الرسول صلى الله عليه وسلم
يُشَبَّه العِلم بالمطر والأرض
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مثل ما بعثني الله به من الهدى
كمثل غيث اصاب ارضا ًفكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فانبتت الكلأ والعشب الكثير ،
وكان منها اجادب امسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا
وأصاب منها طائفة اخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ
فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلَّم
ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به "
(رواه البخاري ومسلم عن ابي موسى )
لقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم الهدى والعلم بالمطر الذي ينزل من السماء
فينزل معه الخير الكثير والنفع العام
وشبه الناس الذين يسمعون منه العلم والهدى بالأرض .
فالناس مختلفون في مواهبهم وقدراتهم وكذلك الارض في تربتها وصخورها .
وقد قسم الرسول صلى الله عليه وسلم الناس في تحصيل العلم الى ثلاثة اقسام :
فالجماعة الاولى تعلموا العلم واهتدوا به ثم نشروا العلم والهداية بين الناس فتعلم منهم خلق كثير .
والرسول صلى الله عليه وسلم شبه الجماعة الاولى بالارض الطيبة الخصبة
التي تقبل الماء فيخرخ منها الزروع والمراعي الواسعة فيأكل الانسان والحيوان .
قال الله سبحانه تعالى (أوَلمْ يَرَوا أَناَّا نسُوق ُالمَاءَ إلى الأرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تأكُلُ مِنهُ أنعَامُهُم وَأنفُسُهُم أفَلا يُبْصِرُون){السجدة37}
والجماعة الثانية تعلموا العلم والهدى فلم ينتفعوا بالعلم انتفاعا يهذب اخلاقهم وطباعهم ،
ولم يهتدوا بما تعلموه هداية تقربهم الى الله سبحانه وتعالى ،
ولكنهم نشروا العلم والهدى بين الناس فتعلم منهم كثيرون .
والجماعة الثالثة تعلموا العلم ولم يستمعوا الى الهدى بل ظلوا على الفساد والإفساد وبقوا على الضلال والإضلال .
هؤلاء شبههم الرسول عليه الصلاة والسلام بالأرض التي هي قيعان
لا ترابية ولا صخرية لا تمسك الماء ولا تحفظه ولا تنبت الزروع والمراعي ليستفيد الناس والدواب .
وهؤلاء الذين شبههم الرسول عليه الصلاة والسلام بالقيعان هم ايضا
اقرب الى الانعام من الناس ، وهؤلاء هم شر الدواب عند الله .
انهم صم لا يسمعون العلم والخير ، وبُكم لا يتكلمون بالمنفعة والهداية
وليس لهم عقل يمنعهم عن ارتكاب الشرور والاثام .
قال الله تعالى : (إن شَر الدَّوآبِّ عِندَ الله الصُمّ البُكم الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُون وَلَو عَلِم اللهُ فِيهِم خَيراً لأسْمَعَهُم ولَو أسْمَعَهُم لَتَوَلَوا وهُم مُعرِضُون ){الانفال 22-23} _