكر بيده وقال: حسبك يا رسول الله ألححت على ربك، فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول: (سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) [ القمر: 45 - 46 ] وهذه الآية مكية وقد جاء تصديقها يوم بدر عن عكرمة قال لما نزلت: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) قال عمر: أي جمع يهزم وأي جمع يغلب ؟ قال عمر فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وهو يقول: (سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) فعرفت تأويلها يومئذ وروى البخاري سمعت عائشة تقول نزل على محمد بمكة - وإني لجارية العب - (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر).
34-قال ابن إسحاق: وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده من النصر ويقول فيما يقول: " اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد " وأبو بكر يقول: يا نبي الله بعض مناشدتك ربك فان الله منجز لك ما وعدك، وقد خفق النبي صلى الله عليه وسلم [ خفقة ] (نام نوما سريعا) وهو في العريش ثم انتبه فقال: " أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع " يعني الغبار.



قال ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرضهم.وقال: " والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة " قال عمير بن الحمام أخو بني سلمة وفي يده تمرات يأكلهن: بخ بخ أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ؟ قال: ثم قذف الثمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل رحمه الله



34-وقال الامام أحمد: ، عن أنس.قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبسا (وهو بسبس بن عمرو) عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، فجاء وما في البيت أحد غيري وغير النبي صلى الله عليه وسلم قال لا أدري ما استثني من بعض نسائه، قال فحدثه الحديث.
قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فقال: "


إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضر فليركب معنا " فجعل رجال يستأذنونه في ظهورهم في علو المدينة قال " لا إلا من كان ظهره حاضرا " وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يتقد من أحد منكم إلى شئ حتى أكون أنا دون " فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" قوموا إلى جنة عرضها السموات والارض " قال: يقول عمير بن الحمام الانصاري يا رسول الله جنة عرضها السموات والارض ؟ قال: نعم ! قال بخ بخ ؟ فقال رسول الله: " ما يحملك على قول بخ بخ ؟ قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها " قال فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل ثمراتي هذه إنها حياة طويلة، قال فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل رحمه الله


وكان عميرا يقاتل وهو يقول رضي الله عنه: ركضا إلى الله بغير زاد * إلا التقى وعمل المعاد والصبر في الله على الجهاد * وكل زاد عرضة النفاد غير التقى والبر والرشاد


35-وقال الامام أحمد: عن علي.قال: لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتو يناها (أصابنا الجوى، وهو المرض والتعب والارهاق، وقد أصاب بعض الصحابة مرض من جو المدينة بعد الهجرة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا للمدينة وأهلها) وأصابنا بها وعك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحيز (أي يتعرف)

عن بدر فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر – وبدر بئر - فسبقنا المشركين إليها فوجدنا فيها رجلين: رجلا من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط فأما القرشي فانفلت، وأما المولى فوجدناه فجعلنا نقول له كم القوم ؟ فيقول هم والله كثير عددهم شديد بأسهم فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه حتى انتهوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له كم القوم ؟ قال هم والله كثير عددهم شديد بأسهم.فجهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره كم هم فأبى ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم سأله كم ينحرون من الجزر فقال عشرا كل يوم.فقال النبي صلى الله عليه وسلم " القوم ألف، كل جزور لمائة وتبعها " )

ثم إنه أصابنا من الليل طش من مطر فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها من المطر، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويقول: " اللهم إنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد " فلما طلع الفجر نادى الصلاة عباد الله الصلاة جامعة فجاء الناس من تحت الشجر والحجف فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرض على القتال ثم قال " إن جمع قريش تحت هذه الضلع الحمراء من الجبل " فلما دنا القوم منا وصاففناهم إذا رجل منهم على جمل له أحمر يسير في القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي ناد حمزة " وكان أقربهم من المشركين من صاحب الجمل الاحمر، فجاء حمزة فقال: هو عتبة بن ربيعة وهو ينهي عن القتال ويقول لهم يا قوم أعصبوها برأسي وقولوا جبن عتبة بن ربيعة، وقد علمتم أني لست باجبنكم ،

يا قوم إني أرى أقواما مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم خير. فسمع بذلك أبو جهل فقال: أنت تقول ذلك والله لو غيرك يقوله لا عضضته (أعضض بأير أبيك) قد ملات رئتك جوفك رعبا.
فقال: إياي تعير يا مصفر استه (كلمة تقال للمتنعم المترف الذي لم تحنكه التجارب.) ؟


سيعلم اليوم أينا الجبان فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية فقالوا: من يبارز فخرج فتية من الانصار مشببة فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن نبارز من بني عمنا من بني عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قم يا حمزة، وقم يا علي، وقم يا عبيدة بن الحارث بن المطلب " فقتل الله عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة، وجرح عبيدة فقتلنا منهم سبعين، وأسرنا سبعين وجاء رجل من الانصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرا، فقال العباس: يا رسول الله والله إن هذا ما أسرني لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق ما أراه في القوم.فقال الانصاري: أنا أسرته يا رسول الله.فقال: " اسكت، فقد أيدك الله بملك كريم " قال: فأسرنا من بني عبد المطلب العباس وعقيلا ونوفل بن الحارث



36-، ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش وحرض الناس على القتال والناس على مصافهم صابرين ذاكرين الله كثير كما قال الله تعالى آمرا لهم: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا) الآية [ الانفال: 45 ].

و: كان يقال قلما ثبت قوم قياما، فمن استطاع عند ذلك أن يجلس أو يغض طرفه ويذكر الله رجوت أن يسلم من الرياء.وقال عتبة بن ربيعة يوم بدر لاصحابه: ألا ترونهم - يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جثيا على الركب كأنهم حرس يتلمظون كما تتلمظ الحيات - أو قال الافاعي -. : وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حين حرض المسلمين على القتال قد نفل كل امرئ ما أصاب.وقال " والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل [ فيقتل ] صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة " ، وقد قاتل بنفسه الكريمة قتالا شديدا ببدنه، وكذلك أبو بكر الصديق كما كانا في العريش يجاهدان بالدعاء والتضرع، ثم نزلا فحرضا وحثا على القتال وقاتلا بالابدان جمعا بين المقامين الشريفين.


37-قال الامام أحمد: عن علي قال: لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا من العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا.وقال علي : كنا إذا حمى البأس ولقى القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم


وقد قيل لعلي ولابي بكر رضي الله عنهما يوم بدر: مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل، واسرافيل ملك عظيم يشهد القتال ولا يقاتل - أو قال يشهد الصف - وهذا يشبه ما تقدم من الحديث أن أبا بكر كان في الميمنة ولما تنزل الملائكة يوم بدر تنزيلا كان جبريل على أحد المجنبتين في خمسمائة من الملائكة، فكان في الميمنة من ناحية أبي بكر الصديق، وكان ميكائيل على المجنبة الاخرى في خمسمائة من الملائكة فوقفوا في المسيرة وكان علي بن أبي طالب فيها

قال علي. : كنت أسبح على القليب يوم بدر فجاءت ريح شديدة ثم أخرى ثم أخرى فنزل ميكائيل في ألف من الملائكة فوقف على يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهناك أبو بكر، واسرافيل في ألف في الميسرة وأنا فيها، وجبريل في ألف قال ولقد طفت يومئذ حتى بلغ إبطي

38-وقد قال البخاري: ، عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه - وكان أبوه من أهل بدر - قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال: من أفضل المسلمين - أو كلمة نحوها - قال وكذلك من شهد بدرا من الملائكة.
وقد قال الله تعالى: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الاعناق - يعني الرؤس - واضربوا منهم كل بنان)


39-وفي صحيح مسلم: قال ابن عباس.: بينما رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس [ يقول: ] أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه قد خر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو حطم [ أنفه ] وشق وجهه كضربة السوط وحضر ذلك أجمع فجاء الانصاري فحدث ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة " فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين .
وقال ابن عباس عن رجل من بني غفار.قال: حضرت أنا وابن عم لي بدرا ونحن على شركنا، وإنا لفي جبل (العجمة من رمل) ننتظر الوقعة على من تكون الدائرة (الدبرة)، فأقبلت سحابة، فلما دنت من الجبل سمعنا منها حمحمة الخيل، وسمعنا قائلا يقول: (قدم حيزوم، فأما صاحبي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه، وأما أنا لكدت أن أهلك ثم تماسكت بعد ذلك.



40-وقال ابن إسحاق: عن سهل بن سعد ، عن أبي أسيد مالك بن ربيعة - وكان شهد بدرا - قال - بعد أن ذهب بصره - لو كنت اليوم ببدر ومعي بصري لاريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة لا أشك فيه ولا أتمارى.فلما نزلت الملائكة ورآها إبليس وأوحى الله إليهم: (أني معكم فثبتوا الذي آمنوا).وتثبتهم أن الملائكة كانت تأتي الرجل في صورة الرجل يعرفه فيقول له أبشروا فإنهم ليسوا بشئ والله معكم كروا عليهم.قال ابن عباس، : كان الملك يتصور في صورة من يعرفون [ من الناس يثبتونهم ] فيقول: إني قد دنوت منهم وسمعتهم يقولون: لو حملوا علينا ما ثبتنا، ليسوا بشئ، إلى غير ذلك من القول فذلك قوله: (إذ يوحى ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا) الآية [ الانفال: 12 ].



41-ولما رأى إبليس الملائكة نكص على عقبيه وقال: إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون وهو في صورة سراقة وأقبل أبو جهل يحرض أصحابه ويقول: لا يهولنكم خذلان سراقة إياكم، فإنه كان على موعد من محمد وأصحابه ثم قال: واللات والعزى لا نرجع حتى نفرق محمدا وأصحابه في الجبال فلا تقتلوهم وخذوهم أخذا.


42-وروى البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر " هذا جبريل آخذ برأس فرسه وعليه اداة الحرب


وقال حكيم بن حزام قالوا: لما حضر القتال ورسول الله صلى الله عليه وسلم رافع يديه يسأل الله النصر وما وعده يقول " اللهم إن ظهروا على هذه العصابة ظهر الشرك ولا يقوم لك دين " وأبو بكر يقول: والله لينصرنك الله وليبيضن وجهك، فأنزل الله ألفا من الملائكة مردفين عند اكتناف العدو.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أبشر يا أبا بكر هذا جبريل معتجر بعمامة صفراء آخذ بعنان فرسه بين السماء والارض، فلما نزل إلى الارض تغيب عني ساعة ثم طلع وعلى ثناياه النقع يقول أتاك نصر الله إذ دعوته ".
و عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه.قال: يا بني لقد رأيتنا يوم بدر وأن أحدنا ليشير إلى رأس المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف


.وقال أبي واقد الليثي قال: إني لاتبع رجلا من المشركين لاضربه فوقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أن غيري قد قتله.و قال الربيع بن أنس.: كان الناس [ يوم بدر ] يعرفون قتلى الملائكة ممن قتلوهم بضرب فوق الاعناق وعلى البنان مثل سمة النار وقد أحرق به وقال ابن عباس. : كانت سيماء الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد أرخوها على ظهورهم إلا جبريل فإنه كانت عليه عمامة صفراء. و لم تقاتل الملائكة في يوم سوى يوم بدر من الايام، وكانوا يكونون فيما سواه من الايام عددا ومددا لا يضربون
43-وقال سهيل بن عمرو : لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والارض معلمين يقتلون ويأسرون.
وقال حمزة بن صهيب عن أبيه


قال فما ادري كم يد مقطوعة وضربة جائفة (طعنة تبلغ الجوف) لم يدم كلمها وقد رأيتها يوم بدر.
قال: جئت يوم بدر بثلاثة أرؤس فوضعتهن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أما رأسان فقتلتهما، وأما الثالث فإني رأيت رجلا طويلا [ ضربه فتدهدى أمامه ] فأخذت رأسه.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "


ذاك فلان من الملائكة " و: كان السائب بن أبي حبيش يحدث في زمن عمر يقول: والله ما أسرني أحد من الناس، فيقال فمن ؟ يقول: لما انهزمت قريش انهزمت معها فأدركني رجل أشعر طويل على فرس أبيض (فيدركني رجل أبيض طويل على فرس أبلق بين السماء والارض ) فأوثقني رباطا وجاء عبد الرحمن بن عوف فوجدني مربوطا فنادى في العسكر من أسر هذا ؟ حتى انتهى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أسرك ؟ قلت: لا أعرفه وكرهت أن أخبره بالذي رأيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسرك ملك من الملائكة " اذهب يا ابن عوف بأسيرك.


44-وقال حكيم بن حزام : لقد رأيتنا يوم بدر وقد وقع بجاد (كساء) من السماء قد سد الافق فإذا الوادي يسيل نهلا فوقع في نفسي أن هذا شئ من السماء أيد به محمد، فما كانت إلا الهزيمة ولقي الملائكة و عن جبير بن مطعم.



قال: رأيت قبل هزيمة القوم - والناس يقتتلون - مثل البجاد الاسود قد نزل من السماء مثل النمل الاسود، فلم أشك أنها الملائكة فلم يكن إلا هزيمة القوم ولما تنزلت الملائكة للنصر ورآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أغفى إغفاءة ثم استيقظ وبشر بذلك أبا بكر وقال: " أبشر يا أبا بكر هذا جبريل يقود فرسه على ثناياه النقع " يعني من المعركة ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش في الدرع فجعل يحرض على القتال ويبشر الناس بالجنة ويشجعهم بنزول الملائكة والناس بعد على مصافهم لم يحملوا على عدوهم حصل لهم السكينة والطمأنينة وقد حصل النعاس الذي هو دليل على الطمأنينة والثبات والايمان، كما قال:


" (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه) وهذا كما حصل لهم بعد ذلك يوم أحد بنص القرآن، ولهذا قال ابن مسعود: النعاس في المصاف من الايمان.
والنعاس في الصلاة من النفاق.



وقال الله تعالى: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وإن الله مع المؤمنين) [ الانفال: 19 ]


45-.قال الامام أحمد: عن عبد الله بن ثعلبة أن أبا جهل قال - حين التقى القوم - اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة.
فكان هو المستفتح في قوله: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) قال: قال أبو جهل: اللهم [ اعن ] أعز الفئتين، وأكرم القبيلتين، وأكثر الفريقين.فنزلت: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح)


وقال ابن عباس في قوله: (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم) [ الانفال: 7 ] أقبلت عير أهل مكة تريد الشام فبلغ ذلك أهل المدينة فخرجوا ومعهم رسول صلى الله عليه وسلم يريدون العير، فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا إليها لكيلا يغلب عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فسبقت العير رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الله قد وعدهم إحدى الطائفتين

، وكانوا يحبون أن يلقوا العير، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين يريد القوم، وكره القوم مسيرهم لشوكة القوم.فنزل النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون، وبينهم وبين الماء رملة دعصة فأصاب المسلمون ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوسهم تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم كذا (في رواية أن بعضهم كانوا محدثين من الاحتلام) ! فأمطر الله عليهم مطرا شديدا فشرب المسلمون وتطهروا فاذهب الله عنهم رجز الشيطان فصار الرمل لبدا ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم وأيد الله نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة. فكان جبريل في خمسمائة من الملائكة مجنبة وميكائيل في خمسمائة من الملائكة مجنبة وجاء إبليس في جند من الشياطين ومعه ذريته (في البيهقي: معه راية في صورة )

وهم في صورة رجال من بني مدلج والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، وقال الشيطان للمشركين: لا غالب لكم اليوم من الناس، وإني جار لكم، فلما اصطف الناس قال أبو جهل: اللهم أولانا بالحق فانصره، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، فقال: " يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الارض أبدا ".


فقال له جبريل: خذ قبضة من التراب، فأخذ قبضة من التراب فرمى بها وجوههم، فما من المشركين من أحد إلا وأصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة، فولوا مدبرين.وأقبل جبريل إلى إبليس فلما رآه - وكانت يده في يد رجل من المشركين - انتزع إبليس يده ثم ولى مدبرا وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة أما زعمت أنك لنا جار ؟ قال: (إني أرى ما لا ترون، إني أخاف الله والله شديد العقاب) [ الانفال: 48 ] وذلك حين رأى الملائكة


و: لما رأى إبليس ما فعل الملائكة بالمشركين يوم بدر أشفق أن يخلص إليه، فتشبث به الحارث بن هشام وهو يظن أنه سراقة بن مالك، فوكز في صدر الحارث ثم خرج هاربا حتى ألقى نفسه في البحر ورفع يديه فقال: اللهم إني أسألك نظرتك إياي وخاف أن يخلص القتل إليه.


وأقبل أبو جهل فقال: يا معشر الناس لا يهولنكم خذلان سراقة بن مالك فإنه كان على ميعاد من محمد، ولا يهولنكم قتل شيبة وعتبة والوليد فإنهم قد عجلوا، فوللات والعزى لا نرجع حتى نفرقهم بالجبال، فلا ألفين رجلا منكم قتل رجلا ولكن خذوهم أخذا حتى تعرفوهم سوء صنيعهم من مفارقتهم إياكم ورغبتهم عن اللات والعزى.



46-وقال حكيم بن حزام عن يوم بدر : التقينا فاقتتلنا فسمعت صوتا وقع من السماء إلى الارض مثل وقعة الحصاة في الطست، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم القبضة التراب فرمى بها فانهزمنا.
وقال معاوية الديلي : انهزمنا يوم بدر ونحن نسمع صوتا كوقع الحصى في الطاس في أفئدتنا ومن خلفنا ، وكان ذلك من أشد الرعب علينا.
و أن أبا جهل حين التقى القوم قال: اللهم اقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة.فكان هو المستفتح.فبينما هم على تلك الحال وقد شجع الله المسلمين على لقاء عدوهم وقللهم في أعينهم حتى طمعوا فيهم، خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة في العريش ثم انتبه فقال: " أبشر يا أبا بكر هذا جبريل معتجر بعمامته آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع أتاك نصر الله وعدته " وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ كفا من الحصى بيده ثم خرج فاستقبل القوم فقال: " شاهت الوجوه " ثم نفحهم بها ثم قال لاصحابه " احملوا فلم تكن إلا الهزيمة " فقتل الله من قتل من صناديدهم، وأسر من أسر منهم.



47-وقال السدي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي يوم بدر " أعطني حصباء من الارض " فناوله حصباء عليها تراب فرمى به في وجوه القوم فلم يبق مشرك إلا دخل في عينيه من ذلك التراب شئ، ثم ردفهم المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم وأنزل الله في ذلك: " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) ، وقد فعل عليه السلام مثل ذلك في غزوة


48-وذكر ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حرض أصحابه على القتال ورمى المشركين بما رماهم به من التراب وهزمهم الله تعالى صعد إلى العريش أيضا ومعه أبو بكر، ووقف سعد بن معاذ ومن معه من الانصار على باب العريش ومعهم السيوف خيفة أن تكر راجعة من المشركين إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ولما وضع القوم أيديهم يأسرون رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لي - في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس، فقال له: " كأني بك يا سعد تكره ما يصنع القوم ؟ " قال أجل والله يا رسول الله كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك.فكان الاثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال.
قال عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه يومئذ:


" إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيزهم ؟ قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقتله، فإنه إنما خرج مستكرها "

فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس، والله لئن لقيته لالحمنه بالسيف.فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر:

" يا أبا حفص " قال عمر: والله إنه لاول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص، أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ؟ " فقال عمر: يا رسول الله دعني فلاضرب عنقه بالسيف فوالله لقد نافق.فقال أبو حذيفة: ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ، ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عني الشهادة فقتل يوم اليمامة شهيدا رضي الله عنه.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.82 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (1.32%)]