الحلقة (476)
تفسير السعدى
(سورة ص)
من (34)الى (44)
عبد الرحمن بن ناصر السعدى
تفسير سورة ص
" ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب " (34)
ولقد ابتلينا سليمان وألقينا على كرسيه شق ولد, ولد له حين أقسم ليطوفن على نسائه, وكلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله, ولم يقل؟ إن شاء الله , فطاف عليهن جميعا , فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق ولد, ثم رجع سيمان إلى ربه وتاب ,
" قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب " (35)
قال: رب اغفر لي ذنبي, وأعطني ملكا عظيما خاصا لا يكون مثله لأحد من البشر بعدي , إنك- سبحانك- كثير الجود والعطاء.
" فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب " (36)
فاستجبنا له, وذللنا الريح تجري بأمره طيعة مع قوتها, وشدتها حيث أراد
" والشياطين كل بناء وغواص "(37)
وسخرنا له الشياطين يا يستعملها في أعماله: فمنهم البناؤون والغواصون في البحار
" وآخرين مقرنين في الأصفاد " (38)
وآخرون, وهم مردة الشياطين, موثوقون في الأغلال
" هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " (39)
هذا الملك العظيم والتسخير الخاص عطاؤنا لك يا سليمان, فأعط من شئت أو امنع من شئت, لا حساب عليك.
" وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب " (40)
وإن لسليمان عدنا في الدار الآخرة لقربة وحسن مرجع.
" واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب " (41)
واذكر- يا محمد- عبدنا أيوب , حين دعا ربه أن الشيطان تسبب لي بتعب ومشقة , وألم في جسدي ومالي وأهلي.
" اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب "(42)
فقلنا له: اضرب برجلك الأرض ينبع لك منها ماء بارد , فاشرب منه, واغتسل فيذهب عنك الضر والأذى.
" ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب " (43)
فكشفنا عنه ضره وأكرمناه ووهبنا له أهله من زوجة وولد, وزدناه مثلهم بنين وحفدة, كل ذلك رحمة منا به وإكراما له على صبره , وعبرة وذكرى لأصحاب العقول السليمة؟ ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج وكشف الضر.
" وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب " (44)
وقلنا له: خذ بيدك خزمة شماريخ , فاضرب بها زوجك إبرارا بيمينك , فلا تحنث؟ إذ أقسم ليضربنها مائة جلدة على خطأ ارتكبته.
إنا وجدنا أيوب صابرا على البلاء , نعم العبد هو , إنه رجاع إلى طاعة الله.