عرض مشاركة واحدة
  #1382  
قديم 13-12-2013, 04:19 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــع الموضوع السابق
شبهات حول قضية النسخ



* الصيام : قال الله تعالى ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )) البقرة .
* في ابتداء فرض الصيام كان إذا أفطر أحدهم إِنَّما يحل له الأكْل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء فقط ، إلا إذا نام قبل ذلك ، فإذا نام أو صلى العشاء فقدْ بدأ صومه إلى الليلة التالية ، فوجدوا في ذلك مشقة كبيرة ، لان الرجل لو كان صائمًا فنام المغرب قبل أن يفطر فقد حُرِّم عليه الأكل والشرب والجماع إلى الليلة التالية كصيام أهل الكتاب ، وقد وقع ذلك لأحد الصحابة حيث كاد أن يهلك من الجوع والعطش ، ووقع لآخر أن أتى امرأته بعد أن نامت (وذلك لا يحل) حيث قال في نفْسه إِنَّها لم تَنَمْ ولكنها تتعلل ، فغلبته نَفْسُه وشَهْوَتُه على عقله ودينه ، مُبَرِّرةً ومُسَوَّلة ومُطَوِّعة له ذلك بأن الزوجة لم تنم ، فكأن النفس اجتهدت في إخفاء المخالفة على العقل والوازع الديني حتى يوافقها صاحبها ويفعل ما تهواه وتشتهيه ، وهذا هو اختيان النفس ، في قوله تعالى ( عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ )) البقرة لأن لفظ الخيانة لا يستعمل إلا في المخالفة التي تخفى على المَخُون ، والنفس هنا هي الخائنة ، وصاحبها هو المخون ، والمعني : تختانكم أنفسُكم ، وعبارة القرآن أبلغ ، وهي التي يستعملها الناس في حياتهم ، كالمريض الذي يتناول الممنوعات عليه ويجتهد في ا لتبرير والتهوين وتنويم ضميره ، فيقول له الطبيب : أتخون نفْسَك ـ أو : أَتَغُشُّ نفسك ، أو : أتضحك على نفسِك ، وهكذا . والمراد هنا أنَّ الأمر قد شق عليهم حتى وقع بعضُهم في اختيان النفس ، لكن الصحابي الجليل ذهب بعد ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائلاً : يا رسول الله : أعتذر إلى الله من نفسي هذه الخائنة .. وحكى ما حدث منه ، وجاء آخرون أيضًا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكروا مثل ذلك من الأكل أو الشرب أو الجماع ، وكلهم يريد الاعتذار والتوبة إلى الله عَزَّ وَجَلَّ ، لا اعتراضًا على شدة الحكم ، لأن حق الرب الملك الإله أن يحكم ما يريد ، وأن تُبذل الأموال والأنفس في سبيله . فأنزل الله هذه الآية بهذه الرخصة بإحلال الأكل والشرب والجماع (الرَّفث) إلى الفجر (بدلاً من العشاء) بلا تأثير للنوم في ذلك ، فجاء هذا الحكم ناسخًا ورافعًا للحكم الأول ، ودليل النسخ قوله تعالي ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ )) فقبل الآن كان الحكم المنسوخ ، والآن جاء الحكم الناسخ المستقر إلى يوم القيامة .
ولفتةٌ جميلةٌ في قوله تعالى ( وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ )) إذ أن ليالي رمضان - وخصوصًا العَشْر الأواخر - مَغْنَمٌ للمؤمنين ، فإذا كان الله قد أباح لكم مباشرة أزواجكم ليلة الصيام ، فلا يشغلكم ذلك عن الخير الذي كتبه الله لكم من القيام والاعتكاف واغتنام ليلة القدر ، علاوة علي ابتغاء الذرية الصالحة التي تعبد الله لا تشرك به شيئًا ، وابتغاء الآجر الذي يكتبه الله على مباشرة الأزواج .
سؤال : يردده السفهاء ابتغاء فتنة الجهلاء والضعفاء من المسلمين :-
* هل كان الحكم الأول مُشَدّدًا لتجربة احتمال المسلمين واختبار طاقتهم ، فلما تَبيَّن شدة الحكم ومشقة الأمر عليهم تم نَسْخُه بالحُكْمِ الثاني المُخفَّف ؟ بمعنى : هل بَدَا للمشرع من حال الناس ما كان خافيًا عليه ، ولم يكن باديًا له فاضطر إلى تعديل الأمر ليناسب أحوال الناس ؟ ، وإذا كان كذلك فلا يمكن للقرآن أن يكون كلام الله الذي يعلم كل شيء عن الخلق إلى يوم الدين وما بَعْده ، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، فالبداء عليه محال ، وكان الأيسر : الابتداء بالحكم الثاني ، والثبات عليه بلا نسخ .
الجواب سأجعله في نقاط مركزة :-
* الله تعالى هو الرب المالك الذي له ملك كل شيء ، وكل الخلق مماليكه ، فيأمر بما يشاء وينهى عما يشاء ، ويثبت ما يشاء وينسخ ما يشاء بما يشاء ، ولا يفعل شيئًا من ذلك إلا لحكمة بالغة ، فما من حُكْمٍ إلا وهو تابع للحِكْمةِ ، والحكمةُ تختلف باختلاف الناس وزمانهم ومكانهم ومصلحتهم ، لا باختلاف علم الحاكم حاشا لله عَزَّ وَجَلَّ .
* فترة الرسالة ثلاث وعشرون سنة ، ابتدأت بقوم على الجاهلية الجهلاء وانتهت بكمال الدين وتمام النعمة بما يسع جميع الناس في كل بقاع الأرض على مدار القرون إلى يوم الدين ، وبما لا يجافي أية حالة من حالات الإنسان ، فلن تحدث قضية إلا ولها مَثَلٌ في الكتاب والسنة ، وانتهت الرسالة والأمَّة في غاية الرقيّ الإنساني ، وغاية الكمال البشري ، وإنما تم ذلك بالتربية التدريجية ، والتدرج في الأحكام بمراعاة الأصلح والأنفع لكل حال ولكل ظرف ، مع ما يناسب قابلية الناس في سنوات الرسالة ليقدِّموا القدوة اللازمة لجميع الدرجات للناس كافة إلى آخر الزمان .
* الله تعالى يحب أن يتعرف إلى عباده بأسمائه وصفاته ، ويَمْتَنُّ عليهم بمقتضياتها ، ومقتضى العفو في الآية ظاهر في قوله تعالى ( فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ )) ، وحق الله علينا كبير لا نبلغه ولا نستطيعه ، ولا حل لهذه المعضلة إلا عفوُه عَزَّ وَجَلَّ ، حيث ترك أكثر حقه لدينا ولم يطالبنا إلا بما جاء به الشرع ، ففي هذه المسألة فرض علينا الصيام بالحكم الأول المشدَّد الذي شق على الأصحاب وهم خير القرون ، فجاء التخفيف بالحُكْم الناسخ ، وذلك بمقتضى العفو أيضًا ، ثم إذا نسينا أو أخطأنا سألناه عفوًا آخر مقابلاً للخطأ والنسيان وهكذا أنواع من العفو ، وأيضًا فالتخفيف هو من مقتضى الرحمة والحِكْمة وأيضًا توبة الله عليهم بعد هذا الظرف من الشدة إنما هي فضل من الله يرفعهم بها درجات عنده لأنهم صادقون كما تبين ، حيث بصدقهم صار اختيانهم لأنفسهم في هذه الشدة كان سببا قدره الله لتوبته عليهم ، كما قال تعالى ( لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )) التوبة .
* عندما يقرأ المسلم آية الصيام في ليالي الصيام وهو يتنعم بالمآكل والمشارب ومباشرة زوجه مع عمله بما كان قبل النسخ ، فما أجدره أن يشكر نعمة الله في عفوه هذا الذي لا ينسى ، كما أنه إذا تعرض لظروف شديدة طارئة في ليالي وأيام الصيام ، فما أجدره أن يذكر الاقتداء بهؤلاء الصادقين ويصبر ويستعين بالله .
* فإذا تبينت هذه الفوائد والحِكم ، وهي قليل من كثير ، علمنا أن قضية النسخ في القرآن ليست قادحة في نسبته إلى الله ، بل مثبتة لأنه كلام الحكيم العليم ، قال تعالى ( وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ )) النمل ، وعلمنا أيضًا أن هؤلاء المعترضين سفهاء لا يفرقون بين البداء أو العلم بعد الخفاء وبين الأحكام التابعة للحكمة التي تختلف باختلاف الناس ، حيث الحاكم عَزَّ وَجَلَّ يعلم أن هذا الحكم في هذا الزمان أو لهذه الأمة مناسب ، وفي زمن آخر أو لأمة أخرى غير مناسب ، ولهذا كان النسخ من مقتضى الحكمة والعلم لا مخالفًا لهما .

(3) ما نُسَخَ لفظه وبقي حكمه : وقع ذلك في آية واحدة : هي آية الرَّجْم نسخ لفظها وبقي حكمها ، فرجم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ورجم الخلفاء بعده ، وما زال حكم الرجم باقيًا إلى يومنا هذا وسيبقى إلى يوم القيامة . وهو حكم الزاني المحصن (أي الذي سبق له زواج ، وجامع امرأته في نكاح صحيح) ، أما دليل آية الرجم أنها كانت في القرآن ، فهو ما ثبت في الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وهو عَلَى الْمِنْبَرِ يخطب الناس قال ( فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ! فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ ))



فإعلان عمر رضي الله عنه ذلك على المنبر والصحابة جالسون ساكتون يدل على أنه محل إجماع بينهم أن هذا كان مما نزل من القرآن ، وأن حكم الرجم ثابت لم ينسخ لأن الخلفاء رَجَمُوا بعد موته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والنَّسخ لا يكون إلا بالوحي في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وعمر - رضي الله عنه هو المحدث الملهم - يقول ( فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ )) . وأزماننا هذه والتي قبلها قد وقع فيها ما توقَّعه عمر رضي الله عنه ، ووجدنا أناسًا أنكروا الرجم بحجة أنه ليس ثابتًا في القرآن الآن ( لأنه نُسِخ ) بل وَجْدنا من يقول بوحشية الرجم موافقًا ومجاريًا ومتأثرًا بكلام المُلْحِدين والدُّعَّار ، فلا حول ولا قوة إلا الله العلي العظيم .
سؤال : إذا كان حكم الآية ثابتًا وباقيًا إلى نهاية الدنيا ، فلماذا نسخ لفظ الآية ؟ ألم يكن الأولى أن تظل باقية فلا تكون فتنة ، ولا يجترئ أحد على إنكار الحكم !؟
الجواب : (1) الله تعالى له كمال الملك والعلم والقدرة والحكمة ، فيثبت ما يشاء وينسخ ما يشاء بمقتضى علمه وحكمته وقدرته وملكه ، والمؤمنون مُسَلِّمون لَهُ سبحانه في ذلك وفي كل شيء ، سواء علموا من تلك الحكمة أو لم يعملوها ، ولا يمنعهم ذلك من سؤال المسترشد المستنصح المستفهم ، أما غيرهم فيسال سؤال المعترض المتِّبع لما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، فيتبيَّن الذين صدقوا ، ويتميَّز عنهم الكاذبون والمرتابون .
قال تعالى( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا )) الإسراء ، وقال ( مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ )) آل عمران ، وقد سبق بيان ذلك في المقدمة ، فقضية النسخ هي مما يختبر ويمتحن به الناس ، وبالتالي لا وجه لقول السائل : (ألم يكن الأوْلى إبقاء لفظ الآية) لأن نسخ الَّلفظ أمُرٌ يراد ، وكم كشف الله به من أمر الكاذبين والمُدِّعين .
(2) الكتاب والسُّنَّة أصْلان عظيمان لا يفترقان ، ولا يُغْني أَحَدُهُما عن الآخر فإذا كان لفظ الآية قد رُفِع ، فإنَّ السُّنَّة القولية والعملية تغني وكذلك الإجماع ، فلا تأثير لرفع لفظ الآية في ثبوت الحكم والعمل به إلى يوم القيامة .
والمؤمنون الصادقون لم يزدادوا بهذا النسخ إلا إيمانًا ورسوخًا على سنة نبيهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
(3) هذا المسلك من المؤمنين بِالعمل بنص منسوخ لَفْظُه هو مما يبين أفضلية هذه الأمةِ الوَسَط ، في مقابلة مسلك أخبث الأمم أمة اليهود مع آية الرجم الثابتة عندهم في التوراة لم تنسخ لفظًا ولا حكمًا ومع ذلك اجتهدوا في كتمانها والتحيل في إلغاء حكمها من حياتهم ، لقد حاولوا كتمه لما كثر الزنا في أشرافهم ، قالوا كيف نرجم الأشراف ؟ فأحدثوا لهم عقوبة ، وهي أن يُسوَّد وجه الزاني والزانية ، وأن يركبا على حمار أحدهما وجهه إلى وجه الحمار والثاني وجهه إلى دبر الحمار ، ويطاف بهما في السوق ، ويقال هذان زانيان ، وقالوا : فإذا طفنا بهم في السوق ورجعنا بهم إلى البيت اغتسلا بصابون ومزيل للسواد ثم عادا على حالهما ، وانتهى الأمر ، ولكن مع ذلك كانوا في قلق من هذا ، وليسوا مطمئنين ، فلما هاجر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووقع الزنا بين رجل منهم وامرأة قالوا : اذهبوا إلى هذا الرجل لعلكم تجدون في شرعه حدًا دون الرجم ، فجاءوا إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحكم عليهم بما في التوراة ، فجاءوا بالتوراة يتلونها فوضع الرجل يده على آية الرجم ، ولكن كان عندهم الحبر عبد الله بن سلام رضي الله عنه وهو حبر من أحبار اليهود فقال له : ارفع يدك فلما رفع يده فإذا بآية الرجم تلوح بيِّنةَ فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجمهما فَرُجما ، فانظر إلى أمة عملت بنص مفقود لفظه ثابت حكمه ، وإلى أمة حاولت كتم نَصِّ موجود في التوراة وإماتة حكم الله فيه يتبين لك خيريَّة هذه الأمة ، وحكمة نسخ لفظ آية الرجم ، وأن النسخ في القرآن هو أحد وجوه الإعجاز فيه .
* سؤال فرعي عن حكم الرجم : لماذا جاء حَدُّ الزانية أو الزاني المحصن رجمًا بالحجارة المتوسطة الحجم حتى الموت ، وذلك من أشنع القتل ، لأنه قتل مع تعذيب مشهود أمام الناس ، حتى إن من خصوم الإسلام من يتهجم عليه في الرجم واصفًا إياه بالبشاعة والوحشية ومُجَافاة الآدمية ، فضلاً على أن يكون تنزيلاً من الرحمن الرحيم ؟ .
الجواب : - هذا مما يقال عمومًا على العقوبات الشرعية والحدود كالقصاص ، وقطع يد السارق وقتل المرتد ، ورجم الزاني المحصن ، وجلد غير المحصن مائة جلدة ، وجلد شارب الخمر أربعين جلدة ، وحد القذف وحد الحرابة وما شابه ، ولقد صُنِفْت في ذلك الكتب والرسائل ، وهنا لا يتسع المجال إلا لنقاط جامعة بإذن الله .
(1) إن قاعدة العقوبات حتى عند مشرِّعي القوانين الوضعية هي أن قَسوْة العقوبة إنما تحددها خطورة الجريمة فلا بد من التلاؤم بينهما ، وجريمة الزنا في الإسلام هي من أخطر الجرائم التي تعصف بالدين والعرض والنسل والنفس ، والمحصن قد عرف سبيل الإحصان وتمكن منه وذاقه ، بخلاف البكر الذي لم يحصن بعد ، فالرجم متناسب جدًا مع الجريمة وخطورتها .
أما عند خصوم الإسلام ، فالزنا حرِّيةٌ شخصية وليس جريمة فطالما أنه بالتراضي فهو قائم على الحب والتلذذ بلا مفاسد ، سواء بحمل أو بغير حمل ، وقول الخصوم هذا إنما هو ظلم وجهل كما قال تعالى ( وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )) الأحزاب .
(2) نقول لهم : هذا شرع الله المنزل ومعه دليله أنه منزل من عند الله ، فهل أنتم أعلم وأرأف !!! .
وسأكتفي بهذه الأمثلة الثلاثة (آيتا المصابرة ـ أيةُ الصِّيَام ـ آية الرجم) لأنها تكفي في بَيَان مَعْنَى النَّسْخ وحِكْمته وأنه أحد وجوه الإعجاز القرآني ، وسنوجز الباقي دون تفصيل .
3 ـ ما نُسٍخَ حُكْمُه ولفظه :
قَالَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ (عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ )) .

أقسام النَّسْخ باعتبار الناسخ :-
1 ـ نسخ القرن بالقرآن ، ومثاله : آيتا المصابرة والصيام كما سبق .
2 ـ نسْخ السُّنَّة بالقرآن ، ومثاله : نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسُّنة باستقبال الكعبة الثابت بقوله تعالى( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ .. الآية )) البقرة ، وهذا أول نسخ وقع في القرآن ، ولأهميته سُنِطيلُ الكلام فيه .
3 ـ نسخُ السُّنَّة بِالسُّنَّة ، ومثاله قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا )) .
4 ـ نسخُ القرآنِ بالسُّنَّة : وهذا لم نَجِدْ له مثالاً سَليمًا ، والذي وجدناه أن الحديث يتَّفق مع الآية الناسخة ويُبْيِّنُها ، ولا ينفرد بالنسخ .

 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.13 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.34%)]