عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 12-05-2020, 02:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله








رمضان.. شوقاً إلى الجنة

د. هاني درغام


هل تشتاق إلى موطنك الأصلي؟


هل تذكر يوماً وأنت في طريق عودتك إلى مدينتك أو بلدتك بعد رحلة طويلة أو قصيرة سافرت فيها بحثاً عن الرزق والمعاش أو طلباً للعلم أو العلاج.. هل تذكرت مشاعر الشوق والحنين وأنت في طريق عودتك وأنت تُمنّي نفسك بالوصول إلى بيتك حيث الراحة والسكينة والطمأنينة؟

هل علمت أنك مخلوق أُخروي بالدرجة الأولى تنتظر مثلما ينتظر المسافر الفرصة المناسبة للعودة إلى وطنك الأصلي.. (الجنة)؟ وهذا ما صرح به إبراهيم بن أدهم رحمه الله فقال:

(نحن نسْلٌ مِن نسْل الجنَّة، سبَانا إبليس منها بالمعصية، وحقيقٌ على المسبي ألا يهنأَ بعيشه حتى يرجعَ إلى وطنه).

أواه.. إنها الجنة:

هل تشتاق إليها؟؟ هل تحن إليها؟

قل لي بربك.. كم مرة تفكر فيها في اليوم أو في الأسبوع أو حتى في الشهر؟

وا حسرتاه... لقد طغى ظلام المادة في حياتنا على نور الحق وسمو الروح.. واستحوذت الدنيا بمُتعها التافهة الزائلة على اهتمام الكثير من الناس وصارت أكبر همهم ومبلغ علمهم وشغلوا بها عن الحياة الآخرة الدائمة ونعيمها.

دعني أسألك .. كم مرة تفكر في الدنيا في الساعة أو في اليوم؟

ما الذي يشغل بالك في هذه اللحظة؟

هل شيء غير المال والبنون والملبس والمطعم والشهادات والألقاب والأفكار التافهة والنزوات الفارغة الوضيعة ومطالب النفس الحيوانية الباطنة والظاهرة إلا من رحم ربك؟

رمضان ونسائم الجنان:

ما أجمل أن تستغل رمضان هذا العام للتحرر من أسر هذه المادية البغيضة.. لتستعيد النفوس شوقها ولهفتها إلي الجنة, وتسترجع الروح سموها وصفائها.. كيف لا وفي شهر رمضان تفتح أبواب الجنة وتتزين لعباد الله الصائمين.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل رمضان فُتحت أبواب الجنة وغُلقت أبواب جهنم وسُلسُلت الشياطين) (متفق عليه).

وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أولُ ليلةٍ من رمضانَ صفدت الشياطين ومردة الجن.. وغُلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب.. وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منه باب وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.. ولله عتقاء من النار وذلك كُلَ ليلة) (رواه الترمذيُ وابنُ ماجه والنسائي وحسنه الألباني).

أخي.. أبواب الجنة مفتوحة طوال هذا الشهر الكريم.. فهل شممت عبيرها؟

هل تنسمت أريجها؟.. أم زكمت أنوفنا بالمعاصي والآثام فلم تجد الجنة فيها موضعاً؟!

وا عجباه.. كيف لا تشتاق إلى الجنة وللصائمين بابا يدخلون منه إلى الجنة لا يدخل منه أحد غيرهم.. فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال: (إنَّ في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرُهم يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخُل منه أحدٌ غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) (متفق عليه).

للمشتاقين.. صور من نعيم الجنة:

إن سألت عن أرضها وتربتها فهي المسك والزعفران.. وإن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن.

وإن سألت عن بلاطها فهو المسك الأذفر.. وإن سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ والجوهر.. وإن سألت عن بنائها فلبنة من فضة ولبنة من ذهب.

وإن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ï´؟ وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ï´¾ (الطور: 22).

وإن سألت عن شرابهم فالتسنيم والزنجبيل والكافور ï´؟ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ï´¾ [الإنسان: 17-18].

وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم فهن الكواعب الأتراب اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب فللورد والتفاح ما لبسته الخدود, وللرمان ما تضمنته النهود ,واللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور , وللرقة واللطافة ما دارت عليه الخصور, تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت.. كلما نظر إليها ملأت قلبه سرورا وكلما حدثته ملأت أذنه لؤلؤا منظورا ومنثورا وإذا برزت ملأت القصر والغرفة نورا.

وإن سألت عن فرشها وسررها فهي فرش بطائنها من الإستبرق وزرابي مبثوثة في كل مكان بأجمل الأشكال والألوان تسر العين والخاطر وتبهج النفس ï´؟ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ï´¾ [الكهف: 31].

وإن سألت عن أسواقها .. فدونك قول النبي عليه الصلاة والسلام : (إن في الجنة سوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال، فتحثو في وجوههم وثيابهم ، فيزدادون حسنا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا، فيقولون: وأنتم الله لقد ازددتم حسنا وجمالا ) (رواه مسلم).

وإن سألت عن الصحبة فيها.. فهل هناك أعظم وأشرف من صحبة النبي المختار وصحابته الأطهار والتابعين لهم بإحسان من الأخيار والأبرار... تَصَوَّرْ نفسَكَ وأنتَ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم- تجلسُ في مجلسِهِ، وتأكلُ على مائدتِهِ، وتتأمَّلُ قسماتِ وجهِهِ، وتُمتِّعُ نفسَكَ بابتساماتِه العاطرةِ ونظراتِه الآسرةِ، تقبِّلُ جبينَهُ، تضعُ كفَّكَ بكفِّهِ، تستمعُ إلى كلامِهِ.. تصور نفسك وأنت تتحدث مع أبو بكر الصديق, وتقبّل الفاروق عمر, وتناجي عثمان بن عفان, وتصافح علي بن أبي طالب, وتجلس إلى خالد بن الوليد يحدثك عن جهاده وبطولاته و..

وأروع المسرات وأعظم اللذات على الإطلاق لذة النظر إلى وجه ربك الكريم ï´؟ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ï´¾ [القيامة: 22-23] .. فأي مستوى من الرفعة هذا؟ أي مستوى من السعادة؟

وخلاصة القول:

الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ï´؟ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ï´¾ [السجدة: 17].

أخي في الله:

ألا خاطبٌ في هذا الشهر إلى الرحمن؟ ألا هل من مشتاق إلى الحور الحسان؟

ألا راغب فيما أعده الله للطائعين في الجنان؟

ألا من مشتاق لدخول الجنة من باب الريان؟

ألا طالب لما أخبر به من النعيم المقيم مع أنه ليس الخبر كالعيان؟

إن العجب كل العجب ممن يصدق بدار البقاء وهو يسعي لدار الفناء.. ويعلم أن رضا الله في طاعته وهو يسعي في مخالفته.

عجبا لك يا مغرور.. ما هذا التواني والفتور؟.. باطنك خراب والظاهر معمور.. آه لو تفكرت في سكرات الموت وفتنة القبور؟

لو تدبرت كتاب ربك لعلمت أن الحياة الدنيا متاع الغرور.

كيف ترجو النجاة وأنت غارق في المنكر والزور؟

فيا من أُخرج أبويه من الجنة بذنب واحد بعد أن كان لها مالكاً.. كيف تطمع بدخولها بذنوب كالجبال لست لها تاركاً؟!

أيها الكسالى والنائمون .. متى تستيقظون؟ متي لفراش الغفلة تهجرون؟ متي تبادرون؟ ï´؟ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ï´¾ [آل عمران: 133].

وصية عملية:

استحضر وأنت تؤدي العبادات والطاعات في هذا الشهر الكريم نعيم الجنة وألوان المتعة واللذة فيها, مستعينا في ذلك بقراءة الآيات التي تتحدث عن وصف الجنة ونعيمها بقلب متدبر ونفس مشتاقة.. فهذا مما يشحذ الهمم ويقوي النفوس كلما أصابها الملل أو زارها الفتور.

احرص في دعائك وخاصة قبل الإفطار أن تقول : (اللهم إني أسألك الجنة وما قرب اليها من قول وعمل.. وأعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول وعمل).. ولا تنسى صاحب هذا الكتاب من دعوة صالحة بمرافقتك في الجنة.

إضاءة:

بكى أحد الصالحين عندما قرأ قوله تعالى ï´؟ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ï´¾[آل عمران: 133] فقيل له: لقد أبكتك آية ما مثلها يبكي.. إنها جنة عريضة واسعة.. فقال: يا بن أخي وما ينفعني عرضها إن لم يكن لي فيها موضع قدم؟!

المصدر : كتاب (هكذا علمني رمضان)
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.23 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.25%)]