عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 28-03-2024, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,788
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ88 الى صــ90
(19)


يباح الفطر للمريض مرضا شديدا ومن يخاف على نفسه المرض وشدة السبق
مسألة : قال : وللمريض أن يفطر إذا كان الصوم يزيد في مرضه فإن تحمل وصام كره له ذلك وأجزأه
أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة والأصل فيه تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } المرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه قيل لأحمد متى يفطر المريض ؟ قال : إذا لم يستطع قيل مثل الحمى قال وأي مرض أشد من الحمى ؟ وحكي عن بعض السلف أنه أباح الفطر بكل مرض حتى م وجع الاصبع والضرس لعموم
الآية فيه ولان المسافر يباح له الفطر وإن لم يحتج إليه فكذلك المريض


ولنا أنه شاهد للشهر لا يؤذيه الصوم فلزمه كالصحيح والآية مخصوصة في المسافر والمريض جميعا بدليل أن المسافر لا يباح له الفطر في السفر القصير والفرق بين المسافر والمريض أن السفر اعتبرت فيه المظنة وهو السفر الطويل حيث لم يمكن اعتبار الحكمة بنفسها فإن قليل المشقة لا يبيح وكثيرها لا ضابط له في نفسه فاعتبرت بمظنتها وهو السفر الطويل فدار الحكم مع المظنة وجودا وعدما والمرض لا ضابط هل فإن الأمراض تختلف منها ما يضر صاحبه الصوم ومنها ما لا أثر للصوم فيه كوجع الضرس وجرح في الإصبع والدمل والقرحة اليسيرة والجرب وأشباه ذلك فلم يصلح المرض ضابطا وأمكن اعتبار الحكمة وهو ما يخاف منه الضرر فوجب اعتباره فإذا ثبت هذا فإن تحمل المريض وصام مع هذا فقد فعل مكروها لما يتضمنه من الأضرار بنفسه وتركه تخفيف الله تعالى وقبول رخصته ويصح صومه ويجزئه لأنه عزيمة أبيح تركها رخصة فإذا تحمله أجزأه كالمريض الذي يباح له ترك الجمعة إذا حضرها والذي يباح له ترك القيام في الصلاة فإذا قام فيها


فصل : والصحيح أن الذي يخشى المرض بالصيام كالمريض الذي يخاف زيادته في إباحة الفطر لأن المريض إنما أبيح له الفطر خوفا مما يتجدد بصيامه من زيادة المرض وتطاوله فالخوف من تجدد المرض في معناه قال أحمد فيمن به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشق أنثياه فله الفطر وقال الجارية تصوم إذا حاضت فإن جهدها الصوم فلتفطر ولتقض - يعني إذا حاضت وهي صغيرة لم تبلغ خمس عشرة سنة قال القاضي هذا إذا كانت تخاف المرض بالصيام أبيح لها الفطر وإلا فلا


فصل : ومن أبيح له الفطر لشدة شبقة أن أمكنه استدفاع الشهوة بغير جماع كالاستمناء بيده أو يد امرأته أو جارته لم يجز له الجماع لأنه فطر للضرورة فلم تبح له الزيادة على ما تندفع به الضرورة كأكل الميتة عند الضرورة وإن جامع فعليه الكفارة وكذلك إن أمكنه دفعها بما لا يفسد صوم غيره كوطء زوجته أو أمته الصغيرة أو الكتابية أو مباشرة الكبيرة المسلمة دون الفرج أو الاستمناء بيدها أو بيده لم يبح له إفساد صوم غيره لأن الضرورة إذا اندفعت لم يبح ما رواءها كالشبع من الميتة إذا اندفعت الضرورة بسد الرمق وإن لم تندفع الضرورة إلا بإفساد صوم غيره أبيح ذلك لأنه مما تدعو الضرورة إليه فأبيح كفطره وكالحامل والمرضع يفطران خوفا على ولديهما فإن كان له امرأتان حائض وطاهر شائمة ودعته الضرورة إلى وطء إحداهما احتمل وجهين : أحدهما وطء الصائمة أولى لأن الله تعالى نص على النهي عن وطء الحائض في كتابه ولأن وطأها فيه أذى لا يزول بالحاجة إلى وطء
والثاني : يتخير لأن وطء الصائمة يفسد صيامها فتتعارض المفسدتان فيتساويان

ويباح للمسافر
مسألة : قال : وكذلك المسافر

يعني أن المسافر يباح له الفطر فإن صام كره له ذلك وأجزأه وجواز للمسافر ثابت بالنص والإجماع وأكثر أهل العلم على أنه إن صام أجزأه ويروى عن أبي هريرة أنه لا يصح صوم المسافر قال أحمد : كان عمر وأبو هريرة يأمرانه بالإعادة وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن بن عوف أنه قال : الصائم في السفر كا
لمفطر في الحضر وقال بهذا قوم من أهل الظاهر لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ ليس من البر الصوم في السفر ] متفق عليه ول [ أنه عليه السلام أفطر في السفر فلما بلغه أن قوما صاموا قال : أولئك هم العصاة ] وروى ابن ماجة بإسناده [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال الصائم في رمضان في السفر كالمفطر في الحضر ] وعامة أهل العلم على خلاف هذا القول قال ابن عبد البر هذا قول يروى عن عبد الرحمن بن عوف هجره الفقهاء كلهم والسنة ترده وحجتهم ما روي [ عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال للنبي صلى الله عليه و سلم : أصوم في السفر ؟ - وكان كثير الصيام - قال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر ] وفي لفظ رواه النسائي [ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم أجد قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح ؟ قال : هي رخصة الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه ] و [ قال أنس : كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه و سلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ] متفق عليه وكذلك روى أبو سعيد وأحاديثهم محمولة على تفصيل الفطر على الصيام
فصل :


والأفضل عند إمامنا رحمه الله الفطر في السفر وهو مذهب ابن عمر وابن عباس و سعيد بن المسيب و الشعبي و الأوزاعي و إسحاق وقال أبو حنيفة و مالك الشافعي : الصوم أفضل لمن قوي عليه ويروى ذلك عن أنس وعثمان بن أبي العاص واحتجوا بما روي عن مسلمة بن المحبق [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من كانت له حمولة يأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه ] رواه أبو داود ولأن من خير بين الصوم والفطر كان الصوم أفضل كالتطوع وقال عمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة أفضل الأمرين أيسرهما لقول الله تعالى { يريد الله بكم اليسر } ولما روى أبو داود [ عن حمزة بن عمرو قال : قلت يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه وأسافر عليه وأكريه وإنه ربما صادفني هذا الشهر - يعني رمضان - وأنا أجد القوة وأنا شاب وأجدني أن أصوم يا رسول الله أهون علي من أن أؤخر فيكون دينا علي أفأصوم يا رسول الله أعظم لأجري أم أفطر ؟ قال : أي ذلك شئت يا حمزة ]
ولنا ما تقدم من الإخبار في الفصل الذي قبله وروي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال خيركم الذي يفطر في السفر ويقصر ] ولأن الفطر خروجا من الخلاف فكان أفضل كالقصر وقياسهم ينتقض بالمريض ويصوم الأيام المكروه صومها


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]