عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-08-2019, 01:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,355
الدولة : Egypt
افتراضي بسيرتك . . لا بلسانك ! !

بسيرتك . . لا بلسانك ! !
جهلان إسماعيل



أرسل الله - عز وجل - الرسل وبعث الأنبياء - عليهم السلام - بشراًً حتى يكونوا قدوة للإنسانية كلها، وحتى يجد الإنسان بين يديه صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شئون الحياة الفاضلة.
يقول الله - عز وجل - في معرض حديثه عن إبراهيم - عليه السلام - والفئة المؤمنة معه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [الممتحنة: 6].
ويقول عن نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب: 21].
ولقد ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أروع المثل في هذا الشأن، فقد تجسدت فيه مبادئ الإسلام وأحكامه وأخلاقه حتى وصفته أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها - بقولها: "كان خلقه القرآن". رواه مسلم.
"فحياته - عليه الصلاة والسلام - تقدم إلينا نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه، الأمين مع قومه وأصحابه، كما تقدم النموذج الرائع للإنسان الداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة الباذل منتهى الطاقة في سبيل إبلاغ رسالته، ولرئيس الدولة الذي يسوس الأمور بحذق وحكمة بالغة، وللزوج المثالي في حسن معاملته والأب في حنو عاطفته مع تفريق دقيق بين الحقوق والواجبات لكل من الزوجة والأولاد، وللقائد الحربي الماهر والسياسي الصادق المحنك، وللمسلم الجامع - في دقة وعدل - بين واجب التعبد والتبتل لربه، والمعاشرة الفكهة اللطيفة مع أهله وأصحابه. " فقه السيرة للبوطي.
إن القدوة هي أقوى العناصر المؤثرة في شخصية الداعية أو المعلم وهي مقدمة على غيرها من العناصر إذ إن الناس بطبيعتهم لا يصدقون رجلا تخالف أفعاله أقواله.
يقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه"
فما أسهل وأيسر الحديث عن خلق من الأخلاق أو أدب من الآداب، فكثير من الناس يملكون ناصية القول والقدرة على الشرح والتنظير، غير أن هذا الخلق أو هذا الأدب سوف يظل مجرد كلام ما لم يتجسد في أناس يطبقونه على أنفسهم ويراهم الناس نماذج حية.
وقد أنكر الله - سبحانه - على الذين تخالف أفعالهم أقوالهم وأوضح مقته الشديد لهذا الأمر: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) [الصف: 2، 3].
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - مبيناً عاقبة هذا الصنف من الناس: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون: يا فلان! ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر?* فيقول: بلى قد كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه" متفق عليه.
أخي المسلم.. أخي الداعية:
فلتكن دعوتك بسيرتك لا بلسانك فإن عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل.
إن مطابقة أفعال الداعية لأقواله دليل على صدق دعوته وإخلاصه لها وإيمانه بها، يقول الأستاذ جمعة أمين: "إننا لا نكون صادقين في دعوتنا، إلا إذا كنا قدوة في سلوكنا وأخلاقنا فما قيمة دعوة مترف إلى التقشف، وما تجدي دعوة ظالم لإنصاف المظلومين، بل وما قيمة دعوة كاذب إلى الصدق ودعوة منحرف على الاستقامة، إنها دعوات لا تجدي، بل تترك أثراً سيئاً في نفوس المدعوين"

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.41 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.65%)]