عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 31-10-2020, 04:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,649
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أدباء عصر سلاطين الشراكسة: ابن إياس






وإذ يتوجه ابن إياس إلى أرباب الفسوق محذرًا، نرى لهجة السّخرية واضحة مِن هؤلاء أكثر مما نرى الأمر موجهاً إلى السّلطان الغوري رغم أن صعوبة أحكامه كما قال.

لكن الغريب أنّ ابن إياس نفسه في تاريخه يصف الغوري صفات تثير الإعجاب[12].

ويبدو أن السّلطان بخلقه الرّضي - كما وصفه ابن إياس - ولسانه الماسك عن السّب وحبّه المزاح ولين جانبه وعدم تكبره[13]، قد احتوى ابن إياس الشّاعر واستطاع أن يحوِّل ثورته إلى شهادات إيجابية في حقِّه.

وقد قلنا إن ابن إياس كان جريئًا، ولكنه كان موضوعيًّا، فهو يثور حين تدعو الحاجة إلى الثَّورة، ويسجل رضاه حين تدعو الحاجة أيضًا.

فبعد أن ثارت ثائرة شاعرنا إذ خرج إقطاعه فطلب مِن "مالك الملك" أن يصلح دولة الأشرف واستجاب الله دعوته إذ أعاد السّلطان الغوري إليه إقطاعه فحصل منه له "غاية الجبر" - كما يقول - راح يمتدحه بقصيدة يقول فيها:
بالأشرف الغوري المُفدَّى
أصبح ثغرُ الزَّمان باسم

يا قانصوهَ العليَّ قدرًا
فقتَ على مَن مضى وقادم

فكل يوم تراه عيدًا
به فأوقاتنا مواسم

تشرَّف الغور باسمه مذ
رفرفَ طيرُ السُّرور حائم


وإذ سبق لابن إياس أن وصف السّلطان بالجور وظلم العباد وعدم الإنصاف نراه يمدحه بقمع أهل الفساد:
اختارَه اللهُ مِن إمام
لقمعِ أهلِ الفسادِ صارمْ


وهذا يقتضي مِن الشّعب، كل الشّعب، الشّكر:
فالشُّكر للهِ مدةَ تولى
على جميعِ الأنامِ لازمْ


وينتقل شاعرنا إلى بيت السّلطان واصفًا إياه بالفرادة حتى يكاد يخلو مِن أي عيب فني أو معماري:
بنى بمصرٍ للهِ بيتًا
رخامُه قائمٌ ونائمْ

فجاءَ في حسنِهِ فريداً
مِن كلِّ عيبٍ يقالُ سالمْ

فليسَ يُبنى له نظيرٌ
في سائرِ المدنِ والأقالمْ


وينتقل ابن إياس ليصف ميدان القلعة الّتي جددها السّلطان وأجرى فيها الماء بطريقة هندسية راقية من خلال سواق يجري فيها ماء النِّيل:
وقلعة السَّعد مذ حواها
جدد بها سائر المعالم

بعزمه الماء جاءَ يجري
بمجرة تحتها دعائم

دارت دواليبها فهامت
لحُسن أصواتها البهائم

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.45 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]