الموضوع: زوجي شكاك
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-01-2021, 11:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي زوجي شكاك

زوجي شكاك


أ. شريفة السديري



السؤال
السَّلام عليكم، زوجي يشكُّ في، يشكُّ في أخيه، يشكُّ في ولد الجيران، يشكُّ في أي شيء، لو ذهبتُ إلى أهلِنا قال: أين كنتِ اليوم؟ أين دخلت؟ أين جلست؟ ذهب عقلي من أفعاله هذه، وبعدها قلَّ هذا الأمرُ شيئًا ما، فلم يعُد يراقب هاتفي، وأيضًا قلَّتْ أسئلتُه، ومفتاح البيت معه ويوصده علي، حتَّى إنه يشكُّ في إخوتي، عندما يزورونني لا بدَّ أن يكونَ معنا في البيت، لا يخرجُ من البيتِ وإذا خرج لا يطيلُ الغياب، ويعود مسرعًا خائفًا من حدوثِ شيء، لا أدري ما أفعل، فلو ذهبنا إلى مكانٍ معًا لا بد أن أنتبه في تصرُّفاتي، أرتدي النقاب وأُحكِمه جيدًا، إذا التفتُّ شكَّ في ظنًا منه أني أنظر إلى شخصٍ ما، كلُّ هذا وأنا منتقبة! أرجوكم، ما الحل؟ وأسألكم: هل يظهر الاسمُ الكامل الذي صدَّرتُ به السؤال، فيستطيع الجميعُ رؤيتَه؟ أم هو مخفي؟ ولكم مني جزيل الشكر.

الجواب
وعليكم السَّلامُ ورحمة الله وبركاته،
أمَّا بالنسبةِ لمشكلة زوجك: فمن الواضحِ أنَّ غيرته وشكَّه ناتج عن اضطرابٍ يُطلق عليه اسم "الغيرة الضلالية أو الوهامية" Delusional Jealousy، المريضُ بهذا الاضطرابِ تراوده أفكارٌ وشكوك في زوجتِه؛ أنَّها تخونُه، وأنَّها على عَلاقةٍ برجل آخر، أو غيرها من أفكارِ الشَّك.

هذه الفكرةُ قد تكون فكرةً وهامية، وقد تكونُ فكرةً تسلطية، والفرقُ بينهما هو أنَّ الفكرةَ الوهامية تكونُ أكيدةً في عقل الزوجِ ويكون واثقًا منها، ولا ينقصُهُ إلا الدَّليل الذي يُثبِتُ له خيانةَ زوجتِه؛ لذا يرافقُها سلوكياتٌ؛ كالتفتيشِ في حقيبتِها أو حاجاتِها الخاصة ليجدَ هذا الدَّليل.

أمَّا الفكرةُ التسلطية فعبارةٌ عن أفكارٍ ملحّة ومسيطرة؛ تتردَّدُ في عقلِ المريض ولكنَّها مجرد شكوكٍ، ولا يرتاحُ من إلحاحِها على عقلِه إلا إن قام بسلوكٍ يؤكِّدُ عدم صحتِها؛ كأنْ يتصل بها ويتأكَّد من مكانِ وجودِها، أو يذهب بنفسِه للبيت، أو غيرها من الأفعال، إذًا العلامةُ الأساسية الفارقة بين النوعين هو تأكُّدُ الزوجِ من شكوكِه أو عدمه.

علماءُ النفس اعتبروا هذا الاضطرابَ ضمن نطاقِ الوسواس القهري OCD Spectrum، وعلاجُه يكون كعلاجِ الوسواس القهري، إنْ داوم على أخذِ العلاج الدوائي والتزمَ بالجلسات العلاجية، فبإذن الله سيتحسَّنُ ويتغير حالُه وتختفي شكوكُه، ووَفْقًا لبعضِ الإحصائيات فإنَّ الأعراضَ ستختفي بنسبة 40 إلى 90% مع العلاجِ الدوائي، كما أنَّ 20% من الحالاتِ تشفى تمامًا، و40% تتحسَّنُ تحسنًا ملحوظًا، وكلَّما كان العلاجُ في بداياتِ ظهور المرض، وكلَّما كان تعاونُ المحيطين به من الأهل والأصدقاء أكبر - كان التحسنُ أسرعَ وآكد.

قد يكونُ زوجُك على وعيٍ بغرابةِ تصرفاته وأفكاره وعدم صحة شكوكِه، ولكنَّه لا يستطيعُ مقاومتَها، وفي هذه الحالةِ قد يتقبَّلُ فكرةَ العلاج، أمَّا إن كان على قناعةٍ تامة بصدقِها فعندها سيرفضُ تمامًا فكرةَ العلاج؛ لأنَّه لا يرى نفسَه مريضًا أصلاً؛ لذلك يا عزيزتي، عليكِ أن تتحدثي مع شخصٍ حكيم في العائلةِ، ويثق فيه زوجُك ويثقُ برأيه وعقلِه، وتخبريه عن حالتِه ووضعه وضرورةِ عرضِه على طبيبٍ نفسي ليبدأَ العلاج، وإنْ رفضَ زوجُك الموضوعَ وغضب حاولي أن تجعلي الأمرَ كأنَّه فحصٌ عام، أو مجرد مجموعةِ تحاليل دورية تقومان بها للاطمئنان، ومن ثَمَّ يقومُ الطبيبُ العام بتحويلِه لطبيبٍ نفسي، بعد أن تكوني قد أخبرتِ الطبيبَ العام مسبقًا بوضعِه وحالته، هذا الأمرُ قد يساعدُ على تخفيفِ رفضه للعلاج؛ لأنَّه لم يأتِ منكِ.

وأخيرًا: أؤكِّدُ عليكِ أن تهتمِّي بنفسِك وبروحك؛ لأنَّ الحياة مع زوجٍ شكَّاك يشكِّل ضغطًا كبيرًا على النفسية، لذا اخلقي لنفسِك جوًّا يخرجك من هذه الأجواءِ المتوترةِ والمشحونة، حتى تصبحي أكثر قدرة على الاستمرارِ والمقاومة ومساعدةِ زوجك على العلاج.

أعانكِ الله عزيزتي، ورزقكِ السعادة وراحة البال، وتابعينا بأخبارك.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.43%)]