عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-07-2019, 06:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إعلاء الشان لمن شرف بحمل القرآن

إعلاء الشان لمن شرف بحمل القرآن



الدخلاوي علال





♦ شرف نيل صفة الخيرية:
لحديثعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَرضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))[16].


وإنما نال حامل القرآن هذه الصفة؛ لأن أشرف ما يتعلَّمه الإنسان هو القرآن، وقد قيل: شرف العلم بشرف متعلقه، وليس هناك أشرف ولا أفضل من كلام الله تعالى[17]؛ ولهذا قال ابن بري:


وبعدُ فاعلم أنَّ علم القُرآن
أجملُ ما به تحلَّى الإنسان


وخَيرُ ما علَّمه وعلِمه
واسْتَعملَ الفِكر لهُ وفَهمه[18].





♦ شرف إمامة الناس في الصلوات:
فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّه))ِ[19].


♦ شرف إسعاد والديه:
فعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ، أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا))[20].


ومما يحقُّ لقارئ القرآن أن يفتخر ويسعد به كذلك، أنه يكون من أكثر الناس أجرًا وثوابًا، من كثرة قراءته للقرآن[21]؛ فعن عَبْدِاللَّهِ بْن مَسْعُودٍ،قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ؛ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ))[22].


فهذه جملة من الشواهد والأدلة الدالة على شرف ومكانة أهل القرآن، وهي أدلة يفهم منها ضرورة الاهتمام والعناية بأهل القرآن، خصوصًا ونحن في شهر رمضان الذي هو شهر القرآن، وشهر الاحتفاء بأهل القرآن، وفي الحديث عن عَائِشَةَرضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ [23].


وقد كان عليه الصلاة والسلام أول من نوَّه بحملة القرآن، ودعا إلى تقديرهم وإجلالهم[24]؛ ففي الحديث عَنْأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ،قَال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ، وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِط))ِ[25].


ومن تتبَّعَ سيرته صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، يَرَ مدى تقديره صلى الله عليه وسلم لأهل القرآن، فقد نوَّه صلى الله عليه وسلم بعبدالله بن مسعود، فعنه رضي الله عنه: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِابْنِ أُمِّ عَبْدٍ[26])).


ونوَّه صلى الله عليه وسلم بحُسْن صوت أبي موسى الأشعري، فعنه رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ((يَا أَبَا مُوسَى، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِدَاوُدَ))[27].


ونوَّه صلى الله عليه وسلم كذلك بأبي بن كعب، واختاره للفتح عليه في الصلاة؛ فعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً، فَقَرَأَ فِيهَا، فَلُبسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِأُبَيٍّ:((أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟))، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَمَا مَنَعَكَ؟))[28].


وأثنى صلى الله عليه وسلم على سالم مولى أبي حذيفة ومدحه؛ فعَنْ عائشة، قالت: اسْتَبْطَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَ لِي: ((أَيْنَ كُنْتِ؟))، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبِعْتُهُ، فَقَالَ لِي: ((مَا تَدرِينَ مِنْ هَذَا؟))، قُلْتُ: لَا، قَالَ: ((هَذَاسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ))، ثُمَّ قَالَ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَ هَذَا))[29].


وقد غرس صلى الله عليه وسلم هذا الأمر في نفوس أصحابه؛ فقد قال أنس رَضِي الله عَنهُ: كَانَ الرجل إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جد فِينَا[30].


خاتمة:
بعد هذا أقول: إن حمل القرآن شرف، وما من شرف إلا ويقابله تكليف، والله تعالى يقول: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ [الزخرف: 44]، وقد قال عليه الصلاة والسلام: والقرآن حُجَّة لك أو عليك[31]، فعلى حامل القرآن أن يُعظِّم القرآن، ويُدرِك قيمة النِّعْمة التي أكرَمَه اللهُ بها، والحمد لله رب العالمين.


[1] سنن أبي داود،كتاب: الصلاة، باب: تفريع أبواب الوتر،باب: في ثواب قراءة القرآن.

[2] تفسير الطبري، ج18، ص416.

[3] قال القرطبي: "حملة القرآن هم العالمون بأحكامه، وحلاله وحرامه، والعاملون بما فيه"؛ الجامع لأحكام القرآن، ج1، ص23.

[4] رواه البيهقي في شعب الإيمان برقم 2447، والطبراني في المعجم الكبير برقم 12662.

[5] التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ؛ للأمير الصنعاني، ج2، ص391.

[6] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج3، ص931.

[7] شرح طيبة النشر في القراءات،ص7.

[8] سنن ابن ماجه،كتاب المقدمة، باب: فضل من تعلم القرآن وعلَّمه.

[9] كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه؛ للسندي، ص94.

[10] صحيح البخاري، كتاب: تفسير القرآن، سورة عبس، عبس وتولَّى: كلح وأعرض

[11] سنن الترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب: ما جاء فيمن قرأ حرفًا من القرآن، ما له من الأجر.

[12] تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة؛ لناصر الدين البيضاوي،ج1، ص532.

[13] صحيح مسلم، كِتَاب صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، بَاب: فَضْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَسُورَةِ الْبَقَرَةِ.

[14] أي: زيَّنه.

[15] سنن الترمذي، كتاب: فضائل القرآن.

[16] صحيح البخاري، كتاب: فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمَه.

[17] منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، ج5، ص83.

[18] النجوم الطوالع شرح الدرر اللوامع،ص8.

[19] صحيح مسلم، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: مَنْ أحَقُّ بالإمامة.

[20] سنن أبي داود،كتاب: الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب: في ثواب قراءة القرآن.

[21] منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، ج5، ص83.

[22] سنن الترمذي، كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء فيمن قرأ حرفًا من القرآن، ما له من الأجر.


[23] سنن أبي داود، كتاب: الأدب، باب: في تنزيل الناس منازلهم.

[24] شرح صحيح البخاري؛ لابن بطال، ج10، ص267.

[25] سنن أبي داود، كتاب: الأدب، باب: في تنزيل الناس منازلهم.

[26] سنن ابن ماجه، كتاب: المقدمة، أبواب: في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب: فضل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

[27] صحيح البخاري،كتاب: فضائل القرآن، باب: حسن الصوت بالقراءة للقرآن.

[28] سنن أبي داود،كتاب: الصلاة، باب: تفريع أبواب الركوع والسجود ووضع اليدين على الركبتين، باب: الفتح على الإمام في الصلاة.


[29] سير أعلام النبلاء،ج9، ص109.

[30] الدر النثور، ج1، ص49.

[31] صحيح مسلم،كتاب: الطهارة، باب: فضل الوضوء.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.79%)]