عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-09-2020, 03:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي إذا خسرت مشاريعك أو ثروتك، فتفكر قليلا

إذا خسرت مشاريعك أو ثروتك، فتفكر قليلا
أ. محمد بن سعد الفصّام





لو طلب منك دفع جميع ثروتك مقابل شفائك، هل ستوافق؟


لو كنا نتفكر في كل ما يحيط بنا من مآسٍ، لما حل بنا أكثر مما حل، ولكن ننظر إلى الأمور بعجلة، ونحكم على ظاهرها، فيفوتنا أكثرُ مما أحزننا في أول الأمر.

لو كنت مريضًا مصابًا بشلل نصفي أو أي مرض مزمن، وكنت مع هذا المرض المزمن ثريًّا ذا مال، وأخبرت خبرًا مؤكدًا أن هناك دواء سوف يكون سببًا في شفائك، ولكن قيمته غالية جدًّا تصل إلى أن تدفع فيه جميع ثروتك من الملايين، هل كنت ستوافق؟ لا أظن أنك سوف تفكر إطلاقًا أو تتريث، بل سوف تعلن الموافقة الأكيدة، إذًا لماذا تهلك نفسك، وتبدد صحتك من أجل بعض مالك، ومن أجل مال يروح ويجيء؟! وقد سمي ذهبًا؛ لأنه يذهب ويعود، وسمي مالاً؛ لأنه يميل عليك ويميل عنك!

إن كل ما عوض لا يمكن أن يكون خسارة، وكل ما كان ثمنًا لما هو أغلى منه لا يسمى خسارة.

هذا صهيب الرومي - رضي الله عنه - يترك بيته وأمواله للمشركين، ويدلُّهم عليها؛ حتى يخلوا سبيله ليهاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة وحيدًا قد فقد كل ماله، وبقي له دينه، فيقول له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع)).

فليحمد الله من جعل الله مصيبتَه في ماله، وجنبها نفسَه وأولاده، فليحمد الله من عوضه الله مصيبته بالأجر الذي ينتظره.

لما ذكر الله الخسارة في القرآن الكريم لم يذكرها في سياق المال؛ وإنما جعل الخسارة هي خسارة المرء دينه ونفسه وأهله: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الزمر: 15].

لذلك أذكر لك:
يقول دايل كارنيجي: "كان هارولد أبوت مدير معهدي منذ سنوات، وهو يعيش في شارع ساوث ماديسون، وذات يوم التقينا في مدينة (كنساس ستي)، فأوصلني إلى مزرعتي في مدينة لتون ولاية ميسوري، خلال الطريق سألته: كيف يتجنب القلق؟ فأخبرني قصةً مثيرة لن أنساها أبدًا.

قال: كنت دائم القلق، لكن في أحد أيام الربيع 1934م كنت أتمشى في شارع دورتي الغربي في مدينة (وبي) حين رأيت منظرًا أزال عني القلق، حدث ذلك خلال عشر ثوانٍ فقط، لكن خلال هذه الثواني العشر، تعلمت كيف أعيش أكثر مما تعلمته في السنوات العشر السابقة.

حيث كنت أدير مخزن بقالة في مدينة (وبي) منذ سنتين، وقد خسرت جميع مدخراتي وغرقت في ديون تحتاج إلى سبع سنوات من العمل لسدادها، وقد أقفلت مخزني وذهبت إلى بنك التجار والصناعيين لاستدانة المال الكافي لانتقالي إلى مدينة كنساس للبحث عن عمل.

كنت أسير كرجل مهزوم فقَد ثقتَه بنفسه وشجاعته، وفجأة رأيت رجلاً وقد بترت قدماه. كان يجلس على مقعد يرتكز على عجلات، ويزحف في الشارع، بمساعدة قطع من الخشب أثبتها في كل يد.

التقيت به بعد أن عبر الشارع، وبدأ يرفع نفسه ليصعد إلى الرصيف، وفيما هو يفعل ذلك التقت عيناي بعينيه، فابتسم لي ابتسامةً رائعة قائلاً: صباح الخير يا سيدي، إنه صباح جميل، أليس كذلك؟


وفيما أنا واقف أنظر إليه، عرفت كم أنا غني؛ فأنا أملك ساقين، وأستطيع السير، شعرت بالخجل من نفسي، وقلت في نفسي: إذا كان هذا الرجل الفاقد لساقيه سعيدًا واثقًا من نفسه، فكيف يجب أن أكون أنا بوجود ساقي؟ شعرت بالارتياح، وكنت قد قررت أن أستلف مبلغ مائة دولار فقط من البنك، فأصبح لدي الشجاعة الكافية لطلب مائتين، وكنت أنوي أن أقول: إنني ذاهب إلى مدينة كنساس لأحاول العثور على عمل، أما الآن فسأقول: إني أريد الذهاب إلى مدينة كنساس للحصول على عمل، فحصلت على القرض، وحصلت على العمل، ويومها ألصقت هذه الكلمات على المرآة؛ حيث يمكنني قراءتها كل صباح (شعرت بالكآبة؛ لأنه لا حذاء لدي حتى التقيت في الشارع برجل قطع ساقاه)".

تفكر قليلاً واسأل نفسك ما هو الشيء الذي يقلقني؟ ربما تكتشف أن الأمر غير مهم وسخيف.

لقد أثبتت الدراسات أن حوالي 90% من الأشياء في حياتنا صحيحة وجميلة، ويجب أن نسر بوجودها، أما الباقي - وهو حوالي 10% - فهو خطأ أو غير مناسب، فإذا أردنا أن نكون سعداء، ليس علينا إلا التركيز على الـ90% الصحيحة، وتجاهل الـ10% الخطأ، وإن أردنا أن نقلق ونتألم ونصاب بقرحة المعدة، وصداع مزمن، ما علينا سوى التركيز على الــ10% الخطأ وتجاهل الـ90% الصالحة، فنصنع الدمار لأنفسنا وبأيدينا، وحينئذٍ علينا ألا نطلب الرحمة من أحد.


(في حال النقل من المادة، نأمل الإشارة إلى كتاب "ولكن سعداء.." للكاتب أ. محمد بن سعد الفصّام، والمتوفّر في مؤسسة الجريسي للتوزيع).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.27 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.13%)]