الموضوع: أولاد العلماء!
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-02-2020, 06:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي أولاد العلماء!

أولاد العلماء!


د. محمد إبراهيم العشماوي

يقال: إنَّ غالِبَ أولاد العلماء ليسوا كآبائهم في نَباهة الذِّكر، واستقامة الأَمر، ولله حَكمة في ذلك!

كان لشعبة ولدٌ اسمه سعد، كان يقول له: اذهب إلى هشام الدَّسْتُوَائي؛ يعني: ليحدِّثك، فيقول له: اليوم أريد أن أُرسل الحمام!

وكان يقول: سمَّيتُ ابني سعدًا، فما سَعِد ولا أَفلح!

وأمَّا الأعمش، فقيل: كان له ولد مغفَّل، أرسله يومًا ليشتري لهم حبلَ غسيل، فقال: يا أبتِ، طول كَم؟

فقال: عشرة أَذرع، قال: في عَرض كم؟ قال: في عرض مصيبَتي فيك!

وابتُلي ابن الجوزي - وهو الذي ملأ الدُّنيا وعظًا، كما ملأها شُعبة والأعمش عِلمًا - بولَد له اسمُه عليٌّ، كان واعظًا فترك الوعظَ، ولزم النذالة والبطالَة، وصاحَب المفسدين، واشتغل بما لا يَجوز، وكان ينال مِن أبيه، وربما غلَّ من كتبه، وكان أبوه يخبر عن نفسِه أنَّه يدعو عليه كلَّ ليلة في وقت السَّحَر!


وحكى الجبرتيُّ في تاريخه عن الشيخ محمد شنن المالكي، شيخ الجامع الأزهر، وكان من أثرياء عَصره - أنَّ ابنه موسى بدَّد الثروةَ التي تركها له بعد موتِه، ومات مدينًا فقيرًا!

وأعرف اليوم من كِبار مشايخنا مَن خرج أبناؤه على خِلاف ما يَشتهي في العِلم والعمل، فأورثه ذلك حزنًا وغمًّا.

وقد شاع على أَلسنة العامَّة: يخرج من صلب العالِم فاسِق!

ويصدقه - فضلاً عن الواقع - قولُه تعالى: ﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ﴾ [يونس: 31]، وما قيل في تَأويله ممَّا يحتمل هذا المعنى.

وفي مقابل ذلك، فقد يكون ولَد العالِم كأبيه، بل يَقع الاشتغال بالعِلم في نَسله، ويستمر التسلسُل إلى ما شاء اللهُ؛ ومن ذلك ما يُعرف برواية الأبناء عن الآباء؛ كعمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه، وبَهز بن حكيم عن أبيه عن جدِّه، وطَلحة بن مصرف عن أبيه عن جدِّه، وأبي الفرج عبدالوهَّاب التميمي الفقيه الحنبلي عن تِسعة من آبائه نسقًا، وأشباه تلك السلاسل.

وقد عرَف التاريخُ كثيرًا من البيوتات العلميَّة العريقة التي توارثَت العلمَ خلفًا عن سلَف؛ كبيت الإمامِ أحمد بن حنبل، وبيت الإمام أبي حاتم الرَّازي، وبيت آل منده الأصبهاني، وبيتِ آل تيميَّة الحرَّاني، وبيت الإمام السُّبكي، وبيت الحافظ العراقي، وغيرها من البيوتات المشهورة.

وفي عصرنا الحاضِر فإن أسرةً أزهريَّة مثل أسرة العلاَّمة الراحل سيد أحمد المسير قد توارثَت العلمَ الشرعيَّ في رجالها، حتى قال الشيخ رحمه الله: لو كان عندي عشرة من الولَد ما علَّمتهم إلاَّ في صحن الجامع الأزهر!

وقد أنجب ولدُه الدكتور محمد سيد أحمد المسير رحمه الله نحوَ عشرة رجال، جلُّهم علماء!

وأمَّا شيخنا العارف عبدالسلام أبو الفضل رحمه الله، فقد بَقي العلمُ في نسلِه رجالاً ونساء!

فاللهمَّ اكتب أولادَنا عندك صالحين، واسلكهم في دَرب السُّعداء المفلِحين، واجعلهم قرَّةَ عين لنا يا ربَّ العالمين، ولا تُخزنا فيهم يا أكرمَ الأكرمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.75 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.80%)]