الموضوع: لا إله إلا الله
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-11-2020, 07:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لا إله إلا الله

لا إله إلا الله (2)


أ. د. عبدالله بن محمد الطيار




عن عبدالرحمن بن سمرة في قصة المنام الطويلة أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ورأيت رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة، فأغلقت دونه، فجاءته شهادة ألا إله إلا الله، ففتحت له الأبواب، وأدخلته الجنة))؛ أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد"، (7/ 179 – 180).



وثبت في الصحيحين عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((يقول الله: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي، لأُخْرِجَنَّ منها مَن قال: لا إله إلا الله))؛ رواه الحاكم في "المستدرك"، (1/ 70).



هذه الكلمة السهلة التي تفوت الساعات الكثيرة لم ينطق بها المسلم، وذلك تهاونًا وكسلاً، فينبغي لكم - يا أهل لا إله إلا الله - أن تلهجوا بها، وتكثروا منها في سائر أوقاتكم، وفي بيوتكم وشوارعكم ومساجدكم، ليتعلم الصغير والجاهل، وينشأ المجتمع على ذلك.



يقول الله - تعالى -: ﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 64 - 62].



وقد جعل الله - عزَّ وجلَّ - الشهادتين شعارًا للإسلام وعنوانًا للدخول فيه، وأوضح ذلك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حديثه القائل فيه: ((أُمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإذا قالوها، عصموا مني دمائهم وأموالهم))؛ رواه مسلم.



فلنحمد الله - جل وعلا - أن جعلنا مسلمين، وهدانا لهذا الدين العظيم، ونشكره على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة، ولنحرص دائمًا على ترديد كلمة (لا إله إلا الله)، ونسأل الله الثبات عليها، ونعلم أن سرَّها وروحها إفراد الله - جل ثناؤه - بالمحبة والإجلال والتعظيم، والخوف والرجاء، والتوكل والإنابة، والرغبة والرهبة.



فلا يحب إلا الله وكل محبوب سواه فتبع لمحبته - سبحانه وتعالى - ولا يخاف إلا من الله، ولا يرجوا إلا الله، ولا يتوكل إلا على الله، ولا يرغب إلا إلى الله، ولا يرهب إلا من الله، ولا يحلف إلا باسم الله، ولا ينذر إلا لله - تعالى - فهذا هو تحقيق شهادة ألا إله إلا الله، فمن عاش على هذه الكلمة وقام بتحقيقها، فروحه تتقلب في جنة المأوى وعيشها أطيب عيش؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40 - 41].



والأبرار في نعيم وإن اتسعت عليهم الدنيا؛ قال - تعالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97].



طيب الحياة في الدنيا؛ قال - تعالى -: ﴿ فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125]، فأي نعيم أطيب من شرح الصدر؟! وأي عذاب أشد من ضيق الصدر؟!



فالمؤمن الصادق المخلص لله من أطيب الناس عيشًا وأنعمهم بالاً، وأشرحهم صدرًا وأسرهم قلبًا، وهذه جنة عاجلة قبل الجنة الآجلة.



وكلمة التوحيد سبب للشجاعة والإقدام، فكلما ازداد الإنسان علمًا بها وعملاً بمقتضاها، ازداد بذلك شجاعة وإقدامًا وجرأة في الحق، ولا أدلُّ على ذلك من حال الأنبياء - صلوات الله عليهم وسلامه - وكذلك حال أتباعهم من الصديقين والشهداء والصالحين والمجاهدين في كل زمان ومكان، وكلمة (لا إله إلا الله) هي السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، ودفع عقوبتهما، ولذا لما كان يونس في بطن الحوت: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، استجاب الله له وفرج كربته؛ ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88].




وصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]