عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-06-2019, 01:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,466
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مدائن صالح عليه السلام وجوانب من العظات فيها

مدائن صالح وجوانب من العظات فيها (2)


يوسف الزين



*الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين******************* أما بعد:
*
أخي القارئ أقف بك في هذا المقال على معلم عظيم في دعوة صالح عليه السلام وآية من آيات الله عز وجل الباهرة العظيمة وهي الناقة من خلال النقاط التالية:
1-** ذكرت الناقة في ستة مواضع من كتاب الله تعالى وذلك في السور التالية:
الأعراف- هود- الإسراء- الشعراء- القمر- الشمس- وهذا التكرار ينبغي أن يكون محركاً بل ومحرضاً لأهل العلم على النظر في هذه الآية الباهرة.
2-** جاءت هذه الآية بناء على طلب من قوم ثمود وجهوه إلى نبيهم صالح عليه السلام. قال تعالى:
}***** قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ. مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ{ الشعراء 153-154.
وهنا انفتح باب من الأمل في نفس صالح عليه السلام فما داموا قد طلبوا آية تدل على صدق محدثه يكون ذلك إيذاناً بتحوله عن الموقف المنصلب الذي كان مصدراً عليه، كما يكون ذلك تلويحاً بتجاوبه واستعداده للاستجابة إذا جاءه الدليل الذي يطلبه. ( نظرات في أحسن القصص محمد السيد الوكيل 1/127)
وقد جاءهم ما طلبوه يقول تعالى: } قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ. وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ. { الشعراء 155-156.
*
3-** جاءت أوصاف الناقة على النحو التالي:
******** أ*-*} إِِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ { يقول ابن عاشور رحمه الله: أي تفتنهم فتنة وهي مكابرتهم في دلالتها على صدق رسولهم والتقدير: إنا مرسلو الناقة آية لك وفتنة لهم. ( التحرير والتنوير- سورة القمر)
***** ب*-*** أضيفت إلى الله عز وجل كما قال تعالى: } هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ { والإضافة هنا إضافة تشريف وتكريم وفي هذا من الترغيب والتحذير ما فيه، فهي ناقة الله لها مكانتها ومنزلتها
ولا يجوز بحال إيذاؤها } فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{ الأعراف 73 وفي هود } عَذَابٌ قَرِيبٌ { وفي الشعراء } عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ {
جـ - أنها آية. قال تعالى: } هَذِهِ نَاقَةٌ اللّهِ { الأعراف 73 وقال: } وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً { فهي ليست ناقة عادية ولئن كانت النوق والإبل عموماً آيات دالات على عظمة خلق الله فإن هذه الناقة ناقة مميزة عن غيرها من النوق فهي آية. د- أنها واضحة الدلالة على صدق صالح عليه السلام كما قال تعالى: } وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً { والمعنى أنها مفيدة البصيرة تجعل من رآها ذا بصيرة وتفيده أنها آية.
هـ - *من جوانب الإعجاز فيها ما ذكره الله تعالى بقوله: } وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ { القمر28. وهو أمر يستحق الوقوف معه والتأمل فيه كثيراً، ناقة واحد تسقي قبيلة بأسرها في يوم واحد، يقول ابن سعدي رحمه الله: (وقد ذكر وجه كونها آية في قوله: } لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ{ وكان عندهم بئر كبيرة، وهي المعروفة ببئر الناقة، يتناوبونها هم والناقة، للناقة يوم تشربها ويشربون اللبن، ولهم يوم يردونها وتصدر الناقة عنهم. ( التفسير – سورة الأعراف)
وقد يكون هناك جوانب أخرى للإعجاز لكن أظهر هذه الجوانب هو هذا الجانب، ومع ذلك كله فلم ينتفع القوم بهذه البينة وبهذه الخارقة وهو أمر عجيب، يقول الأستاذ محمد الوكيل: وإن العقل ليقتضي ألا يتخلف عن الإيمان به وبدعوته – صلى الله عليه وسلم – أحد، حيث هم الذين طلبوا المعجزة وأصروا على أن يكون الإتيان بها في الحال، وأعطوا عهودهم ومواثيقهم على الإيمان إن هو أجاب طلبهم ( نظرات في أحسن القصص 1/130).
يقول سيد قطب رحمه الله: لقد جاءهم بالناقة على شرط أن يكون الماء الذي يستقون منه يوماً للناقة ويوماً لهم، لا يجورون عليها في يومها، ولا تجور عليهم في يومهم ولا يختلط شرابها بشرابهم، كما لا يختلط يومها بيومهم، ولقد حذرهم أن ينالوها بسوء على الإطلاق وإلا أخذهم عذاب يوم عظيم.
فماذا فعلت تلك الآية الخارقة بالقوم المتعنتين ؟ إنها لم تسكب الإيمان في القلوب الجافة، ولم تطلع النور في الأرواح المظلمة. ( في ظلال القرآن- سورة الشعراء )
4-** قال تعالى: } وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى { الآية فصلت 17
قال ابن كثير رحمه الله: قال ابن عباس وأبو العالية وسعيد بن جبير وقتادة والسدي وابن زيد: بينا لهم، وقال الثوري: دعوناهم ( التفسير – سورة فصلت)
يقول ابن القيم رحمه الله عن قوم ثمود:-
ذلك أنهم ردوا الهدى بعد ما تيقنوه وكانوا مستبصرين به، قد ثلجت له صدورهم، واستيقظت له أنفسهم، فاختاروا عليه العمى والضلالة، كما قال تعالى في وصفهم: } وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى { الآية فصلت 17 وقال: } وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً { أي موجبة لهم التبصرة واليقين، وإن كان جميع الأمم المهلكة هذا شأنهم. فإن الله لم يهلك أمة إلا بعد قيام الحجة عليها، لكن خصت ثمود في ذلك الهدى والبصيرة بمزيد, ولهذا لما قرنهم بقوم عاد قال: } فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً { فصلت 15 ثم قال: } وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى { فصلت 17 ولهذا أمكن عاداًَ المكابرة، وأن يقولوا لنبيهم: } مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ { ولم يكن ذلك ثمود، وقد رأوا البينة عياناً. وصارت لهم بمنزلة رؤية الشمس والقمر، فردوا الهدى. بعد تيقنه والبصيرة التامة، فكان في تخصيصهم بالذكر تحذير لكل من عرف الحق ولم يتبعه، وهذا داء أكثر الهاليكن ، وهو أعمَّ الأدواء وأغلبها على أهل الأرض والله أعلم ( الضوء الميسر على التفسير 6/377-378 سورة الشمس بتصرف)

5- } فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا { هكذا كانت نهاية تلك الآية العظيمة قال تعالى: } فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ { القمر 29 وقال عز وجل: } فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ.فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ{ الشعراء 158 وفي " الحديث عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَ فَقَالَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَإِذْانْبَعَثَ أَشْقَاهَاانْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌعَارِمٌمَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ مِثْلُأَبِيزَمْعَةَ " الحديث 1-.
وقال تعالى: } فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ {هود65
وفي هذا ما يسمى بالعقوبة النفسية ذلك أن انتظار العذاب عذاب بحد ذاته وقال ذلك صالح عليه السلام بوحي من الله عز وجل ثم جاءهم بعدها العذاب نسأل الله العافية والسلامة.
*
6- عقر قوم ثمود الناقة لكن بقيت الإبل والنوق خصوصاً آيات دالات على عظمة الله،وقد دعا الله تعالى عباده إلى النظر في الإبل فقال تعالى: } أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ { وذكرها في موضع الاستنان على عباده في عدة مواضع، يقول سيد قطب رحمه الله: والإبل حيوان العربي الأول، عليها يسافر ويحمل، ومنها يشرب ويأكل، ومن أوبارها وجلودها يلبس وينزل فهي مورده الأول للحياة، ثم أن لها خصائص تفردها من بين الحيوان، فهي على قوتها وضخامتها وضلاعة تكوينها ذلول يقودها الصغير فتنقاد، وهي على عظم نفعها وخدمتها قليلة التكاليف مرعاها ميسر وكلفتها ضئيلة وهو أصبر الحيوان. *
المستأنس على الجوع والعطش والكدح وسوء الأحوال ( في ظلال القرآن – سورة الغاشية )
*
أخي القارئ هذا شيء مما منّ به الله تعالى على عبده ضعيف في شأن تلك الآية العظيمة فقام بجمعه وترتيبه وتنسيقه راجياً أن تلتفت القلوب إلى العظات العظيمة من تلك القصة وإلى لقاء قادم بإذن الله أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
*
*
*

*
*
1-****** رواه البخاري التفسير سورة ( والشمس وضحاها) ومعنى عزيز: أي قليل المثل. عارم: أي صعب
على من يرومه، ومنيع: أي قوي ذو منعة ( فتح الباري 8/576)*





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.67 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]