عرض مشاركة واحدة
  #184  
قديم 05-04-2008, 08:47 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع .. مَنْ عَلَّم آدم

وجد العلماء أن الهريرات (القطط) التي أغلقت إحدى عينها خياطة خلال الأشهر القليلة الأولى من ولادتها تقل لديها، بشكل ملحوظ، نسبة الخلايا العصبية الموجودة في المنطقة 17 في القشرة المخية المستجيبة لتنبيه العين المغلقة وبقيت كذلك حتى بعد فتح عينها أما العين التي بقيت مفتوحة فإن المراركز الخاصة بها في المخ نمت نمواً طبيعياً، ويلاحظ العلماء أن العطب بقي ملازماً للقط حتى آخر عمره أي بقيت هذه العين عمياء حتى آخر عمر القط.
ويعتمد التأثير بشكل حاسم على توقيت الحرمان ولقد وجد (هوبل ويزل) أن الحرمان الأحادي العين أثناء البلوغ لم يغير من عضويةالمنطقة 17 فبقيت سليمة هذه الفترة بالفترة الحرجة. وكل الأبحاث النفسية أكدت أهمية المناغاة للطفل في مراحله المبكرة حتى تستقيم لغته وبيانه بل أظهرت حالات الحرمان الحسي والحركي، أو الحركة في الأطفال المبسترين والذي ربوا في ملاجئ معزولة قاحلة أظهرت تخلفاً حركياً ولغوياً وكذلك تأخر في النمو العقلي ولقد لاحظ عالم النفس (سيلز) أن الحيوان إذا استمر فترة طويلة (بعد الفترة الحرجة) فإن التخلف سيكور غير قابل للتحسن.
وأثبتت الدراسة التي قام بها العالم النفسي (واين دينيس) في أحد الملاجئ اللبنانية أن الحرمان الحركي المبكر للأطفال يؤدي إلى تخلف عقلي غير قابل للإصلاح (نهائي) إذا استمر الحرمان لفترة ما بعد الفترة الحركة التي قدرها سنتين وأكثر (بعد التقديرات).
ولأن اللغة والبيان تتأثر بنمو المخ الطبيعي من ناحية والنمو العقلي السوي من ناحية أخرى فإن علماء اللغة انتبهوا إلى هذه الظواهر العلمية وسخروها لأبحاثهم ليكشفوا بعض أسرار البيان البشري ـ فلماذا وجد العلماء، لقد وجدوا ما يأتي:
1) ـ أن الأطفال يخرجون من بطون أمهاتهم وهم مجهزون بآليات إدراك فطرية، وأنها مهيأة وإلى حدٍ كبير للتكيف مع خصائص لغة البشر التي تعدهم لعالم اللغة التي سيواجهونه مستقبلاً.
2) ـ إن هذه الآليات عامة بمعنى أنها تتعامل مع ذبذبات (ترددات صوتية) تشترك فيها جميع لغات البشر لتشكل هذه الترددات أرضية مشتركة للغات البشرية المختلفة.
3) ـ أن استقبال الطفل للغة مبكراً يبدأ بالتقاط تلك الذبذبات (الترددات) البشرية العامة وتنميتها ثم تبدأ بعد ذلك الخصصة من خلال تعامل الطفل للوسط اللغوي الذي يعيش فيه بالتركيز على لغة خاصة وتنمية ذبذبة أو ذبذبات معينة مع كمون أو ضمور الأخرى التي لم تنس(9).
بعد هذه الجولة مع تلك الحقائق العلمية يمكن أن نصل إلى النتائج التالية:
أ ـ أن مخ الطفل حديث الولادة يحتوي على مراكز للسمع والبصر جاهزة للاستخدام ولكن تحتاج إلى استكمال وظيفي يتمثل في اتصال خلاياها وفقاً لخطة وهدف محدد بمحكمة.
ب ـ أنه لكي تنمو المراكز وغيرها نمواُ سليماً يحقق وظائفها على أكمل وجه، فإنه لا بد لهذه المراكز أن تتلقى سيلاً من التنبيهات العصبية الناتجة من تأثير الأصوات والصور الخارجية على مستقبلات السمع والبصر ولا بد أن يكون هذا التلقي مبكراً في فترة حرجة وإذ لم يتم ذلك أو أعيق في تلك الفترة المبكرة فإن تعطيلاً كلياً أو جزئياً سيصيب تلك المراكز وفقاً لدرجة الإعاقة ويكون هذا الخلل نهائياً ومستديماً.
ج ـ ولأن مركز اللغة في مخ الإنسان هو المنطقة التي يصب فيها مركز السمع ومركز البصر بل إن امتدادات مركز السمع إلى الخلف ومركز البصر إلى الإمام تشكل منطقة فهم البيان وإنتاجه في المخ البشري، ولذلك فإن أي تعطيل أو تعويق لهذه المراكز يعني بالتالي تعطيل أو تعويق في إنتاج اللغة والبيان البشري.
د ـ إن جهاز اللغة أو مركز البيان في المخ البشري يحتاج لتنشيطه إلى ترددات (ذبابات) من جنس الذبابات الخاصة بالنطق البشري، ولا بد لهذه الذبذبات البشري أن تلتقي بمراكزها الحسية في المخ في فترة مبكرة ومحددة بعد الولادة وإلا لحدث تعطل كلي أو جزئي ومستقيم لملكة البيان البشري بل وقد يمتنع إنتاج اللغة المنطوقة من البداية.
وهذه الظواهر البيولوجية والفسيولوجية المؤكدة عليها تسقط النظرية التطويرةللغة وهي النظرية الرابعة وتراجع النظرية التوفيقيةأو الإلهامية للغة وهي النظرية الأولى " لأن النظرية التطويرةتعتمد على أن الإنسان من البداية كان لا يسمع إلا الأصوات الطبيعية ومعنى ذلك أن مركزا السمع والنطق في مخه ستبنىوفقاً لهذه الذبذبات (الأصوات) وسيكون هذا البناء نهائياً وعلى ذلك فستكون تلك الأصوات الطبيعية هي منطوق آدم التي سيقوم بتعليمها لأبنائه وبذلك لن تكون هناك فرصة لظهور البيان البشري المعروف. وبذلك يمكن للنظرية الأولى أن ترتفع إلى حد اليقين العلمي، وإن آدم عليه السلام لا بد وأن يكون قد تلقى تعليماً لغوياً من جنس ذبذبات اللغة البشرية مبكراً ثم استمر التلقين بعد ذلك.
وبمعنى آخر، يمكن أن نقول: أن الطفل لا بد لكي يكون ناطقاً أن يتلقى تعليمه مبكراً من أبويه، وأبواه ممن سبقهم وتسلسل إلى آدم فيكون السؤال المنطقي ـ من علم آدم؟ فلا نجد إجابة علمية يقينية إلا: )وعلم آدم الأسماء كلها (.فهيا بنا مع معجزة الوجود مع كتاب الله الخالد الوحيد الباقي المحفوظ ... به الجميع وليكون دستوراً للعالمين لمن شاء منهم أن يستقيم. هنا بنا مع القرآن الكريم لنرى كيف عرض الحق قضية تعليم الإنسان من لدن آدم.
)وعلم آدم الأسماء كلها (
جاء في الطبري: ما هي الأسماء التي علمها سبحانه لآدم؟.
هناك آراء في ذلك منها:
(1) أسماء المخلوقات التي تحبط بالإنسان. (2) أسماء كل شيء.
(3) أسماء الملائكة. (4) أسماء ذريته.
ورجع الطبري (3 + 4) مستنداً على (ثم عرضهم). وفي روح المعاني للألوسي جاء في شرح هذه الآية:
الأسماء جمع اسم وهو باعتبار الاشتقاق ما يكون علامة للشيء ودليلاً برفعه إلى الذهن من الألفاظ الموضوعة بجميع اللغات والصفات والأفعال واستعمل عرفاً في الموضوع لمعنى مفرداً كان أو مركباً أو خبراً أو رابطة بينما وكلا المعنيين محتمل، والعلم بالألفاظ المفردة والمركبة تركيباً خبرياً أو إنشائياً يستلزم العلم بالمعاني التصورية والتصديقية وقال الإمام:والمراد بالأسماء صفات الأشياء ونعوتها وخواصها لأنها علامات دالة على ماهياتها فجاز أن يعبر عنها بالأسماء، وقيل المراد بها أسماء ما كان وما سيكون وقبل اللغات وقبل أسماء الملائكة وقبل أسمائه تعالى ـ ثم يعلق الألوسي بقوله: والحق عندي ما عليه أهل الله تعالى وهو الذي يقتضيه منصب الخلافة الذي علمت وهو أنها أسماء الأشياء علوية أو سفلية جوهرية أو عرضية. ويقال لها أسماء الله تعالى عندهم باعتباره دلالتها عليه وظهوره فيها غير متقيد بها.
(كيفية التعليم):
يقول الألوسي: التعليم هو فعل يترتب عليه العلم غالباً بعد حصول ما يتوقف عليه من جهة المتعلم كاستعداده لقبول الفيض وتلقيه من جهة المعلم. وعن كيفيته بالنسبة لآدم في هذا المقال يقول:
(1) خلق فيه عليه السلام بموجب استعداده علماً ضرورياً تفصيلياً بتلك الأسماء وبمدلولاتها وبدلالتها ووجه دلالتها.
(2) بأن خلقه الله من أجزاء مختلفة وقوى متباينةمستعداً لإدراك أنواع المدركات والهمة معرفة ذوات الأشياء وأسمائها وخواصها وأصول العلم وقوانين الصناعات فيكون ما مر من المقاومة قبل خلقه عليه السلام.
(3) كان التعليم بواسطة ملك يلقنه ذلك.
(4) وقال أبو هامش بوجود لغة اصطلاحية كانت لدى آدم قبل تعليمه ومن خلال وحداتها تم تعليمه العلم الكامل.
ويقول الفخر الرازي في تفسيره:
المسألة الأولى:قال الأشقر والجبائي والكعبي أن اللغات كلها توفيقية بمعنى أن الله تعالى خلق آدم ضرورياً بتلك الألفاظ وتلك المعاني وبأن تلك الألفاظ موضوعة لتلك المعاني.
وبعد هذه الجولة مع تفسير الآية الكريمة: )علم آدم الأسماء كلها (
نلاحظ أن معنى الآية واضح في أن الله علم آدم ما لم يكن يعلم وفي سورة العلق تأكيد لذلك إذ يقول الحق تبارك وتعالى: )علم الإنسان ما لم يعلم (وفي سورة الرحمن إشارة أخرى للتعليم إذ يقول الحق هز وجل في محكم تنزيله )خلق الإنسان علمه البيان (.
ويقول الفخر الرازي مفسراً لمعنى البيان: البيان: المنطق فعلمه ما ينطق به ويفهم غير ما عنده وهو ميزة بشرية.
ويحتمل أن يتمسك بهذه الآية على أن اللغات توفيقيةحصل العلم بها بتعليم الله. يقول الإمام الشنقيطي في تفسيره (أضواء البيان). علمه البيان علمه الإفصاح عما في الضمير ثم يربط رحمة الله بين هذه الآية والآية في صورة النحل: )خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين (. فيقول: فالإنسان بالأمس نطفة واليوم هو في غاية البيان وضده الخصام يجادل في ربه وينكر قدرته على البعث " وأن هذه النطفة مهما نمت وكبرت وأصبحت جسداً فإنها لن تعطي بياناً بل تعطي جسداً أبكم فمن علم الإنسان من البداية البيان فأخرجه من بكمه الحتمي إلى بيانه الراقي(10).
ثم تأتي الآية (78) من سورة النحل لتشير في إعجاز مبهر إلى المراحل الزمانية لتشكيل ملكة السمع والبصر بعد ولادة الطفل: )والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون (،فالطفل يولد وله جهاز عصبي فيه مراكز السمع والبصر وغيرها، ولكن هذه المراكز تحتاج للاستكمال الوظيفي وفقاً لالتقائها بالمحسوسات الخاصة بها والمخلوقة وفقاً لها ويتم ذلك بعد ولادة الطفل ومن هذه المراكز وفيها يتكون البيان البشري وفق مراحل زمنية علمها عند خالقها العليم الحكيم.
وبعد هذه الجولة نصل إلى النتيجة التالية: أن النقل (القرآني) يشير بوضوح إلى حتمية وجود معلم لآدم من البداية والعلم العقلي اليقيني يؤكد حتمية التقاء الأصوات والصور مبكراً بأدوات حس الطفل بعد الولادة حتى يمكن أن ينشأ طفلاً متكلماً مبيناً ولا بد أن تكون هذه الأصوات من جنس ترددات الأصوات البشرية وإذ لم يحدث ذلك مبكراً لحدث تعطيل كلي أو جزئي في عملية البيان للإنسان بعد ذلك.
وتبقى مشكلة وهي: على أي حال كان تعليم آدم؟
العلم المشاهد يرجع قياساً أن تعليمه كان عن طريق التعليم وهذه فطرة فطر الله عليها جهاز البيان في مخ الإنسان المكلف بأنه يحتاج من البداية لسماع أصوات بشرية حتى تستكمل مراكزه داخل المخ فيكون أهلاً للبيان البشري والمنطق الإنساني ولو تعطل ذلك فإن الإنسان سينشأ أبكم أو معوقاً بياناً. وهذه حكمة جعلها الله في عالم الأسباب لتكون حجة للعقل أو حجة عليه حتى بتسلسل العقل مع حلقات الأسباب موقتاً أن كل إنسان يحتاج إلى معلم ملقن يسلقه فيسأل العقل: من علم آدم؟ فتكون الإجابة الوحيدة الله علم آدم.
فيكون السؤال التالي كيف علمه؟ فيكون الجواب من خلال التكليم، ولكن كيف كان التكليم؟ هذه القضية غيبية من عالم الغيب والشهادة من الله الخالق الذي قال في سورة الشورى آية (51). )وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم (.
إذن العقل والنقل وملاحظة العلماء تؤكد ضرورية التلقين المبكر للغة بأصوات ذات ترددات شبيهة بلغة البشر حتى ينشأ الإنسان قادراً على البيان، كل ذلك يجعل اللغة في هيكلها أو في جذورها توقيفية، وهي مع ذلك قابلة للامتداد والشكل الحر في الزمان والمكان وفقاً لحرية الإنسان المكلف المخير ولكن تبقى اللغة في جذورها في هيكلها وأساسها توفيقيةبتعليم الله.
وقد يقول قائل: ما فائدة هذا الجهد الذي أدى إلى تلك النتيجة اليقينية في أصل اللغة؟ أرد أنه بالإضافة إلى ما سيكتسبه البيان البشري من قيمة عالية لا تشابه إلى العليم الحكم فإنه بناء على ذلك يصبح الخطاب الآلي للإنسان بديهة عقلية ويصبح الوحي حقيقة علمية لازمة من البداية (آدم) لإرساء وقاعد لغة عالمية وعلوم أساسية بل ولازمة لمسيرة الإنسان بعد ذلك وفقاً لأطوار محددة لدقة نحو هدف سام وهو الوصول إلى الكمال البشري في مراحل لا تستغني عن البداية الأولى بل تأخذ بعضها بأعناق بعض من لدن آدم.
وبناء على ذلك، فإن العقل لا يستبعد نزول رسالات من السماء مع رسل للمتابعة والتعديل ولكن العقل يسأل هل الرسول حقيقي هل هو صادق في دعواه فيدل صدقه على صدق الرسالة ومن هناك كانت الرسل تؤيد بالمعجزات الحسية وأمور أخرى مصاحبة لها تدفع العقل للتفكر في الرسالة والاقتراب منها ومن ثم تصديقها وتنفيذها حتى انتهى المطاف برسالة خالدة محفوظة تحمل معجزتها فيها رسالة تليق بكمال البشرية العقلي.
إنه القرآن الكريم ، الرسالة الخالدة المحفوظة والعالمية والتي تحمل دليلها فيها وعلى العقل أن يسأل بحرية.
1 ـ هل القرآن وحي من الله للإنسان أم هو كلا بشر؟.
2 ـ هل هو الرسالة الوحيدة الخالدة المحفوظة أم هناك غيره؟.
3 ـ هل هو محلي أو عالمي؟.
وللإجابة عن السؤال الأول على العقل أن يدرس النص وفقاً لأصول علمية محايدة.
وللإجابة عن السؤال الثاني عليه أن يدرس النص دراسة مقارنة مع غيره.
وللإجابة عن السؤال الثالث عليه أن يدرس النص وفقاً لاحتياجات الإنسان العقلية والنفسية والمادية على المستوى العالمي لنرى هل يقدم حلولاً موافقة ومقومة لهذه الاحتياجات بحيث تحقق التوازن بين روح الإنسان وماديته وبين الإنسان والمجتمع من حوله.
والدراسات العلمية المحايدة بينت أن النص القرآني لا يمكن أن يكون من تأليف بشر فهو معجز في معانيه وبيانه وينطبق ذلك حتى على مستوى الحرف فيه وهو يخالف الجانب العقلي والعاطفي في الإنسان في توازن لا يمكن أن يأتي به بشر ولو اجتمعوا عليه بل ولقد أخبر عن الغيب فصدق ومن هذه الغيوب إشارات العلوم فيه والتي اشتملت على علوم من الذرة إلى المجرة علوم لم تكن معروفة عند نزول الوحي بل ولم يكن هناك حتى دليل ولو من بعيد عنها ثم دارت الأيام فإذا أدق وسائل التقنية تصور ما جاء القرآن وتؤكد صدق أخباره عن تلك الأخبار العلمية فمن أين جاء النبي الأمي بكل هذه العلوم؟.
والدراسة المقارنة بينه وبين الكتب الأخرى بينت أنه الوحيد الخالي تمام من التناقض والاختلاف والتحريف والتصحيف المنزه للألوهية وللرسل المكرمين والمتطابق في جميع نسخه في أي زمان ومكان. والدراسة العالمية بينت أنه يغطي على جميع جوانب الإنسان العقلية والنفسية والاجتماعية ويضع الحلول العالمية لمعادة الإنسان في إطار من العدل بين أفراده وتحقيق التوازن بين الجانب المادي والروحي للإنسانية.
وهنا يقر العقل بأن كتاباً بهذه الإمكانيات ورسالة بهذه الصفة لا يمكن أن تكون من فعل بشر، بل إن العقل يصل يقيناً أنها من وحي خالق البشر العالم بأحوالهم وأسرارهم وما يصلح لهم.
تعقيب:
للبحث السابق يعد دليلاً علمياً يقينياً على حتمية التكليم للإنسان من البداية، سواء من بدايته الأولى (آدم) أو من بدايته التالية بعد الولادة، حتى ينشأ البيان البشري الراقي، والبديل الوحيد لذلك هو البكم والتخلف العقلي، وهذا بالتالي يدل أيضاً على حتمية الوحي وأنه بديهة عقلية لأنه يشكل جزءاً لا يتجزأ من كيان الإنسان الراقي وبقيت قضية الشعر الجاهلي كمرجع يقاس عليه في قضية الإعجاز البياني للوحي تحتاج لمزيد من التعليق بأن اللغة كما بين علماؤها تمر بمراحل تبدأ بالطفولة ثم بقوتها ثم تنتهي باختلاطها وضعفها وهو منحنى معروف لعلماء اللغات بل إن ذلك المنحنى ينطبق على كل الكائنات الحية.
وفي حالة تحقيق الإعجاز البياني لا بد أن يكون الإسناد إلى قمة ما وصل إليه البيان ولأن القمة لا تكون دائماً فترة خاطفة بل تكون فترة ممتدة فهي بالنسبة للعربية شملت فترة من العصر الجاهلي وفترة من العصر الإسلامي ومن هذه الفترة جمع علماء اللغة بدقة وعلم وضبط مباني ومعاني اللغة ورسموا خطوط البيان ويبينوا ذلك بدقة مراعين الأمانة العلمية حتى أصبحت أعمالهم قانوناً ومرجعاً صالحاً لكل زمان ومكان، وعلى هذا الأساس يكون القياس والإسناد.
وعلى كل حال، فالإنسان هو الإنسان في أي مكان وزمان، ويحتكم إلى عامل مشترك العقل والعاطفة، فأي نص يخاطب العقل والعاطفة في توازن يوافق خلق الإنسان دون أن يخل بكفتي الميزان (العقل والعاطفة) يجب أن يوضع على مستوى القمة لغض عن الزمان والمكان فلو خاطب النص الإنساني بطريقة تحقق توازن يعجز عن الإتيان به فهذا نص معجز بيانياً فماذا لو كان النص معجزاً بكل المقاييس البيانية والعلمية والنفسية والاقتصادية وصالح للإنسان في أي زمان ومكان .. هنا يقف العقل ليقرر يقيناً أن هذا النص لا يمكن أن يكون من اختراع بشر بل لا بد وأن يكون وحياً من خالق الكون والبشر والعالم بأسرار خلقه .. هذا يقين أهل العرفان فما حجة المبطلين.
د / حسين رضوان اللبيدي

[1] – مدير مستشفى الصدر بجرجا ـ سوهاج.
[2] – كتاب الصاحبي.
[3] – كتاب الخصائص، أبي الفتح عثمان بن جني، الجزء الأول.
[4] – نشأة اللغة عند الإنسان والطفل.
[5] – انظر المرجع السابق.
[6] – نشأة اللغة عند الإنسان والطفل دار النهضة.
[7] – انظر مجلة العلوم الأمريكية المخ والعقل الأصل باللغة الإنجليزية، سبتمر سنة 1992م.
[8] – مجلة العلوم الأمريكية، عدد أكتوبر سنة 1989م مجلد 6 عدد 10 اللدونة في نمو الدماغ الأصل المترجم من إصدار الكويت.
[9] – مجلة العلوم الأمريكية، ديسمبر سنة 1989م عدد 1 إدراك الكلام في مرحلة الطفولة المبكرة، الأصل المترجم من إصدار الكويت.
[10] – صاحب البحث.
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.51 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.81%)]