عرض مشاركة واحدة
  #111  
قديم 03-09-2020, 05:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثانى
[كتاب اليمين]
صـــــ 71 الى صــــــــ80
الحلقة (87)

[مبحث الحلف بغير الله تعالى]

لا ينعقد اليمين بغير الله تعالى كالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، والكعبة، وجبريل، والولي وغير ذلك من كل معظم ولا كفارة على الحنث في الحلف به، وإذا قصد الحالف بذلك إشراك غير الله معه في التعظيم كان ذلك شركاً؛ وإذا قصد الاستهانة بالحلف بالنبي والرسول ونحو ذلك كفر. أما إذا لم يقصد شيئاً من ذلك بل قصد اليمين ففي حكمه تفصيل المذاهب (1) .
[مبحث إذا حلف علي غيره أو سأله بالله]
إذا قال لغيره: أقسم عليك بالله، أو أحلف عليك بالله لتفعلن كذا، أو لا تفعلن كذا ففيه تفصيل المذاهب (2) .
[مباحث كفارة اليمين]
[موجباتها]
تجب كفارة اليمين بأمور مفصلة في المذاهب(3) .
[مبحث في كيفية كفارة اليمين]
كفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، ولا ترتيب بين واحد منها، فهو مخير بين أن يفعل أيها شاء، فإن عجز عنها ولم يستطع أن يفعل واحداً منها فإنه يصوم ثلاثة أيام، ولا يجزي الصيام إلا بعد العجز عن فعل واحد من الأمور الثلاثة، فكفارة اليمين فيها تخيير. وترتيبن فالحالف مخير بين أن يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم أو يحرر رقبة، وليس مخيراً في الصيام، أما بيان كل واحد من الثلاث المذكورة وشروطها ففيه تفصيل المذاهب(4) .
[مبحث في وقت كفارة اليمين]
يصح إخراج كفارة اليمين قبل الحنث وبعده على تفصيل في المذاهب (5)

(1) الحنفية - قالوا: الحلف بالتعليق نحو عليّ الطلاق لا أفعل كذا، أو إن فعلت كذا يلزمني الطلاق إن كان الغرض منه الوثيقة أي اتثاق الخصم بصدق الحالف جاز بدون كراهة، وإن لم يكن الغرض منه ذلك أو كان حلفاً على الماضي فإنه يكره، وكذلك الحلف بنحو وأبيك ولعمرك ونحو ذلك.
الشافعية - قالوا: يكره الحلف بغير الله تعالى إذا لم يقصد شيئاً مما ذكر في أعلى الصحيفة ويكره الحلف بالطلاق.
الحنابلة - قالوا: يحرم الحلف بغير الله تعالى وصفاته ولو بنبي أو ولي، فمن حلف بذلك يستغفر الله تعالى ويتوب ويندم على ما فرط منه ولا كفارة عليه. ويكره الحلف بالطلاق والعتاق.
المالكية - قالوا: الحلف بمعظم شرعاً كالنبي والكعبة ونحوهما فيه قولان: الحرمة، والكراهة والمشهور: الحرمة، أما الحلف بما ليس بمعظم شرعاً كالحلف بالأنصاب والدماء التي كان يحلف بها في الجاهلية، أو بشيء من المعبودات دون الله تعالى فلا خلاف في تحريمه إذا لم يقصد تعظيمها، وإلا كفر كما ذكر في أعلى الصحيفة، وكذلك لا ينبغي الاختلاف في تحريم الحلف بالآباء والأشراف ورؤوس السلاطين وحياتهم وما شاكل ذلك (2) الحنفية - قالوا: إذا قال رجل لآخر: والله لتفعلن كذا وكذا، أو بالله لتفعلن كذا فإن أراد به استحلاف المخاطب ولم يرد أن يحلف هو فلا يكون يميناً ولا شيء عليهما، وأن أراد أن يحلف بذلك أو لم يرد شيئاً فإنه يكون يميناً، ويحنث إذا لم يطعه المخاطب.
وإذا قال له: أقسمت لتفعلن كذا، أو قال: أقسمت بالله، أو أشهد بالله، أو أحلف بالله أو أعزم بالله لتفعلن كذا، سواء قال عليك أو لم يقل فإنه ينعقد يميناً يلزم به الحالف، ولا شيء على المخاطب إلا إذا أراد به الاستفهام فإنه لا يكون يميناً حينئذ.
المالكية - قالوا: إذا حلف على رجل بأن قال له: حلفت عليك بالله لتفعلن كذا، أو لا تفعل كذا فلم يطعه حنث الحالف وعليه الكفارة، ولا شيء على الآخر: وكذلك إذا قال: أقسمت عليك فإنه إن لم يطعه وجبت الكفارة على من أقسم إلا إذا قصد بذلك غير اليمين، فإنه في هذه الحالة فيه خلاف، والمشهور أنه لا شيء عليه، وكذا إذا لم يقصد شيئاً.
ولو قال: حلفت عليك ولم يقل بالله ولم ينوه فلا كفارة عليه. وكذا لو قال: أعزم عليك بالله، أو عزمت عليك بالله أو سألتك بالله ولم يقصد به اليمين، فالأصح أنه لا يكون يميناً.
ويندب لمن سأله أحد بالله أو أقسم عليه به أن يبر قسمه، وأن يجيبه إلى طلبه إذا لم يكن هناك مانع شرعي ولم يتذرع السائل بذلك إلى الإلحاف ومضايقة الناس، ويتأكد الندب فيما تجب فيه الكفارة.
الشافعية - قالوا: إذا قال لغيره: أقسم عليك بالله أو أسألك بالله لتفعلن كذا، فإنه يكون يميناً إذا قصد به يمين نفس، أما إذا قصد به يمين المخاطب، أو قصد الشفاعة عنده، أو لم يقصد شيئاً فإنه لا يكون يميناً، فإذا حلف شخص على آخر أنه يأكل فإذا أراد تحقيق الأكل وأنه لا بد منه كان يميناً، وإن أراد أتشفع عندك بالله أنك تأكل، أو أراد يمين المخاطب كأن قصد جعله حالفاً بالله فلا يكون يميناً، لأنه لم يحلف حينئذ لا هو ولا المخاطب، ويحمل عند الإطلاق على الشفاعة، ويسن للمخاطب إبراره في القسم إذا أراد به يمين نفسه.
الحنابلة - قالوا: إذا أقسم على غيره فإن قال: والله لتفعلن يا فلان كذا، أو لا تفعلن كذا فلم يطعه حنث الحالف وعليه الكفارة. لا على من لم يطعه على الراجح. وإن قال: أسألك بالله لتفعلن كذا، وأراد بذلك اليمين يكون يميناً، والكفارة على الحالف أيضاً. أما إذا أراد به الشفاعة فإنه لا يكون يميناً، ويسن إبرار القسم كما تسن إجابة السؤال بالله
(3) الحنابلة - قالوا: تجب كفارة اليمين بأمور:
أولاً: إذا حنث الحالف باليمين المنعقدة بشروطها المتقدمة،
ثانياً: بالنذر المطلق وهو الذي لم يعين فيه المنذور كقوله: علي نذر، أو لله علي نذر، سواء قال: إن فعلت كذا أو لم يقل، وإنما تجب فيه كفارة اليمين إذا لم ينو الناذر شيئاً معيناً فإن نواه لزمه.
ثالثاً: إذا حرم على نفسه شيئاً من الحلال غير زوجه كقوله: ما أحل الله علي حرام إذا لم يكن له زوج، فإن كانت حرمت، وإن لم تكن فعليه كفارة اليمين ولا يحرم عليه شيء، وكذا إذا قال هذا الطعام علي حرام، أو إن أكلته فهو حرام أو نحو ذلك، فإن فيه كفارة اليمين ولا يحرم عليه شيء.
رابعاً: أن يقول: علي يمين إن فعلت كذا ولم يفعل، فإنه تلزمه الكفارة، كما إذا قال: مالي للمساكين إن فعلت كذا وقصد به اليمين، فإنه يكون يميناً إذا حنث.
خامساً: إذا حلف على ملة غير الإسلام كما إذا قال: هو يهودي أو نصراني أو كافر أو مجوسي أو يكفر بالله أو يعبد الصليب إن فعل كذا، أو قال: هو بريء من الله أو من القرآن أو من الإسلام أو من رسول الله إن فعل كذا، أو قال: يستحل الزنا أو شرب الخمر أو ترك الصلاة أو الصيام إن فعل كذا فإنه في كل هذا تلزمه كفارة اليمين إن فعل المحلوف عليه. وقال بعضهم: لا كفارة فيه، ولا يكفر الحالف بذلك، ولكنه فعل محرماً تلزمه التوبة منه، سادساً: إذا قال: أيمان المسلمين تلزمني إذا فعلت كذا ولم يفعل، فإنه تلزمه كفارة اليمين ولكن بشرط أن ينوي به اليمين، فإن نوى به الصلاة أو الظهار أو النذر كان كما نواه، لأن أيمان المسلمين كناية يصح أن يراد بها اليمين بالله، والطلاق، والنذر، والظهار، والعتق.
المالكية - قالوا: تجب الكفارة بأربعة أمور:
الأول: النذر المبهم، وهو الذي لم يعين فيه المنذور كأن يقول: لله علي نذر، أو نذر لله علي إن فعلت كذا، أو إن لم أفعل كذا فإنه تجب فيه الكفارة إن حنث، وكذا إذا قال، إن شفى الله مريضي علي نذر، أو لله علي نذر فشفى الله مريضه، فإنه يجب عليه كفارة اليمين، أما النذر المعين وهو ما عين فيه المنذور كأن يقول: لله علي نذر أن أصوم أو أتصدق بكذا فإنه يلزمه ما عينه باللفظ أو النية.
الثاني: صيغة اليمين كأن يقول: علي اليمين، أو لله علي يمين، أو إن فعلت كذا فعلي يمين فإنه تجب عليه الكفارة بالحنث في ذلك.
الثالث: الحلف باليمين المنعقدة على بر وهي الحلف بالنفي كقوله: والله لا أدخل الدار، وسميت يمين بر لأن الحالف بها على البراءة ما لم يدخل الدار. الرابع: اليمين المنعقدة على حنث وهي الحلف بالإثبات كقوله: والله لأفعلن كذا، أو إن لم أفعل كذا، وسميت يمين حلف لأن الحالف بها يكون على حنث حتى يفعل المحلوف عليه، فإذا قال: والله لأسافر، فهو مطالب بالفعل ويكون على حنث حتى يسافر. وكذا إذا قال: إن لم أسافر فعلي كذا، ولكن يشترط في كون هاتين الصيغتين للحنث أن لا يقيدهما بوقت، فلو قال: والله لأسافر بعد شهر يكون صيغة بر حتى يمضي الشهر، فإذا مضى الأجل ولم يفعل حنث إذا لم يوجد مانع يمنع الفعل شرعي أو عادي، فإن وجد مانع شرعي أو عادي لا يحنث، أما المانع العقلي فلا يعتبر، ولا يحنث في الصيغة المطلقة إلا بالموت فلو قال: والله لأسافرن، أو والله لا أكلم فلاناً لا يحنث إلا بالموت، وكذا لو قال: لأطلقن امرأتي فإنه لا يحنث إلا بموتها، ولو قال: هو يهودي أو نصراني أو مرتد أو على غير ملة الإسلام ونحو ذلك إن فعل كذا ولم يفعله فلا كفارة عليه، ولكن يحرم عليه الحلف بذلك، فإن قال ذلك في غير يمين ارتد ولو كان هازلاً.
الحنفية - قالوا: تجب كفارة اليمين بأمور: منها أن يحنث في اليمين المنعقدة بشروطها المتقدمة، أما إذا لم يحنث فلا تجب عليه الكفارة ولا تصح قبل الحنث.
ومنها النذر غير المعين كما إذا قال: علي نذر لا أفعل كذا أو أفعله، فإذا حنث تلزمه كفارة يمين، لأنه إن كان لم يسم شيئاً ولكنه التزم بهذه العبارة الكفارة، فكأنه نذر الكفارة ومحل ذلك إذا لم ينو شيئاً معيناً، فإذا نوى شيئاً لزمه ومنها أن يقول: علي اليمين لأفعلن كذا وإن لم يذكر بالله فإنها تنعقد يميناً وعليه الكفارة إن حنث فيها ما لم يرد الإخبار بأن في ذمته يميناً. ومنه أن يحرم على نفسه شيئاً حلالاً كأن يقول: هذا الطعام علي حرام فإنه لا يحرم عليه؛ ولكن إن أكله تلزمه كفارة اليمين. أما إذا قال: إن أكلت هذا الطعام فهو علي حرام فأكله، فإنه لا يلزمه شيء، لأنه في الأول حرم طعاماً موجوداً بالفعل، أما في الثاني فإنه ما حرمه إلا بعد الأكل، فلم يكن موجوداً وقت التحريم. وكذا لو حرم على نفسه حراماً بأن قال: الخمر علي حرام فإنه إذا شربها كان عليه كفارة يمين بشرط أن ينوي به اليمين، أما إذا نوى به الإخبار أو لم ينو شيئاً فلا كفارة عليه، ومثله ما إذا قال: مال فلان علي حرام.
وإذا قال: كل حل أو حلال الله أو حلال المسلمين علي حرام، فإن كانت له زوج فالمفتى به أنها تطلق منه بواحدة بائنة، وإن تعددت أزواجه بن جميعاً بواحدة، وإن نوى به الثلاث فثلاث وإن لم تكن له زوج وقت اليمين انعقد يميناً ويحنث بمجرد الأكل والشرب، وتلزمه كفارة اليمين إن حلف على مستقبل، وأما إن حلف على ماض كانت يمينه غموساً إن تعمد الكذب إذا قال: إنه بريء من الرسول، أو من القرآن أو من كتاب الله أو من آية من كتاب الله أو من كل آية فيه فإنه تلزمه الكفارة بالحنث. وكذا إن تبرأ من الكتب الأربعة؛ ولو كرر البراءة تعددت الأيمان بحسب التكرار؛ فإذا قال: هو بريء من الله، وبريء من الرسول لا يفعل كذا ففعل حنث في يمينين، وإذا زاد والله ورسوله بريئان منه فأربعة أيمان. وإذا برئ من الإسلام أو من القبلة أو من صوم رمضان أو من الصلاة أو من المؤمنين فإنه يمين تلزم به الكفارة. ومنها أن يقول: إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني أو فاشهدوا عليه بالنصرانية وهو شريك للكفار أو كافر، فإنه إن فعل تلزمه الكفارة إذا كان حلفه على مستقبل، أما إن كان على ماض وهو عالم بخلافه كان غموساً، والحالف بذلك إن كان يعتقد أن هذا يمين فالصحيح أنه لا يرتد عن الإسلام، وإن كان يعتقد أنه يرتد بذلك أو بمباشرة الشرط فإنه يرتد بالحلف بذلك لرضائه بالكفر، ومنها أن يقول: صيامي لليهود إن قلت كذا ونوى به القربة كان يميناً، أما إذا نوى به الثواب لم يكن، ولا كفارة بقوله: إن فعلت كذا فلا إله في السماء، ولا بقوله أشهد الله أو أشهد ملائكته، أو هو برئ من شفاعة المصطفى.
الشافعية - قالوا: تلزم الكفارة في اليمين المنعقدة بشرائطها، وفي اليمين الغموس وهو ما إذا حلف أن له على فلان كذا وكرر الأيمان كاذباً، أما إذا قال: علي نذر كذا إن كلمت فلاناً وهو المسمى نذر اللجاج كما يأتي، فإنه عند وجود المعلق عليه فيه أقوال ثلاثة:
الأول أن عليه كفارة يمين.
الثاني أن يفعل ما سمى.
الثالث أنه مخير بين الكفارة وفعل ما سماه وهو الأظهر. إذا التزم غير قربة كأن قال: علي نذر أكل كذا أو شرب كذا لزمته كفارة يمين. ولو قال: إن دخلت كذا فعلي كفارة يمين أو فعلي كفارة نذر لزمته كفارة يمين بالدخول. ولو قال: إن دخلت فعلي نذر ولم يعين كان مخيراً في فعل قربة من القرب وكفارة يمين. أما إذا قال: إن شفى الله مريضي فعلي نذر لزمته قربة من القرب وتعيينها إليه لأنه في الثاني نذر تبرر وهو لا تنفع فيه الكفارة بحال، ولو قال: علي اليمين كان قوله لغواً لا شيء فيه.
وكذلك قوله: إن فعلت كذا فأنا يهودي أو بريء من الإسلام أو من الله أو من القرآن أو من الرسول ونحو ذلك، فإنه ليس بيمين منعقدة، بل هو لغو لا شيء فيه، ثم إن قصد بالحلف به إبعاد نفسه عن الفعل، أو لم يقصد شيئاً لا يكفر، بل يكون آثماً فليستغفر الله وليقل: لا إله إلا الله محمد رسول الله. أما إن قصد الرضا بذلك إذا فعله فإنه يكفر في الحال
(4) الحنفية - قالوا: يشترط في الإطعام شروط:
الأول: أن يعطي كل مسكين من العشرة نصف صاع من بر، أو صاع من تمر، أو شعير أو قيمة ذلك، ودقيق البر كحبه يجزئ منه نصف صاع،
ودقيق الشعير كحبه يجزئ منه الصاع، وكل جنس من الطعام منصوص عليه لا يصلح أن يكون بدلاً عن جنس آخر منصوص عليه، ولو كان أكثر منه قيمة، فلو أدى نصف صاع من تمر جيد يساوي في القيمة أكثر من صاع من البر لا يجزئه، ونصف الصاع هو قدح وثلث، ومثل التمليك الإباحة بأن يغدي كل واحد من العشرة ويعيشهم.
الثاني: أن لا يعطي الكفارة كلها لمسكين واحد في يوم دفعة واحدة أو متفرقة على عشر مرات، فلو أعطاه كل ساعة نصف صاع لم يجزئه، أما إذا أعطاه كل يوم نصف صاع بحيث يعطيه القيمة في عشرة ايام فإنه يجزئه، لأن تجدد الحاجة كل يوم يجعله كمسكين آخر، فكأنه صرف القيمة لعشرة مساكين.
الثالث: يشترط أن يغدي كل مسكين من العشرة ويعشيه، أما إذا غدى واحداً وعشى واحداً آخر غيره وهكذا لم يجزئه، لأنه يكون قد فرق طعام العشرة على عشرين وهو لا يصح كما لا يصح أن يفرق طعام المسكين الواحد على مسكينين إلا إذا ألغى ما أعطاه لبعضهم وكمل للآخرين، ولو غدى مسكيناً وأعطاه قيمة العضاء أجزأه.
الرابع: يشترط وجود الغداء والعشاء في يوم واحد، فلو غدى واحداً في يوم وعشاه في يوم آخر فإنه لا يجزئه، وقيل يجزئه، وعلى هذا فلو أخرج الكفارة في رمضان واستبدل الغداء بالعشاء في ليلة أخرى أجزاه.
الخامس: يشترط الإدام في خبز الشعير والذرة ليمكنه أن يشبع، بخلاف خبر البر فإنه لا يشترط فيه ذلك ولكنه يستحب فيه الإدام.
السادس: يشترط أن لا يكون في تلك العشرة طفل فطيم، وأن لا يكون فيهم واحد شبعان قبل الأكل.
وأما الكسوة فيشترط فيها أمور: أحدها أن يكون الثوب مما يصلح للأوساط. ثانيها أن يكون قوياً بحيث يمكن الانتفاع به فوق ثلاثة أشهر، فلو كان قديماً أو جديداً رقيقاً لا ينتفع به هذه المدة فإنه لا يجزئ. ثالثها أن يستر البدن كله أو أكثره فيجزئ الملاءة والجبة والقميص والرداء والقباء والإزار إذا كان سابلاً يتوشح به، ولا تجزئ العمامة ولا السراويل على الصحيح. ولا بد للمرأة من خمار مع الثوب، وإذا أعطى لفقير كسوة لا تستر أكثر بدنه كالسراويل وكانت قيمتها تساوي قيمة الإطعام "نصف صاع من بر، أو صاع من تمر كما تقدم" فإنها تجزئ. ولا يشترط أن ينوي بالكسوة الإطعام على الظاهر من المذهب أما النية فإنها شرط لصحة التكفير في ذاته، وتصح في الإطعام بالتمليك والكسوة قبل الدفع وبعده ما دامت الصدقة باقية في يد الفقير، أما الإطعام بالإباحة بأن كانوا عنده فأكلوا ثم نوى ذلك التكفير فإنه لا يجزئه، لأن الطعام لم يبق في يد الفقير في هذه الحالة. وكذلك التكفير بالعتق فإنه لا يتصور فيه النية بعد التكفير، فإذا أعتق عبده ثم نوى التكفير بعد العتق فإنه لا يجزئ، ولا يصح أن يعطي من هذه الكفارة من لا يجزئه أن يعطيه من زكاة المال إلا فقراء أهل الذمة، فإنه يصلح أن يعطيهم من هذه الكفارة، وفقراء أهل الإسلام أحب.
ويشترط لصحة الكفارة بالعتق: أن يعتق رقبة كاملة الرق، وأن تكون في ملكه. وأن يكون مقروناً بالنية كما ذكر، ولا يشترط في الرقبة الإيمان.
أما الصيام فهو أن يصوم ثلاثة أيام متتابعة، فلو حاضت المرأة أثناء صومها بطلت الكفارة ويشترط لصحة الكفارة به أن يعجز عن فعل واحد من الثلاثة كما مر، ويعتبر العجز وقت الأداء لا وقت الحنث، فلو كان معه مال وقت الحنث ثم ذهب وصام، ثم رجع له الماء فإن الصيام يجزئه، لأنه كان عاجزاً وقت الأداء، ويشترط أيضاً أن يستمر العجز إلى الفراغ من الصوم، فلو صام المعسر يومين ثم حصل على المال قبل صيام الثالث لم يجزئه الصيام، ويعد قادراً من يملك الكفارة زائدة على الكفاف. والكفاف هو م نزل يسكنه، وثوب يلبسه ويستر عورته وقوت يومه، وإذا كان له مال وعليه دين مثله فإن قضى به دينه قبل أن يكفر صام، وإن لم يقض به دينه فقيل: يكفر بالمال، وقيل: يصوم، وللزوج أن يمنع زوجه المعسرة من الصوم.
المالكية - قالوا: يشترط في الإطعام شروط: أولاً: أن يملك المسكين أو الفقير مداً وهو ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، ويقدر بالكيل بثلث قدح مصري كما تقدم في كفارة الصيام. ويشترط أن يكون من الأنواع التي تخرج في زكاة الفطر وهي تسعة: القمح، والشعير، والسلت، والزبيب، والدخن، والذرة، والأرز، والأقط "وهو لبن يابس خال من الزبد". ويندب الزيادة على المد لغير سكان المدينة، أما هم فلا يندب لهم لقلة مالهم، أو بملكهم رطلين من الخبز بالرطل البغدادي وهو أصغر من الرطل المصري قليلاً، ويجزئ الخبز بلا إدام على الراجح لكن يندب الإدام. والتمر والبقل إدام، ويجزئ أيضاً أن يشبعهم مرتين غداء أو عشاء أو غداءين أو عشاءين، سواء توالت المرتين أو لا، فصل بينهما بطول أو لا، وسواء أطعم العشرة مجتمعين أو متفرقين، متساوين في الأكل أو لا، واشترط بعضهم تقاربهم في الأكل.
ثانياً: يشترط في المساكين الحرية، والإسلام، وعدم لزوم نفقة على المخرج، فلا يجوز أن يدفع منها الرجل لزوجه أو ولده الفقير، ويجوز أن تدفع الزوج منها لزوجها وولدها الفقير، لأنها لا تلزمها نفقتهما.
ثالثاً: يشترط أن لا يكرر الإعطاء فلا يجوز أن يطعم واحداً عشرة أمداد في عشرة أيام كما يقول الحنفية، وهذا شرط في الكسوة أيضاً.
رابعاً: يشترط أن لا ينقص الحصص، بل لا بد أن يعطي كل مسكين حصة كاملة، فلا يجوز أن يعطي عشرين مسكيناً عشرة أمداد لكل واحد نصف مد، غلا أن يكمل لعشرة منهم ما نقص بأن يعطي لكل واحد منهم نصف مد آخر.
خامساً: يشترط أن لا تكون ملفقة من نوعين فأكثر، فلا يجوز أن يخرج بعض الكفارة طعاماً والبعض الآخر كسوة، فلو أطعم خمسة وكسا خمسة لا يجزئه إلا إذا ألغى ما أعطاه لخمسة منهم، فإذا ألغى الكسوة وجب عليه أن يطعم خمسة آخرين وبالعكس: نعم يجوز التلفيق من صنف نوع واحد بأن يعطي بعضهم أمداداً والبعض الآخر أرطالاً، ولا يشترط بقاء الصدقة في يد الفقير في الملفقة، بل يكملها ولو ذهب ما أخذه الفقير من يده. ومثلها المكررة وهي التي صرفت لأقل من عشرة، أما تكميل الناقصة وهي التي صرفت لأكثر من عشرة، فبعضهم يشترط أن يبقى ما أخذ الفقير بيده، ولكن الراجح عدم اشتراط ذلك، ويشترط في الكسوة أن تكون في حَق الرجل ثوباً يستر جميع بدنه أو إزاراً يمكن أن يشتمل به في الصلاة فلا تجزئ العمامة ولا الإزار الذي لا يمكن الاشتمال به في الصلاة، وأن تكون في حَق المرأة قميصاً ساتراً وخماراً، ولا يشترط في الكسوة أن تكون من كسوة وسط أهل بلده، بل تكفي ولو كانت أقل من كسوة الوسد، أما الطعام فيشترط فيه أن يكون من عيش أهل البلد لا عيش المكفر على المعتمد، وإذا أراد أن يكسو صغيراً فإنه يلزم أن يعطيه ما يعطي الكبير على المعتمد، وكذلك إذا أراد أن يطعمه فإنه يعطيه ما يعطي الكبير، ولو كان يستغني به عن اللبن، فلا بد من أن يعطيه مداً أو رطلين من الخبز كالكبير وهذا هو المعتمد، ويشترط في العتق أن يعتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب؛ فإذا عجز وقت الإخراج عن هذه الأمور الثلاثة: الإطعام والكسوة والكفارة، بأن لم يكن عنده ما يباع على المفلس صام ثلاثة أيام ولا يجب تتابعها بل يندب.
الشافعية - قالوا: يشترط في الإطعام شروط:
أولاً: أن يعطي كل مسكين من العشرة مداً من الطعام "وهو رطل وثلث" أو نصف قدح مصري وثمن كيلة، والرطل المعتبر مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهم،
ثانياً: يشترط أن يكون الطعام من قوت غالب أهل بلد حالف اليمين، سواء كفر عن نفسه أو كفر عنه غيره، وقيل: إذا كفر عنه غيره فالعبرة بقوت بلد المكفر، فلا يجزئ التمر والأقط "وهو لبن يابس أخرج زبده" ما لم يكن قوت غالب أهل البلد المبين في صدقة الفطر، وترتب في الأفضلية هكذا: البر، فالسلت "الشعير النبوي"، فالشعير فلذرة، فالأرز، فالحمص، فالعدس، فالفول، فالتمر، فالزبيب، فالأقط، فاللبن، فالجبن. وإذا اعتاد غالب أهل البلد أكل غير الأقوات المفصلة في صدقة الفطر كاللحم مثلاً، فإنه لا يجزئ في الكفارة.
ثالثا: يشترط أن يعطي لكل واحد منهم مداً كاملاً، فلو أعطى العشرة أمداد لأحد عشر مسكيناً لم يكف. وكذا لا يكفي أن يعطي العشرة لخمسة ولا يكفي أن يعطي خمسة طعاماً، وخمسة كسوة ويشترط في الكسوة أن تكون شيئاً مما يسمى كسوة مما يعتاد لبسه كقميص أو عمامة أو خمار "طرحة" أو كساء "حرام" أو فوطة "منشفة". فلو اشترط عشرة منها وفرقها على عشرة مساكين تكفي. فلا يكفي - الخف ولا القفاز "وهو ما يلبس في اليد" ولا النعل، ولا المنطقة، ولا القلنسوة "وهي ما يغطى به الرأس كالطاقية"، ويشترط أن يكون قوياً يمكن الانتفاع به. ولا يشترط أن يكون جديداً بل يجزئ الملبوس ولو مغسولاً ما لم يكن بالياً ويشترط في العتق أن يكون المعتق رقبة مؤمنة سليمة من عيب يخل بعمل أو كسب، فإن عجز عن الثلاثة بأن لم يجد شيئاً زائدا على ما يكفي العمر الغالب له ولمن يمونه ولو كان مالكاً للنصاب، لأن النصاب قد لا يكفيه العمر الغالب له ولممونه، فإنه في هذه الحالة يكفر بالصوم وهو صيام ثلاثة أيام بشرط أن ينوي الكفارة ولا يشترط تتابعها على الأظهر.
الحنابلة - قالوا: يشترط في الإطعام أن يطعم عشرة مساكين مسلمين أحراراً ولو صغاراً بأن يملكهم مداً من قمح "وهو رطل وثلث بالعراقي، والرطل العراقي مائة وثمانية وعشرون درهماً" أو نصف صاع من تمر، أو شعير، أو زبيب، أو اقط "وهو اللبن المجمد"، ونص الصاع بالكيل المصري: قدح، ولا يجوز أن يكعمهم خبرزاً أو يطعمهم حباً معيباً "مسوساً أو قديماً أو مبلولاً ونحو ذلك" ويشترط أن لا يكون في المساكين من تلزمه نفقته كزوجه وأخته الي لا يعولها غيره، ولا من هو أصل أو فرع له كما تقدم بيانه في كفارة الصوم.
ويشترط في الكسوة أن تستر العورة المشترط سترها في الصلاة، فيعطي للرجل ثوباً ولو قديماً ما لم تذهب قوته؛ فإنه بلي وذهبت قوته فإنه لا ينفع. أو قميصاً يصلي فيه الفرض بأن يزيد منه شيء على ستر العورة، فلا يجزئ مئزر واحد، لأن الفرض لا يصح فيه. وتجزئ السراويل ويعطي للمرأة قميصاً ساتراً وخمارً يجزئها أن تصلي فيه. فإذا أعطاها ثوباً واحداً يستر بدنها ورأسها أجزأه.
ولا يشترط أن يتكون الكفارة من جنس واحد. فله أن يطعم بعضهم قمحاً والآخر تمراً كما يجوز أن يطعم البعض ويكسو البعض الآخر.
ويشترط في العتق أن يعتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب، فإن عجز عن الإطعام والكسوة والعتق فصيام ثلاثة أيام متتابعة إن لم يكن عذر يسقط به التتابع كالحيض، وإنما تجب الكفارة بغير الصوم فيما زاد عن حاجته الأصلية الصالحة لمثله، كدار يحتاج لسكناها، ودابة يحتاج لركوبها وخادم يحتاج لخدمته. فإن كان له شيء يحتاج إليه كتجارة تختل إذا أخرج منها الكفارة، أو أثاث يحتاج إليه أو حلي امرأة ونحو ذلك فإنه لا يلزم ببيع شيء منه ويكفر بالصوم
(5) الحنفية - قالوا: لا يصح إخراج كفارة اليمين قبل الحنث مطلقاً، سواء أكانت بالصوم أم بغيره من الأنواع الثلاثة الإطعام والكسوة والعتق، لأن سبب الكفارة هو الحنث عندهم، ولا يصح تقديم الشيء على سببه. وإذا كفر قبل الحنث فأعطى الفقراء شيئاً لا يجوز له أخذه منهم لأنه فعله قربة لله مع شيء آخر وهو التكفير. وقد حصل التقرب بإعطائها الفقير وترتب الثواب فليس له أن ينقضه باسترداد ما تصدق به.
وتجب بالحنث على الفور، فإذا أخرها يأثم، ولا تسقط بالموت.
المالكية - قالوا: يصح إخراج الكفارة قبل الحنث، سواء كان حلفه بنذر مبهم أو باليمين أو بالكفارة، أو كان بالله سواء كانت الصيغة بر أو حنث. ولكن إذا كانت الصيغة صيغة بر فالأحب فيها عند مالك أن لا يكفر إلا بعد الحنث وإن أجزأ قبله. وكذلك إذا كانت صيغة حنث مقيدة بأجل، فإنه يستحب أن لا يكفر عنها حتى يمضي الأجل.
وتجب الكفارة بالحنث على الفور فيما يظهر، فشرط وجوب الكفارة الحنث، ولكن سببها اليمين. وسبب الحكم إذا تقدم على شرطه جاز ترتب الحكم على ذلك السبب، أما تقديمها على اليمين وهو السبب فلا يجزئ اتفاقاً، وإنما تجب الكفارة بالشرائط المتقدمة ومنها عدم الإكراه.
الشافعية - قالوا: كفارة اليمين لها سببان: اليمين، والحنث، ويجوز تقديمها على السببين وهو الحنث إن كانت غير صوم، أما الصوم فلا يجوز تقديمه لأنه عبادة بدنية فلا تقدم على وقت وجوبها بدون حاجة كصيام رمضان. فإنه لا يصح تقديمه على وقت وجوبه. أما تقديم العبادة البدنية لحاجة فإنه يجوز كالجمع بين الصلاتين تقديماً. أما الكفارة التي لها سبب واحد ككفارة الجماع في رمصان فإنه لا يجوز تقديمها عليه، وإذا قدم كفارة اليمين ولم يحنث فله أن يسترجعها إن شرط استرجاعها أو علم الفقير أنها معجلة، وإلا فلا يصح استرجاعها. ويجوز تقديم الكفارة على الحنث ولو كان حراماً، كالحنث بترك واجب أو فعل محرم.
الحنابلة - قالوا: تجب كفارة اليمين والنذر على الفور بالحنث. وللحالف أن يكفر قبل الحنث فتكون مكفرة بعد الحنث ومحللة لليمين قبله لأن سبب الكفارة اليمين، وشرط وجوبها الحنث فصح تقديمها على الشرط، أما تقديمها على اليمين فلا يصح، لأنه لا يصح تقديم الشيء على سببه، ويصح تقديمها ولو كان الحنث حراماً كأن حلف لا يشرب الخمر، ولا فرق في جواز تقديمها بين أن تكون بالصيام أو بغيره
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.32%)]