عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-10-2019, 08:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,380
الدولة : Egypt
افتراضي المقابلة الشخصية والتسويق للنفس (للشباب)

المقابلة الشخصية والتسويق للنفس (للشباب)
د. علي أحمد الشيخي









يُطلب من الشباب الباحثين عن عمل يتناسب مع الميول والمهارات التي يمتلكونها - أن يهيِّئوا أنفسهم جيدًا قبل دخولهم المقابلة الشخصية؛ ذلك أن لتهيئة النفس للمقابلة الشخصية دورًا هامًّا في نجاحهم في المقابلة الشخصية، وبالتالي الظفر بالوظيفة المتقدم إليها؛ حكوميةً كانت أو قطاعًا خاصًّا.







ولعل أول جوانب تهيئة النفس التي ينبغي التنبه لها: بناء النفس من خلال الثقافة؛ بالقراءة المتخصصة إلى جانب الاطلاع العام، وكذا ممارسة العمل المهني أثناء الإجازات الصيفية أو التطوع في المؤسسات الخيرية، وعليك قبيل المقابلة أن تحرص على القيام بجمع معلومات عن جهة العمل المطلوبة من خلال الموقع الرسمي للجهة، أو بالبحث في محركات البحث أو في المجلات المتخصصة التي تصدر من المؤسسة نفسها أو الجهة المشرفة عليها، واعمل على تحضير سؤال على الأقل عن مهام واختصاصات الشركة؛ لتثبت للجنة المقابلة أنك على اطلاع بأمور الشركة، ويمكن سؤال بعض من خاضوا مقابلات شخصية سابقًا ممن تثق بهم، كما يجب الاهتمام باختيار اللبس الذي يتناسب مع طبيعة العمل بالمؤسسة التي تقدمت بطلب العمل بها، واحرص على الحضور لمكان المقابلة قبل الموعد بوقت كافٍ؛ ذلك أن الانطباع الأول هو من يحدد مصير قبولك من عدمه، وتدرب على الحديث قبل موعد المقابلة، وقم بتسجيل صوتي لنفسك على جوالك، واعمل على مراجعة التسجيل لتتدارك جوانب القصور، ولتتمكن من أن يكون حديثك أثناء المقابلة ممتعًا وشائقًا ومختصرًا وفي صلب الموضوع؛ ذلك أن التوسع في الحديث قد يجر إلى أن يزلَّ اللسان وتُكشف بعض جوانب الضعف لديك، وابتعد ما أمكن عن الإجابة بـ"نعم" أو "لا"، وعليك التنبه والاهتمام بالجانب النفسي، وذلك بضبط التوتر والقلق، وتوطين النفس على أن الرزق مقسوم بيد الله سبحانه، ولن يستطيع أحد أن يمنع عنك رزقًا قد كتبه الله لك مهما أوتي من قوة؛ فالأرزاق مكتوبة؛ يقول تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58]، ولكن هذا لا يعني التواكل والكسل، وفي الأثر يروى أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "الرزق نوعان: رزق يطلبك، ورزق تطلبه؛ فأما الذي يطلبك، فسوف يأتيك ولو على ضعفك، وأما الذي تطلبه، فلن يأتيك إلا بسعيك، وهو أيضًا من رزقك"، وروى الشيخان من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - قال: ((إن أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يبعث الله ملَكًا فيؤمر بأربع كلمات: بِرِزْقِه وَأَجَلِه وشَقِي أو سعيد))؛ أخرجه البخاري (6594) ومسلم (2643).







وفي هذا المعنى يقول الشاعر:







توكلت في رزقي على الله خالقي

وأيقنت أنَّ الله - لا شك - رازقي




ففي أي شيء تذهب النفسُ حسرةً

وقد قسم الرحمن رزق الخلائقِ












ومن الجوانب التي يمكنك الاستعداد لها أيضًا: أن هناك أسئلة تضليلية قد تُطرح عليك أثناء المقابلة الشخصية؛ كطلب الحديث عن نقاط قوتك وضعفك، وهذا السؤال في الواقع لا يبحث عن حياتك الخاصة؛ وإنما يهدف للبحث عن مواطن القوة والضعف في المجال المهني فقط، ولعل الإجابة المُثلى تكمن في الإشارة إلى جوانب ضعفك المهنية التي اكتشفتها سابقًا، وكيف قمت بالتعامل معها من خلال انخراطك في برامج تدريبية، أو التطوع في المؤسسات الخيرية أو الحكومية التي تسمح بالتطوع فيها كالدفاع المدني مثلًا، أو كان الضعف في مهاراتك الحاسوبية مما له علاقة بمهارات الوظيفة وكيف قمت بتطويرها بالتدرب، أو كان في مهارة الحوار كمقاطعة المتحدث مثلًا وكيف قمت بتحسين تلك المهارة بالتحاقك في برامج تدريبية بالمركز الوطني للحوار الوطني أو معاهد التدريب الأخرى، أو بالقراءة والاطلاع في كتب تطوير الذات، ولا تنس الإشارة إلى جوانب قوتك ولو لمرة واحدة.







وإذا شعرت خلال المقابلة الشخصية أن لديك نقصًا في مهارتك التي تتطلبها طبيعة العمل بالمؤسسة، فأظهِرْ حرصك الشديد وعزمك واستعدادك للاستمرار في تطوير جوانب القصور لديك، وتعزيز جوانب القوة، وعليك بعد الانتهاء من المقابلة الشخصية القيام بشكر اللجنة على تعاونهم، وأظهِر لهم مدى استفادتك من قاماتهم، ومن ثَمَّ قم بإرسال رسالة شكر عبر البريد الإلكتروني الذي تم التواصل معك سابقًا من خلاله، أو عبر جوال المؤسسة إن توفر ذلك لديك.







ومتى ما كنت طالب عمل وجادًّا في طلبك، فسوِّق لنفسك حتى تفوز بأحد المقاعد المطلوبة، ومن آليات تسويق النفس أمام لجنة المقابلة الشخصية: كن الحل لمشكلات المؤسسة؛ وذلك بالتعرف على المشكلات التي تعيق العمل بالمؤسسة والعمل على اقتراح الحلول الناجعة، وكن صاحب الاختصاص الذي يتطلبه العمل؛ فاذكر خبراتك المتناسبة مع طبيعة عمل المؤسسة، ويُنصح باستخدام مصطلحات نارية كنت قد قمت بتحضيرها قبل المقابلة تتعلق بعملية التطوير لتبهر لجنة المقابلة بها، وتحدث عن سيرتك الذاتية بإيجاز وشمول، وتنبه للغة الجسد كانتصاب الجلسة، والتواصل بالنظر، والبهجة والابتسامة أثناء جلوسك على كرسي المقابلة، ثم كن إيجابيًّا وتجنب الشكوى من البطالة أو وظيفتك السابقة أو مشاكلك الشخصية وظروفك الاقتصادية.







وأخيرًا، أوصيك بالتنبه للعلامات التحذيرية التي تتطلب منك عدم القبول بالوظيفة، وخاصةً فيما إذا كانت في القطاع الخاص تحديدًا، ومن هذه العلامات التحذيرية: عدم احترام لجنة المقابلة للمواعيد أو عدم الترتيب الجيد للمقابلة، أو عند تطرق اللجنة بالحديث السلبي عن المؤسسة وعدم رضاهم عن مؤسستهم، وكذا عند تعمد اللجنة للخوض بالحديث في الأعراق أو المذاهب الدينية أو التكتلات في العمل، وتنبه لأسئلة اللجنة عن الإرهاب ووجهة نظرك حول العمليات التي وقعت مؤخرًا، أو عند محاولة الإغراء بالمال عند حديثهم عن طبيعة عملك الجديد؛ فقد يجرك ذلك إلى ما يتعارض من المبادئ والقيم، بل وقد يوقعك في حبائل التزوير والنصب، وبالتالي انكشاف أمرك للعدالة، وضياع مستقبلك، وفي الجانب الآخر - وفيما يخصك - احذر أن تقدم وعودًا وأنت لست في موقع يسمح بتنفيذها؛ لأن هذا قد يقود إلى إحراجك بأسئلة قد يصعب عليك الإجابة عليها، كما لا تسأل عن الراتب أو الإجازات؛ وذلك لأن غالب مؤسسات العمل الكبيرة لديها نظام واضح في هذا الجانب.







وقبل ذلك كله ابدأ بدعاء الاستخارة: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - وتسمي حاجتك - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويَسِّرْهُ لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به))؛ البخاري 7 /162.







ولا تنس أيضًا أن تدعو بدعاء اسم الله الأعظم الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وهو ما رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: "اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولَد ولم يكن له كفوًا أحد، فقال عليه السلام: ((لقد سألتَ اللهَ بالاسم الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعِيَ به أجاب))؛ التوسل: 33، صححه الألباني.







وأخيرًا، فهذه وصية محب، وثقوا أن قلوبنا تحبِّكم، ودعاؤنا بأن يجعل الله التوفيق حليفكم.







[1] د. علي أحمد الشيخي: مساعد مدير تعليم القنفذة سابقًا (متقاعد)، دكتوراه علم نفس تربوي، أخصائي تقويم تعليم بهيئة تقويم التعليم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.79 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]