عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17-09-2020, 04:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: هدم اللغة العربية



أما محمد مسعود فهو يعارض أنستاس أشد المعارضة، ويرى أن في الحروف العربية ميزة لا تتوافر في غيرها من اللغات، وهي الاختصار، ويقول إنَّ أقلَّ إلمام بقواعد اللغة يغني القارئ عن الشكل الكامل، فلا يَحتاج إلا إلى (بعض الحركات توضع على حرف واحد أو حرفين في كل بضع كلمات، مرشدًا إلى الصواب في النطق، وواقيًا على كل حال من مزالق الأخطاء، وهو يبيِّنُ ما يترتَّب على تنفيذ اقتراح أنستاس من تعقيد وإضرار، فمن ذلك تضخم الكتب المطبوعة، والاضطرار إلى تغيير حروف الطباعة، وهو بعد ذلك لا يرى ضرورة لمحاولة إيجاد مصطلحات كتابية لتصوير الحركات الأوربية التي لا مقابل لها في العربية، فالعربية نفسها فيها من الحروف ومن الأصوات ما لا يوجد له نظير أو مقابل في اللغات الأوربية، ثم إنه يقول متسائلاً: (دع كل أولئك، وقل لي فيما لو أخذ بأسلوب الأب المحترم، ماذا يكون الشأن بإزاء القرآن الكريم؟! أيطبق عليه وهو حرم مُقدَّس منيع لا تتناوله طوارئ التبديل والتغيير؟ أم لا يطبق، فتكون في اللغة العربية طريقتانِ لِتَصْوِير الكلمات العربية ولفظها؛ لا ائتلاف بينهما ولا اتِّصال، فتنقطع بلغة العرب الأسباب، وينثَلِمَ جِدار القَوميَّة العربية، وتُحلُّ أواصِرُ الدِّين، بل وتعمل فيه معاول الهدم والتدمير؟).



أما فريد وجدي فَهُوَ يُسَلِّمُ بأنَّ الكتابة العربية تحتاج إلى تعديل يحفظ قُرَّاءَها من أن يذهب كُلُّ قارئٍ مِنْهُم مذهبًا خاصًّا به في قِراءة كلماتِها، وهو يُبيِّنُ صعوبةَ الشكل على عمال المطابع وما يستنفد من جهدهم وجهد المُصحِّحين، والكاتب لا يدعو صراحة للأخذ بالحروف اللاتينية، ولكنه لا يعارضُها في الوقت نفسها، ويُحسُّ قارئ إجابته أنَّ الخوف من الناس وحده هو الذي يمنعه من الجهر به.



وكتب طاهر أحمد الطناحي مقالاً عنوانه "هل يمكن إصلاح الحروف العربية؟[29]، عرض فيه الأصول الأولى للكتابة، التي انتهتْ إلى أنْ نُقِلَ عنها الخط العربي، فقال إنه منقول عن السوريانية والنبطية، عن الآرامية، عن الفينيقية، عن الديموطيقية (وهو الخط الذي كان يستعمله عامة المصريين القدماء) عن الهيراطيقية (وهو خط الخاصة) عن الهيروغليفية القديمة، ثم تكلم عن التجويد والتحسين والتَّجميل الذي أدخله عليه كبار الخطاطين منذ (قطبة) في العصر الأموي ثُمَّ (ابن مقلة)، ثم (علي بن هلال) إلى ياقوت الرومي المستعصمي المتوفى سنة 698 هـ، ثم تكلَّم عن شكل الحروف بعد أن اختلط العرب بالعجم فكثر اللحن، ثم قال: (وقد انتشرتِ الحُرُوف العربيَّة بانتشار الحضارة الإسلامية، وكُتِبَتْ بِها اللغات التركية والفارسية والأردية والأفغانيَّة والكُرْدِيَّة والتَّتَرِيَّة والمغوليَّة والبربرِيَّة والسُّودانيَّة والزِّنْجِيَّة والساحلية، كما كُتِبَتْ بِها لغة أهل الملايو وغيرهم ممن يبلغون نحو 250 مليونًا، ما عدا نحو تسعين مليونًا يكتبون اللغة العربية بالخط العربي، وإذا استَثْنَيْنا أتراك الأناضول الذين استخدموا الحروف اللاتينية بدل الحروف العربية الآن، بَقِيَ عندنا هذه الأمم الكثيرة التي تكتب بالحروف العربية الحالية منذ نَحْوِ ألف سنة، وقد دونت بها آدابها وعلومها وفنونها)، ثم يتساءل الكاتب (فهل يمكن إصلاح الحروف العربية بعد هذا التطور الذي انتهت إليه بالحضارة الإسلامية؟ لقد رأيت كيف اشتقت هذه الحروف وكيف تطوَّرت حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، وقد كتبت بها العلوم والآداب وسائر الفنون في الأمة العربية وفي تلك الأمم التي انتشرت فيها الحضارة الإسلامية منذ ذلك التاريخ).



ويعرض الكاتب المحاولات التي اقترحت لإصلاح الخط العربي، وأولها اقتراح أحمد لطفي السيد سنة 1899 بالدلالة بِالحروف على الحركات فتكتب ضَرَبَ (ضارابا)، وبإثبات التنوين ورسمه بالكتابة فتكتب سَعْدٌ هكذا: (ساعدون) بالرفع، و(ساعدان) بالنصب، و(ساعدين) بالجر، وبفك الإدغام فتكتب مُحَمَّدٌ هكذا: (موحاممادون) في الرفع، و(موحاممادان) في النصب، و(موحاممادين) في الجر، ثم يتكلَّم عنِ اقتراح الراهب أنستاس الكرملي الذي أعلنه حين كان في مصر سنة 1932، والذي يقول إنه فكر فيه سنة 1914 وهو قريب من اقتراح أحمد لطفي السيد مع تعديل طفيف، ثم يتكلم عن الجهود التي بذلت والتي تبذل الآن لاختراع حروف جديدة أخرى، أوِ استخدام الحروف اللاتينية بدلها على نحو ما فعل الأتراك، ويدلِّل الكاتب بعد ذلك على عقم كل هذه المقترحات وفسادها، ثم يختتم المقال بالرد على اقتراح الحروف اللاتينية الذي أثاره وقتذاك عبدالعزيز فهمي:



"كذلك يقول الذين يَميلون إلى تغيير الحروف العربية واستخدام الحروف اللاتينية بدلها، وفاتهم ما قدمناه في هذا الفصل من أن الآداب والعلوم العربية كتبت منذ نحو ألف سنة أو تزيد بهذه الحروف، وليس من السهل إعادة طبْعِها كلِّها بالحروف اللاتينية، سواء أكان في الأمة المصرية وحدها أم في سائر الأمم التي كتبت آدابها وعلومها بالحروف العربية، والتي يبلغ عددها نحو ثلاثمائة مليون".



"على أننا لو هجرنا الحروف العربية إلى حروف تخالفها لنسيت الآداب والعلوم القديمة؛ كما نُسِيَتْ آداب اللغة الهيروغليفية وغيرها من آداب اللغات الأخرى التي لا يستخدم الناس حروفها الآن، ولأصبح بيننا وبين تراث أجدادنا سدٌّ منيع تُعانيه الأجيال المقبلة كما نعانيه نحن في اللغة الهيروغليفية؛ ومما يدلك على ذلك أيضًا أنَّ اللُّغات الَّتي حلَّت الحروف العربية في كتابتها محل حروفها القديمة؛ كالتركية، والفارسية، والأردية، وغيرها قد نسيت آدابها القديمة، وأصبح بينها وبين هذه الآداب حلقة مفقودة".



"إن البحث في مسألة الحروف العربية، أو إصلاحها إلى وجه من الوجوه المتقدِّمة، أو إلى وجه آخر يُشابِهها، إنَّما هو بحث فيه مضيعة للوقت دون الوصول إلى ما يخفف العبء على المتعلمين، على أنَّ الذين يريدون اختصار الطريق بالتشبه بالأتراك؛ إنما هم في حقيقة الأمر لا يريدون إصلاحًا، وإنما يريدون انقلابًا ليس من السهل نجاحه بين هذه الملايين من الذين يستخدمون الحروفَ العربيَّة بين هذه الأمم، وإن نَجَحَ بعض النجاح في أمة لا تزيد على أربعة عشر مليونًا من الأتراك، وليس لها بالحَضارة العربية صلة إلا صلة الدين".



وكتب المستشرق الإيطالي نللينو عن (الحروف اللاتينية – هل تصلح للكتابة العربية؟)[30] فبدأ حديثه بالكلام عن الانقلاب التركي في الحكومة الكمالية، واستبدالها الحروف اللاتينية بالحروف العربية، وبيَّن أنَّ سبب هذا التغير سياسي، وهو محاربة العنصر العربي والدين الإسلاميِّ، فهم يريدون أن يزعموا أنَّ المدنية التركية أقدم المدنيات، (فهي تتصل بالمدنيات البابلية والآشورية القديمة، ولا اتصال لها بالتمدن الإسلامي، ولهذا نجد حملة قوية تمثَّلت في كثير من المظاهر، كإبطال الأحوال الشخصية، وتطبيق القانون المدني السويسري، وإلغاء الطرق الصوفية، وتغيير الزِّي، ومحاكمة مَنْ يَلْبَسُون الطربوش، والتزام مواعيد العمل في رمضان كالعادة وما إلى ذلك) ثُمَّ عارض نللينو اقتراح كتابة العربية بالحروف اللاتينية، وبنى معارضته على أسباب منها:



1 – أنَّ الخطَّ العربي موافق لطبيعة اللغة العربية، ولو أردنا اسبتدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية لتحتَّم علينا إيجاد حروف جديدة نضيفها إلى الأبجدية اللاتينية الحالية؛ لكي تعبر عن الأصوات العربية التي تمثلها حروف ج، ح، خ، ش، ط، ظ، ص، ض، ع، غ، ولاحتجنا كذلك إلى التمييز بين الحروف المتحركة الممدودة، وبين الحروف المقصورة.



2 – ومنها أنَّ الخط العربي يمتاز بميزة فذة (فهو قريب مما يسمى بالاختزال، والخط العربي ليس في حاجة إلى اختزال؛ لأن طبيعته تغنيه عن طرق الاختزال).

3 – ومنها أن استبدال الخط اللاتيني بالخط العربي يستتبع نتائج خطيرة (فكيف يكون مصير الكنوز العظيمة التي خلفتها الآداب الإسلامية في الدين والفقه والفلسفة والعلوم والآداب والفنون، وغيرها، وكلها مدونة بالخط العربي؟ وأمر كهذا فوق أنه خطر فهو متعذر، لأن الحركات لها شأنها الكبير في الخط العربي، وهي غير كبيرة الأهمية في اللاتيني، ولأنه لا يمكن أن نتصور النفقات الطائلة التي تصرف في هذا السبيل من غير جدوى، وإذا افترضنا أنَّ المنفعة في إبدال الخط العربي لكان من الضروري أن يسبق هذا اتفاق بين الشعوب الناطقة بالضَّاد، ولو كانت مصر وحيدة في اختيار الحروف اللاتينية فيكون هذا سبب انشقاق الوحدة العربية، والآن مصر هي مركز الآداب والعلوم العربية في العالم الإسلامي، فإذا تغيَّرت الحروف العربية فتخسر مصر هذا المركز الأدبي الممتاز).



أمَّا الشعبة الثالثة من هذه الدَّعوة الهدامة فقد كانت تحاول صرف الناس عن الاهتمام بالأدب العربي القديم، فهي تارة تدعو إلى أن تخص الآداب القومية بمزيد من عناية الدارسين، فتعنى مصر بالأدب المصري، ويعنى العراق بالأدب العراقي، ويعنى الشام بالأدب الشامي، وتارة تدعو إلى توجيه عناية خاصة للآداب الحديثة، وتارة أخرى تدعو إلى العناية بما يحلو لبعض الناس أن يسمِّيه الآن "الأدب الشعبي"، والهدف الأول والأخير من كل هذه المحاولات هو صرف الناس عن الثقافة العربية القديمة، وتقليل العناية بالماضي العربي الإسلامي، شعره ونثره وتاريخه وعلومه، بزعم أنَّها قد أصبحت شيئا قديمًا لا يلائم حياتنا، ولا يتَّصل بها، والجانب الهدام من هذه الدعوة هو أنَّها تؤدِّي – من حيث يعرف أصحابها ومن حيث لا يعرفون – وأكبر ظنِّي أنَّ أكثرهم لا يعرفون – إلى تفريق المجتمع العربي، بل الإسلامي الذي يلتقي عند الاشتراك في مناهج دراسة العربية وتذوق أساليبها، فليس في العرب كلهم واحد لا يعرف الأعلام الشامخة في الأدب العربي القديم مثل زهير، والنابغة، والأعشى، وحسان، وجرير، والفرزدق، والأخطل، وأبي تمام، والمتنبي، والمعري؛ وليس فيهم واحد لا يقع هؤلاء من نفسه موضع الإكبار، والإجلال، والتوقير، وكل العرب يسمون الفاعل فاعلاً، ويسمون المفعول به مفعولاً، ويسمون كل باب من أبواب النحو باسم واحد، ويسمون التشبيه تشبيها، والاستعارة استعارة، ويسمون كل باب من أبواب البلاغة باسمه.



فإذا انصرف الناس عن دراسة الأدب القديم، وذَهَبَ كُلُّ واحد منهم مذهبه في دراسة آداب بلاده أو في دراسة الآداب الحديثة، أو ما يُسَمَّى بالآداب الشعبية، لم يبق هناك قدر مشترك بين ثقافات الجيل القادم من العرب بل المسلمين.

وهذا القدر المشترك منَ الثَّقافة هو الَّذي يكوِّن القدر المشترك من الذوق ومن التفكير، الذي لا تفاهُم ولا تواصُل بغيره، وإذا انصرف الناس عن دراسة علوم الآداب العربية القديمة؛ كالنحو والبلاغة، وجَرَوْا وَراءَ كُلِّ ناعق يزعُم أنَّ القواعد القديمة معقَّدة، وذهب كل منهم مذهبه في استنباط قواعد جديدة، وتسمية المسميات بأسماء مبتكرة، لم يفهم أحدهم عن الآخر، فإذا اختلف مصري وحجازي مثلاً في ضبط كلمة من الكلمات فتحاكما إلى قواعد اللغة، وقال الحجازي هذا فاعل، لم يفهم عنه الذي لا يُسَمِّي الفاعل فاعلاً؛ ولكنَّه يُسَمِّيه (موضوعًا) أو (أساسًا) أو (مسندًا إليه)، بحسب اقتراح إحدى لجان وزارة المعارف المصرية[31]، وإذا قال أحدهما هذا منصوب لأنه حال، أو تمييز، أو ظرف، أو مفعول مطلق، أو مفعول معه، أو مفعول لأجله، لم يفهم الآخر الذي لا يميز بين حالة من هذه الحالات، لأنه يسميها جميعًا (تكملة)، وقس على ذلك سائر قواعد النحو والبلاغة[32].



ذلك هو ما يعلل لنا عِناية الأوروبيين بتوجيه العرب في دراساتهم الأدبية هذه الوجهة، وصرفهم عن العناية بالأدب القديم، ودعوَتهم علماءَهم ومفكِّريهم لإلقاء المحاضرات، وتأليف الكتب، وشهود المؤتمرات، التي تعين على تقوية هذا الاتجاه، بعد أن يقترحوا عليهم موضوع ما يدعونهم لإلقائه وتأليفه من بحوث، أو محاضرات، أو كتب.

كانت هذه الدعوات الهدامة كلها تستهدف غايتين:



1 – تفريق المسلمين عامَّة، والعرب خاصَّة، بتفريقهم في الدين، وتفريقهم في اللغة، وتفريقهم في الثقافة، وقَطْعِ الطَّريق على توسُّع اللغة العربية المُحتمل بين مسلمي العالم، حتى لا تتم وحدتهم الكاملة[33].

2 – قطع ما بينهم وبين قديمهم، والحكم على كتابهم (القرآن) وكل تراثهم بالموت، لأنَّ هذا القديم المشترك هو الذي يربطهم، ويضمُّ بعضهم إلى بعض.

وليس الخطر الكبير في الدعوة إلى العامِّيَّة، ولا هو في الدعوة إلى الحروف اللاتينية، فمثل هذه الدعوات ظاهر الخطر، وأصحابها من مغفلي الهدامين؛ ولكن الخطر الحقيقي هو في أنصاف الحلول، الخطر الحقيقي في الدعوات التي يتولاها خبثاء الهدامين، ممن يخفون أغراضهم الخطيرة ويضعونها في أحب الصور إلى الناس، ولا يطمعون في كسب عاجل، ولا يطلبون انقلابًا كاملاً سريعًا، ولكنهم يقنعون بالتحول الهادئ الذي أشار إليه Gibb ، حين وصف تطور المجتمع الإسلامي المصري بأنه يسير سيرًا هادئًا تدريجيًّا لا يكاد يسترعي الانتباه[34]، الخطرون من خبثاء الهدَّامين هم الذين يزعمون أنهم مشفقون على العربية، وأنهم يحمونها من خطر الداعين إلى العامية وإلى كتابتها باللاتينية؛ ولذلك فهم لا يطالبون إلا بتطعيمها بالعامية، ولا يطلبون بأكثر من تعديل بعض قواعدها، ولا يذهبون إلى استبدال الحروف اللاتينية بحروفها، ولكنهم يَقْترحون تغيير قواعد الإملاء، هؤلاء هم أصحاب الحل الوسط الذين يمثلون في هذه المؤامرة عضو العصابة الَّتِي تَنْحَصِرُ مُهِمَّته في التظاهر أمام الضحية بالشفقة عليه، والحرص على مصلحته لتسكن نفسه إليه فرارًا من حَملة السكاكين الذين يتهدَّدُونَهُ، والواقع أنَّهُمْ جميعًا على سواء، فالمسألة لا تَحْتَمِلُ حلاًّ وسطًا.. إمَّا أن نَتَمَسَّك بِدِيننا وبِوَحدتنا، فنتمسك بالعربية؛ كتابة ولغة ونحوًا وأدبًا وثقافة، وإمَّا أن نُسْقِطَ هذه الاعتبارات من حسابِنا، وعند ذلك يستوي أن يكون الذي نعدل إليه هو هذا أو ذاك مما يقترحون.



ولعلَّ أسلوب فكري أباظة من أصلح الأمثلة على ما أقول، خذ مثلاً مقاله "التقليد زم"[35]، الذي يسخر فيه من المتفرنجين، فيقول فيما يقول:

"دعنا من هذا وانتقل بنا إلى الاجتماعيات، وتعال معي نحدق ونحملق في ذلك الطالب الصعيدي (القحف)، الذي أبى إلا أن يقلد (الخواجات)، فطرح الطربوش و(زِرَّ) الطربوش، ووضع على شعره (الأكرت)، ورأسه التي أخذت في عالم الهندسة شكل (الشبه منحرف) البرنيطة أو (الكسكتة)، هل تفرق بينه وبين بائعي الإسفنج ومساحي الأحذية من الأرمن (وجرسونات) القهاوي بعد (التشطيب) وبائعي اليانصيب، والفارين من الخدمة العسكرية؟!!".

"ثم انظر إليه وقد أبت سليقته وطبيعته وخلقته إلا أن (يزحلقها) كما (يزحلق) الطربوش، فظهرت من تحت حوافيها (القصة) البلدي، (البولاقي) وظهر من تحتها وجه (كالفرمة)، أو (كالطرة) لا تستطيع فك رموزه أو حل طلاسمه؟!!".



"فإن لم تعجبك هذه (التقليعة)، فتعال معي أفرجك على أستاذ من طلبة دار العلوم، هجر الجبة والقفطان والمركوب والعمة، ودخل في (البنطلون) واحتل الطربوش رأسه (الزلطة).... نمرة 1... واختفت ربطة (البمباغ) داخل الياقة الواسعة... فإذا سار هرول، وإذا أكل (شمر)، وإذا شرب (مصمص) وإذا جلس جلس القرفصاء، وإذا هب (زي الناس) احتاس، كل هذا العناء لأنه يريد أن يقلد (الأفندية) رغم أنف حالته الطبيعية والمعنوية".

"فإن لم يكفك ما قدمت من سخافات التقليد، فتعال اجلس مع أصدقائك المصريين الحاضرين حديثًا من إنكلترا، وانظر كيف يتكلفون الجلسة، والنغمة وكيف يطلبون (الشاي) في الميعاد، وكيف يكتفون بوضع قطعة سكر واحدة في الفنجان، وأقسم لك بكل عزيز لديك أنَّهم يكرهون الشاي، ويودون لو شحنوا الفنجان بقطع السكر التي أمامهم لولا (الملامة)!"



"وتعال انظر أحدهم وقد تزوَّج من (لندن) ثم حضر إلى القاهرة مع زوجته، مقلدًا الزوج الأجنبي في المعاملة، والمجاملة، والقيام، والجلوس... كل هذا في خارج المنزل، فإذا استطعت أن تدخل معهما داخل المنزل سمعت بأذنيك كل أصناف وأنواع (الردح) الأصلي، ورأيت بعينيك كيف يهوي (بالكفوف) و(اللكاكيم) على الوجه والصدر، ثم إذا أردت إلقاء نظرة سطحية على مسكن الزوج المقلد المتفرنج وجدت (الشلت) و(الكتاكيت) في الصالة... ووجدت (الوالدة هانم) الحاجة (ست أبوها) تخرط الملوخية، أو (تقمع) البامية... والعاقبة عندكم في المسرات".



فالخطر في مثل هذا الأسلوب خفي غير واضح، والأسلوب بعد ذلك خفيف مستملح يستهوي القارئ، ولكن المقال مع ذلك لا يكاد يفهمه أو يتذوقه من العرب غير المصري.

إن الخطر في هذه الدعوات ليس في العامية نفسها ولا هو في الحروف اللاتينية بعينها، ولكنه في قبول مبدأ التطوير، فالذين يجتمعون اليوم على تكلم عربية واحدة فصيحة، ويلتزمون فيها قواعد موحدة، لغة وكتابة، إذا سلموا بمبدأ التطوير وأخذوا فيه، فسوف لا يتفقون على سبيل واحد يسلكونه في ذلك، وسيذهب كل واحد منهم مذهبًا يغاير مذهب الآخر، ثم إنهم سوف لا ينتهون في ذلك عند حد معين تنتهي عنده سعة الخلف بين اللغات الجديدة، الناشئة عن قبول مبدأ التحرر من القواعد؛ لأنَّ التَّمسُّك بِها والتزام طريقها هو العامل الوحيد الذي ضبط تطور العربية وصان وحدتَها خلال أربعة عشر قرنًا، فأصبح القرآن بفضل ذلك؛ وكأنه أنزل فينا اليوم.



وأصبح شعراء العربية وفقهاؤها وفلاسفتها وكتابها وأطباؤها ورياضيوها وطبيعيوها وكيميائيوها، وكأنَّهم كتبوا ما كتبوا وألَّفوا ما ألَّفوا بالأمس القريب، وتلك ميزة منّ الله بها علينا، ولم تحظَ بها أمة من الأمم، وليس ذلك كله إلا بفضل اجتماع المسلمين على قداسة اللغة التي نزل بها القرآن، والتزامهم أن لا يخرجوا على أساليبها وقواعدها، على أن ذلك لم يكن في يوم من الأيام داعية إلى تحجر اللغة، وجمود مذاهب الفن فيها، ووقوفها عند حد تعجز معه عن مسايرة الحياة، فليس التطوُّر نفسه هو المحظور، ولكن المحظور هو أن يخرج هذا التطور عن الحدود المقررة المرسومة، وذلك يشبه تقيُّد النَّاس في حياتِهم الاجتماعيَّة بقوانين الدين والأخلاق، فليس يعني ذلك أنَّهم قدِ استعبدوا لهذه القوانين، وأنها قد أصبحت تحول بينهم وبين مسايرة الحياة، ولكنَّه يَعْنِي أنَّهم يَسْتَطِيعون أن يغدوا وأن يروحوا كيف شاؤوا، وأن يستمتعوا بخيرات الدنيا وطيِّباتها، ويتصرفوا في مسالكها ويمشوا في مناكبها، كل ذلك في حدود ما أحل الله، وكل ذلك مع الالتزام بالوقوف عند حدود الله.


كذلك اللغة، وضع اللغويون والنحاة لها حدودًا طابقوا بها مذهب القرآن وشعر العرب، وتركوا للناس من بعد أن يستحدثوا ما شاؤوا من أساليب، وأن يتصرَّفوا فيما أرادوا من أغراض، وأن يجددوا ما أحبوا مما يشتهون، ولكن كل ذلك ينبغي ألا يخرج بهم عن الحدود المرسومة، فماذا في ذلك غير ضمان الاستقرار، والحرص على جمع الشمْل؟ ولماذا نحنّ إلى مثل ما ابْتُلِيَ به غيرُنا مِمَّن لم يكرمهم الله بمثل ما أكرمنا، ولماذا نشتهي أن تتبَلْبَلَ ألسِنَتُنا حتى لا يفهم بعضنا عن بعض، كما تبلبلت ألسنة الذين كانوا مجتمعين على اللاتينية فتفرقوا فيها؟ وأي ربح قد جنوه من بعد؟ وأي مزايا حقَّقوها مِمَّا لم تكن تحققه لهم وحدتهم اللغوية؟ وهل وقع بعضهم في بعض، وولغ بعضهم في دماء بعض، إلا من آثار هذه الفرقة اللغوية، التي جعلت منهم أممًا بعد أن كانوا أمة واحدة، والَّتي ترتَّب عليها أن فقدوا وحدتهم المسيحية، ثم لم يستطيعوا أن يعودوا إليها بحال؟








[1] ديوان حافظ إبراهيم 1: 253.

[2] راجع الفقرة 3 من الفصل الثاني في هذا الكتاب.

[3] راجع مقالاً للمنفلوطي في مهاجمة الريحاني وفرقته أثناء الحرب العالمية الأولى في "النظرات" 3 – 37 تحت عنوان "الملاعب الهزلية".

[4] وكان أوَّل ما ظهر في هذا الميدان رواية "زينب" لهيكل، التي كتب حوارها باللهجة السوقية.

[5] راجع مجلة مجمع اللغة العربية: الجزء الأول "شعبان 1353 – أكتوبر 1934" ص 350 إلى 369، الجزء الثالث " شعبان 1355 – أكتوبر 1936" ص 349 – 371، والجزء الرابع "شعبان 1356 – أكتوبر 1937" ص 294 – 315، وراجع كذلك مقالاً لعضو آخر من أعضاء المجمع – وهو عبدالقادر المغربي – تحت عنوان "دراسة في اللهجة المصرية" في الجزء الثالث ص 290 – 301.

[6] الهلال عدد 15 مارس 1902 – 5 ذي الحجة 1319 س 10، ص 373 – 377 تحت عنوان "اللغة الفصحى واللغة العامية" لإسكندر المعلوف، وقد أشار ابنه عيسى إسكندر المعلوف في مقاله الذي نشره في الجزء الرابع من مجلة المجمع "ص 315" إلى أنه قد ألف معجمًا مطولاً جمع فيه ألفاظ العامية، ولعله هو المعجم الذي صرح أبوه في مقال الهلال السابق بأنه مشغول بجمعه.

[7] هذا غير صحيح، يكذبه الواقع الصريح، والدليل على مباينته للحقيقة أن العرب إذا اجتمعوا في مؤتمر لم يكد يفهم بعضهم عن بعض إلا إذا تكلموا العربية الفصيحة.

[8] وقد كان من هؤلاء الأعضاء من ليس عربيًّا، بل لقد كان في هؤلاء المستشرقين من غير العرب من هو معروف بصفته الاستعمارية، مثل المستشرق جب (H.A.R, Gibb ) على أن المستشرقين كلهم من مستشاري وزارت الخارجية، والمستعمرات في بلادهم.

[9] راجع الجزء السادس من مجلة المجمع جمادى الآخرة 1370 – إبريل 1951 ص 18، 85، 170، والواقع أن الكتابة العربية ميسرة والحمد لله؛ ولكن فريقًا من الناس يصر على إيهامنا أنها صعبة، وسنعود إلى الكلام في ذلك.

[10] وشبيه بموقف مجمع اللغة العربية موقف جامعة الدول العربية التي أصدرت لجنتها الثقافية في العام الماضي "1955" كتابًا في "اللهجات وأسلوب دراستها" لأنيس فريحة، جمعت فيه المحاضرات التي ألقاها في معهد الدراسات العربية العالية في ذاك العام، وموضع العجب في ذلك أن الجامعة العربية هي جامعة اللغة العربية، وأن اللغة العربية المقصودة هي اللغة الفصيحة التي تشترك فيها سائر الدول العربية... وهذه اللغة العربية الفصيحة هي وحدها الجامعة التي لا يستطيع أن ينكرها دعاة الشقاق، ولا يستطيع أن يماري فيها أصحاب الأهواء والأغراض، فإذا تفرق الناس فيها وذهب كل بلد بلهجته – على ما يريد المؤلف – لم يستطع بعضهم أن يفهم عن بعض، فينفرط عقدهم، وهل وجد (الكومون ويلث) إلا نتيجة للغة الإنجليزية المشتركة بين دوله؟ أليس عجيبًا أن يستغل منبر الجامعة العربية لهدم الجامعة العربية، أوليس في ذلك من التناقض ما يدعو إلى الرثاء؟!

[11] Wither Islam ص 20.

[12] يصف الدكتور حسين الهراوي تقريرًا من لجنة العمل المغربي الفرنسية وقع في يده فيقول "فرأيت هذا التقرير يتبع السياسة الاستعمارية، ويصف مقاومة الإسلام والتقارير السرية التي يرسلها المستشرقون في البلاد المستعمرة إلى حكوماتهم لمقاومة الإسلام، لأن روحه تتنافى مع الاستعمار، وأن أول واجب في هذا السبيل هو التقليل من أهمية اللغة العربية، وصرف الناس عنها بإحياء اللهجات المحلية في شمال إفريقيا واللغات العامية، حتى لا يفهم المسلمون قرآنهم، ويمكن التغلب على عواطفهم" – الهلال، عدد يناير 1934 س 42 ص 321 – 328 تحت عنوان "هل ضرر المستشرقين أكثر من نفعهم"، وراجع مقالي إسكندر المعلوف في العددين الأول والثالث من مجلة مجمع اللغة العربية فيما ألفه الأوروبيون من كتب عن اللهجات السوقية في الأمصار العربية المختلفة.

[13] تراجع في ذلك المقالات الآتية: الرابطة الشرقية، العدد الثامن من السنة الأولى بعنوان "اللغة العربية الفصحى والدعوة إلى العامية" الهلال يناير 1902 ص 279 – 282، مارس 1902، ص 373 – 377، ديسمبر 1919 ص 201 – 208، يناير 1920 ص 297 – 302، فبراير 1920، ص 398 – 403، مارس 1920 ص 489 – 497، إبريل 1920 ص 585 – 590" والأعداد الخمسة الأخيرة تشتمل على أجوبة بعض الأدباء والمستشرقين على أسئلة اقترحتها المجلة وسمتها "استفتاء الهلال"، يوليو 1926 ص 1073 – 1077، يوليو 1933 ص 1185 – 1188، نوفمبر 1933 ص 108 – 113، يناير 1934 ص 273 – 278 و321، 328، أغسطس 1938 ص 1108 – 1119، وراجع كذلك مجلة المقتطف في أعداد "نوفمبر 1881 ص 352 – 354، ديسمبر 1881 ص 404 – 405، يناير 1882، ص 494 – 496، فبراير 1882 ص 556 – 560، مارس 1882 ص 618 - 621، إبريل 1982 ص 690 – 696، فبراير 1902، ص 187 – 191، مارس 1902 ص 257 – 263.

[14] راجع العدد السادس من مجلة مجمع اللغة العربية في صفحات 71، 171، 178، راجع كذلك مقال بشر فارس في الهلال، عدد نوفمبر سنة 1933 س 42 ص 108 – 113 بعنوان "التجديد في اللغة العربية"، راجع كذلك مقالاً لسلامة موسى في عدد يوليو عام 1926 س 34 ص 1073 – 1077.

[15] راجع رد طه حسين على استفتاء الهلال "هل اللغة العربية في حاجة إلى إصلاح" في عدد يناير سنة 1934 س 42 ص 272 – 278، وراجع كلمة أحمد أمين في مجمع اللغة العربية، وهي منشورة في الجزء السادس من مجلته ص 87 – 97 تحت عنوان "اقتراح بعض الإصلاح في متن اللغة".

[16] راجع مقال سلامة موسى في الهلال، عدد يوليو سنة 1926 – ذو الحجة 1344، س 34 ص 1073 – 1077 تحت عنوان "اللغة الفصحى واللغة العامية"، وراجع كذلك مقال أحمد أمين السابق في الجزء السادس من مجلة مجمع اللغة العربية، وراجع رد محمد الخضر حسين، ورد إبراهيم حمروش عليه في ص 93 – 108 من الجزء نفسه، وراجع تقرير لجنة وزارة المعارف في تيسير قواعد النحو والصرف والبلاغة، ورد مؤتمر المجمع عليه، في مجلة مجمع اللغة العربية ج 6 ص 180 - 197، ومن أجرأ ما اقترح في هذا الصدد وأخطره ما جاء في مقال لحسن الشريف نشره بمجلة الهلال، عدد أغسطس سنة 1938 – جمادى الآخرة عام 1357، س 46، ص 1108 – 1119 تحت عنوان" تبسيط قواعد اللغة العربية".

[17] "مستقبل الثقافة"، الفقرة 49 ص 346، وقد بسط أنيس فريحة هذه الدعوة بعد ذلك في محاضرات ألقاها في معهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، وطبعها المعهد سنة 1955، وليست كليات الآداب وأقسام اللغة العربية فيها خاصة، محتاجة إلى معامل أصوات حاجتها إلى أن يقيم طلبتها وخريجوها عربيتهم، حتى لا يفسدوا الجيل القادم، ذلك لأن مدرس اللغة العربية الذي لا يحسن إعراب الكلمات والنطق بها نطقًا سليمًا سيقول للطالب إذا سأله عن شيء من قواعد اللغة: دع عنك هذا السخف الذي لا غناء فيه، سيجيبه بذلك أو بمثله، وسينشأ جيل من الناس لا يقيم الكلام ولا يعرف القواعد، فإذا نعق ناعق عند ذلك بأن إعراب أواخر الكلمات لا داعي له، وبأن عربية القرون الأولى لغة ميتة لا وجود لها في الحياة، فسوف لا يجد هذا الناعق من يعارضه، بيد أنه سيجد مئات الآلاف من المتعلمين الذين يصيحون صيحة رجل واحد: أصبت أصبت! إننا جميعًا لا نعرف الإعراب ولا نفهمه، وأساتذتنا أيضًا لا يعرفونه ولا يفهمونه، بل هم يقرون بصعوبته وبقلة جدواه.

[18] الهلال س 34 ص 1076، والمعروف المشهور أن أول من دعا إلى تمصير اللغة العربية هو أحمد لطفي السيد في أوائل القرن العشرين، ومن أعجب العجب أن هذا الداعي إلى تمصير اللغة العربية قد أصبح من بعد رئيسًا لمجمع اللغة العربية.

[19] المقتطف س 27 ص 189 و190، حيث يدعو ولمور الصحف للكتابة بالعامية، ويرجو أن يؤيدهم أهل الحل والعقد، وحيث يشير المقتطف إلى أن الأمريكيين والإنجليز كانوا يذاكرونه في ذلك، ويقول إن فرض العامية كان ممكنًا لو أن محمد علي قد أيده، وحمل عليه الناس في كل من مصر وسوريا، وراجع كذلك The spoken Arabic of Egypt ص 15 – 16 من المقدمة، وقد دعا إسكندر المعلوف الصحف والمجلات لذلك في مقاله بالهلال عام 1902 س 10 ص 373 – 377، ولم تنجح مساعي الإنجليز في مصر، ولكنها نجحت بعد ذلك في تركيا، حين حمل الكماليون الناس على استبعاد كل الكلمات العربية من اللغة التركية، وحرموا عليهم تعلم اللغة العربية أو التعبير بها؛ كما قضوا على الحروف العربية، واستبدلوا بها الحروف اللاتينية.

[20] المقتطف، عدد يناير 1882 مقال "الممكن"، الهلال، عدد مارس 1902 مقال" إسكندر معلوف"، وعدد أغسطس 1938 مقال" حسن الشريف"، وقد ردد طه حسين بعض هذه الكلمات في "مستقبل الثقافة" كما مر في الفصل الثالث ص 241 – 242.

[21] الهلال، عدد يوليو 1926 – 34 ص 1073 و1077.

[22] المقتطف: 6 ص 404 – 405.

[23] على أن الأوربيين قد أدركوا خطأهم بعد فوات الوقت، فقد بحث بعض علمائهم في استرجاع اللغة اللاتينية لكتابة العلم بها، بحيث تكون لغة العلماء كما كانت منذ بضعة قرون، ولكنهم لم يجدوا إلى الرجوع سبيلاً – "الهلال" فبراير 1902 ص 321.

[24] تكلمت عن هذه المسألة في "ديوان الأعشى الكبير – شرح وتعليق" فمن شاء استيفاءها فليراجعها هناك في التعليق على القصيدة رقم 43.

[25] المقتطف س 27 ص 187 – 191.

[26] راجع تعليق مجلة الرابطة الشرقية على ذلك، العدد الأول من السنة الأولى ص 13، وراجع كذلك "حاضر العالم الإسلامي" 3: 389 وما بعدها.

[27] تقدم عبدالعزيز فهمي بهذا الاقتراح إلى مجمع اللغة العربية في جلسة 3 – 5 – 1943، راجع الجزء السادس من مجلة المجمع – المطبعة الأميرية بالقاهرة 1951 في مواضع متفرقة منه.

[28] الهلال س 40 ص 1385 – 1389.

[29] الهلال، أول مايو 1943 – 17 محرم 1353 – س 42 ص 829 – 833.

[30] الهلال، أول مارس 1936 – 7 ذي الحجة 1254 س 44 ص 517 – 519.

[31] راجع مجلة مجمع اللغة العربية العدد 6 ص 188.

[32] الواقع أن السنوات الألف التي عاشتها هذه القواعد ونجحت خلالها في إقامة ألسنة الناس وفي صيانة اللغة أصدق شهادة من كل ما يزعمون، وهذه المشاريع المزعومة – زيادة على أنها تفرق الناس – تحتاج إلى ألف سنة أخرى تثبت فيها نجاحها، لكي يقال أنها تساوي القواعد القديمة، فضلاً عن أن يقال إنها تفضلها، فلماذا نترك ما أثبتت صلاحيته عشرة قرون أو أكثر، إلى ما لا تثبت صلاحيته إلا بعد عشرة قرون؟ إن العلة الحقيقية ليست في صعوبة القواعد، ولكنها في إهمال تعليمها والتفريط في تدريسها، والإسراف في الكلام عن إصلاح قواعد اللغة العربية، لأن الحكومة حين تنادي بذلك تسلم بأنها معقدة حقًّا، وهي بهذا تعين على صرف الطلاب عنها وتنفيرهم منها، كما تعين على تنمية الوهم الذي يملأ نفوسهم، والذي يصور لهم استحالة الإلمام بقواعد النحو.

[33] من الواضح أن المسلمين لا يصيرون أمة واحدة حتى تكون لغتهم واحدة، وإذا كان الذين يتكلمون العربية الآن ينادون بالتخلي عنها، فلأي شيء يتعلَّمها الذين لا يتكلمونَها، وهم إنما يريدون أن يتعلموها ليتيسر لهم التفاهم مع الذين يتكلَّمونَها، والعجب أنَّنا نُطالب بالاعتراف باللغة العربية في المجامع الدولية، فأي هذه اللهجات – في زعم دعاة السوقية – يريدون أن تكون هي اللغة المعترف بها؟

[34] راجع الفقرة 2 من الفصل السادس في رقمي 5، 6.

[35] السياسة الأسبوعية، العدد الثالث 13 رمضان 1344 – 27 مارس 1926 ص 9.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.44%)]