عرض مشاركة واحدة
  #987  
قديم 12-11-2013, 05:39 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

السرعة القصوى بين العلم والقرآن

أ.د / منصور محمد حسب النبي
أستاذ الفيزياء بجامعة عين شمس والرئيس الأسبق
لجمعية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة في القاهرة
الكون لا يعرف السكون: لأنه يتحرك حركة دائبة بمادته وطاقته، فهو يتمدد حالياً متباعداً بمجراته(1) عن بعضها ( وسوف ينكمش مستقبلاً.... ) لدرجة أن مجرتنا تتباعد الآن عن جيرانها بسرعة تتراوح بين 600 ـ 4000 ميل / ث، علاوة على دوران شمسنا حول مركز مجرتنا بسرعة 497000 ميل / ساعة، والشمس أيضاً تجري نحو نجم النسر الواقع بسرعة 43000 ميل / ساعة، وتدور الأرض حول شمسنا مرة كل عام بسرعة 67000 ميل / ساعة، وتدور الأرض حول نفسها يومياً 1044 ميل/ ساعة....
ورغم هذه التحركات المستمرة والمنتظمة والمتداخلة لكوكب الأرض كتابع للشمس لا نشعر نحن الركاب أبداً بالدوار، ولا تتناثر أشلاؤنا من على سطح هذه السفينة الفضائية الإلهية التي نسميها الأرض، والتي تسبح بنا في الفضاء وتحملنا بهذه السرعات العالية في هدوء تام دون أن تتعثر خطاها أو نشعر بحركاتها، وكأنها ساكنة، بينما هي كما عرفنا: تمر مر السحاب، مصداقاً لقوله تعالى: )وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (.النمل: 88.. والحركة دائبة لا تنقطع كما في قوله تعالى: )وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)(.سورة إبراهيم..
إن الشمس والقمر في حركة دائبة متواصلة لا تنقطع، وكذلك الأرض في حركاتها ودورانها المستمر حول محورها بدليل تبادل الليل والنهار في هذه الآية... وهذه الحركات كلها لأجل مسمى كما في قوله تعالى: )اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأمْرَ يُفَصِّلُ الآيات لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) (.سورة الرعد.. والآية هنا شاملة تدل على وجود قوى الجاذبية كعمد غير مرئية، وعلى تسخير الكون كله بالجري والحركة لأجل مسمى، وعلى تدبير الأمر الذي لا ينقطع ( بدليل الفعل المضارع: يجري، ويدبر ).
والموجود بين كل سماء وأرضها كما في قوله تعالى: )اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ (.سورة الطلاق: 12.. فما هو هذا الأمر بأن يا ترى؟ وهل الأمر هنا ( في السجدة: 5، الرعد 2 ) كوني أم تشريعي؟.
أعتقد ـ والله أعلم ـ أن الأمر هنا كوني، لأنه أتى في سياق وصف الجري في الكون، علاوة على استمراريته باستمرار الحركة في الكون، بينما الأمر التشريعي مؤقت ومرتبط بوقت التنزيل... وعلى كل حال فقد وعدنا الله في سورة الرعد ( 2 ) بشرح إضافي لا حق في قوله تعالى: )يُفَصِّلُ الأيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) (.سورة الرعد..
فهل هناك آيات أخرى تصف وتفصل لنا حقائق هذا الأمر الذي يدبره الله في الكون؟.
مدخل لفهم الآية الخامسة في سورة السجدة:
يصف النبي صلى الله عليه وسلم. أمر معرفاً ( بأل ) في لفظ الأمر في الآية الخامسة من سورة السجدة، التي تبدأ بالتأكيد عن صدق الوحي الذي نزل به جبريل من رب العالمين، وعلى صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بدفع الشك والارتياب عن القرآن الكريم، المعجزة الكبرى لرسول الله الذي لا تحوم حول ساحته شبهات ولا أباطيل.... ورغم وضوح إعجاز القرآن وسطوع آياته، وإشراق بيانه، وسمو أحكامه، إنهم المشركون الرسول بأنه افترى هذا القرآن واختلقه من تلقاء نفسه!! فجاءت آية السجدة ( 5 ) لترد هذا البهتان بروائع الحجة والبرهان، فقررت ـ كما سنرى ـ في تفصيل علمي رائع الحد الأقصى للسرعة الكونية الذي لم يُعْرَف وجوده أو مقداره إلا في القرن العشرين!.... ولنتدبر معاً الآيات التالية في قوله تعالى: )الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (4) يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) (.سورة السجدة.
ونحن نعلم أن الحرف ( الم ) ـ كما أجمع أغلب المفسرين ـ تأتي للتنبيه على إعجاز القرآن، ثم تبدأ الآيات هنا لتؤكد أن الكتاب الموحى به إلى محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن الذي لا شك فيه لأنه من عند الله عز وجل تنزيل من رب العالمين... ويرد القرآن على الكفار ( الذين يدعون زوراً وبهتاناً أن محمد صلى الله عليه وسلم اختلق القرآن وافتراه من تلقاء نفسه ) بأن القرآن هو القول الحق، والكلام الصادق المنزل من الله على محمد صلى الله عليه وسلم لينذر قوماً ما جاءهم رسول من قبله ليهتدوا إلى الحق، ويؤمنوا بالله العزيز الحميد، ثم شرع تعالى ابتداء من الآية ( 4 ) في ذكر أدلة التوحيد والإعجاز العلمي... بأن خلق الله ( الخلق هنا من العدم ) السماوات والأرض وما بينهما ( لا حظ هنا الخلق الوسيط في لفظ ما بينهما أي: بين السماء والأرض كالإشعاع الكهرومغناطيسي في ضوء مرئي وغير مرئي والجسيمات الذرية السابحة في الفضاء ) في ستة أيام.
الأيام هنا في آية السجدة ( 4 ) ليست مما نعد نحن البشر، أي: بمعنى مراحل زمنية يعلمها الله سبحانه وتعالى وقد شرحنا ذلك في مقال سابق(2)، ثم يذكر استواءه سبحانه استواء يليق بجلال عظمته من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تجسيد ومعنى ( استوى على العرش ). أي: أحاط بالكون وسيطر عليه، علماً بأن العرش أزلي بينما الكون لآجل مسمى، والعرش رمزي ومعنوي بمفهوم السلطان الإلهي الذي يدبر الأمور كلها، كونية كانت أم إنسانية، وليس لكم أيها الناس غير الله ناصر ولا شفيع يشفع لكم عنده إلا بإذنه، وهو سبحانه يتولى مصالح البشر لعلهم يتذكرون فيؤمنوا.
بعد هذه المقدمة في سورة السجدة تأتي المعجزة القرآنية التي نحن بصددها، والتي تمثل محور هذا المقال في قوله تعالى: )يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) (.سورة السجدة..
ولنبدأ ببعض التفاسير القديمة ـ غير المقبولة لخطورتها على القضية وادعائها الباطل على النبي صلى الله عليه وسلم ـ ودراستها دراسة عقدية موضوعية، ثم نعرض صفوة التفاسير بعد ذلك لعلك أخي القارىء تهتدي إلى المعجزة القرآنية على شواطىء النسبية.
أولاً: ورد في بعض كتب التفسير(3)رأي نادر غير مألوف هو أن هذه الآية تهدف لبيان عمق السماء بمسيرة خمس مئة عام، ذهاباً وأخرى مثلها إياباً، ليكون المجموع مسيرة ألف سنة، مما نعد نحن البشر بمسيرة الإبل ( باعتبارها وسيلة الركوب في الصحراء للبدو وعصر قدامى المفسرين )... وهذا تفسير مرفوض للأسباب التالية:
1ـ إنه يتعارض مع امتداد نفاذ الأمر المذكور هنا ويجعله منقطعاً، بينما التدبير والعروج دائمان ومستمران كما هو واضح في نص آية السجدة.
2ـ تحديد عمق السماء يتعارض مع القرآن الذي يؤكد توسع السماء باستمرار وأنها بأجرامها في تباعد مستمر، كما في قوله تعالى: )والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون ( 47 ) (.سورة الذاريات.
3ـ لأن السماء ليست قبة عالية ثابتة مرصعة بالنجوم حتى يحدد القرآن عمقها، وأيضاً: لفظ ( السماء ) يشمل كل ما علانا، فمن آية نقطة في هذا الكون الفسيح نبدأ قياس مسيرة 500 سنة لتحديد العمق؟ وهيهات أن نعرف مواقع النجوم، كما في قوله تعالى: )فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم (.سورة الواقعة: 75 ـ 76..
فكيف يقاس ما لا يقع تحت القياس بمسيرة خمس مئة عام أو غيرها من القياس المحدود!.
4ـ فرضية وجود أرضنا في مركز الكون، بحيث يكون عمق السماء ثابتاً من كل اتجاه، وهو وهم قام كوبرنيكس بتصحيحه في القرن السادس عشر الميلادي.
5ـ وجود حرف ( ثم ) يفيد لغوياً الترتيب مع التراخي بين نزول الأمر من السماء إلى الأرض، ثم عودة عروجه من الأرض إلى السماء في الطريق العكسي، وحيث أن حرف ( ثم ) أفاد اللبث في الأرض لزمن غير محدد في الآية، فكيف نقيس عمق السماء بخمس مئة عام هبوطاً وخمس مئة عام أخرى صعوداً؟ بينما بين الهبوط والصعود توجد فترة غير محدودة يدل عليها لفظ ( ثم ) في الآية وهذه الفترة غير محسوبة في هذا الحساب الغريب والتفكير العجيب لربط عمق السماء بالآية الكريمة، فأين نحن من عمق السماء؟ ومن أين نبدأ القياس؟.
6ـ لو كان عمق السماء مسيرة 500 عام كما يقولون، فبسرعة أية وسيلة تكون هذه المسيرة؟ إن راحلة الصحراء التي تعود عليها المفسرون القدماء هي الجمل، وسرعته حوالي 16 كم في الساعة بقياسنا الحالي، أي: يقطع في اليوم 200 كم ( على فرض الراحة أثناء المسير )، وعليه يكون عمق السماء بلغة هؤلاء المفسرين هو 500 × 200 × 365= 36.5 مليون كم، أي حوالي 1.4 السمافة بيننا وبين أقرب نجم لنا، وهو الشمس... فأين ذلك من عمق السماء؟!.
7ـ الذي نقيس عليه السير في السماء لا بد وأن يكون من جنسها، والإبل لا تسير في السماء ولا تعيس حياة تطول إلى ألف عام للذهاب والإياب، فضلاً عن عمر الراكب الذي يقودها.
8ـ نعلم الآن أن قطر مجرتنا مئة ألف سنة ضوئية، فما بالنا بمواقع وأبعاد المجرات الأخرى التي تبعد عنا ببلايين السنين الضوئية؟ بل وما زلنا نكتشف بعد ذلك عمقاً أكبر للسماء، وشتان بين هذين البلايين من السنين مقيسة حديثاً بمسيرة الضوء بالمقارنة بمسيرة ألف سنة بالجمل لبيان عمق السماء في نظر هؤلاء المفسرين القدماء بمقياس كسيح كمسيرة الإبل، كما يعتقدون. ومجرد التفكير بأن الآية عن عمق السماء ظن خاطىء لو كانوا يعلمون.
9ـ تكمن المشكلة في هذا التفسير الخاطىء في ما ورد في كتب التراث من أقوال شبيهة منسوبة ظلماً وادعاءً باطلاً إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الأقوال لا تصلح للاستدلال، لاضطرابها وتعارضها وضعف إسنادها، ولاصطدامها مع صريح القرآن الكريم وحقائق الواقع، نذكر منها هذا الحديث الضعيف التالي: ( إن الأرضين بين كل أرض إلى التي تليها مسيرة خمس مئة سنة، فالعليا منها على ظهر حوت... الخ ) (رواه الحاكم)... وحديث آخر غير صحيح رواه الحاكم وابن حنبل والترمذي وغيرهم: ( هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟ قلنا: لا. قال: إحدى أو اثنتان أو ثلاث وسبعون. قال: وما فوقها مثل ذلك حتى عد سبع سماوات، ثم فوق السماء السابعة البحر، أسفله من أعلاه مثل ما بين سماء إلى السماء، ثم فوقه ثمانية أو عال ما بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء.... الخ )(4).
( الوعل: هو تيس الجبل ).
وحديث متشابه آخر رواه للأسف، الترمذي عن الحسن عن إبراهيم!! برغم أنه حديث غريب وشاذ، يقول: ( فإن فوق ذلك سماءين، بينهما مسيرة 500 عام، حتى عد سبع سماوات، ما بين كل سماءين ما بين السماء والأرض، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك العرش(5)، وبينه وبين السماء بعدما بين السماءين، ثم قال: هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم... قال: فإنها الأرض، ثم قال: هل تدرون ما الذي بعد ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن تحتها أرضاً أخرى بينهما مسيرة 500 سنة، حتى عد سبع أرضين، بين كل أرضين مسيرة خمس مئة سنة، ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله(6).
ورغم غرابة هذه الأحاديث فقد امتلأت بها كتب التفسير، للأسف الشديد، برغم قول بعضهم إنها أحاديث غريبة... فما الداعي من ذكر هذه الأقوال منسوبة إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى؟؟!.
والسؤال الآن: ما الذي دفع ببعض المفسرين للتوهم بأن المراد من آية السجدة ( 5 ) بيان عمق السماء وتحديد المسافة بين الأرض والسماء؟ والجواب على ذلك: بأن التوهم الخاطىء يحدث فقط لو اعتبرنا الضمير في لفظ: ( مقداره ) عائداً على اليوم، لا على التدبير، فيصبح معنى الآية: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه كل التدبير في يوم كان مقداره ألف سنة. وعليه: فإن مسيرة الألف سنة في نظرهم هي مسافة النزول والصعود بين السماء والأرض، فيكون عمقها نصف المقدار أي: 500 سنة ذهاباً وخمس مئة سنة إياباً، وتنتهي المسيرة والتدبير والعروج ويتوقف الأمر في نظرهم....!! بينما الأمر في آية السجدة ( 5 ) دائم! ورغم هذا التوهم الخاطىء عند البعض، فلقد تبين لدى معظم المفسرين المتدبرين لهذه الآية ما يلي:
1ـ اليوم لا يستوعب كل التدبير، لأن ذلك يتعارض مع استمرار وامتداد أمر الله تعالى، ويجعل الأمر بهذا التفكير الخاطىء أمراً منقطعاً، وذلك لا يليق بصفات الله، ويتعارض مع الدوام والاستمرار المستفاد من ورود الفعل ( يدبر ويعرج ) في صبغة المضارع، بل ويتعارض مع الوجود الدائم للخلق الوسيط المعبر عنه بين السماء والأرض في لفظ: ( وما بينهما )، في السجدة ( 4 )، ولفظ الأمر من السماء إلى الأرض في السجدة ( 5 ).
ولفظ الأمر في سورة الرعد ( 2 )، ولفظ الأمر الموجود دائماً بين كل سماء وأرضها في قوله تعالى: )اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) (.سورة الطلاق..
2ـ حرف الجر في قوله تعالى: )في يوم (أفاد أن اليوم المحدود ( مما نعد نحن البشر ) اشتمل على مقدار محدود من التدبير الدائم غير المحدود (لاستمراره وامتداده )، أي: حدد اليوم ولم يحدد التدبير، كقولنا مثلاً: ( ماء البحر في الكوب ) بمعنى أن بعضاً من ماء البحر في الكوب لا كل ماء البحر فيه.
وبهذا: فالسياق هنا في الآية لإعطاء عينة من التدبير والعروج لقياس سرعة معينة، ولو قلنا مثلاً: إن سرعة السيارة 100 كم / ساعة، فهل معنى هذا: أنها لن تسير سوى الساعة، وبالتالي: لن تقطع سوى 100 كم؟ كلا وألف كلا!!.
3ـ الضمير في ( مقداره ) عائد على التدبير، لا على اليوم، حيث النص الكريم ( السجدة: 5 ) بيان للسير والتدبير وليس لليوم، بهذا قال مجاهد: الضمير هنا عائد على التدبير، أي: كان مقدار التدبير في يوم ألف سنة مما تعدون.
وبهذا نستنتج أن القول بأن آية السجدة ( 5 ) بيان لعمق السماء توهم خاطء، لا دليل عليه ولا برهان، بل المراد في هذا النص الشريف دوام نفاذ الأمر والتدبير والعروج وعدم انقطاع السير وبيان لسرعة النفاذ والسير بين السماء والأرض بحد أقصى للسرعة الكونية، كما سنوضح فيما بعد.
ثانياً: توهم بعض المفسرين أن المساواة هنا زمنية وليست في المسافة المقطوعة، بمعنى أن اليوم في آية السجدة يساوي زمنياً ألف سنة مما نعد نحن البشر، وبهذا اضطروا لجعل اليوم في آية السجدة ( 5 ) يوماً أخروياً أو غيبياً ( لأنه لا يمكن أن نساوي زمنياً اليوم الدنيوي بألف سنة مما نعد )، فاعتبروا اليوم هنا يوماً من أيام الله.
وبعضهم قال: بأنه يوم القيامة بحيث يكون هذا اليوم الافتراضي بألف سنة مما نعد، وبذلك خرجوا عن روح النص الشريف، لأن وصف ( مما تدعون) من جنس ما تعودن من الأيام والسنين. فكيف يكون اليوم هنا يوم القيامة!! علاوة على أن هذا الرأي الخاطىء مردود عليه باستمرار التدبير بين السماء والأرض المعهودتين لنا في الدنيا.
ولقد فهم معظم المفسرين خطأ فكرة اليوم الأخروي أو الغيبي، وتمسكوا باليوم الدنيوي في الآية الكريمة ( السجدة / 5 )، ولهذا قالوا: إن الضمير في (مقداره ) يعود على التدبير لا على اليوم، حتى يصبح التدبير متواصلاً وغير محدد بيوم واحد. ولكن هذا اليوم هو نموذج وعينة فقط من هذا التدبير والعروج المستمر. وإن التعبير الزمني في آية السجدة ( 5 ) هو الزمن الفيزيائي الذي نعد به الأيام والسنين، أي: بالزمن المعلوم عند المخاطبين بالقرآن: ( مما تعدون ) أي: من جنس الذي تعدونه، والعرب يعدون اليوم مضبوطاً على الشمس ( يوم اقتراني )، ويعدون السنين مضبوطة على ظهور هلال القمر لقياس الشهور، وبالتالي لقياس السنين ( السنة = 12 شهراً قمرياً ).
ولفظ ( يوم ) في السجدة ( 5 ) محدود وليس مطلقاً غير محدود بدلالة وجود حرف الجر في قوله تعالى: )في يوم (الذي يفيد ـ كما ذكرنا ـ معنى الاشتمال والوعاء، إذ أن أي وعاء لا بد وأن يكون محدوداً، لأنه المقياس الذي يتم الاتفاق عليه كمكيال، وهنا نؤكد أن المقياس الزمني المستعمل هنا هو اليوم بمعناه الكامل الذي نعرفه نحن البشر كمقياس عياري ووعاء زمني ثابت، وليس بمعنى أن النهار يطول ويقصر، وليس اليوم غيبياً أو أخروياً غير محدد، لأنه لا يصلح كوعاء، ولا بد أن يكون بمعنى اليوم الكامل المتعارف عليه بليله ونهاره بدورة الشمس الظاهرية، أي: بدورة كاملة للأرض حول محورها، وهو زمن عياري يصلح هنا كوعاء زمني ليوم كامل من أيامنا المعروفة لنا معشر البشر، والتي نعدها مع صباح كل يوم: ( مما تعدون).
التفسير الجديد لآيتي السجدة والحج:
كمدخل للتفسير الجديد المقترح والمعتمد حديثاً في هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة، نستعرض في كتب التفسير ما يلي:
( 1 ) النص الكريم في السجدة ( 5 ) يبين حد السرعة في السماء في قوله تعالى: )في يوم كان مقداره ألف سنة (، لأنه يقطع مسيرة ألف سنة في يوم واحد ( الزمخشري وأبو حيان ) منسوباً إلى حد استطاعة البشر في قوله تعالى:)مما تعدون (، يعني: مما يقع تحت قياسكم فيمكنكم أن تعدوه بطريقتكم التي تعهدونها في عد السنين ـ وتحصوه.
والعرب تعد السنين بسير القمر، فيكون حد السرعة في السماء مقداره مسيرة أو مسافة ألف سنة قمرية في اليوم الواحد، كما قال ابن عباس: ( سرعة سير هذا الأمر يقطع مسيرة ألف سنة في يوم من أيامكم )... وأكد هذا المعنى الزمخشري والقرطبي.
وهؤلاء المفسرون جميعاً كشفوا الغطاء عن المعنى الحقيقي للآية، فهي فعلاً دليل لسرعة، ونستطيع أن نفهم النص بلغة العوام عندما يأتي أعرابي أمر ليشتري طائرة مثلاً، فيقول له التاجر: إن يوم هذه الطائرة بمسيرة ألف سنة للسلحفاة، أو بمسيرة أربعة شهور للجمل، وعندئذٍ يستطيع الأعرابي تصور سرعة الطائرة، لأنه لا يعرف التعبير العلمي المستخدم حالياً بوحدة الكيلو متر / ساعة.
والتعبير بالزمن كدلالة للمسافة والسرعة هو في حد ذاته أسلوب علمي تقدمي، فنحن الآن نقيس المسافات بين النجوم بالسنين الضوئية، كما شرحنا في البند السابق، والقرآن الكريم سبق العلم باستخدامه هذا الأسلوب الزماني في آية السجدة ( 5 )، وفي وصف سرعة الرياح المسخرة لسيدنا سليمان بقول الله تعالى: )ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر... ( 12 ) (.سورة سبأ..
أي: أن الغدو أو الرواح للريح تعادل شهراً بمسيرتكم في غدوكم أو رواحكم. أي: أن المسافة التي تقطعها الرياح في ساعة تعادل ثلاثين مرة قدر غدونا أو رواحنا، وهذا دليل على سرعة الرياح الجبارة التي كانت مسخرة لسليمان عليه السلام، ونحن نستطيع حسابها هنا من النص القرآني.
وحيث إن رواحنا أو غدونا اليومي يستغرق ( طبقاً للتعريف اللغوي ) ساعة زمنية يومياً من ساعات النهار، وأننا نسير على الأقدام حوالي 6 كم / الساعة، فإن رواح الريح أو غدوها تساوي قد رواحنا 30 مرة ( شهر كامل ) وبهذا فإن المسافة التي تقطعها الريح في ساعة واحدة ( رواح أو غدو ) = 6 × 30 = 180كم / ساعة، وهذه سرعة تصل لمرتبة ريح أعلى من الإعصار، يسميها علماء الأرصاد ( العاصفة المكتملة )، والتي تزيد سرعتها عن 350كم / ساعة علمياً، وهذا إعجاز علمي للقرآن في وصف ريح سليمان عليه السلام. والتي يؤكد القرآن سرعتها بوصفها بالعاصفة في قول الله تعالى: )ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره.... ( 81 ) ( سورة الأنبياء..
وسوف يتضح لنا أيضاً، أن نص آية السجدة ( 5 ) بيان أكيد لسرعة السير الكوني في السماء، فالنص المجيد يجعل المساواة في مقدار السير بين متحركين اثنين أحدهما سريع ( الأمر الكوني ) نقيسه على شيء آخر بطيء ( القمر ) معروف ومحدد في التعبير القرآني في هذه الآية:).... ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون (سورة السجدة.... وبهذا نصل إلى حل العقدة بمقتضى المثلية في مقدار المسير في الحالتين، واختلاف الزمنين الواردين في الآية لاختلاف السرعتين للأمر الكوني السريع من جهة، وللقمر البطيء من جهة أخرى، وعليه كما فهم المفسرون جميعاً ( إلا القليل جداً منهم ) تكون هكذا:
المسافة التي يقطعها الأمر الكوني في يوم أرضي واحد = المسافة التي يقطعها القمر في مدار في ألف سنة قمرية، على اعتبار أن القمر هو الوسيلة الفلكية العلمية القرآنية والشرعية لعد الشهور والسنين، ومراعاة للوصف القرآني، مما تعدون.
( 2 ) عبارة ( كان مقداره ) في آية السجدة تحتوي على الفعل ( كان )، والذي يدل هنا كوضع قياسي على معنى الأزلية والدوام، وليس على الفعل الماضي، أي: ( كان مقداره )، أي: سيظل مقداره كذلك دائماً ودوماً تغيير بالقياس على تفسير ( كان ) في قول الله تعالى: ).... وكان الله بكل شيء محيطاً (126 ) (.سورة النساء.. والذي يفسر المفسرون بأن ( كان ) هنا بمعنى: ( وهو سبحانه دائماً كذلك ) ( فتح الباري ).
وأما لفظ ( المقدار ) فهو لغوياً بمعنى المقياس والحد ( المعجم الوسيط ـ تاج العروس )، أي: أن سرعة الأمر لا يمكن أن تزيد عن الحد الموصوف بالآية الكريمة ( لا حظ هنا الإشارة إلى المفهوم العلمي لأينشتين في الحد الأقصى للسرعة الكونية )... وبهذا فإن وصف ( كان مقداره ) تعني: أن السير في السماء له حد أقصى في سرعته، أي: أن نهاية سير الأمر الكوني في السماء محدود ولا يتجاوز سير أو مسافة ألف سنة مما تعدون في يوم واحد من أيامكم، كما أجمع الفخر الرازي، وقتادة، وابن كثير، والطبري، أن قوله تعالى: )... الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون(.سورة السجدة..
يعني: مقدار السير في ذلك اليوم يساوي مسيرة ألف سنة مما تعدون.
وقال ابن عباس: ( ولسرعة سير هذا الأمر يقطع مسيرة ألف سنة في يوم من أيامكم ) ( الزمخشري ـ القرطبي ).
وبهذا التوضيح الرائع لجملة التفاسير المختارة هنا يتضح الأمر أمامنا، ويتعمق المعنى العلمي في أذهاننا، كما سنرى بعد قليل في حسابات آية السجدة التي وفقني الله لإجرائها في أنوار هذه التفاسير التي جمعها تلميذي الباحث / محمد دودح، بهيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
( 3 ) وقوله تعالى: )يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) (.سورة السجدة..
يقول الفخر الرازي وصاحب فتح القدير: ليس المراد هنا انقطاع تدبير المولى سبحانه وتعالى بعد انقضاء اليوم المستخدم هنا للقياس، بل المراد منه دوام التدبير واستمراره ودوام العروج واستمراره، أي: امتداد نفاذ الأمر في الدنيا دون توقف.
وقال أبو حيان: أشار النص الكريم إلى دوام أمر الله.
وقال الألوسي: ويدل على ذلك العدول إلى المضارع، يعني في قوله تعالى ( يدبر ).. وكذلك ( يعرج )، وكذلك لفظ ( كان )، الذي يفيد الأزلية والدوام مما يحكم ببطلان توهم انقطاع التدبير أو انتهاء السير إلى مكان السماء في زمن يوم واحد فقط!.
وقال مجاهد: الضمير في ( مقداره ) عائد على التدبير أو العروج والسير، أي: كان مقدار التدبير أو العروج والسير المنقضي في يوم يساوي مسيرة ألف سنة ( أبو حيان ).
وقال الألوسي: يعني ( في يوم ) مقدار مسافة السير فيه ( ألف سنة ) للتقرير كذلك بأن اليوم في النص الشريف يستخدم كوحدة قياس ووعاء عياري، كما هو واضح في قوله تعالى في نص آخر مشابه تماماً لنص السجدة ( 5 ) هو قول الله تعالى: ).... وإنّ يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون (47)(.سورة الحج.
ويتضح هنا أن موضوع النصين القرآنيين في سورتي السجدة والحج واحد.. والمقادير فيهما واحدة، حيث قدر اليوم باعتبار مسافة السير فيه.. بألف سنة.. لاستحالة أن يكون ذلك خاصاً بالزمن، لأن اليوم في النصين من أيام الدنيا ( الطبري ـ فتح القدير ـ أبو حيان ـ القرطبي ـ نظم الدرر ـ الألوسي ـ الزمخشري ـ ابن كثير ـ زاد المسير ). ويوم الدنيا لا يساوي ـ في ذات الوقت ـ ألف سنة من سنيها ( نظم الدرر ـ الألوسي ـ الزمخشري ).
وعلى هذا فالنص الكريم في السجدة ( 5 ) لا يدل على انتهاء العروج والسير إلى مكان ـ أو انقطاع التدبير والتقدير في زمن معين، ولكنه يدل على حد السرعة في السماء، وبهذا يتضح الأمر الكوني نوراً على نور، ويتمهد الطريق ـ بفضل الله ـ للحساب في هذه المعادلة القرآنية.
( 4 ) أجمع معظم المفسرين على معادلة مسيرة اليوم بواسطة الأمر الكوني مع مسيرة القمر في ألف سنة قمرية.
فقال أبو حيان: السنة المعتبرة في هذه الشريعة هي السنة القمرية، وهذا حكم قرآني لا بديل عنه كما في قوله تعالى: ).... والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب... ( 5 ) (.سورة يونس..
وقوله تعالى: )يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ... ( 189 ) (.سورة البقرة..
وقالوا في مجموعة التفاسير: شهور السنة القمرية مبنية على سير القمر في المنازل... فيكون معنى سير أو مسافة ـ ( ألف سنة مما تعدون ) ـ أي: مسافة ألف سنة قمرية... أو سير القمر في ألف سنة.
وبهذا: فإن الشيء الذي يقاس على سيره في ألف عام يلزم أن يكون آية عامة مشاهدة، ويكون أجله فوق الألف عام، ويسير بانتظام ومن جنس ما يسير في السماء، وهذا قطعاً ليست الإبل، وليست أيضاً فزورة يصعب حلها... إن وسيلة القياس هنا هي القمر، وهو المقياس المعياري الذي اختاره الله لتعيين حد السرعة في السماء، الذي يمكن تعيينه الآن كمسافة ألف سنة قمرية مقطوعة كحد أقصى في اليوم الواحد من أيامنا.
وهنا نبدأ ولأول مرة في إدراك أساس النسبية الخاصة من آية السجدة ( 5 ).
حد السرعة في السماء = المسافة = مسافة ألف سنة قمرية
الزمن زمن اليوم الأرضي
وبهذا وصلنا من خلاصة التفاسير إلى المعادلة القرآنية الأخيرة، كتعبير رياضي عن منطوق آية السجدة ( 5 )، وسوف نتناول هذه المعادلة في البند التالي بمزيد من التفصيل والتحليل، لنثبت أن هذا الحد هو سرعة الضوء في الفراغ أو الهواء، وقدره 299792.5 كم / ث، لتتعرف على المعجزة القرآنية في أهم مبدأ فيزيائي في القرن العشرين يتم إعلانه بواسطة أينشتين عام 1905م.


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع






 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.58 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]