عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-11-2019, 04:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إسعاف الناسك بحكم النفر من منى قبل إتمام المناسك

قال الشرواني :
" عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَمَنْ وَصَلَ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ نَاوِيًا النَّفْرَ وَرَمَاهَا , وَهُوَ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَيْهَا خَارِجَ مِنًى تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى حَدِّ مِنًى لِيَكُونَ نَفْرُهُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ الرَّمْيِ قَالَهُ ابْنُ الْجَمَالِ , وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ التُّحْفَةِ فَيَنْوِي النَّفْرَ ثُمَّ يَنْفَصِلُ عَنْ مِنًى لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَهُ النَّفْرُ الْآنَ بَعْدَ رَمْيِهِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَتَكْفِيهِ نِيَّةُ النَّفْرِ مِنْ حِينَئِذٍ ; لِأَنَّ سَيْرَهُ الْأَوَّلَ وَوُصُولَهُ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لَا يُسَمَّى نَفْرًا , وَإِنْ نَوَاهُ ; لِأَنَّهُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الرَّمْيِ وَلَوْ عَادَ الرَّامِي ثُمَّ نَفَرَ وَلَمْ يَنْوِ ثُمَّ نَوَى خَارِجَ مِنًى فَقَضِيَّةُ كَلَامِ ( سم ) أَنَّهُ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ لِلنَّفْرِ وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَكَّةَ بِيَسِيرٍ وَكَلَامُ التُّحْفَةِ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ النَّفْرِ مَوْجُودَةً قَبْلَ انْفِصَالِهِ مِنْ مِنًى وَلَوْ بِجُزْءٍ يَسِيرٍ فَعَلَى ذَلِكَ فَمَنْ لَمْ يَنْوِ أَصْلًا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ شَيْءٌ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْجَمَالِ وَحِينَئِذٍ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ مِنْ سَيْرِهِمْ مِنْ مِنًى وَإِفَاضَتِهِمْ عَقِبَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ سِيَّمَا النِّسَاءُ وَلَمْ يَحْصُلْ الرُّجُوعُ بَعْدَ الرَّمْيِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا يَقْتَضِيهِ عِبَارَاتُهُمْ سِيَّمَا عِبَارَةُ التُّحْفَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ , فَإِنْ ظَهَرَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ انْتَهَى . "

وقال الشرواني أيضا :
" ( قَوْلُهُ : فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مَحَلُّ لُزُومِ الْعَوْدِ مَا لَمْ يَنْوِ النَّفْرَ خَارِجَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ ( سم ) "
قوله : " لقائل أن يقول .............الخ " هذا كلام العبادي ، وبناء على هذا فإن الحاج إذا خرج من منى نافرا بعد أن رمى ، أو بعد أن رمى وكيله ، لكنه لم يأت بالنية مقارنة للنفر ، فلا تجزئه نية النفر وهو خارج منى ، على قول جماهير أهل المذهب الشافعي ، كما تبين من النصوص ، ويوافقهم في ذلك غيرهم ـ كما سيأتي ـ ، وذهب ابن قاسم العبادي إلى إجزاء نية النفر لمن كان خارج منى بشرط أن يكون ذلك بعد الرمي وبعد الزوال وقبل دخوله مكة ولو بشيء يسير ، كما دل على ذلك قوله : " وَلَوْ عَادَ الرَّامِي ( أي يعود إلى أرض منى بعد رمي الكبرى يوم النفر الأول بناء على أن الجمرة خارج منى ) ثُمَّ نَفَرَ وَلَمْ يَنْوِ ثُمَّ نَوَى خَارِجَ مِنًى فَقَضِيَّةُ كَلَامِ ( سم ) أَنَّهُ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ لِلنَّفْرِ وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَكَّةَ بِيَسِيرٍ "
فلو دخل مكة بعد أن رمى وخرج من منى ، أو خرج من منى دون أن يرمي ، أو نفر بعد رمي الجمرة مباشرة دون أن يعود إلى أرض منى ؛ لم تجزئه النية خارج منى على قول العبادي أيضا ، وبهذا يتفق العبادي مع غيره في عدم صحة النفر قبل تمام الرمي أو قبل الزوال، وغاية ما يجوزه هو إجزاء النية خارج منى لمن رمى ونفر منها بعد الزوال بدون نية ،ويستوي هنا أن يكون الرمي قد حصل منه أو من وكيله ، لأن العبرة في ذلك هو حصول الرمي ، بغض النظر عن فاعله .
وقد ذكرنا هذه المسألة لئلا يقول قائل : نية النفر خارج منى جائزة على قول العبادي ، ولذا بينا وجه قوله ومحله وشروطه ، مع مخالفته لمنصوص المذهب ، كما سبق بيانه .
5 ـ الانزعاج ( التحرك ) ، أو الاشتغال به .
* قال الخطيب الشربيني :
" (يَنْفِرْ ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا : أَيْ يَذْهَبْ . وَأَصْلُهُ لُغَةً : الِانْزِعَاجُ "
* قال ابن حجر :
" ( فَإِذَا رَمَى الْيَوْمَ الثَّانِي فَأَرَادَ النَّفْرَ ) أَيْ : التَّحَرُّكَ لِلذَّهَابِ إذْ حَقِيقَةُ النَّفْرِ الِانْزِعَاجُ فَيَشْمَلُ مَنْ أَخَذَ فِي شَغْلِ الِارْتِحَالِ وَيُوَافِقُ الْأَصَحَّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ غُرُوبَهَا , وَهُوَ فِي شَغْلِ الِارْتِحَالِ لَا يَلْزَمُهُ الْمَبِيتُ , وَإِنْ اعْتَرَضَهُ كَثِيرُونَ "
فلا يتخيل أن يوصف الحاج بالنفر دون أن يتحرك ، وعلى هذا فلا تكفي نية النفر مع البقاء داخل من ، بل لا بد من التحرك ، قبل الغروب ، فلو أدركه الغروب وهو منشغل بالارتحال لم يلزمه المبيت .

ثانيا متى ينفر الموكل من منى ؟
في البداية ننبه إلى أنه لم يتيسر لنا الوصول إلى نص صريح في الوقت الذي يجوز فيه للموكل النفر من منى ، إلا أننا ارتكزنا في بحثنا هذا على ركيزتين أساسيتين :
الركيزة الأولى : النصوص تدل بعمومها على عدم جواز النفر من منى إلا بشرطين :
1 ـ أن يكون النفر بعد الزوال .
2 ـ أن يكون النفر بعد تمام الرمي .

الركيزة الثانية : بعض النصوص التي ساوت بين حال الأصيل إذا رمى بنفسه ، أو رمى عنه وكيله ، من حيث عدم جواز النفر في الحالتين إلا بعد الرمي ، وسنرى ذلك في موضعه إن شاء الله .

* الركيزة الأولى من خلال نصوص الفقهاء :
سيتبين من خلال نصوص الفقهاء أن النفر لا يصح قبل الزوال ، كما لا يصح قبل الرمي ، وهذا بعمومه يشمل كل حاج سواء رمى بنفسه ، أو رمى عنه نائبه ، إذ لا فرق بينهما في هذه الشروط ، حيث أطلقت النصوص الشروط دون نظر إلى رامي الجمار ، هل هو الأصيل أم الوكيل ؟
وأصرح من ذكر هذه الشروط السادة الشافعية ـ رحمهم الله ـ ، ومن هذه النصوص المباركة ، ما نقلناه من معتمد كتبهم التي عليها المعول ، مع تحقيق لبعض الشبه التي عرضت أثناء البحث ، والله الموفق .

* قال ابن قاسم العبادي -رحمه الله- في حاشيته على الغرر البهية في شرح البهجة الوردية :
" قَالَ الْمَدَنِيُّ لِجَوَازِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ لَكِنَّهَا تَعُودُ لِخَمْسَةٍ لِدُخُولِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ : أَنْ يَنْفِرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الزَّوَالِ ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ جَمِيعِ الرَّمْيِ ، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ قَبْلَهُ بِمِنًى أَوْ تَرَكَهُمَا لِعُذْرٍ ، وَأَنْ يَنْوِيَ النَّفْرَ وَأَنْ يَكُونَ نِيَّةُ النَّفْرِ مُقَارِنَةً لَهُ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِخُرُوجِهِ فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِي نِيَّةِ النَّفْرِ ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ النِّيَّة :ِ الْقَصْدُ الْمُقَارِنُ ، وَأَنْ يَكُونَ نَفْرُهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الْيَوْمِ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي عَزْمِهِ الْعَوْدُ إلَى الْمَبِيتِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ النَّفْرِ ; لِأَنَّهُ مَعَ الْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ لَا يُسَمَّى نَفْرًا "

* قال الخطيب الشربيني :
" ( فَإِذَا رَمَى الْيَوْمَ ) الْأَوَّلَ , وَ ( الثَّانِيَ ) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ( وَأَرَادَ النَّفْرَ ) مَعَ النَّاسِ ( قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ) فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ( جَازَ وَسَقَطَ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَرَمَى يَوْمَهَا ) وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لقوله تعالى : { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ } وَلِإِتْيَانِهِ بِمُعْظَمِ الْعِبَادَةِ . وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ . فَإِنْ لَمْ يَبِتْهُمَا لَمْ يَسْقُطْ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا , وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأَقَرَّهُ , وَكَذَا لَوْ نَفَرَ بَعْدَ الْمَبِيتِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ كَمَا يُفْهِمُهُ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِبَعْدِ الرَّمْيِ , وَبِهِ صَرَّحَ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الشَّرِيفِ الْعُثْمَانِيِّ قَالَ : لِأَنَّ هَذَا النَّفْرَ غَيْرُ جَائِزٍ . قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ : وَهُوَ صَحِيحٌ مُتَّجَهٌ . وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَهُوَ ظَاهِرٌ , وَالشَّرْطُ أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّمْيِ "

* قال محب الدين الطبري المكي الشافعي :
" فجواز النفر الأول مشروط بشرطين : أحدهما أن ينفر قبل غروب الشمس من اليوم الثاني ، فإن غربت قبل أن ينفر لزمه المبيت ، ورمى اليوم الثالث .
الشرط الثاني : أن ينفر بعد الزوال ، فإن نفر قبله ، قال العثماني من أصحابنا : لا يسقط عنه المبيت في الليلة الثالثة ، ولا رمي اليوم الثاني والثالث ، لأن ذلك إنما يسقط بنفر جائز ، وهذا غير جائز "

* وفي فتاوى شهاب الدين أحمد بن أحمد الرملي :
" ( سُئِلَ ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ قَبْلَ رَمْيِ يَوْمِهِ ؟
( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُهُ . "

هذه نصوص السادة الشافعية تدل على ما ذكرناه صراحة ، كما أن نصوص المذاهب الأخرى تدل على ذلك بعموم ألفاظها الواردة بهذا الشأن ، بما يدل على المراد ، وهاك بعضها .
* قال الكاساني ـ وهو حنفي ـ :
" فَإِذَا رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَأَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ , وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ النَّفْرِ الْأَوَّلِ فَلَهُ ذَلِكَ لقوله تعالى { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ } أَيْ مَنْ نَفَرَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَمَا رَمَى يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ , وَتَرَكَ الرَّمْيَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي تَعْجِيلِهِ , وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَتَعَجَّلَ بَلْ يَتَأَخَّرَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ , وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ مِنْهَا فَيَسْتَوْفِي الرَّمْيَ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا ثُمَّ يَنْفِرُ "
فقوله : " فإذا رمى ........... فأراد أن ينفر .......... الخ "
يدل على اشتراط النية كما مر في نصوص الشافعية ، وكذا يدل على كون النية مقارنة للنفر ، وأن النفر يكون بعد تمام الرمي وبعد الزوال .

أما المالكية فدلالتها على ذلك واضحة أيضا ، وسيتبين ذلك من خلال عرضها ، ومن هذه النصوص :
* قال علي أبو الحسن المالكي :
" وَقَوْلُهُ : ( وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَرَمَى وَانْصَرَفَ ) قَسِيمُ قَوْلِهِ : يُقِيمُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ هَذَا مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي فَإِذَا غَرُبَتْ فَلَا تَعْجِيلَ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ إنَّمَا أُمِرَ بِالْمُقَامِ فِيهَا مِنْ أَجْلِ رَمْيِ النَّهَارِ , فَإِذَا غَرُبَتْ الشَّمْسُ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ , وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَغَيْرِهِمْ فِي التَّعْجِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعُمُومِ قوله تعالى : { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ } "
فقوله : " وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَرَمَى وَانْصَرَفَ " ، يدل بوضوح على اشتراط النية بقوله ( شاء ) كما يدل على اشتراط الرمي بقوله ( فرمى ) ، وأن يكون الرمي بعد الزوال ، فالرمي لا يجوز عند المالكية إلا بعد الزوال قولا واحدا .
وقد أوجب الإمام مالك الدم على من ترك رمي جمرة من الجمار ناسيا حتى نفر إلى مكة ، سواء رجع فرماها قبل الغروب أو لم يرجع ، وهذا أحد الوجهين المفهومين من عبارته في الموطأ ، ووافقه عليه ابن حبيب فأوجب الدم عليه ولو عاد فرمى قبل الغروب ، وعلل ذلك بنفره قبل تمام رميه ، وهذا واضح في إثبات المراد ، ولمالك قول آخر بسقوط الدم إذا عاد فرمى قبل الغروب .
* ففي الموطأ :
" ( سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ نَسِيَ رَمْيَ جَمْرَةٍ مِنْ الْجِمَارِ فِي بَعْضِ أَيَّامِ مِنًى حَتَّى يُمْسِيَ قَالَ : لِيَرْمِ أَيَّ سَاعَةٍ ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ كَمَا يُصَلِّي الصَّلَاةَ إذَا نَسِيَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا صَدَرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ بَعْدَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَاجِبٌ ) . "

* قال الباجي شارحا لذلك :
" ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا صَدَرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ بَعْدَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ يُرِيدُ بَعْدَ مَا صَدَرَ مِنْ مِنًى وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ : الْأَوَّلُ أَنْ يَفُوتَ وَقْتُ الرَّمْيِ بِمَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالثَّانِي مِثْلُ أَنْ يَفُوتَ وَقْتُ الرَّمْيِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ فَاتَ وَقْتُ الرَّمْيِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الرَّمْيِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ الرَّمْيِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَرْمِي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّمْيِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ لِأَنَّهُ رَمَى بَعْدَ النَّفْرِ وَقَوْلُ مَالِكٍ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يُرِيدَ بَيَانَ وُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَى مَنْ نَفَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ سَوَاءٌ رَجَعَ لَهُ فِيمَا تَرَكَ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الْفَوَاتَ وَلَا الرُّجُوعَ وَالْإِدْرَاكَ وَالثَّانِي أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ صَدَرَ وَفَاتَهُ الرَّمْيُ لِفَوَاتِ وَقْتِ الْقَضَاءِ أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَفُتْهُ ذَلِكَ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأُحْكَمُ . "
ونذكر هنا بأن مذهب المالكية في التوكيل هو الجواز كمذهب الجمهور ، إلا أن الدم يثبت على الموكل ، ولو رمى عنه الوكيل ، فرمي الوكيل عندهم يسقط الإثم ولا يسقط الدم ، وقد سبق بيان هذا في صدر المبحث ، لكنهم يوافقون في عدم صحة النفر إذا حصل دون استيفاء الشروط التي ذكرناها ، ولذلك أوجبوا العود على من خرج من منى دون استيفاء شروط جواز النفر ، ولا فرق في وجوب العود بين من وكل وبين من رمى بنفسه ، لأن المقصود توفر شروط النفر بغض النظر عن الرامي ، وهذا ما تدل عليه ظاهر النصوص .

أما الحنابلة فعموم النصوص عندهم لا يخرج عن الشروط التي دلت عليها نصوص المذاهب الأخرى ، من عدم جواز النفر قبل الزوال ، وقبل الرمي ، وحصول نية النفر ، ولا فرق في هذا بين الأصيل والوكيل أخذا بالعمومات .

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.13 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]