عرض مشاركة واحدة
  #93  
قديم 27-07-2020, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


(3) الحنابلة قالوا: ما يوجب الفدية ينقسم إلى قسمين:
الأول، ما يوجبها، على التخيير،
والثاني: ما يوجبها على الترتيب، فالذي يوجبها على التخيير فهو أمور:
-1 - لبس المخيط، أو المحيط
2 - استعمال الطيب
3 - تغطية الرجل رأسه، أو الأنثى وجهها
4 - إزالة أكثر من شعرتين من الجسد، أو أكثر من ظفرين، فكل واحد من هذه فيه فدية على التخيير بين ثلاثة أشياء: فإما أن يذبح شاة سنها ستة أشهر على الأقل، إن كانت من الضأن، وسنة إن كانت من المعز، وإما أن يصوم ثلاثة أيام، وإما أن يطعم ستة مساكين لكل واحد منهم مدّ من برّ أو نسف صاع - مدّان - من تمر، أو زبيب أو شعير، أو أقطن ومما يوجب الفدية على التخيير جزاء الصيد. والصيد إما أن يكون له مثل من النعم أو لا يكون، فإن كان له مثل، فيخير في فديته بين ثلاثة أشياء:
ذبح المثل، وإعطاء لحمه لفقراء الحرم في أي وقت شاء، وتقويم مثله في المحل الذي تلف فيه الصيد، ويكون التقويم بدراهم، ثم يشتري بها طعاماً من الأصناف السابقة، ويعطي كل مسكين مدّاً من برّ، ومدّين من غيره، كما تقدم، وصيام أيام بعدد الأمداد بحيث يكون كل يوم بدل ما يعطي من الطعام لكل مسكين: فإن بقي أقل من إطعام مسكين صام عنه يوماً كاملاً، وإن لم يكن له مثل فيخير في فديته بين الأمرين الأخيرين، إطعام القيمة، والصيام.
وأما ما يوجب الفدية على الترتيب، فهو الوطء قبل التحلل الأول من الحج، والتحلل الأول يحصل باثنين من ثلاثة، وهي:
رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الزيارة، ومثل الوطء الإنزال بتكرار النظر، أو بالمباشرة لغير الفرج، أو بالتقبيل، أو باللمس بشهوة قبل التحلل الأول، فإذا حصل الوطء أو الإنزال بواحد مما ذكر وجب عليه ذبح بدنة من الإبل سنها خمس سنين، فإن لم يجد بدنة صام عشرة أيام:
ثلاثة قبل الفراغ من أعمال الحج وسبعة بعد الفراغ منها، والمرأة كالرجل فيما يترتب على الوطء والإنزال إن كانت طائعة، وأما المباشرة بدون إنزال فتوجب الفدية على التخيير بين الأنواع الثلاثة المتقدمة؛ وهي:
ذبح الشاة؛ أو إطعام ستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام؛ وكذا الإمناء بنظره بدون تكرار، وكذا إذا حصل الوطء بعد التحلل الأول، وقد تقدم بيانه، وإذا جاوز الشخص ميقاته بلا إحرام، أو ترك شيئاً من واجبات الحج: كرمي الجمار فعليه الفدية على الترتيب: بأن يذبح شاة، فإن لم يجدها صام عشرة أيام ثلاثة في الحج، وسبعة بعده، كما تقدم، وأما ما يوجب الإطعام فهو قص ظفرين، أو أقل: وإزالة شعرتين، أو أقل، فيجب في الظفر الواحد أو بعضه، وفي إزالة الشعرة الواحدة أو بعضها إطعام مسكين واحد مدّاً من برّ، أو نصف صاع من غيره، كما تقدم، وفي الظفرين أو الشعرتين إطعام مسكينين. وأما ما يوجب القيمة فهو كسر بيض الصيد، وقتل الجراد، فإذا كسر بيضاً، أو قتل جراداً فعليه قيمة كل منهما يتصدق بها في محل الإتلاق، وأما ما لا يوجب شيئاً فهو قتل القمل، وعقد النكاح.
وقد سبق أنه يحرم على المحرم قطع شجر الحرم، وحشيشه إلا ما استثنى، فإن فعل شيئاً من ذلك فعليه في قطع الشجرة الصغيرة عرفاً ذبح شاة، وفي قطع الشجرة الكبيرة أو المتوسطة ذبح بقرة، وفي الحشيش والورق إخراج القيمة.
المالكية قالوا: يوجب الفدية كل فعل محرم يحصل به ترفه وتنعم للمحرم، أو إزالة الشعث عنه:
كالاغتسال في الحمام، فمتى جلس في الجمام حتى عرق ثم صب الماء الحار على جسده، ولو لم يتدلك، فإنه يجب عليه الفدية، لأن ذلك مظنة زوال الوسخ عن الجسد، ومثل ذلك مس شيء مما يتطيب به، وقص الشارب: ولبس الثياب، وتغطية الرأس، أو تغطية المرأة وجهها ويديها بقفاز لا بقصد التستر كما تقدم، وقص أظفاره، ونتف إبطه، وغير ذلك: كالاختضاب بالحناء، وإنما تجب الفدية في لبس الثياب ونحوها إذا حصل به انتفاع من حر أو برد، أما لو لبس الثوب ونزعه فوراً قبل الانتفاع به، فلا تجب فيه الفدية، وأما الطيب ونحوه مما ينتفع به بمجرد مزاولته، فإن الفدية تجب فيه، ولو أزاله فوراً، والفدية ثلاثة أنواع على التخيير:
الأول: إطعام ستة مساكين لكل منهم مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم من غالب قوت البلد؛ ويجزئ بدل المدَّين الغداء والعشاء إذا بلغ مقدارهما المدين، لكن تمليك المدين أفضل،
الثاني: صيام ثلاثة أيام،
الثالث: نسك - ذبيحة - شاة فأعلى: كبقرة وبدنة، ويعتبر في سنها ما ذكر في الهدي، ولا يختص ذبح هذا النسك بزمان أن مكان، فله أن يذبحه بأي زمان ومكان شاء، إلا إذا نوى به الهدي فإنه يذبح بمنى أو مكة على ما ذكر في تفصيل الهدي، وأما ما يوجب الحفنة من الطعام فأمور:
-1 - قلم الظفر الواحد بدون قصد إزالة الأذى - الوسخ - كأن يقلمه لمداواة قرحة تحته، أو لاستقباح طوله، أو يقلمه عبثاً، أما إذا قلمه بقصد إزالة الأذى ففيه فدية،
2 - إزالة شعرة أو أكثر إلى اثنتي عشرة أيضاً،
3 - إزالة القراد عن بعيره أو قتله، ففي كل منهما حفنة من طعام ولو كثر القراد: وإذا تعدد موجب الفدية أو الحفنة فإنهما يتعددان، مثلاً إذا لبس الثياب وتطيب فعليه فديتان فدية للبس، وفدية لاستعمال الطيب، وإذا قلم ظفراً واحداً، وأزال شعره فعليه حفنتان، ويستثنى مما ذكر مسائلي لا تتعدد فيها الفدية ولا الحفنة بتعدد الموجب:
1 - أن يظن إباحة ما فعله لفساد الحج؛ أو لأنه رفضه؛ أو حفنة. ثم ظهر له فساد الطواف، فلا تتعدد الكفارة - الفدية أو الحفنة
3 - أن ينوي عند فعل الأول منها التكرار والتعدد، كأن يلبس الثوب ونوى عنده أن يتطبب أيضاً، فإذا لبس وتطيب فعليه فدية واحدة، بشرط، أن لا يفدي للأول قبل فعل الثاني وإلا فعليه فديتان
4 - أن يقدم ما نفعه أعم، كأن يلبس الثوب
أولاً، ثم السراويل بعد فعليه فدية واحدة.
الحنفية قالوا: الفدية هي ذبح شاة ونحوها، وتجب بأمور؛ أولاً: دواعي الجماع: كالمعانقة، والمباشرة والقبلة واللمس بشهوة، سواء أنزل أو لم ينزل، ومثل ذلك ما لو نظر إلى فرج امرأة، أو تفكر فأنزل، وكذا إذا أولج في فرج بهيمة فأنزل، أما إذا أولج في البهيمة بدون إنزال فلا شيء عليه، ويلزمه دم بالتبطين والتفخيذ، أنزل أو لم ينزل،
ثانياً: إزالة شعر كل رأسه أو لحيته، أو إزالة ربعهما، وليس في أقل من الربع دم؛ وكذا إزالة شعر رقبته، أو إبطيه، أو أحدهما، أو إزالة شعر عانته، وإنما يجب الدم بإزالة الشعر إذا كان لغير عذر؛ كأن علقت به الهوام وآذته، فهو مخير بين أمور ثلاثة: ذبح شاة، صام ثلاثة أيام، إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع قال تعالى: {فمن كان منكم مريضاً، أو ب الله أذى من رأسه، ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}
ثالثاً: أن يلبس الرجل المحيط، أما المرأة فإنها تلبس ما شاءت إلا أنها لا تستر وجهها بساتر ملاصق، كما تقدم والذي يضر هو اللبس المعتاد، فلو التحف بالمخيط؛ أو وضعه على بدنه بوضع غير معتاد فلا شيء عليه.
هذا إذا لبس لغير عذر، فإن كان لعذر ففيه التفصيل المتقدم فيما قبله،
رابعاً: أن يستر رأسه بساتر معتاد يوماً كاملاً، وقد تقدم تفصيل الكلام في الساتر المعتاد،
خامساً: أن يطيب عضواً كاملاً من الأعضاء الكبيرة: كالفخذ، والساق، والذراع، والوجه، والرأس، والرقبة بأي نوع من أنواع الطيب المتقدم ذكرها، أما إذا طيب ثوبه فإنه لا يلزمه الدم، إلا إذا لبس الثوب يوماً كاملاً، وكان الطيب كثيراً في ذاته، أو كان قليلاً واستغرق من الثوب ما تبلغ مساحته شبراً في شبر؛ والحناء من الطيب، فلو وضعها على رأسه وكانت رقيقة لا تستر ما تحتها فعليه دم، وإلا فعليه دمان، لأنه يكون في هذه الحالة قد تطيب وستر رأسه، ومنه العصفر والزعفران كما تقدم، فإن تطيب لعذر ففيه التفصيل المتقدم، ومثل الطيب دهان عضو كامل بزيت الزيتون؛ أو السمسم لغير عذر، فإن فعل لعذر: كالتداوي، فلا شيء عليه،
سادساً: قص أظافر يد واحدة أو رجل واحدة؛ وكذا لو قص أظفار يديه ورجليه جميعها في مجلس واحد، أما إذا قصها في مجالس متعددة لزمه أربعة دماء لكل أظافر عضو دم،
سابعاً: أن يترك طواف القدوم أو طواف الصدر، أو يترك شوطاً من أشواط العمرة، أو واجباً من الواجبات المتقدمة.
الشافعية قالوا: الفديةة هي دم شاة توفرت فيها شروط الأضحية الآتي بيانها في مبحث "الأضحية" أو إطعام ستة مساكين، أو صوم ثلاثة أيام، وتجب بأمور.
أحدها: التطيب، فمن تطيب في الحج برائحة عطرية، فعليه أن يذبح شاة يتصدق بها،
ثانيها: أن يلبس قميصاً أو سراويل، أو خفاً، أو عمامة، أو نحو ذلك من الأشياء المخيطة أو المحيطة ببده، فمن لبس شيئاً من ذلك فعليه فدية، وإنما تجب الفدية بلبس المخيطة والمجيطة ببدنه بشروط
أحدها: أن يكون عالماً بالتحريم فلو فعله جهلاً فلا فدية عليه،
ثانيها: أن يفعل ذلك قبل التحلل الأول المتقدم بيانه؛
ثالثها: أن يكون مميزاً مختاراً،
رابعها: أن يكون ذكراً، أما المرأة فلا تتجرد من ثيابها، ولا يجب عليها إلا كشف وجهها؛ فإو وضعت عليه ساتراً ملتصقاً به فإن الفدية تجب عليها، نعم لها أن تستر وجهها بشيء غير ملاصق له، كما إذا وضعت فوق رأسها مشطاً كبيراً بارزاً وألصقت به برقعاً وسترت به وجهها من غير أن يمسه، فإنه يصح، ولا يضر تغطية الجزء الذي تضطر لتغطيته تبعاً للرأس.
هذا. وإذا ستر المرأة يدها بقفاز ونحوه، فإن الفدية تجب عليها، ثالثها: أن يحلق شعره، أو يقلم أظافره؛ ومن يفعل ذلك فإن عليه فدية، ولا فرق في إزالة الشعر بين حلقه، أو تقصيره بالمقص، أو الموسى، أو نتفه أو حرقه، وسواء أزالة بفعله أو بفعل غيره، بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون باختياره، أما لو أزيل شعره وهو نائم بدون اختياره، أو احتك بشيء وهو غافل فأزال بعض شعره فإنه لا شيء عليه.
الشرط الثاني: أن يزيل شعره لغير ضرورة. أما لو أزاله لضرورة كأن طال شعر جفنه فآذاه. فأزال ما يؤذيه. فإنه لا فدية عليه، ولا يشترط أن يكون شعر الرأس، بل لو أزال ثلاث شعرات من أي جزء من بدنه بدون ضرورة، وباختياره، فإن الفدية تلزمه؛
الشروط الثالث:
أن تكون إزالة الشعر مقصودة، فإذا كشط جلده النابت عليه الشعر فإنه لا فدية عليه، مثلاً إذا كان بجزء من أجزاء بدنه قرحة عليها شعر وأزالها، فإنه لا فدية عليه، وقد عرفت مما تقدم أنه لا بأس بالكحل، ودخول الحمام، والفصد، والحجامة، وترجيل الشعر - تسريحه -؛
رابعها: مقدمات الجماع: كالقبلة، والملامسة التي تنقض الطهر مع النساء، ومن فعل ذلك قبل التحلل التام المتقدم بيانه فإنه يحرم عليه، وعليه فدية. أما النظر بشهوة، والقبلة بحائل، فلا فدية فيهما، خامسها: الاستمناء باليد. فإنه يحرم وفيه الفدية المذكورة، سادسها: أن يدهن شيئاً من شعر رأسه ولحيته وباقي شعر الوجه بأي دهن. سواء كان زيتاً أو دهن حيوان أو غيرهما، وسواء كان مخلوطاً بذي رائحة عطرية أو لا. وإنما تجب الفدية في ذلك بأربعة شروط:
الأول: أن يكون العضو المدهون مما ينبت به الشعر. فلا فدية على الأقرع الذي لا ينبت برأسه شعر. ومثله الأصلع الذي سقط شعره. ولم يبق له أثر. فيجوز له دهن محل الصلع. مثله الأمرد الذي لم ينبت شعر لحيته.
فإنه يجوز له دهن لحيته ووجهه. ومن كان برأسه جرح فإنه يجوز دهنه من الداخل.
الشرط الثاني: أن يفعل ذلك عمداً. فلا فدية على من دهن وهو ساه.
الشرط الثالث: أن يكون عالماً بالتحريم. فلا فدية على الجاهل،
الشرط الرابع: أن يكون مختاراً. فلا فدية على من فعل معه رغم إرادته

(4) الشافعية قالوا: من اصطاد حيواناً برياً وحشياً: كظبي، أو بقر وحش أو نحوهما. أو دل صائداً عليه. أو كان تحت يده حيوان من هذا النوع. فأتلفه. أو أمرضه. فإنه يلزمه الجزاء الآتي بيانه بشرطين:
أحدهما: أن لا يؤذيه ذلك الحيوان في ماله أو نفسه كالضبع مثلاً.
ثانيهما: أن لا يوصل إليه ضرراً كأن ينجس متاعه، أو يأكل طعامه، أو يمنعه من سلوك الطريق:
كالجراد الكثير المنتشر، فإذا قتله، فلا فدية فيه، ولا ضمان؛ أما ذلك الجزاء فهو إن كان الصيدله مثلاً من النعم: كالحمام، واليمام والقمري، ففي الواحدة شاة من ضأن أو معز، وفي النعامة ذكراً أو أنثى بدنة، أي بعير، وفي البقرة الوحشية أو الحمار الوحشي بقرة أهلية، وفي الظبي تيس، وفي الظبية عنز، وفي الغزال معز صغير، وفي الأرنب عناق، وهي أنثى المعز إذا قويت، ولم تبلغ سنة. وفي كل من اليربوع والوبر معز أنثى بلغت أربعة أشهر. وفي الضبع كبش، وفي الثعلب شاة.
هذا كله فيما ورد في حكمه نقل صحيح عن الشارع، وإلا حكم عدلان خبيران بمثله في الشبة والصورة تقريباً، ولا بد من مراعاة المماثلة في الصفات، فيلزم في الكبير كبير، وفي الصغير صغير، وفي الصحيح صحيح، وفي المعيب معيب إن اتحد جنس العيب:
كالعور فيهما؛ أما إن اختلف العيب فلا يكفي؛ وهكذا:
كالسمن والهزال. والحبل. لكن لا تذبح الحامل؛ بل تقوم؛ ويتصدق بقيمتها طعاماً، أو يوم عن كل مد يوماً. فإن لم يرد فيه نقل ولا حكم بمثله عدلان. وجبت قيمته بحكم عدلين. والفدية الواجبة هي أحد أمور ثلاثة:
إما أن يذبح مثل الصيد من النعم ويتصدق به على فقراء الحرم؛ وإما أن يشتري بقيمته طعاماً كالطعام الذي يجزئ في صدقة الفطر. ويتصدق به عليهم؛ وإما أن يصوم يوماً عن كل مد من الطعام. وهذا في المثلي، أما غير المثلي: كالجراد. وبقية الطيور ما عدا الحمام ونحوه. فهو مخير بين أمرين؛ إما أن يخرج بقدر قيمة الصيد طعاماً ويتصدق به على من ذكر، وإما أن يصوم يوماً عن كل مد من الطعام. ولا فرق في ذلك بين صيد الحل والحرم متى كان المتعرض محرماً، وأما إن كان حلالاً فإن الحكم يختص بصيد الحرم، وإنما يجب ما ذكر في الصيد إذا كان المتعرض مميزاً، ولو كان ناسياً أو جاهلاً أو مخطئاً أو مكرهاً. ومن المحظور غير المفسد التعرض لحشيش الحرم وأشجاره على التفصيل المتقدم فإن قطع شجرة كبيرة لزمه بقرة. وإن قطع صغيرة لزمه شاة؛ أما الصغيرة جداً ففيها القيمة. وهو مخير بين ذبح ما ذكر والتصدق بلحمه. وبين شراء طعام بقيمتها والتصدق به. أو يصوم لكل مد يوماً. أما الحشيش ففيه القيمة إن لم ينبت بدله فإن نبت بدله فلا ضمان ولا فدية.
هذا. ويجب ذبح شاة مجزئة في الأضحية حال القدرة. ثم صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رَجع لأهله إن عجز عن الذبح على كل من ترك شيئاً مما يأتي:
1 - على المتمتع وسيأتي بيانه لأنه ترك تقديم الحج على العمرة.
2 - على القارن وسيأتي بيانه. لأنه ترك الإفراد بالحج.
3 - على من ترك رمي ثلاث حصيات، فأكثر من حصى الجمارَ.
4 - على من ترك المبيت بمنى ليالي التشريق لغير عذر.
5 - على من ترك المبيت بمزدلفة لغير عذر.
6 - على من ترك الإحرام من الميقات لغير عذر.
7 - على من ترك طواف الوداع لغير عذر.
8 - على من ترك الفعل الذي نذره في الحج؛ كالمشي، أو الركوب، أو الحلق، أو الإفراد.
9 - على من فاته الوقوف بعرفة من غير حصر بأن يطلع فجر يوم النحر قبل حضوره في جزء من أرضها، ويجب له الدم على المحرم بالحج أو القارن، ويجب على من فاته الوقوف أن يتحلل بعمرة بأن يأتي بالأعمال الباقية من أعمال الحج غير الوقوف، ويسقط عنه المبيت بمزدلفة ومنى ورمي الجمار. يطوف ويسعى إن لم يكن سعى، ويحلق بنية التحلل، ويجب عليه القضاء فوراً من قابل، ولو فاته لعذر ولو كان الحج نفلاً، سواء كان مستطيعاً أو لا، ولا يصح ذبحه في سنة الفوات، فالذبح يكون في القضاء، أما المحصر فسيأتي حكمه.
الحنفية قالوا: من اصطاد حيواناً برياً فإنه يجب عليه قيمته بالقيود المتقدمة في صيد الحرم، ومثله من قطع حشيش الحرم السابق أيضاً، فإذا اصطاد المحرم ما لا يجوز له اصطياده قوم عليه ما صاده في مكانه أو في مكان قريب منه بمعرفة عدلين، فإن بلغت قيمته ثمن هدي خير بين أمور ثلاثة:
أحدها: أن يشتري بهذه القيمة هدياً يذبحه في الحرم،
ثانيها: أن يشتري به طعاماً يتصدق به على الفقراء في أي مكان لكل واحد نصف صاع،
ثالثها: أن يصوم بدل كل نصف صاع يوماً، ولا يلزم في هذا الصوم التتابع، وإن لم تبلغ قيمته ثمن هدي خير بين الأمرين الأخيرين فقط، وهما: الطعام: والصيام، ولا فرق في هذا الباببين العمد والخطأ، ولا يلزمه أن يأتي بمثل ما صاد، بل تكفي قيمته وأما العمد والمثلية الواردان في الآية الكريمة، فإن العمد ذكر فيها لأنه الغالب، والمثلية المراد بها أن يكون مثلاً في المعنى، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم، ومن قتله منكم متعمداً، فجزاء مثل ما قتل من النعم، يحكم به ذوا عدل منكم} الآية.
هذا إذا كان الصيد غير مملوك لأحد: فإن كان مملوكاً للغير فعليه مثلان: أحدهما: الجزاء المتقدم، والثاني: لمالكه، والصيد في الحرم مطلقاً، ولو كان الصائد غير محرم، وإن صاد وذبحه لا يؤكل، ويكون كالميتة: بل يقدم أكل الميتة على هذا الصيد عند الاضطرار، وإذا أتلف عضواً أو نتف ريشاً أو نحو ذلك يلزم بالفرق، ولا شيء في قتل الهوام:
كقرد، وسلحفاة، وزنبور، وفراش، وذباب، ونمل، وقنفذ، وكذلك الحية، والعقرب، والفأرة، والغراب، والكلب العقور. وإذا قطع حشيش الحرم لزمته قيمة ما قطع منه، كما تقدم.
هذا. وقال الحنفية؛ تجب صدقة قدرها نصف صاع من بر أو قيمته لأمور: أن يطيب أقل من يوم كامل، أو ثوباً مطيباً أقل من يوم، أو يستر رأسه كذلك أو يحلق أقل من ربع الرأس أو اللحية، أو يحلق ساقه أو عضده، أو يقص ظفر أو ظفرين، أن يطوف طواف القدوم، أو الصدر محدثاً حدثاً أصغر، أن يترك شوطاً أو أقل من أشواط طواف الصدر؛ أن يحلق رأس غيره، سواء كان غيره محرماً أو لا، وأما ما يوجب صدقة أقل من نصف صاع فهو أن يقتل جرادة، فالواحدة من ذلك يتصدق لها بما شاء، والإثنتان والثلاث يتصدق لها بكف من طعام، فإن زاد على ذلك فعليه نصف صاع.
المالكية قالوا: إذا اصطاد حيواناً في الحرم وجب عليه الجزاء الآتي بيانه. وكذا إذا تسبب في موته. كما إذا رآه الصيد ففزع منه فوقع فمات أو ركز رمحاً فعطب فيه الصيد فمات، وهذا هو المعتمد في المذهب؛ وبعضهم يقول:
لا يجب الجزاء في مثل ذلك، لأن الحاج لا يقصد صيده؛ وإذا دل محرم على الصيد فلا جزاء على الدال، ولا يجوز أكل صيد المحرم على كل حال فهو كالميتة. وبيضه مثل لحمه في ذلك، ويجب الجزاء في قتل الصيد المذكور، وتعريضه للتلف، كأن ينتف ريشه، ولم تتحقق سلامته، أو يجرحه كذلك، أو يطرده من الحرم فصاده صائد في الحل. أو هلك فيه قبل أن يعود للحرم، والجزاء الواجب في الصيد ثلاثة أنواع على التخيير:
-1 - مثل الصيد من النعم، أي ما يقاربه في الصورة والقدر، فإن لم يوجد له مقارب في الصورة كفى إخراج مقارب له في القدر، ولا يجزئ من النعم في الجزاء إلا ما يصحفي الضحية، وهو ما أو في سنة إن كان من الغنم، وثلاث سنين إن كان من البقر، وخمساً إن كان من الإبل، كما ذكر من الهدي.
2 - قيمته طعاماً، وتعتبر القيمة يوم تلفه، وبنفس المحل الذي حصل فيه التلف، فإن لم يكن له قيمة بمحل التلف اعتبرت قيمته بأقرب الأماكن إليه، وتعطي هذه القيمة لمساكين المحل الذي وجد فيه التلف، كل يأخذ مداً بمد النبي عليه الصلاة والسلام؛
3 - صيام أيام بعدد الأمداد التي يقوم بها الصيد من الطعام، ويصوم يوماً كاملاً عن بعض المد، لأن الصوم لا يتجزأ، ولا يكون الجزاء إلا بعد حكم عدلين فقيهين بأحكامه، لأن تقدير المثل أو القيمة يحتاج إلى ذلك، والصوم لا يكون إلا بعدد الأمداد، فلا بد من التقويم أيضاً حتى يصوم، ويستثنى من المثل حمام مكة والحرم ويمامهما، ففي ذلك شاة من الضأن أو المعز، ولا يحتاج إلى حكم، فإن عجز عن الشاة صام عشرة أيام، ثم إن جزاء كل حيوان بحسبة، فإذا أراد أن يخرج المثل فعليه في صيد النعامة مثلها، والمثل هنا معناه الناقة أو الجمل، لأنهما يقاربان النعامة في القدر والصورة في الجملة، وعليه في صيد الفيل بدنة ذات سنامين. وعليه في حمار الوحش وبقر الوحش بقرة، وعليه في الضبع والثعلب شاة. والجزاء المذكور يكون بحكم عدلين فقيهين بأحكام الصيد. فيحكمان بالمثل. أو القيمة أو صيام الأيام المذكورة.
وفي صيد الضب والأرنب واليربوع وجميع طير الحل والحرم سوى حمام الحرم ويمامه المذكورين القيمة حين الضب والأرنب واليربوع وجميع طير الحل والحرم سوى حمام الحرم ويمامه المذكورين القيمة حين إتلافه، أو صيام عشرة أيام، فهو مخير بين إخراج القيمة طعاماً، وبين الصيام على الوجه المتقدم.
الحنابلة قالوا: من أتلف صيداً في الحرم بفعله المباشر، أو كان سبباً في إتلافه، فلا يخلو إما أن يكون ذلك الصيد مملوكاً للغير أو لا، فإن كان مملوكاً فإنه يجب على الصائد أمران:
جزاء الصيد؛ ويفرق على مساكين الحرم، والضمان لمالكه بحيث يقوّم الصيد إن لم يكن له مثل، أو يشتري مثله ويعطي لمالكه، أما إذا لم يكن مملوكاً فعلى صائده الجزاء فقط، وينقسم الصيد إلى قسمين:
الأول: ما له مثل من النَّعم في الخلقة:
كالحمار الوحشي، وتيس الجبل ونحوهما، وحكم هذا ينقسم إلى قسمين أيضاً،
أحدهما: ما ورد عن الصحابة فيه نص،
ثانيهما: ما لم يرد؛ فالأول أشياء،
أحدها: النعامة، فإذا اصطاد نعامة في الحرم لزمه نحر بدنة - ناقة أو جمل - وبذلك حكم عمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم،
الثاني: حمار الوحش، وتيس الجبل، ويقال له: الوعل، فمن اصطاده لزمته بقرة يذبحها ويتصدق بها على مساكين الحرم،
الثالث: الضبع، وجزاء صيده ذبح كبش،
الرابع: الظبي - يعني الغزال - وجزاء صيده عنزة تذبح وتفرق على مساكين الحرم كذلك، أما صيد الثعلب فلا جزاء فيه،
الخامس: الضب، وجزاء صيده جدي بلغ من العمر ستة أشهر،
السادس: الأرنب فمن اصطاد أرنباً كان جزاؤه أن يذبح عناقاً؛ وهي أنثى المعز التي لها أقل من أربعة أشهر،
السابع: الوبر - بسكون الباء - وهو دابة سوداء دون القط، وجزاء صيده جدي له ستة أشهر؛
الثامن: الحمام فمن اصطاد حمامة أو ما كان على شاكلتها من كل طير يهدر ويشرب بوضع منقاره في الماء
فيكرع كما تكرع الشاة، ويقال لهذا الشرب - عبّ - فيشمل الدجاج والعصافير والقماري ونحوها، فجزاء من اصطاد شيئاً منها في الحرم شاة تذبح وتفرق على المساكين.
وهذا أحد الأمرين الذي ورد فيهما حكم عن الصحابة؛
ثانيهما: ما لم يرد فيه شيء، فمن اصطاد شيئاً في الحرم من غير الأشياء المذكورة، فإنه يقوّم بمعرفة حكمين عدلين؛ ويجوز أن يكون القاتل أحد العدلين أو هما معاً إذا لم يكونا عالمين بالتحريم، أو وقع منهما ذلك خطأ لا عمداً؛ أو قتله لحاجة أكله، كما إذا لم يجد طعاماً غيره، وينبغي أن يراعى في الضمان المثل صغراً وكبراً، وصحة وسقماً، وسلامة وعيباً، ونحو ذلك.
هذا هو حكم القسم الأول، وهو ما له مثل من النَّعم،
وأما حكم القسم الثاني، وهو ما ليس له مثل من النعم، فتجب في صيده القيمة، وهو سائر الطيور سوى ما تقدم، كطير الماء، والأوز وغيرهما، وإن نتف ريش الصيد أو شعره أو وبره، فلا شيء عليه، بشرط أن يعود ما أتلفه، لأنه النقص قد زال، كما لو جرحه، واندمل جرحه، أما إذا صار عاجزاً بذلك الفعل فعليه قيمة ما نقص من ثمنه بهذا الفعل
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.89%)]