عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-03-2020, 01:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,915
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع مفهوم الأدب الإسلامي عدنان علي رضا النحوي

مع مفهوم الأدب الإسلامي
عدنان علي رضا النحوي

ب ـ الفن والأدب بعامة (9):
فالفن والأدب بعامة عطاء يصدر على النحو الذي عرضناه، ليمثّل أُسلوباً من أساليب التعبير، يحمل درجة من الزخرف أو الزينة أو الجمال، على قدر ارتباطه بالإيمان والتوحيد ونبعه وما يتلقاه من ري منه، ويرتفع بها ليكون فناً أو أدباً، تابعاً لفئته أو جنسه أو ملته وأصحابه.
ج ـ الفنّ الإسلامي والأدب الإسلامي (10):
هو عطاء الإنسان المؤمن وأسلوب من أساليب التعبير لديه. إنه العطاء الذي يتولّد على النحو الذي عرضناه من تفاعل العوامل التي رواها الإيمان والتوحيد فارتبطت به، حين يحمل هذا العطاء والتعبير الجمال الطاهر، ليساهم الفنّ الإسلامي في بناء حضارة الإيمان في حياة الإنسان. ولكل باب من أبواب الفن عناصره الخاصّة التي تهبه الجمال. فالأدب الإسلامي باب من أبواب الفن الإسلامي، أسلوب التعبير فيه اللغة والبيان، ترفعه خصائصه الفنيّة ليكون أدباً وترفعه خصائصه الإيمانية ليكون إسلامياً.
د ـ الجمال في الفن الإسلامي والأدب الإسلامي (11):
ينبع الجمال الطاهر في الفنِّ الإسلاميّ من الإيمان والتوحيد، وتفاعل العوامل المرويّة به في فطرة الإنسان المؤمن والخصائص الفنية التابعة لكل فن. والإسلام لا يطلق لفظة الجمال إلا على هذا " الجمال " الطاهر الذي ينبع من تفاعل الخصائص الإيمانية والفنية، وأما ما سواه فهو إِمَّا " فتنة " تحمل الشرّ والفساد، وإما "زخرف وزينة "عابرة. وللجمال كذلك عوامل ثلاثة تؤثّر فيه نابعة من العوامل السابقة كلها: " فالنيّة " هي العامل الموجّه الذي يفتح في الفطرة ريّ الإيمان والتوحيد، و"الموهبة" تمثل القوة المطلقة للتفاعل، و"الموازنة" هي القوة التي تنظم أدوار العوامل كلها والعناصر كلها وترتِّبها.
هـ ـ موجز خصائص الأدب الإسلامي (12):
1 إنه أدب العقيدة الإسلامية بكل خصائصها.
2 إنه عطاء الأديب المؤمن الملتزم.
3ـ ميدانه الكون والحياة كلها والإنسان، الدنيا والآخرة، من خلال تصور إيمانيّ متناسق نابع من الكتاب والسنّة.
4 اللغة العربيّة هي لغته من حيث الأساس.
5ـ إنه أدب العلم والحق، لا أدب الوهم والخرافة والأساطير.
6 إنه أدب الواقع الذي يُفهم من خلال منهاج الله.
7 إنه أدب ممتدٌّ في حياة الإنسان مع الأجيال المؤمنة الممتدة، يُمثِّل نهجاً ممتدّاً لا قطعاً متناثرة نتصيّدها من مكانٍ إلى مكان.
8 أنه أدب إنساني لأنه ينبع من حقيقة الإنسان وفطرته، ولأنه يعالج قضاياه.
9 إنه أدب عالمي، يستمد عالميّته من إنسانيته وامتدادها، وقوة أمته، وعالميّة رسالته.
10 إنه أدب له رسـالة ربّانيّة وأهـداف ربانيّـة، فهو بذلك يمثِّل حاجة للإنسان كما أن الإسلام حاجة للبشرية.
11 إن هذه الخصائص تجعل منه أدباً عزيزاً لا يذلّ ولا يهون ولا ينافق ولا ينحرف ولا يكون تابعاً.
12 إنه أدب نامٍ متطور على أسس ثابتة راسخة عميقة الجذور. لا يكون نموّه انحرافاً ولا تبعية ولا هبوطاً.
13 إنه ثمرة جهد بشري وبذل ومعاناة. فهو أدب الجهاد والبذل والعطاء. وأدب الموهبة الغنيّة. وأدب الخير والصلاح لا أدب الفتنة والفساد.
14 إنه سلاح من أسلحة الإسلام وقوة عظيمة من قواه. وأدب الحق لا أدب الباطل، وأدب الكلمة الطيبة لا أدب الكلمة الخبيثة، إنه أدب الخلق الكريم.
15 إنه أدب الحب الصادق النابع من الحب الأكبر لله ورسوله.
16 إنه أدب مسؤول، وصاحبه محاسب على كلمته بين يدي الله في الآخرة، ومحاسب في الدنيا.
17 لذلك يرتبط النصّ بصاحبه، ولا يمكن فصله عنه، إنه يرتبط ارتباط أمانة وعهد ومسؤوليّة وحساب.
18 ستظل الموعظة والوصيّة والنصيحة باباً من أبواب هذا الأدب الإسلامي، مادامت ترتقي بخصائصها الفنية والإيمانية. وهي تحمل ثروة غنيّة، وجمالاً غنيّاً في تاريخ أمة الإسلام.
19 الأدب الإسلامي ليس جديداً. ابتدأ مع بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - بخصائصه الإيمانيّة والفنيّة وامتدَّ مع العصور، ويستأنف مسيرته اليوم.
20 إنه أدب متميّز بخصائصـه الثابتـة الإيمانية والفنية، لا تنحرف مع تيارات الأدب وعواصفـه، يحافظ على استقـلاله وعـدم تبعيّته.
الشعوب بحاجـة إليه وإلى رسالته، أكثر مما هو بحاجـة لأدبها.
21 حَسْبُ الأدب الإسلامي شرفاً وعـزّة أنه ينبـع من الإسلام ويحمل رسالته ويمتدُّ معه ويكـون سلاحـاً وقوَّة له، ويكتسب منه ومن لغته الخصائص الإيمانية والفنِّيَّة.
وعلى ضوء هذه الأُسس المعروضة هنا بإيجاز والمفصّلة في مراجعها، يمكن أن نقدم التعريف التالي للأدب الإسلامي أو الأدب الملتزم بالإسلام:
تعريف الأدب الإسلامـي:
" الأدب الإسلامي باب من أبواب الفنّ الملتزم بالإسلام، وهو أشرفها وأعزّها. وهو فنّ التعبير باللغة والبيان. لغته اللغة العربيّة التي اختارها الله لدينه الحقّ بياناً معجزاً في كتابه الكريم. وهو ثمرة التفاعل بين القوى العاملة في فطرة الإنسان المؤمن، مرويَّة بريّ الإيمان والتوحيد، خاصّة التفاعل بين العاطفة والتفكير وما تحمل كلٌّ منهما من شحنات الواقع وزاده، التفاعل الذي تشعله الموهبة، فينطلق النصّ الأدبي شعلة مضيئة، يحمل جماله الفنيّ من تفاعل الخصائص الإيمانيـة والخصائص الفنيّة في فطرة الإنسان، مع صدق النيّة، وعلى قدر حق من الله - سبحانه وتعالى -، يحمل رسالة ربانيّة ويسعى للمساهمة في تحقيق أهداف ربّانيّة، لبناء حضارة الإيمان في الواقع البشري، ميدانه الكون والحيـاة والإنسـان والدنيا والآخرة، فيكون بذلك الأدب الإنساني العالمي. "
ويمكن إيجاز هذا التعريف كما يلي: ـ
موجز تعريف الأدب الإسلامي:
" الأدب الإسلامي ثمرة التفاعل بين القوى العاملة في فطرة الإنسان المروية بالإيمان والتوحيد، تشعله الموهبة المؤمنة ليخرج الأدب شعلة غنية، جماله إشراقة التفاعل بين خصائصه الإيمانية والفنية، لغته هي اللغة العربية، وميدانـه آفاق الكون والحياة والإنسان، يحمل رسالة ربانية ويسعى إلى أهداف ربانية، ليساهم في بناء حضارة الإيمان في الأرض، وليكون بذلك الأدب الإنساني العالمي ".
من هذا التعريف نحـدِّد العوامل المولّدة للأدب الإسلامي: الإيمان والتوحيد، النيّة الخالصة لله - سبحانه وتعالى -، العاطفة، الفكر، شحنات عليهما من زاد الواقع، وصدق العلم بمنهاج الله، الموهبة، قدر الله ومشيئته. ويظل الفضل في كل عمل كريم من الأدب الإسلامي لله - سبحانه وتعالى -. ويُبيّن لنا هذا التعريف أثر الواقع ودوره. كما يبيّن أن الأدب الإسلامي هو عطاء الأديب المؤمن، وأنه يحمل رسالة في الحياة وله أهداف يسعى إليها، يساهم بها في بناء حضارة الإيمان. ويبيِّن هذا التعريف أيضاً أن للأدب الإسلامي خصائص إيمانيّة وخصائص فنيّة، وأن الجمال فيه ينبع من تفاعل هذه الخصائص وتلك. وندرك كذلك أن الأدب ليس نتيجة تجربة شعورية فحسب، وإنما نتيجة تفاعل العاطفة والفكر، إِذ يتعذّر لإحداهما أن تعمل وحدها. ويبيّن كذلك أنّ لغته هي اللغة العربية.
وإذا قيل إنّ " لغته الأولى هي اللغة العربية "، فربّما كان ذلك مسايرة لواقع تفرّق فيه المسلمون أقطاراً وشعوباً وشيعاً، وهان شأن اللغة العربيّة بينهم. فاللغة العربية هي لغة المسلم، و لغة عبادته وعطائه، ولغة أمّة الإسلام كما كانت عندما كان المسلمون أمّة واحدة، حين امتدّت اللغة العربية إلى المسلمين وإلى غير المسلمين. ولم يعرف المسلمون في عصورهم الأولى أدباً بغير اللغة العربية، وبرز علماء كثيرون باللغة العربية وآدابها من غير العرب.
ويشير التعريف إلى أن الأدب الإسلامي أدب مجاهد، أدب طاهر، ينبع من فطرة الإنسان السويّة التي لم تشوَّه ولم تفسده سوء النية والآثام والمعاصي. ولأنه ينبع من فطرة الإنسان فهو إنسانيّ بطبيعته وجوهره، ولأنه يحمل رسالة ربانيّة فهو عالمي. فإذا فسدت الفطرة وتخلّى الأدب عن رسالته فقد منطلق إنسانيّته وعالميته وفقد جوهر خصائصه.
ويكون للأدب الإسلامي خصائص وسمات تميّزه من غيره من الآداب، وتساهم في بنائه وعطائه. فله خصائص إيمانيّة مغروسة في فطرة الإنسان المؤمن كما ذكرناها قبل قليل. وله خصائصه الفنيّة أيضاً، يمكن أن نوجزها بما يلي: الصياغة الفنيّة، الجنس الأدبي، الموضـوع الفني والفكرة الموحية، الشكل، الأسلوب. ويكتسب الأدب من هذه الخصائص الفنيّة أربع صور للجمال المؤثر: النغمة والجرس، الصورة، الحركة، الفكرة الموحية.
وبصورة عامة فإن جميع العوامل والعناصر للجمال في الأدب الإسلامي تأخذ رواءها إشراقتها من مصادر ثلاثة: الإيمان والتوحيد، الكتاب والسنة، اللغة العربية، تجتمع كلها في فطرة الأديب المسلم المؤمن، في فطرته النقيّة الصافية السليمة. لتطلق جوهر الأدب الإسلامي بتفاعل الخصائص الإيمانية والفنيّة.
ويأتلق الجمال الفنّي في الأدب الإسلامي حين يصدق الأدب في حمل رسالته الربانيّة، وحين يساهم في جهاد كريم لتحقيق الأهداف الربانيّة، ولا ينحرف ولا يتيه ولا يهبط.
فلابد للأدب الإسلامي أن تتوافر فيه الخصائص الفنيّة لترفعه ليكون أدباً، ولا بد أن تتوافر فيه الخصائص الإيمانية حتى ترتقي به ليكون إسلامياً. ويأتلق الجمال المتميّز المؤثر بتفاعل الخصائص الإيمانيّة والخصائص الفنيّة في فطرة الإنسان.
وأخيراً، أقول إني قد عرضتُ وجهة نظري هذه بتفصيلها مع البيّنة والحجة من منهاج الله، ومن الواقع الذي نفهمه من خلال منهاج الله، ومن قواعد اللغة العربية العظيمة، في كتبي التي سبق أن أصدرتها منذ تأسيس الرابطة إلى يومنا هذا. وقدّمت معها نماذج تطبيقية من الشعر والملاحم تلتزم النهج الذي أعرضه.
----------------------------------------
(1) التعريف: مقدمة ابن خلدون: 3/1277.
د. عدنان علي رضا النحوي ـ الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته ـ الباب الأول ـ الفصل الأول.
(2) التعريف: د. محمد مندور: الأدب ومذاهبه ـ (ص: 6).
(3) التعريف: سيد قطب النقد الأدبي وأصوله ومناهجه ـ (ص: 9).
(4) التعريف: محمد قطب: منهج الفن الإسلامي (ص: 6).
(5) التعريف: مجلة البعث الإسلامي ـ الهند: عدد رمضان / شوال سنة 1401هـ ـ (ص: 68).
(6) التعريف: نفس المصدر السابق.
(7) التعريف: د. جابر قميحة ـ مجلة الوعي الإسلامي العدد 376 ـ ذو الحجة 1417هـ / 1997م.
(8) قانون الفطرة وولادة النص الأدبي: د. عدنان علي رضا النحوي:
الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته ـ الباب الثاني ـ الفصل الأول.
النهج الإيماني للتفكير ـ الباب الرابع ـ الفصل الثاني.
الأسلوب والأسلوبية ـ الباب الرابع ـ الفصل الأول والفصل الثاني.
التربية في الإسلام ـ النظرية والمنهج ـ الباب الثالث ـ القسم الثاني.
(9) د. عدنان علي رضا النحوي: النقد الأدبي المعاصر: الباب الثالث ـ الفصل الثاني (ص: 135 ـ 140).
(10) المصدر السابق
(11) د. عدنان علي رضا النحوي: الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته: الباب الخامس بفصوله الخمس ـ (ص: 231 ـ 414).
النقد الأدبي المعاصر بين الهدم والبناء: الباب الثالث ـ الفصل الثاني: 141 ـ 145.
(12) د. عدنان علي رضا النحوي: أدب الوصايا والمواعظ: الباب الأول الفصل الأول (ص: 19ـ 23).
الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته:الباب الأول ـ بفصوله الأربعة ـ (ص: 22ـ 80).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.89 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.20%)]