عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 16-06-2019, 03:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الطهارة]
صـــــ 33 الى صـــــــــ
37
الحلقة (10)

[ما لا يخرج الماء عن الطهورية]

قد يتغير لون الماء وطعمه ورائحته، ومع ذلك يبقى طهوراً يصح استعماله في العبادات، من وضوء، وغسل، ونحو ذلك، ولكن ذلك مشروط بعدم الضرر، بحيث لو ترتب على استعمال ذلك الماء المتغير ضرر للشخص في عضو من أعضائه، فإنه لا يحل له أن يتوضأ من ذلك الماء، وقد يضطر سكان البوادي والصحاري إلى استعمال المياه المتغيرة. حيث لا يجدون سواها، فأباحت الشريعة الإسلامية لمثل هؤلاء أن يستعملوا ذلك الماء إذا أمنوا شره، يدل لذلك ما روى البخاري معناه أن المسلمين لما هاجروا من مكة إلى المدينة، أصيب كثير منهم بالحمى، فأشار بعض مفكري المسلمين يومئذ بردم مستنقع، يقال له: بطحان، فلما ردم ذهبت الحمى، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: كان بطحان يجري ماء آسناً، أي متغيراً، فما تقوم - به مصلحة الصحة - من فرض الأتابيب التي يجري فيها الماء، وهدم - المياضئ، والمغاطس - حذراً من تغير الماء وتلوثه بما يضر، هو من أغراض الدين الإسلامي الصحيحة، فإن قضاياه مبنية على جلب المصالح، ودرء المفاسد.ولقد ذكر الفقهاء للتغير الذي لا يخرج عن كونه طهوراً أمثلة: منها أن تتغير أوصافه كلها، أو بعضها، بسبب المكان الذي استقر فيه، أو مر به؛ والأول. كالمياضئ القديمة، والبرك الموجودة في الصحراء ونحوها، والثاني: كالمياه التي تمر على المعادن، مثل الملح، والكبريت، فإن هذا التغير لا يخرج الماء عن كونه طهوراً، ومنها أن يتغير بطول مكثه؛ كما إذا وضع ماء في قربة أو - زير - ومكث فيه طويلاً، فتغير، فإن ذلك التغير لا يخرجه عن كونه طهوراً، ومنها تغيره بسبب ما تولد فيه من سمك، أو طحلب - الطحلب معروف، وهو خضرة تعلو على وجه الماء - وإنما لا يضر الطحلب (1) إذا لم يطبخ في الماء، أو يلقى فيه بعد الطبخ،
______________________________ _
(1) الحنابلة: لم يشترطوا طبخ الطحلب، بل قالوا: إنه يضر الماء، ويخرجه عن كونه طهوراً إذا ألقاه في الماء آدمي عاقل قصداً، لا فرق بين أن يكون مطبوخاً، أو غير مطبوخ، أما إذا تولد من الماء وحده، أو قذف به الريح، ونحوه، فإنه لا يضر.
*******************
ومنها أن يتغير بسبب المادة التي دبغ بها الإناء، من قطران، أو قرظ، أو نحو ذلك؛ فالماء الذي يوضع في القرية المدبوغة إذا تغير أحد أوصافه لا يضر، ومنها أن يتغير بما يتعذر الاحتراز منه، كالسافيات التي تلقيها الرياح في الآبار ونحوها، من تبن، وورق شجر، ومنها أن يتغير الماء بما جاور، كما إذا وضعت جيفة بشاطئ الماء، فيتغير الماء برائحتها، فإن ذلك التغير لا يخرج الماء عن كونه طهوراً، ولكن ذلك من شر ما يفعله جهلة القرى، فإنهم يلقون جيف الحيوانات على شاطئ الماء، بل في نفس الماء الذي يستعملونه فتنبعث منه رائحة نتنة من مسافة بعيدة فلئن أباح الشارع الوضوء منه، أو الغسل، ولكنه من جهة أخرى نهى عن استعماله نهياً شديداً، إذا ترتب عليه ضرر، أو إيذاء للمارة، أو نحو ذلك.
[القسم الثاني من أقسام المياه: الطاهر غير الطهور]
[تعريفه]

قد عرفت أن الماء يوصف تارة بكونه طهوراً، وقد تقدم تعريف الطهور، وتارة يوصف بكونه طاهراً فقط، ويعرف بأنه ماء مستعمل غير متنجس، يصح استعماله في العادات، من شرب، وطبخ ونحو ذلك، ولا يصح استعماله في العبادات من وضوء وغسل.
[أنواع الطاهر غير الطهور]
الماء الطاهر غير الطهور ثلاثة أنواع (1) :
النوع الأول: هو أن يخالط الماء الطهور شيء طاهر، فإذا أضيف إلى الماء الطهور مثلاً ماء ورد، أو عجين، أو نحو ذلك، فإنه يسلب طهوريته، بحيث لا يصح استعماله بعد ذلك في الوضوء أو الغسل، وإن صح استعماله في العادات، من شرب، وتنظيف ثياب، ولكن لا يسلب الطهورية إلا بشرطين: أحدهما: أن يتغير أحد أوصاف الماء الثلاثة: - الطعم، أو اللون، أو
___________________________
(1) المالكية قالوا: الطاهر غير الطهور نوع واحد فقط، وهو النوع الأول: أعني ما خالطه شيءطاهر غير أحد أوصافه الثلاثة، وكان ذلك المخالط من الأشياء التي تسلب الطهورية فهذا هو الذي يسمى عندهم طاهراً غير طهور أما النوع الثاني، وهو الماء القليل المستعمل، فإنه طهور، ما لم يتغير أحد أوصافه بذلك الاستعمال، وأما النوع الثالث، وهو ما خرج من النبات، كماء الورد، وماء البطيخ، فإنه ليس داخلاً في أقسام المياه التي يصح التطهير بها عندهم، لأنه ليس ماء مطلقاً.
************************
الريح - بذلك المخالط؛ ثانيهما: أن يكون المخالط من الأشياء التي تسلب طهورية الماء وفي هذه الأشياء تفصيل المذاهب (1) .
(1) الحنفية قالوا: الأشياء التي تسلب طهورية الماء، وتجعله طاهراً فقط. تنقسم إلى قسمين جامد، ومائع؛ فأما الجامد فإنه يسلب طهورية الماء في حالتين: الحالة الأولى أن يخالط الماء شيء يخرجه عن رقته وسيلانه، مثلاً إذا وضع في الماء طين، فأخرجه عن رقته وسيلانه، فإنه لا يصح التطهير به ومن ذلك ما يبقى في قاعِ الأحواض عند جفافها، من الماء المخلوط بالطين، فإنه لا يصح التطهير به إذا خرج عن رقته وسيلانه، الحالة الثانية: أن يخالطه شيء يطبخ فيه، وفي هذه الحالة لا يصح التطهير به، ولم لم يخرج عن رقته وسيلانه، ومثلاً إذا وضع في الماء الطهور عدس، ليطبخ فيه، ثم غلا مرتين بحيث تغير الماء به، ولكنه لم يطبخ، فإنه لا يصح التطهير به، ولم لم يخرج عن رقته وسيلانه، وقد يقع مثل ذلك في الصحراء، عند قلة الماء، إلا أنه يستثنى من هذه الحالة ما تغير بالصابون، ونحوه، من الأشياء التي تستعمل للتنظيف؛ فإذا غليت في الماء، وغيرت لونه، أو طعمه، أو ريحه، فإنه لا يخرج بذلك عن كونه طهوراً، إلا إذا طبخت فيه، فخرج بذلك عن رقته وسيلانه؛ وأما المائع، فإنه إذا خالط الماء، كان على ثلاث صور: الصورة الأولى أن يكون ذلك المائع موافقاً للماء في أوصافه الثلاثة: الطعم، واللون، والريح، كماء الورد الذي ذهبت ريحه، والماء المستعمل، وحكم هذه الصورة أن ينظر للغالب، فإن كانت الغلبة للماء، فهو طهور، وإن كانت للمخالط، فالماء طاهر غير طهور، ويلحق بالغالب المساوية مثلاً إذا توضأ جماعة من حوض صغير - كالميضأة - فإن كان الماء المستعمل الذي انفصل عن أعضاء الوضوء، ورجع إلى الماء الموجود في ذلك الحوض قل من الماء الذي لم يستعمل، فإنه لا يضر، أما إذا كان مساوياً له، أو أكثر منه، فإن الماء الموجود في ذلك الحوض جميعه يصير مستعملاً؛ الصورة الثانية: أن يكون ذلك المائع الذي خالط الماء الطهور مخالفاً للماء في جميع أوصافه، وهي اللون، والطعم، والرائحة، وذلك كالخل، فإن له طعماً، ولوناً ورائحة، وكلها مخالفة للماء في الوصف، فإذا سقطت كمية من الخل في الماء فإن ظهرت فيه أكثر أوصاف الخل، كالطعم، واللون معاً، كان الماء طاهراً غير طهور، فلا يصح استعماله في العبادات، ولكن يصح استعماله في الطبخ ونحوه أما إذا ظهر في الماء وصف واحد من أوصاف الخل، فإنه لا يخرجه عن طهوريته، الصورة الثانية: أن يكون ذلك المائع المخالط، مخالفاً للماء في بعض أوصافه دون البعض، وذلك كاللبن فإن له طعماً ولوناً، ولا رائحة له فإذا خالط شيء منه الماء، فإن الماء يصير طاهراً غير طهور، بظهور وصف واحد منه فقط، مثال ذلك ما قد يقع مع - الفلاحين - الذين يضعون اللبن في الآنية، وهم في المزارع البعيدة عن الماء، ثم يضعون الماء في تلك الآنية قبل تنظيفها جيداً، فيظهر أثر اللبن في الماء فمتى ظهر لون اللبن في الماء فإنه يخرج عن طهوريته، ويكون طاهراً فقط. المالكية قالوا: تسلب طهورية الماء، ويصير طاهراً فقط بثلاثة أمور:
أحدها: أن يختلط بالماء شيء طاهر فيتغير به أحد أوصافه الثلاثة: طعمه، أو لونه، أو ريحه، ولو كان ذلك الريح غير ظاهر بالماء، وإنما يسلب الطهورية بشروط: الأول: أن يكون ذلك الشيء ليس لازماً للماء، بل يفارقه في غالب الأوقات، الثاني: أن لا يكون من أجزاء الأرض: الثالث: أن لا=يكون من الشياء التي يدبغ بها الإناء، الرابع: أن لا يكون من الأشياء التي يعسر الاحتراز منها، ولذلك كله أمثلة: منها الصابون، فإنه في الغالب لا يخالط الماء، ومثله ماء الورد ونحوه من مياه الروائح العطرية، فإن المستعمل للماء لا يحتاج إليها في الغالب، ومنها روث الماشية، فإنها، ولو اختلطت ببعض المياه التي يشرب منها ولكن ذلك لا يعسر الاحتراز عنه، ومنها دخان شيء محترق. ولو من أجزاء الأرض، ومنها ورق الشجر إذا كان قريباً من بئر، أو مسقاة يمكن تغطيتها، مثله السافيات ونحوها، كالتبن، وطلع النخل، ومنها السمك إذا مات في ماء أو طرح فيه، فهذه الأمور الطاهرة إذا خالطت الماء بالشرائط المذكورة، فإنها تسلب طهوريته، ويصير طاهراً فقط بالشرط المتقدم، وهو أن يتغير به أحد أوصاف الماء.
ثانيها: أن يتغير الماء بنفس الإناء الذي وضع فيه وإنما يسلب ذلك التغيير طهورية الماء بشرطين: الأول: أن يكون الإناء من غير أجزاء الأرض، كما إذا وضع الماء في إناء من جلد، أو من خشب، فتغير بمجاورته للإناء؛ الشرط الثاني: أن يكون التغير فاحشاً عرفاً، فإن وضع الماء في إناء من فخار، أو كان التغير غير فاحش، فإنه لا يضر، ومثل ذلك ما إذا تغير الماء بسبب حبل من كتان، أو ليف، فإن ذلك التغير لا يضر، إلا إذا كان فاحشاً عرفاً.
ثالثها: أن يتغير الماء بسبب قطران، أو قرظ، أو نحو ذلك، وإنما يسلب ذلك الطهورية، بشرط أن يتغير به طعمه، أو لونه، أما إذا تغيرت به ريحه فقط، فإنه يبقى طهوراً، ولا يضره ذلك التغير.
الشافعية قالوا: تسلب طهورية الماء، ويصير طاهراً فقط إذا خالطه شيء طاهر، بأربعة شروط: أحدها: أن يكون ذلك الطاهر المخالط مما يستغني الماء عنه، فلو تغير بسبب إضافة ماء إليه، لا بقاء له إلا به، أو تغير بسبب محله الذي نبع منه، فإن ذلك التغير لا يضر، ثانيها: أن يكون التغير مستيقناً، فإذا شك في تغيره فإنه لا يضر، ثالثها: أن يكون التغير بسبب تراب، ولو طرح فيه قصداً، ومثل التراب الملح المنعقد من الماء. فإذا تغير الماء بشيء طرح فيه غير ما ذكر، فإنه يسلب طهوريته، ويكون طاهراً فقط، كما إذا سقط فيه زعفران، أو تمر، أو نحو ذلك، فتغير تغيراً فاحشاً، ومثل ذلك ما إذا سقط في الماء ورق شجر، فغيره، وكذا إذا تغير بشيء يتحلل، كما إذا وضع فيه كتان، أو - عرقسوس - أو نحوهما، فتغير بسبب ذلك، فإنه لا يكون طهوراً، بشرط أن يتغير تغيراً كثيراً يقيناً، كما ذكر أولاً، وكذا إذا تغير تغيراً كثيراً يقيناً، بقطران، فإنه يصير طاهراً فقط، بشرطين: أحدهما: أن يكون القطران خال من الدهنية؛ ثانيهما: أن لا يكون الغرض من استعمال القطران إصلاح قربة الماء، وإلا فلا يضر، ومثل ذلك ما إذا تغير بملح مأخوذ من غير الماء كالملح الجبلي. فإنه يكون طاهراً فقط، بشرط أن لا يكون الملح مقراً للماء؛ أو ممراً للماء، وإلا فلا يضر.
الحنابلة قالوا: يسلب طهورية الماء أشياء:
أحدها: أن يخالطه شيء طاهر لا يعسر الاحتراز منه، بشرطين: أحدهما أن يغير أحد أوصاف الماء تغيراً كثيراً، أما التغير القليل فإنه لا يضر، ثانيهما: أن يكون ذلك الشيء الطاهر المخالط في=غير محل التطهير، مثلاً إذا كان على يد المتوضئ زعفران، وأخذ الماء، فتغير به الماء فإن ذلك التغير لا يضر في الموضع الذي به الزعفران، ولا فرق في ذلك المخالط بين أن يطبخ في الماء كالترمس، والحمص، أو لا، أما إذا كان المخالط يعسر الإحتراز عنه كالطحلب، وورق الشجر، فإنه لا يخرج الماء عن كونه طهوراً. إلا إذا طرحه آدمي عاقل في الماء قصداً.
ثانيها: أن يخالطه ماء مستعمل، بشرط أن يكون مستعملاً في رفع حدث، أو إزالة خبث وأن يكون مستعملاً في محل طهر به، فلو جرى على يد شخص لم تطهر به فإنه لا يكون مستعملاً، وأن ينفصل غير متغير، وأن يكون الماء الذي خالطه دون القلتين.
ثالثها: أن يخالطه ماء مائع، لم يخالف الماء الطهور في أوصافه، بشرط أن تغلب أجزاءه على الطهور، مثل - المستخرجات العطرية التي ذهبت رائحتها، كماء الورد، والريحان، والنعناع، فهذه الأمور الثلاثة تسلب طهورية الماء إذا خالطته بالشرائط المذكورة.

*********************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.61 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]