عرض مشاركة واحدة
  #148  
قديم 16-03-2008, 07:11 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع >>> تأملات إسلامية في مشاكل بيولوجية

هذا ما ستعرفه بعد جولة مع أسرار الفعل (جعل) وأسرار الفعل (خلق) .
يقول أ . د / علي اليمني دردير في كتابه الرائع : أسرار الترادف في القرآن .
ويختلف التعبير بلفظي (خلق) و (جعل) في لغة القرآن في الآية الواحدة كما في قوله تعالى : )الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور).
فالفعل (خلق) يدل في اللغة على الإيجاد بعد العدم ، والتقدير والإبداع على غير مثال مسبوق ، ولهذا فهو يباشر مفعوله دفعة واحدة .
أما (جعل) فيفيد التضمين والتصيير والتحويل والانتقال ولهذا فهو فعل يباشر مفعوله حالاً بعد حال فيتعدد فيه المفعول وتتدرج فيه الأطوار .
ولما كان الشأن في خلق السموات والأرض إيجاداً بعد عدم وإبداعاً على غير مثال عبر عنه بالفعل (خلق) ليدل على أن ذلك مرحلة في الإنشاء قائمة بذاتها ولما كان الشأن في الظلمات والنور أن تأتي تابعة لغيرها مترتبة عليه مسبوقة به وأن الإيجاد فيها إيجاد تحول وانتقال وليس إنشاءً وإبداعاً ، عبر عنه بالفعل (جعل) ليدل على أنه مرحلة في الظهور لاحقة لمرحلة في الخلق سابقة وطور في الوجود يتجدد ويتكرر حالاً بعد حال.
وقد ذكر الإمام / عبد العزيز يحيى الكناني المكي في كتابه القيم (الحيدة) أن (جعل) الذي هو على معنى التصيير موجود في القرآن الموصول الذي لا يدري المخاطب به حتى يصل الكلمة بكلمة بعدها فيعلم ما أراد بها ، وإن تركها مفصولة لم يصلها بغيرها من كلام لم يفهم السامع لها ما يعني بها ، ولم يقف على ما أراد بها ، وضرب لذلك أمثلة منها :
)يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض (فلو قال : ( إنا جعلناك ) ولم يصلها بخليفة في الأرض ، لم يعقل داود ما خاطبه به عز وجل ، لأنه خاطبه وهو مخلوق فلما وصلها بخليفة ، عقل داود ما أراد بخطابه .
الشكل التالي يوضح الجنين في بطن أمه
وكذلك حين قال لأم موسى :)وجاعلوه من المرسلين (فلو لم يصل (جاعلوه) ب (المرسلين) لم تعقل أم موسى ما عنى الله عز وجل بقوله وجاعلوه إذا كان خلق " موسى " متقدماً لرده إليها ، فلما وصل جاعلوه بالمرسلين عقلت أم موسى ما أراد الله عز وجل بخطابها .
وبعد هذه الجولة العلمية نقول أن (جعل) في الآية )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( بمعنى صيرناه أي تحول من صلب الذكر إلى رحم المرأة ، وهذا ما قاله الطبري ، وجاء في تفسير روح المعاني للألوسي : فهنا (جعل) بمعنى تحول أو نقل من مكان إلى مكان إنها عملية نقل أو تحويل فحسب ، أما الفعل (خلق) فهو يدل على الإيجاد بعد العدم والتقدير والإبداع على غير مثال مسبوق .
ولأن الآية تصف مراحل جنين الإنسان بالذات فإن استخدام (جعل) مع النطفة (وخلق) بعد مرحلة النطفة يعني أنه في مرحلة النطفة تبقى الخلايا بلا تمايز حتى إذا انتهت مرحلة النطفة لتبدأ مرحلة العلقة خلق الله أحداثاً لم تكن موجودة داخل الخلايا تدفعها للتمايز إلى علقة فمضغة وهكذا مرحلة بعد مرحلة وخلقاً من بعد خلق .
وهذا ما تأكد تماماً كما بينا في قضية التمايز الجنيني فالتمايز يبدأ مع العلقة وقدمنا الأدلة على ذلك . بل إن الفعل (جعل) المصاحب للنطفة يعطي الضوء الأخضر للعقل في بحوثه في مجالات شتى ومنها التلقيح الصناعي ، وطفل الأنابيب .
فالتلقيح الصناعي مشابه للتلقيح العادي ، فكما أن التلقيح العادي عبارة عن حقن السائل المنوي بواسطة آلة الذكر ، فإن التلقيح الصناعي يتم فيه حقن سائل الأب بواسطة محقن خاص في رحم الزوجة ليلتقي بالبويضة مكوناً نطفة أمشاج ، فكلا العمليتين استخدم فيها طريقة الحقن ، فليس في العملية تحدي لقدرة الله أو إرادته ، فلا يكون إلا ما أراد الله وهو سبحانه خالق كل شيء ، خالق العالم والعلم والمعلوم بل وخالق أدوات العلم .
)والله خلقكم وما تعملون ()خالق كل شيء ()أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون (.
والفعل (جعل) في الآية يسمح بذلك ، فجعل بالنسبة للنطفة المذكرة هو فقط عملية نقل لها إلى الرحم ، نقل مخلوق لله إلى مكان مخلوق لله معد لذلك . وسواء تم النقل بآلة الذكر أو بآلة مصنوعة فهي داخلة تحت الفعل (جعل) لا تتعداه.
أما طفل الأنابيب فهو عبارة عن عملية جمع تتم خارج الرحم في أنبوب مجهز بسائل مناسب للحياة يتم فيه الجمع بين النطفة المذكرة المخلوقة لله مع النطفة المؤنثة المخلوقة لله ، وحتى إذا التقى الحيوان المنوي بالبويضة تكونت منهما النطفة الأمشاج التي تبدأ في الانقسام حتى مرحلة العلقة وكل خلية تنشأ عن الانقسام هي تكرار للنطفة الأمشاج ، فهي نطفة أمشاج من البداية وكل خلية تالية بعد ذلك هي أيضاً نطفة أمشاج ، وبعد تكون النطفة الأمشاج داخل الأنبوب يقوم العلماء بحقن النطفة الأمشاج داخل الرحم ولا بد أن تصل إلى الرحم مبكراً في مرحلة النطفة وإلا هلكت وفنيت .
والآية )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (تسمح بذلك ، فالفعل (جعل) بمعنى صير أو نقل (ونطفة) تشمل النطفة المذكرة، والمؤنثة، والنطفة الأمشاج، ولأن النطفة الأمشاج هي الأصل لتكوين الجنين من البداية، فالنطفة بجميع أشكالها ومراحلها تخضع للفعل (جعل) ولا مكان لتلبيس إبليس هنا، وقد قلنا أن الحق قد أعطى الضوء الأخضر بالفعل (جعل) بالنسبة للنطفة عموماً من النطفة المذكرة إلى النطفة الأمشاج .
وتدخل قضية الاستنساخ تحت مظلة الفعل (جعل) مرتبطاً بالنطفة (الأمشاج) … كيف ؟ هذا ما سنعرفه بعد قليل .
قضية الاستنساخ
إن قضية الاستنساخ من القضايا الخطرة وخصوصاً في ميدان العقائد عندما يدخل فيها تلبيس إبليس ، فهي قضية يطل منها وجه الشيطان القبيح ، وهذه القضية تحتاج إلى إمعان فكر ، فهيا بنا نتابع أسرار هذه القضية وتلبيس إبليس فيها .
1- عندما لاحظ العلماء أن خلايا الجنين بعد عدة انقسامات تبدأ في التمايز ، فهذه تعطي جلد وتلك تعطي عظم … وهكذا ، وكان العلماء يعلمون أن الخلايا الأولى تحتوي في أنويتها على كل صفات الكائن (كل الجينوم) .
وهنا سأل العلماء ماذا يحدث لبقية الصفات داخل النواة عندما تتمايز الخلايا ؟
2- للإجابة عن هذا السؤال قام العلماء بنزع نواة خلية متمايزة (جلد مثلاً) من حيوان أبوزنيبه ووضعوها بدلاً عن نواة بويضة ضفدع بالغة غير مخصبة وتركوها تنمو فماذا وجدوا ؟
لقد وجدوا أمراً عجباً وجدوا أن هذه الخلطة أعطت أبوزنيبة كامل وكان ذلك سنة 1952 ، وعندها عرف العلماء أن نواة الخلية المتميزة (جلد أو عظم أو غير ذلك) تحوي في نواتها كل الصفات التي توجد في نواة النطفة الأمشاج دون نقص أو خلل ، ولكن بعضها يكمن والبعض الآخر ينشط . ومن هذا الوقت وجهد العلماء لم يتوقف في هذا المجال الذي انتهى بمولد النعجة دللي .
فنواة أي خلية في الجسم (ما عدا الجنسية) تحتوي على كل الصفات (الجينات) فهي نسخة مكررة للنطفة الأمشاج ، ولكن خلق أحداث في الخلية في نهاية النطفة يجعل بعض الصفات تكمن وبعضها ينشط أو يستمر نشيطاً .
فإذا أخذنا نواة أي خلية متميزة ووضعناها في وسط سيتوبلازمي لنطفة مؤنثة (أي بويضة غير ملقحة ومنزوعة النواة ) فإن المجموع سيشكل نطفة أمشاج كالتي بدأ منها الجنين ، وتعود كل الصفات للنشاط والعمل كما لو كانت (الزيجوت) الأول أو النطفة الأمشاج الأولى ، وبعدها تخلق أحداث تميزها إلى علقة فمضغة فعظام… ألخ .
وباختصار العملية ما هي إلا وضع نطفة أمشاج مخلوقة لله وجاهزة مسبقاً في رحم مجهز لذلك ليتم بعدها تخليق الجنين بإذن الله خلقاً من بعد خلق ، وكل أفعال العلماء -وهم عباد الله - تدور حول منطقة النطفة لا تتعداها وكل أفعالهم ما هي إلا عملية تؤدي إلى تصيير نطفة أمشاج في رحم مجهز لاستقبالها فهي عملية نقل أو تحويل لا خلق فيها وتدخل تحت مسمى (الجعل) .
وهذه التجارب قد تمت في الحيوانات الدنيا وأخيراً في الثدييات ، وقد لا تنجح في الإنسان لخصوصيته ولكن لو فرضنا جدلاً أنها ستنجح في الإنسان ، فهل سيعتبر ذلك تدخلاً في الخلق؟
أقول : لا ، بل تدخل أيضاً تحت مسمى الجعل الذي ذكره الله في الآية مرتبطاً بمرحلة النطفة الأمشاج في الآية التي بدأت كما يأتي :
)ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (والسلالة من طين هنا مقصود بها سلالة من آدم كما جاء في الطبري وغيره ، وبعدها قال الحق : )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (فبملاحظة (ثم) هنا وبملاحظة الفعل (جعل) وربط ذلك بالنطفة الأمشاج يمكن أن نستنتج أن المقصود هنا هو أحوال تخليق الجنين بعد آدم وأنه يبدأ بتصيير النطفة الأمشاج لتستقر في الرحم المقدر لها مجرد نقل وتصيير وبعدها تُخلق أحداث لم تكن موجودة تحول الخلية الواحدة أو الخلايا المتعددة المتشابهة تماماً إلى خلايا متباينة في أنسجة مختلفة ومتداخلة في كائن غاية في الإبداع )ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (.
ومن الإعجاز الباهر أن تأتي الآية في هذا التركيب :
)ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما … ( وفيها ارتبط طور النطفة بالجعل وباقي الأطوار بالخلق ، حتى إذا جاء العلماء في آخر الزمان وجهزوا في المعامل نطفة أمشاج من أجزاء حية مخلوقة لله ثم نقلوها إلى رحم قابل لها فإن ذلك لا يعتبر تدخل في الخلق بل هي خطوة يسمح بها الفعل (جعل) .
وفي الحقيقة فإن الله خالق الصانع والصنعة والمصنوع )خالق كل شيء ()والله خلقكم وما تعملون ( .
ولكن أليس في هذه التجربة فتنة للعامة ؟
أقول : نعم ، ولا ، كيف ؟
نعم: لأن إبليس وأعوانه من الملاحدة سيصيحون ها هو الإنسان قد بدأ الخطوات الأولى لخلق الجنين ، أو يقولون : أن الإنسان تدخل في شأن من شئون الله أو ملائكة الله كما تقول الأديان ، وهم بذلك يريدون أن يلبسون الحق بالباطل لتهتز عقائد المؤمنين .
ولا: لأن المؤمن المتمسك بكتاب الله الحق وبمعجزته الخالدة المحفوظة القرآن وبسنة المصطفى سيجد فيهما ما يحصنه ضد الشكوك ويقيه من الزيغ أعاذنا الله منه .
وكما بينا بطريقة علمية أن الأبحاث كانت في حدود لا يمكن أن تسمى (خلق) بل هي عملية (جعل) وأن العلماء لم يخلقوا شيئاً بل استخدموا مخلوقات لله جاهزة )أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون (وتحت كل الظروف فالكتاب والسنة قد حسما هذه القضايا وما يجد فيها بأن الله سبحانه خالق الصانع والصنعة والمصنوع ، وأن كل أفعال العباد مخلوقة له سبحانه وتعالى . )خالق كل شيء (ومع أن التزاوج بين الذكر والأنثى مقدمة لتخليق الجنين بإذن الله فإن قضية التزاوج قضية لها شخصيتها المستقلة ، فقد يحدث تزاوج لا يؤدي إلى تخليق جنين وقد يحدث تكوين جنين بلا تزاوج (وهو شيء معروف في علم الحيوان ويسمى بالتكاثر العزري ) .
فقضية التزاوج أو الزوجية تشير إلى آية تجعل العقل المؤمن يتسائل :
من الذي قدر للزوج زوج يسكن إليه لتكون بينهما مودة ورحمة ؟ ومن الذي قدر في أحدهما نطفة مذكرة فيها نصف عدد الصفات وفي الآخرى المؤنثة النصف الآخر ؟ ومن الذي جمع بينهما في لقاء فيه مودة وعلاقة ممتدة فيها رحمة ؟ .
فالزوجية آية ، وتخليق الجنين آية أخرى والربط بين الآيتين آية ثالثة ، لأن فيهم معنى الامتداد (الأبناء من الأصلاب ) وبأمشاجها تقوى وتتباين الصفات (صفات الأم وصفات الأب) .
وما يسمح الله من بحوث علمية يترتب عليها أحداث من خلق الله أو ظواهر في الخلق تخرق العادة إلا لحكمة ، كما أشار القرآن إلى خلق آدم بلا أم ولا أب وخلق حواء من آدم بلا أم ، وخلق عيسى بلا أب ، وكما أظهر سبحانه لصاحب الحمار العظام المبعثرة وهي تنشز ثم يكسوها اللحم من العدم لتدب الحياة في الحمار بلا مقدمات بلا تزاوج أو أجنة ، وكما شهد إبراهيم عليه السلام الطير المقطع وقد اتصلت أجزائه ودبت فيه الحياة بإذن ربه .
وكذلك لا يحدث شيء بمشيئة الله إلا ويحمل آية ، فهل في الاستنساخ آية ودلالة تعود إلى العقل بمعاني إيمانية ؟ أقول : نعم ، كيف ؟ .
1- أظهر الاستنساخ أن كل خلية متمايزة فيها كل صفات الكائن ، فمثلاً خلية الجلد فيها صفات الجلد واللحم والعظم والعصب والدم وغير ذلك ، فمن خلق فيها التخصص ، ومن رجح صفة بعينها من بين إمكان كل الصفات بنفس الدرجة ؟
2- أظهر الاستنساخ معجزة الذكر والأنثى ، فإذا كانت الخلية الأولى كما يقول رجال التطور فيها صفات الذكورة أو الأنوثة مثلاً فكان من المنطق أن تستمر هذه الصفة الواحدة إلى ما لا نهاية فمن الذي خلق الجنس الآخر ؟ وإذا كانت الخلية الأولى لا تحمل أي جنس فمن الذي خلق الذكر والأنثى من لا شيء ؟
3- بين الاستنساخ أنه يمكن أن يخرج من جلد الإنسان مثلاً (برعم) ينمو منه نسخة مثله تماماً فيها كل صفاته (وهناك بعض الكائنات تتكاثر بهذه الطريقة) ، فماذا سيحدث لو كان التكاثر في الإنسان بهذه الطريقة من البداية ؟ .
حتماً كان ذلك سيؤدي إلى خروج نماذج متشابهة تماماً لنسخة واحدة لجنس واحد ولأدى ذلك إلى خلق بلا معنى بلا هدف بل وبلا وعي في ذلك الكائن المكلف ولكن خلق الزوج المقابل في الإنسان وجعلهما يتزاوجان نتج عنه نماذج مختلفة وألوان شتى شعوباً وقبائل ، فظهر الوعي والمعاني والأهداف وأصبح لذلك المخلوق المكلف قيمة راقية ، فمن الذي قدر كل ذلك ؟ ومن الذي خلق ؟
4- النسخ بين إمكان خروج إنسان من غير أب بمعنى أن ذلك من الممكنات العقلية ، فأبطل بذلك إدعاء من قال بتأليه عيسى لأنه خلق من غير أب .
5- النسخ قدم دعماً عقلياً للحديث الصحيح الذي أشار إلى أن كل إنسان سيبلى بعد تحلله إلا جزء صغير من عظامه يسمى ( عجب الذنب ) وهو يشبه ذرة من خردل (حجم خلية واحدة) سيخرج منها نسخة طبق الأصل من الإنسان ولأن الخلية المذكورة في الحديث الصحيح خلية عظم متمايزة ، بمعنى أنها تحمل صفة جزء من كل ، فكيف يمكن أن يخرج منها كل الإنسان ؟ وعندما أثبتت أبحاث الاستنساخ أن كل خلية في الجسم حتى خلية العظام تحمل في نواتها كل الصفات اللازمة لإنشاء إنسان كامل قدمت بذلك دلالة علمية ودعماً يدل على صدق الرسول .
وأخيراً فإن ما تناولت في هذا البحث هو القسم الخاص بالعقيدة في قضية الاستنساخ ، أما القسم المتعلق بالشريعة (الحلال والحرام) فهو مجال علماء الشرع وهو الجانب الآخر من جوانب القضية .
ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله رب العالمين .
خلاصة قضية الاستنساخ
قد لاحظ العلماء منذ عهد قريب حقيقة بيولوجية هي : أن الجنين يبدأ بخلية واحدة تسمى خلية الزيجوت أو النطفة الأمشاج ، ومعنى نطفة قليل من سائل أو قطرة حرة الحركة ، ومعنى أمشاج أخلاط فيكون معنى (النطفة الأمشاج) هو شيء سيال حر الحركة مكون من أخلاط وهذه الأخلاط هي محتويات الحيوان المنوي + محتويات البويضة وهذا هو الزيجوت الأول أو الخلية الأولى التي تنقسم داخل أنبوب الرحم فتصبح مجموعة من الخلايا المتشابهة تماماً على هيئة كرات صغيرة متجمعة كل كرة عبارة عن خلية فيها كل صفات الخلية الأولى (الزيجوت) بمعنى أن كل خلية يمكن اعتبارها تكرار أو نسخة مكررة من الزيجوت أو الخلية الأمشاج الأولى وفيها كل صفات الكائن ، بمعنى أنها لو فصلت من المجموع لأعطت كائن كامل لا نقص فيه ، وبعد أيام تكون قد وصلت إلى تجويف الرحم وعند ذلك تكتسب خاصية العلوق فتتعلق بجدار الرحم ثم تنمو منه في طور يشبه دودة العلق ومن هذه المرحلة يبدأ تمايزها فتظهر عليها أولاً تغضنات مرتفعات ومنخفضات فتشبه قطعة اللحم الممضوغ ويتوالي تمايز الخلايا فتظهر خلايا العظام والعضلات وغيرها من الخلايا المختلفة وقد وصف القرآن ذلك في إعجاز مبهر وقبل أن يعرف العلماء تلك الأسرار بأكثر من ألف عام يقول سبحانه )ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (وكان هذا الوصف العلمي لمراحل الجنين دليلاً علمياً عالمياً على صدق الرسالة وصدق الرسول وعالمية الدعوة .
وقصة الجنين تنتهي بتمايز الخلايا إلى خلايا جلد وخلايا عظام وعضلات وخلايا مخ ودم وغير ذلك ، وتبدو كل خلية لها صفة محدودة تحكمها وكأنها أخذت من الصفات الكلية الجزء الخاص بها فقط .
ولكن المفاجأة البيولوجية الحديثة أن العلماء اكتشفوا أن كل خلية متمايزة (متخصصة) تحمل في نواتها كل صفات الكائن الحي بمعنى أن خلية الجلد أو العظام مثلاً فيها صفات الجلد والعظم والمخ والدم وكل شيء بحيث تحمل كل خلية كل صفات الكائن الذي تنتمي إليه من البداية إلى النهاية ، ولكن بعض الصفات في حالة كمون والأخرى في حالة نشاط ، وبمعنى آخر أن نواة كل خلية متخصصة هي نسخة مكررة لنواة النطفة الأمشاج أو الزيجوت بمعنى أن الصفات داخل خلية العظام مثلاً صورة طبق الأصل للصفات داخل النطفة الأمشاج الأولى (الزيجوت) وينطبق ذلك على كل خلية متخصصة ما عدا الجنسية.
وهنا سأل العلماء هذا السؤال :
ماذا لو هيئنا لهذه الأنوية الناضجة أو المتخصصة ظروف تشبه ظروف الزيجوت أو النطفة الأمشاج الأولى وذلك بوضع نواة خلية جلد مثلاً بدلاً من نواة بويضة من نفس النوع وتهيئة الظروف والأحوال لحياتها؟
وكانت المفاجأة أن هذه الخلطة أو هذا (المشج) نتج عنه خلية مطابقة تماماً لخلية (الزيجوت) أو للنطفة الأمشاج التي بدأ منها تخليق الجنين وعندما نقلت إلى الرحم قبل مرحلة العلقة تعلقت به وتتابعت بعدها أطوار الجنين من علقة إلى مضغة إلى غير ذلك حتى نشأ حيوان كامل مصابق لصفات الكائن الذي أخذ منه ، وهذه هي قضية الاستنساخ التي قام بها بعض العلماء فقامت الدنيا ولم تقعد ووقف بعض العلماء يلعنون من قام بها ويطالبون بالحرمان والقصاص مع أن العلماء لم ولن يخلقوا كائن حي ، وكل ما عملوه أن أخذوا مخلوقاً لله (نواة خلية) ووضعوها في مخلوق لله (سيتوبلازم بويضة) في عملية خلط ونقلوها بعد ذلك إلى رحم مخلوق لذلك ومنها بدأت مرحلة الجنين كالمعتاد وهي أبحاث محدودة على الحيوانات ولم تُجر على الإنسان ، ولو فرض جدلاً أنها نجحت على إنسان (بمشيئة الله) في لن تعني خلق بل هي فقط (جعل) بمعنى تصيير أو نقل (نطفة أمشاج) إلى رحم معد لها مجرد (جعل) أما مراحل تخليق الجنين بمعنى (خلق) إحداث من العدم فهي من شئون الخلاق العليم .
ولو درس العلماء إعجاز القرآن المتمثل في الآية 14 سورة المؤمنون لاستراحوا وأراحوا فهيا بنا مع كلام الله الخالد الباقي المحفوظ ومعجزته العالمية لنحسم القضية ونستريح فيها .
)ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (
نلاحظ هنا أن الحق سبحانه استخدم مع مرحلة النطفة (الأمشاج) الفعل (جعل) ومع بقية المراحل الفعل (خلق) ، ومعنى )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (أي صيرناه أو نقلناه إلى مكان مخلوق لله ليتم فيه عملية التخلق ألا وهو الرحم ، وسواء نقلت النطفة بالطريق المعتاد بحقن الذكر للسائل المنوي ليلتقي بالبويضة في أنبوب الرحم أو حتى في أنبوب المعامل فالفكرة واحدة تنتهي بتكون النطفة الأمشاج التي تنقل بعد ذلك أو تصير إلى داخل رحم معد لها ، وكل ذلك يدخل تحت الفعل (جعل) ، وأما بقية المراحل والتي تبدأ بتعلق الجنين في الرحم أي مرحلة العلقة فهي مراحل يتم فيها خلق أحداث لم تكن موجودة وهذه الأحداث المخلوقة هي التي توجه الخلايا الجنينية المتشابهة تماماً للتمايز والتخصص مرحلة من بعد مرحلة في خط يتصاعد إلى خلق كائن متكامل بأجهزته وتراكيبه المتخصصة والمعقدة والمتداخلة ، ولذلك أخذت هذه المراحل في القرآن الفعل (خلق) .
وكأن الحق - والله أعلم بمراده_ قد أعطى الضوء الأخضر لأبحاث التلقيح الصناعي وطفل الأنابيب وغير ذلك من خلال الفعل (جعل) مع مرحلة النطفة والذي معناه نقل أو تصيير مخلوق لله وهو النطفة المذكر أو المؤنثة أو الأمشاج ، نقلها إلى مستقرها ومكان تخلقها ، مجرد عملية نقل ، أما مراحل خلق الأحوال فيها مرحلة بعد مرحلة فهذه شأن من شئون الخالق لا دخل لمخلوق فيها ولذلك أخذت الفعل (خلق) في الآية .
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.85 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.74%)]