عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-10-2020, 11:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,607
الدولة : Egypt
افتراضي العناد عند الأطفال فوضى وتعلم!

العناد عند الأطفال فوضى وتعلم!


تهاني السالم


م. غانية شوكت داغستاني: هاتان المهارتان يُمثلان تحويل أي موقف من حالة الفوضى والصراع والعناد إلى لحظة تعليم وتعلم.

أ. عبدالله الهذلول: تظل الحكمة والصبر هما محك التعامل في مثل هذه المواضيع الحساسة والمفصلية في عمر الطفل.


د. حنان فاروق: كثير من الآباء والأمهات لا يستعدون نفسياً وذهنياً قبل الإنجاب، وأحيانًا قد ينقصهم هم أنفسهم الكثير من الصفات التي تؤهلهم لتكوين أسرة ناجحة وتنشئة أطفال أسوياء.






• • • • •


الكثير من الآباء والأمهات يعانون عناد الطفل؛ فتقول له والدته أمرًا، وتطلب منه أن يفعل شيئًا فيرفض.. تحاول وتحاول، ولكنه يتشبث برأيه مميتًا كل المحاولات! تحتار الأم وتلجأ للأب لعله يحاول إقناع الطفل ويترك عناده المستمر، ولكن الطفل يُصر على مواقفه متجاهلاً إزاء كل نداءات الأهل له!


(موقع الألوكة) طرح القضية على طاولة النقاش والحوار ليستلهم الحل لمشكلة العناد عند الأطفال، الأسباب والعلاج واستراتيجات التعامل مع الطفل.. فإلى آراء المُختصين:

ابتداء مع د. حنان فاروق المستشارة النفسية والطبيبة فتبدأ حديثها (للألوكة) بقولها: "يقولون إذا عُرف السبب بطَل العجب.. وللعناد أسباب.. أولها –ربما- تأثر الطفل بمن حوله من أفراد الأسرة والمجتمع.. فالطفل العنيد إن هو إلا صورة -في كثير من الأحيان- لأحد الأبوين أو كليهما معاً.. وفي أحيان أخرى ينمو العناد في شخصية الطفل كردّ فعل دفاعي للعقاب القاسي غير المتناسب مع حجم الخطأ خاصة البدني منه.. أو للترفيه الزائد الذي يغض الطرف عن أي خطأ للطفل، فإذا جئت -كولي أمر- تقوّمُه فجأة دون سابق إنذار حدثت المشكلة وأتى رد الفعل العنادي فوق المتوقع.. لكن علينا أن ننتبه أن الطفل عنيد بطبيعته، لكن الذي نناقشه هو درجة العناد وليس العناد نفسه.. وكما نرى.. فالعناد يحتاج إلى وسطية في التربية واتباع للمقولة المنسوبة إلى سيدنا علي بن أبى طالب: لاعبْه سبعاً وأدبْه سبعاً وصاحبْه سبعاً ثم اترك له الحبل على غاربه".

أما عن سبب العناد فتؤكد أن سوء التربية له أثر فتقول: "بالتأكيد يدخل سوء التربية في تفاقم العناد.. فلدينا مشكلة أساسية تحدث لكثير من الآباء والأمهات، وهي أنهم لا يستعدون نفسياً وذهنياً قبل الإنجاب.. وأحيانًا قد ينقصهم هم أنفسهم الكثير من الصفات التي تؤهلهم لتكوين أسرة ناجحة وتنشئة أطفال أسوياء.. لهذا قد ننصح بمحاولة القراءة في كتب التربية والالتحاق بدورات تربية الأبناء التي تفتح الكثير من الأبواب المغلقة أمام عيونهم ليستطيعوا التعامل مع أبنائهم كما ينبغي".


وتتحدث عن آلية التعامل مع الطفل العنيد بقولها: "الطفل العنيد يحتاج إلى كثير صبر وثبات في التعامل معه، مع عدم اللجوء إلى العقاب البدني القاسي أو النفسي المذل نهائياً.. ذلك أن هدف العملية التربوية هو التقويم وليس محو الشخصية.. لهذا فأهم آلية للتعامل مع الطفل العنيد هي الوسطية.. وعدم الاستسلام لمطالبه كلها بالضغوط التي يمارسها على الأبوين والتي يعرف نتاجها مقدماً بخبرته في التعامل معهما.. كما يجب على الأبوين إذا اضطرا للعقاب ألا يُظهرا للطفل أن هذا العقاب من صنيعهما بل من صنيعه هو، ونتاج عمله هو، وعليهما أن يفهماه أنهما يحبانه في كل الأحوال، لكن يحبذان أن يتخلى عن عناده بغير سبب بالنقاش والإقناع وليس بالإجبار".


ثم تضيف د. حنان فاروق أبرز الاستراتيجيات ليُوطن الأبوان أنفسهما مع الطفل العنيد: "يحتاج الأبوان إلى تعاون تام لتقويم الطفل العنيد خاصة والتربية عامة.. ذلك أن الطفل أذكى مما نتخيل، وباستطاعته أن يستغل أي خلاف أو اختلاف لصالحه في الوقت الذي يريد.. لذا فعليهما أن يتفقا على طريقة واحدة وأسلوب واحد للتربية.. وأن يبعدا خلافاتهما الشخصية عن الطفل ولا يشعراه بها، كذلك عليهما ترك التمييز بين الطفل وبين إخوانه وأخواته بالسلب أو الإيجاب.. فبالعدل يشعر الطفل أنه جزء في منظومة لا منفصل عنها.. ولا ننسى أن هناك أثرًا كبيرًا للمدرسة وتواصلها الصحيح المتكامل مع الأسرة.. فالطفل الآن لا يربيه البيت فقط، بل البيت والمدرسة والمجتمع ككل، والمدرسة هي الصورة المصغرة للمجتمع الكبير، لهذا يجب أن يكون هناك توازن ملموس في تربية الطفل والتعامل معه على أسس تربوية مدروسة.. ولا ننسى أن التنشئة الدينية السليمة تخلص الطفل من العناد على أسس من القرآن والسنة النبوية الشريفة وهدي الصحابة الكرام والتابعين.. فهي الطريقة المثلى للتربية والتنشئة السوية".


ومن جهة أخرى يؤكد الأستاذ عبدالله الهذلول -المستشار الأسري والمهتم بالتفكير الاستراتيجي- أن العناد صفة لكثير من الأطفال بقوله: "العناد صفة قد يتميز بها بعض الأطفال، ويعول المربون على ما نسبته 20% منهم لكون التجارب أثبتت أنهم قد يميلون عند بلوغ 15 سنة إلى النبوغ الفذ وغير المألوف، وهو ما يسمى بالموهبة المتأخرة نسبيا. أما الصنف الآخر، فعندي تجربتان لأسرة وهما طفلان لأم بنت عشرين ربيعًا ولأب ابن 75 ربيعًا، هل لاحظتِ الفرق بين العمرين؟ ومما لا شك فيه أن لهذا الفارق الكبير أثرًا في العناد، والعناد يشترك فيه عدد من الأطراف؛ منها السلوك من الأبوين مع الطفل في بعض المراحل العمرية الحاسمة، أو موازنته بمن هم دونه في تصوره، من تجاربي التي أكملت 15 سنة في التربية البيتية أو العملية: تظل الحكمة والصبر هما محك التعامل في مثل هذه المواضيع الحساسة والمفصلية في عمر الطفل".


ويضيف أ. الهذلول آلية التعامل مع الطفل العنيد بقوله: "أقترح وضع الحوافز المثيرة وغير المألوفة في مجتمعنا؛ لأن الطفل سريع الملل ثاقب الذاكرة لا ينسى، متزايد المطالب، كذلك مواجهته بعناد العناد؛ أي توفير ما يرغبه قبل أن تحدثه نفسُه به، وهذا يوفر جوًّا من الملل غير المقصود عند نفسيته، ومن أهم آلياته في نظري البرنامج الغذائي الروتيني لنا في السعودية، فهو المحك والمحرك لكل السلوكيات غير المرغوبة نسبيًّا، ولا ننسى أثر الأكلات السريعة -وأقصد الفيشارات والحلوى والشيكولاتات- فهي محفزة لعصارات وإفرازات سلبية في الدماغ، ولها تأثير سيء وخطر".


ومن ناحية أخرى توضح المهندسة غانية شوكت داغستاني المُدربة المعتمدة من الأكاديمية البريطانية العناد عن الأطفال بقولها: "وصلتني أسئلة متعددة من آباء وأمهات وحالات عدة يصفون بها تصرف أبنائهم، سأعرض بعض الحالات التي وصلتني ونناقش من خلالها موضوعنا اليوم عن العناد عند الأطفال.


الحالة (1-1):

لدي طفلة بعمر ثلاث سنوات، وعندما نكون معًا في السوق مثلا تتشبث بلعبة تريد شراءها، وعندما أرفض ذلك تبكي وتصرخ حتى أذعن وأشتريها لها.. وعندما لا أذعن لها تعاند في الخروج من المحل وأبدأ أجرها أو أحملها وهي مستمرة في الصراخ، وأحيانًا كثيرة من جراء ذلك أفقد أعصابي فأضربها.

الحالة (1-2):

(سامي) ولدي الوحيد الذي رزقني به الله تعالى بعد ثلاث سنوات من الزواج، يبلغ من العمر خمس سنوات، مشكلتي معه تظهر عندما يزورنا ضيوف ومعهم أولادهم. فيبدأ سامي في التشبث بألعابه، محاولا منع الأطفال الآخرين من اللعب بها، صارخاً بأنها ألعابي أنا، حتى أضطر أن أنزعها منه بقوة لأعطيها لهم، فيبدأ بالبكاء.

هاتان الحالتان:

هما بعض الحالات الكثيرة التي نسمع بها أو نشاهدها في أسر مجتمعنا، والأسئلة المطروحة:
- ما تعريف العناد؟
- لماذا يقوم الأطفال بمعارضتنا أحياناً؟
- وما الحلول؟
تعريف العناد: هو أن يعارض الأطفال ويعلنوا الرفض.

لماذا يعاند الطفل أحياناً؟

إن النمو المستمر يتطلب أن يكونوا سلبيين في أوقات معينة، فيحتاج الأطفال إلى إعلان الرفض أحياناً لكي يختبروا حدودهم والقواعد الاجتماعية السائدة في كل مرحلة من مراحل الحياة، وحتى الوصول إلى مرحلة النضج، لذلك فهذا مهم إلى حد كبير في تطوير شخصيتهم واكتشاف حدودهم واختبار القواعد والقوانين".

ثم تضيف م.داغستاني وتسترسل في شرح كل مرحلة عمرية وسبب العناد فيها بقولها: "سنشرح الآن المراحل العمرية للأطفال وبيان أسباب العناد؛ سنتناول الأطفال من عمر سنة لعمر ثماني سنوات.

ملاحظة: (ليس من الضروري أن يمر كل الأطفال بهذه المراحل)

الأطفال من السنة الأولى وحتى السنة الثانية من العمر:

يبدأ الطفل في الثانية من عمره بتعريف نفسه كفرد متميز منفصل عن والده "تكوين الشخصية"، ويقوم بذلك عن طريق التمييز وعن طريق إعلان الرفض أحياناً، فالأطفال في الثانية من العمر يمكنهم أن يرفضوا الأشياء التي يحبونها حباً شديداً، وهدفهم في هذه المرحلة أن يعلنوا أن كل الأشياء تخصهم لكي يتعلموا الأشياء التي تخصهم والتي لا تخصهم.

الأطفال من سن الثالثة وحتى سن الخامسة:

يتعلمون كيفية التأثير في سلوك الآخرين فيجربون كل الحيل الممكنة ليقنعوا الآخرين لكي نفذوا لهم طلبهم.

الأطفال من سن السادسة وحتى سن الثامنة:

يتعلمون كيف يقومون بالتصنيف، وهذا يدفعهم إلى موازنة أنفسهم بالآخرين، فهنا الطفل يظهر عناده بشكل مماطلة، تكاسل، مضيعة وقت، بكاء، يقول: هذا ليس عدلاً، دوماً يشكون الظلم في أرجاء المنزل، لا ينفذ الأوامر، والعناد ليس سمة الأطفال فحسب، إنما حتى الكبار أحيانا يعاندون".
إضاءة:
العناد مهم للتعلم ونمو الشخصية وتعلم الطفل.






وفي سؤال عن: كيف نحول المقاومة والرفض (العناد عند الأطفال) إلى تعاون معنا ومع الآخرين؟ وضحت المهندسة غانية ذلك بقولها: "لنتذكر أن مقاومة ورفض أمنيات الأشخاص البالغين يُمكّن الأطفال من معرفة الحدود واختبار القواعد والقوانين، وهنا يجب أن نجد المقصد الإيجابي من وراء سلوك الطفل.


مثـال:

إذا افترضتِ أن دوافع طفلك سلبية مثل أن تقولي له: (أنت تحب نفسك، أنت سيء، أنت أحمق، أنت غبي، لا تريد لمن حولك أن يسعد) فإنكِ -بغير شعور- تزيدين من سوء الموقف، ويتسبب ذلك -في نفسية الطفل- بما يلي:
1- الطفل يشعر بالسوء حيال أفعاله.
2- يقوم بتركيز انتباهه على الأشياء الخاطئة التي فعلها، وسوف تحصلين على المزيد من السلوكيات الخاطئة.
3- يشعر الطفل أنه يتعمد أن يجعل حياتك أكثر صعوبة.
4- يشعر الطفل أن عيوبه الشخصية أصبحت بارزة فيدرجها في رؤيته لذاته.
والسلبية من الأهل قد لا تكون كلمات، بل قد تكون أيضًا بالإشارة.

من الحلول العملية لمعالجة مشكلة العناد:

1- لا تلوميه (لأن اللوم يزيد الموقف سوءًا).
2- أعلني عن المقصد الإيجابي لطفلك (فنحن ننقل مقاصدنا إلى بعضنا، وهو عامل اتصال قوي)
فيجب أن تتعلم -أخي القارئ وأختي القارئة للموضوع- أن تصبح على دراية ووعي بمقصدك حينما تخاطب أطفالك.

مثال لقوة النية والمقصد الإيجابي:

مشهد:
طفل يزوره أطفال آخرون في منزله، فيجمع ألعابه في كيس، ويتمسك به ويمنع الآخرين من مشاركته اللعب في ألعابه!
هنا تأتي الأم فتطلب منه أن يجعل الأطفال الآخرين يلعبون معه، فتقول مثلا: "لا تكن محبا لنفسك فقط، هم أتوا ليلعبوا معك".

فهذه كلها إشارات سلبية، فلا بد هنا أن تُعلن الأم عن نية الطفل الإيجابية فمثلاً تقول له: "إنك تريد أن تتيقن أنك حصلت على كل ألعابك، وأن تحافظ عليها، وأنا أريدك أن تحافظ عليها أيضاً، إنما أرغب وأنت ترغب بأن يُشاركك الأطفال الآخرون اللعب".


فلابد أن نعلن عن المقصد الإيجابي والسلوك الإيجابي الذي نريده، فنحول المقاومة والرفض إلى تعاون".


ثم تضيف المهندسة داغستاني وتقول: "وللمقصد الإيجابي عدة آثار تظهر على الطفل منها:

- تقوية روح التعاون.
- إشعار الطفل بالأمان.
- تقوية الإحساس بالمسئولية، كقولنا: "أنت قادر على التحمل.. أنت قادر أن تسعدهم..".

3- تدريب الطفل من خلال لحظات تعليمية بينك وبينه على "مهارة الإحساس بالغير"، فتُمثل وتفرض أن هناك طفلا معكم وأنه رفض أن يشاركه لعبه، فكيف سيكون شعورك عندئذ؟

4- أن نكون مُنصتين جيدين للطفل.
5- التشجيع عند ظهور السلوك الإيجابي، فعند أي تصرف أو ظهور إيجابي للطفل وتخليه عن موقف العناد أكافئ الطفل بذلك، وأخبره: لقد نجحت أن يُشاركك الآخرون في لعبك، أو الهدية التي يُحبها، أو تأخذه للمطعم الذي يحبه".

وبختام حديث المهندسة غانية مع (الألوكة) تُلخص معالجة العناد عند الأطفال بقولها: "إذا رفض الطفل التعاون فكيف تتعاملين معه؟!؟


عندما يشعر الطفل بالغضب الشديد للدرجة التي يفقد فيها السيطرة على نفسه ينبغي استخدام مهارة الإحساس بالغير ما شعورهم الآن؟ وما شعور الأطفال الآخرين؟


فالطريقة تتلخص في نقطتين:

1- النية الإيجابية (المقصد الإيجابي) أمام الآخرين هذه ألعابك وأنت معك الحق أن تقرر لعب الآخرين أو لا.
2- بعد ذلك انفرد بالطفل وحده واستخدم معه "مهارة الإحساس بالغير"، وما شعور الأطفال الآخرين الآن؟ لو كنت أنت مكانهم كيف كنت ستشعر؟ كيف كنت ستتصرف لو كنت مكانهم؟

إن المقصد الإيجابي والإحساس بالغير، هاتين المهارتين يُمثلان تحويل أي موقف من حالة الفوضى والصراع والعناد إلى لحظة تعليم وتعلم".




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.59 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]