عرض مشاركة واحدة
  #1381  
قديم 13-12-2013, 04:17 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

شبهات حول قضية النسخ



الشيخ : فوزي سعيد
مقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ به تعالي من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه من يهدِ الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هديُ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وبعد :
شبهات حول قضية النسخ في الكتاب والسنة
(1) مقدمة : لقد جاء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالبينات ، أي بالمعجزات والآيات الدالات علي صِدْقِه وأكبر مُعْجِزَاته : هو كتابه وهو القرآن العظيم الذي أنزله الله بِعِلْمِه ، أي متضمناً لِعِلمٍ لا يعْلَمُه إلا الله من أسرار الخلق وما كان وما سيكون إلي يوم الدين ، قال تعالي ( قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا )) الفرقان . فإذا أكتشف الإنسان شيئاً من أسرار وحقائق المخلوقات في الآفاق أو في الأنفس ، في الفَلَكَ أو في البحار أو في علوم الأرض أو في الكيمياء أو في أطوار خلق الإنسان أو غير ذلك مما لا يحصى ، ثم وجد أن ذلك العلم مسطور ومكنون في القرآن بذكر تلك الحقائق والأسرار التي لم تكن معروفة من قبل ، فحينئذ يَسْتَيْقن جميع العقلاء أن هذا القرآن مُنَزَّل من العليم الخبير خالق كل شيء ، والذي يعلم السِّرَّ في السماوات والأرض . ولا يزال ذلك الأمر مستمرا ومتجددًا إلي يوم القيامة حتى يَسْتَيْقنَ جميع الأجيال إلي يوم الدين أنه الحق من رب العالمين . هذا بخلاف وجوه الإعجاز الأخرى التي يختص بها طلاب العلم . ومِنْها انعدام التَّنَاقض ( الاختلاف ) ، ولا يزال الذين في قلوبهم زيغ يبحثون في القرآن عن شيءٍ من التَّناقض يَخْرجُون به علي الناس ، كما قال تعالي ( فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ )) آل عمران . ولم ولن يتوقف أعداء الإسلام عن البَحْث والتَّلْفيق لَعلَّهم يَجدون شيئا ، ويتعاون شياطين الجن والإنس في هذا السَّبِيل ليصدُّوا الناس عن الحق ، فَيُقَيِّضُ اللهُ عز وجل من العلماء من يتلقَّى شُبُهَاتِهم فيفنِّدَها ويبطلَها ، وَيَرُدَّ كيْدَهم في نحورهم بالحَّجةِ والبيان والبرهان ، فيظهر لأصحاب العقول دليل جديد علي أنه الحقُّ من عند الله فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ، وأَمَّا الذين في قلوبهم مرض ، فقلوبُهم فيها من الجهل والظلم والمرض ما يَسْمحُ بدخول الشبهات وزُخْرُف القولِ ، فتزداد شَكَّا وَرَيْبًا ورجْسًا إلي رِجْسِهم . وبهذا يتميزُ الصَّادِق من الكَاذِب ، وهذه سنة ربَّانية علي مَرِّ العصور لا تتبدَّل ولا تتحول ، حيث يجعل الله للحق عَدُوَّا يدفع بالأباطيل والشبهات ، فيتصدَّى لهم أهل الحق بالحجة والبرهان فََيُدْمَغ البَاطِلُ فإذا هو زاهق ، علاوة علي تميز الصَّادق من الكاذب ، وازدياد الذين آمنوا إيمانا ، وازدياد الذين في قلوبهم مرض رجسا إلي رجسهم ، قال تعالي ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ )) الأنبياء . وقال ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )) العنكبوت . وقال ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ )) الأنعام . وليْس هذا موضع شرح هذه الآيات ، والمقصود هنا بيان أَنَّ القرآن لا يتناقض أبدا ، مع أنَّ الله ضَرَب فيه من كل مثل ، وما فرَّط فيه من شيء يلزم الناس إلي يوم الدين ، فلو كان من قول البشر وتصانيفهم لامتلأ تناقضا واختلافا ، لا سِيَّما وقد اشتمل علي كل علم يحتاج إليه الإنس والجن بما في ذلك أنباء الأولين والآخرين ويوم الدين وشرع رب العالمين . قال تعالي ( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا )) النساء . فإذا تَبيَّن ذلك للعاقل فآمن به ، فليس له أن يقول : أقْبَلُ بعضَه وأرفض بعضه ، أو يقول : إنَّ في صَدْرِي لحرجًا من قضية كذا ( النسْخ مثلا ) أو آية كذا ، بل يقول كما يقول الراسخون في العلم ( آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا )) آل عمران . قال تعالي ( كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ )) الأعراف . فإذَا كُنَّا قد آمنَّا أنه منزَّلٌ من عند الله فقد لزمنا أن نقول سمعنا وأطعنا ، فإذا اشتبه أو أشكل علينا فهم شيء من قضاياه أو آياته أو أسراره وحكمته وأمثاله ، فقد وجب علينا أن نسأل أهلَ الذكر ، وهم علماؤه ، فَإنْ فَعَلْنَا : فقد زال الاشتباه ، وتَميَّز الحق من الباطل ، وتكشَّفَتْ من أسْرارِه ما نَزْداد به إيمانا .
وكمثال علي ذلك : قضَيَّة النسخ في الكتاب والسُّنَّة ، وسوف يتضح - بعد بيان بعض حكمة النَّسخ وبعض أسراره - أن هذه القضية قد تُعَدُّ من وجوه الإعجاز عند العقلاء ، لكن كثيرا من أهل الكتاب دَأَبُوا عَلَي التَّهجُّم علي القُرْآنِ بِسَبب هَذِه القضية وغيرها ، مستغلين جهل أكثر المسلمين بدينهم بعامة ، أو جهلهم بأمثال هذه القضايا بخاصة .
ومن عجبٍ أنَّ هؤلاء المُتَهَجِّمين نَسُوا أنَّ بَيْتهم من زجاج . فكان عليهم ألا يقذفوا الناس بالحجارة ، كما يقول المثل ( الِّلي بيته من زجاج .. ) لأن الناس لو رَدُّوا عليهم بالمثل لَهدَّمُوا بَيْتَهم عليهم بسهولة .
إنني لأشعر باستعلاء الإيمان ، وبنعمة الله بإنزال القرآن ، عندما أجد فيه كروية الأرض ودورانها حول نفسها أمام الشمس لإحداث الليل والنهار ، ودورانها حول الشمس لإحداث الفصول الأربعة ، وغير ذلك من الحقائق المفصلة ، حيث الوصف القرآني في المتناهي في الدقة والإحكام ، باللغة العَربيَّة المتناهية في البيان ، في زمن إنزال القرآن حيث لم يكن أحدٌ يعرف عن ذلك شيئا أو يتخيله ، ثم جاءت المعارف البشرية الحديثة بالحقائق الفَلَكية عن الأرض كما أودعها الله كتابه العظيم .
ثم أعود فأشعر بالعَجَب العُجَاب من هؤلاء الذين يَتَّبعُون ما تشابه من القرآن لِيِتَهجَّموا عليه ويشككوا في نسبته إلي الله ، أعجب عندما أنظر في كتابهم فأجد صورة للأرض وهي ثابتة علي ماء . فلا هي كرة ولا هي تدور ولا هي تتحرك ، وهذه الصورة رسمها شراح كتابهم علي أنهم يشرحون كلام الله فيه ، وكل دارس للتاريخ يعلم ماذا فعلوا بجاليليو وغيره ممن بدءوا الحديث عن كروية الأرض وحركتها منذ حوالي أربعة قرون !!
فكيف يكون هذا الكلام مَنْسوبًا إلي الله !؟ وكيف يكون هذا التخريف مُنَزَّلاً من الله !؟ حاشا لله عز وجل ، ثم كتابهم هذا يستطيع الدارس له أن يعثر علي آلاف التَّنَاقضات ، فكيف يكون مُنَزَّلاً من الله !؟ إن الله تعالي لم يتعهَّد بحفظه مثل ما تَعهَّد بحفظ القرآن ، فلما أخبر القرآن أن الله أنزل الزبور والتوراة والإنجيل آمنا بها كما أُنْزِلت بلا تحريف ، كما آمنا بالقرآن وأنه مُهَيْمن علي ما سبقه من الكتب ، أيْ شاهد مؤتمن ، فإذا حُرِّفَت وظهر فيها الاختلاف والباطل ، كان القرآن مقرًّا لما فيها من الحق والصدق ، مكذِّبًا لما فيها من التحريف والباطل .
إن خاصة العقل لا تقبل أبدا نسبة كتاب إلي الله إن كان فيه أي نوع من أنواع الخطأ ، لأن الله تعالي لا يخطئ ولا يضل ولا يَنْسَي – سبحانه وتعالي – وعلي ذلك لا يمكن إثبات أن كتبهم الموجودة بأيديهم الآن أنها من عند الله ، ولكن يبقي القرآن هو الشاهد الوحيد علي أن أصلها منزل من الله ، هذا إن نَحَّينا جانبا تقليد الآباء واتباع الأهواء .
فما لهؤلاء المتهجِّمين يحاولون هدمَ الشاهدِ الأمين الوحيد علي أن أصل كتابهم منزل من عند الله عز وجل !!!

- اليهود والنسخ -
اليهود لا يقرُّون بالنسخ في شرائع الله زاعمين أن النسخ يستلزم البداء ، والعلم بعد الخفاء وذلك لا يجوز علي الله . وقصدهم في ذلك خبيث سيئ وهو ألاّ يؤمنوا بشريعة أخري تعْد التَّورَاة تَنسَخُها ، وبالتالي فلا إيمان بعيسي ومحمد عليهما الصَلاة وَالسَلام ، وبذلك يُحَرِّفون التَّورَاة بما يُناسِب أهْواءَهم إلي يوم القيامة ، ولا أحد يكشِفُهُم أو يعكّر عليهم .
ــ والجواب عليهم من وَجْهَيْن :
(1) ما من نَبّي بعث إلي قوم إلا وهو ينسخ شريعة الذي سبقه ، لأن شرائع الأنبياء جاءت مختلفة تبعا لاختلاف الأزمنة والأمكنة ، وجاءت بسُنَّة التدَرُّج في الأحكام ، لأنها بِمَثابَة الأدوية للأبْدَان ، وما يصلح لأمة لا يصلح لأخرى ، وما يكون منها في وقت مصلحة قد يكون في وقت آخر مَفْسَده وكل ذلك مبني علي الحكمة ، فالمنسوخ في وقته وحاله أصلح وأنفع ، والنَّاسِخ في وقته وحاله أصْلَحُ وأنْفَع . فَلَيْس في النسخ بداء وإنما هو مقتضى الحِكمة ومعلوم أنَّ البداء هو ظهور الشّيء وبُدُوُّه بعد أن كان خافيا .
(2) لقد أبْطَل الله مَكْرهُم وكشفَ سِترهُم بما يلي :-
قال تعالي ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )) آل عمران . فتضمنت هذه الآيات بيان كذب اليهود كذبًا صَريحا في إبْطالِهم النَّسخ ، وذلك أنَّ النَّسخ عندهم في التَّوْرَاة لا يَخْفي عليهم ، فالطعام كله كان حلالا لِبَني إسرائيل إلا ما حَرَّم إسرائيلُ ( يعقوب ) عليه السلام علي نَفْسِه ، بإحْلاَلِ اللهِ له في شَريعة يَعْقوب والأنبياءِ من بَعْده إلي حِين نزولِ التَّورَاة ( إلا لحوم الإبل وألبانها حيث حَرَّمها يعقوب علي نفسه وفاء لنذر أو لسبب آخر لا يتَّسع المقام هنا لذكرها ) ثم جاءت التَّوْراة بتحريم كثير من المآكل عليهم بعد أن كانت حلالا لهم ، وهذا هو محض النسخ ، وهو موجود في التوراة بوضوح (( قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )) آل عمران . فإن لم تجدوا أن يعقوب لم يحِّرم إلا لحْم الإبل وألبانها ثم حرَّمت التوراة كثيرا من الطَّعَام ، فقد ظهر كذِبُكم وافترائكم في إنكار نسخ الشرائع ، والحجر علي الله تعالي في نَسْخِها ، وإذن فالنَّسْخ ثابت في التوراة حتى بعد التحريف ، فكيف ينكرونه بعد ذلك !! والحقيقة أنهم يَعْرِفُون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما يعْرِفُونَ أبنَاءَهم ، ولكنهم مَغْضوبٌ عليهم يعرفون وينكَرون .
والأمْر لا يَقْتصر علي نسخ حِلِّ كثير من الأطعمة ، بل عند اليهود أمثلة من النسخ لا تقبل إلا الإنكار كما يلي :
(1) أُمِرَ آدم عليه السلام بتزويج بناته من بَنيه ( حيث لم يكن وقتها إلا ذلك ، فكان الأصلح وإلاّ توقف التَّناسُل ) ثم صار ذلك حَرَاما بالاتِّفاق .
(2) كان التسرِّي علي الزوجة مباحا في شريعة إبراهيم عليه السلام ، ولقد تسرِّي إبراهيم عليه السلام بِهَاجر ، ثم حُرِّم مثل ذلك في التوراة .
(3) كان الجمع بين الأختين سائغا وقد فعله يعقوب عليه السلام ، ثم حرِّم ذلك في التَّوْراة وهذا هو النسخ الذي لا يُقِرون به .
(4) أُبيحَ لنوح عليه السلام بعد خروجه من السَّفينة أكل جميع الحيوانات ثم نُسِخ حِلُّ بعضها .
(5) أُمِرَ إبراهيم بذبح ولده إسماعيل ثم نسخ قبل الفعل .
(6) أُمِرَ جمهور بني إسْرَائيل بِقتْل من عَبَدَ العجْلَ منهم ثم دفع عنهم القتل كيلا يستأصلهم ذلك .
(7) ما في كتبهم من البشارة بالنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإنه لا يفيد وجوب متابعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه لا يُقْبَلُ عمل إلا علي شريعته التي تنسخ ما قبلها .
فمن كذب علي الله من بعد كل ذلك ، وَأدَّعي أن الله شَرع لهم السَّبْت والتَمسُّك بالتوراة دائما ، وأنه تعالي لم يبعث نبيَّا آخر .. إلي آخر ما يقولون ، فأولئك هم الظالمون .
ولقد جاءهم المَسِيحُ عيسي ابنُ مريم بإحْلال بعض الذي حُرِّم عليهم ، فمن آمن بالمسيح أنه رَسُولٌ من رَبِّ العَالمين ، فقد لزمه أن يؤمن بأن ما في الإنجيل نسَخ بعض ما في التوراة ويَلْزَمه الإقرار بالنسْخ .
أما عند النصارى فالأمر عجب العجاب ، حيث يزعم رؤسَاؤُهم أَنَّ المَسِيح فوَّض إليهم التَّحليلَ والتحريم وتشريع الأحكام بحسب المصلحة ، وأنَّ ما حَلَّلُوه وحرَّموه فقد حَلَّلُه هو وحَرَّمه في السَّماء ، يعني هم يَنْسخون أحْكَام الله ويبدِّلُونها كما يشاءون وبتفويض من المسيح الذي هو الله عندهم - تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا - ثم هم يتهجَّمُونَ علي القُرآن بأنه لَيْس كلامَ الله لأن فيه نسْخًا .
فأيُّ الأمريْن أفْضل : أشرعنا الذي سنَّ الله لنا حدوده بِنَفْسِه ، ونسخ منه ما أراد بعلمه ، وأتَّمه بحيث لا يستطيع الإنس والجنّ أن ينقصوا حرفا منه لانطبَاقِه علي كل زمان ومكان ، وعدم مجافاته لأية حالة من حالات الإنسان ؟ أم شرائع دِينيه أخري حرَّفها كهانها ، ونسخ الوجود أحكامها - بحيث يستحيل العمل بها لمنافاتها لمقتضيات الحياة البشرية من كل وجه ؟! .
عَوْدٌ إلى قضية النسخ من أساسها ، والهدف هنا دَفْعُ شُبُهَاتِ الخُصُوم وكشْفُ زَيْفِهم ورَدّ اباطَيلهم ، وليس الهدف بيان التفاصيل الأصولية والفقيهة فبيانها في كتب الأصول والفقه .
أولاً: حول معنى النسخ : هو رفع ( إزالة ) حكم دليل شرعي أو لَفْظِة بدليل من الكتاب والسنة . ( وسيتضِحُ معناه بالأمثلة من خلال ذكر أقسام النسخ كما يلي ) :
أ ـ باعتبار المنسوخ : (1) ما نُسِخ حكمه وبقي لفظه . ( وهو الأكثر في القرآن ، ومن أمثلته : حكم المصابرة في القتال ، وحكم الصِّيام ) .
* المصابرة : قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )) الأنفال ، وبيان ذلك في نقاط كما يلي : -
* أخبر الله تعالى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه حسْبهم إلى يوم الدين ، وكافيهم مهما كان عدوهم ، والشرط هو الإيمان واتِّباع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
* أمَرَ اللهُ نَبيَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَثِّ المؤمنين وتحريضهم على القتال ومصابرة العَدُو ، أي يُكون صبرُهم أكثر من صبر العدو حتى لو كان عدد عدِّوهم عشرة أضعاف عددهم . لا يسوغ ولا يجوز لهم الفرار أمام العدو ، فواجب على المؤمن أن يصبر ويثبت لمقاتلة العشرة ، والمائةَ لمقاتلة الألف وهكذا ، وجاءت البشارة بغلبة المؤمنين بتأييد الله لهم طالما التزموا شرط المصابرة المأمور به كما تقدم ، فهنا أمران : الأول: البشارة بالنصر ، والثاني : الأمر بثبات المؤمنين لعشرة أمثالهم ( لأنه خَبَر بمعنى الأمر) ، وذلك يتطلب إيمانًا عاليًا ، وقلبًا قويًا ، وشجاعة إيمانية ، وإعْدادًا للعدة وتدرُّبا على المصابرة ، وتخلصًا من آثار الذنوب والسيئات ، وغير ذلك مما كان عليه الصدر الأول من الصحابة ، فتحققت البشارة لهم ولمن تبعهم ، ولا تزال تتحقق متى تحققت الأوصاف والشروط السابقة . غير أن الأمر قد شق على بعضهم ، وعَلِمَ علام الغيوب بما سيكون إلى يوم القيامة من ضعف الإيمان وضعف الصبر وضعف الشجاعة والقلوب ، فخفف عن المسلمين برحمته ، ونسخ الحكم الأول ( مصابرة الواحد لعشرة ) بالحكم الناسخ وهو مصابرة الواحد للإثنين ، والمائة للمائتين ، وهكذا ، ودليل النسخ قوله تعالى ( الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ )) ، ولكنه تعالى ثبَّت البشارة لمن أراد أن يغتنمها فحقَّق أسبابها أو لمن اضطر إليها ، ولقد أثْبَت التاريخُ ذلك كثيرًا .
هذا عن العدد ، أما عن العتاد الحربي ووسائله المتطورة فهذا له شأن خر .
* فإذا قال قائل : إذا كان الحكم الواجب الذي يعلم الله أنه سيسْتَقِرِّ إلى يوم الدين هو مصابرة الواحد للاثنين ، فلماذا لم يجعله الله حكمًا واحدًا منذ البداية ، ولا داعي للنسخ الذي يستغله خصوم الإسلام !!
فالجواب : هذه بشارة لم تُنْسَخ ، وامتنان من الله عظيم على المؤمنين إلى يوم الدين ( غلبة الواحد لعشرة كفار ) إذا فَرَضَت الظروف قتالاً بين المؤمنين وعشرة أمثالهم من الكافرين أو أكثر من ذلك بكثير ، فَصَابروا فالنصر حليفهم بهذه البشارة . وإنما الذي نُسِخ هو الحكم للتخفيف كما تبين ، حيث لو وَجَد المؤمنون عَدُوًّا أكثر من مِثْلَيهم ، فلهم أن يتحوزوا عن القتال ، ولهم أن يفرُّوا ، لا يُلْزمهم الله بمصابرة الواحد لعشرة ، لكن إن فعلوا واضطروا إلى القتال بمصابرتهم ذكر من مثليهم فالبشارة حاضرة ، والواقع التاريخي يؤيد ذلك تمامًا ، فالذي أنزل القرآن هو علام الغيوب ، وهو الذي يُقَلِّب الليل والنهار ، وهو الذي يُقَدِّر الأحداث كما يشاء ، وسأذكر بعد قليل أمثلة على ذلك ليعلم القارئ أنَّ قضية النسخ في القرآن تمثل وَجهًا من وجوه الإعجاز فيه الدالة على أنه كلام العليم الحكيم .
وأيضًا فالأصحاب الذين عاصروا الحكم الأول قبل النسخ ، قد صابروا لذلك وأثبتوا صدقهم ، وأن قوة المؤمن أساسًا في قلبه ، وأنه بهذا القلب القوي يستطيع المصابرة لعشرة وبالتالي غلبتهم ، وضربوا بذلك المثل والقدوة والأسوة لجميع الأمة ونالوا بذلك أعلى الأجر وأرفع الدرجات .
وأيضًا : فإن حق الله كبير ، ومن حقّه أيضًا أن يصابر المؤمن لعشرة ، وأن يعد العُدَّة لذلك ، وأن يتحمل في الله أقصي ما يستطيع ، والله تعالي عَفوّ ، يحب العفو ، ويسقط كثيرا من حقه لدي عباده ، ومن ذلك هذا الحق الذي نسخه بمصابرة الواحد للاثنين تخفيفا عنهم ، وفي ذلك بيان عفوه عن عباده بهذا النسخ كما مضي ، والله يحب لعباده الإقرار بنعمه وشكرها .
وكلما قرأ المسلم هذه الآيات تذكر هذه المعاني وأكثر . ومن أمثلة الغزوات والمعارك التي انتصر فيها المؤمنون على عشرة أمثالهم وأكثر ما يلي : -
في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
1] سرية سيف البحر رمضان 1 هـ .
30 مقاتل من المسلمين بقيادة حمزة بن عبد المطلب مقابل 300 من المشركين فيهم أبو جهل .
2] سرية رابغ 1 شوال ا هـ .
60 مقاتل من المسلمين بقيادة عبيدة بن الحارث أمام 200 بقيادة أبي سفيان بن حرب .

3] غزوة بدر رمضان 2 هـ .
314 صحابي بقيادة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقابل 950 من المشركين بقيادة أبي جهل .
4] غزوة أُحد شوال 3 هـ .
700 صحابي بقيادة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مقابل ثلاثة آلاف من المشركين بقيادة أبي سفيان وفيهم 200 فارس 700 دارع .
5] غزوة حمراء الأسد 670 من المسلمين بقيادة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مقابل 3000 من المشركين .
6] غزوة الخندق شوال 5 هـ .
عدد المسلمين ثلاثة آلاف في مقابل عشرة آلاف من المشركين .
7] غزوة خيبر محرم 7 هـ .
عدد المسلمين 1400 مقاتل بقيادة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
8] فتح مكة رمضان 8 هـ .
عدد جيش المسلمين عشرة آلاف أمام قريش بأسرها .
9] غزوة اليرموك 13 هـ .
عدد المسلمين 40 ألف مقاتل بقيادة خالد بن الوليد ، وجيش الروم 460 ألف مقاتل وانتصر المسلمون .


يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع


 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.34 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]