الحلقة (473)
تفسير السعدى
(سورة ص)
من (1)الى (11)
عبد الرحمن بن ناصر السعدى
تفسير سورة ص
" ص والقرآن ذي الذكر "(1)
سبق الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة.
" بل الذين كفروا في عزة وشقاق " (2)
يقسم الله سبحانه بالقرآن المثمل على تذكير الناس بما هم عنه غافلون.
ولكن الكافرين متكبرون على الحق مخالفون له.
" كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص " (3)
كثيرا من الأمم أهلكناها قبل هؤلاء المشركين , فاستغاثوا حين جاءهم العذاب ونادوا بالتوبة, وليس الوقت وقت قبول توبة, ولا وقت فرار وخلاص مما أصابهم.
" وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب " (4)
وعجب هؤلاء الكفار من بعث الله إليهم بشرا منهم؟ ليدعوهم إلى الله ويخوفهم عذابه, وقالوا: إنه ليس رسولا بل هو كاذب في قوله, ساحر لقومه ,
" أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب " (5)
كيف يصير الآلهة الكثيرة إلها واحدا؟ إن هذا الذي جاء به ودعا إليه لشيء عجيب.
" وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد " (6)
وانطلق رؤساء القوم وكبراؤهم يحرضون قومهم على الاستمرار على الشرك والصبر على تعدد الآلهة, فإن ما جاء به هذا الرسول شيء مدبر يقصد منه الرئاسة والسيادة,
" ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق " (7)
ما سمعنا بما يدعو اليه في دين أبائنا من قريش , ولا في النصرانية , ما هذا إلا كذب وافتراء.
" أؤنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب " (8)
أخص محمد بنزول القرآن عليه من دوننا؟ بل هم في ريب من وحيي إليك- يا محمد- وإرسالي لك , بل قالوا ذلك؟ لأنهم لم يذوقوا عذاب الله , فلو ذاقوا عذابه لما تجرؤوا على ما قالوا
" أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب " (9)
أم هم يملكون خزائن فضل ربك العزيز في سلطانه, الوهاب ,ما يشاء من رزقه وفضله لمن يشاء من خلقه؟
" أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب " (10)
أم لهؤلاء المشركين ملك السموات والأرض وما بينهما , فيعطوا ويمنعوا؟ فليأخذوا بالأسباب الموصلة لهم إلى السماء , وليمنعوا الملائكة من إنزال الوحي على محمد.
" جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب " (11)
هؤلاء الجند المكذبون جند مهزومون , كما هزم غيرهم من الأحزاب قبلهم ,