عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 17-07-2010, 03:45 AM
الصورة الرمزية أبو جهاد المصري
أبو جهاد المصري أبو جهاد المصري غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 4,623
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهج الشيخ محمد الغزالي في التعامل مع السنة

العلاقة بين السنة والقرآن

في هذا الموضوع أراد الشيخ الغزالي أن يعيد الأمور لنصابها، وأن يرتب الأولويات التي كان معمولاً بها منذ نشأة الإسلام، وأن يوضح طبيعة العلاقة بين المصدرين الرئيسيين من مصادر التشريع في الإسلام.

حيث انشغل كثيرون بالعلم بالسنة عن القرآن. وربما يرجع ذلك إلى الحملة على السنة النبوية والتشكيك فيها، وهو ما يمثل ارتباط الأمة بسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا لا يدفعنا أن نقدم على كتاب الله شيئًا.

فقد لاحظ الشيخ الغزالي أن كثيرًا من الناس في ميدان العلم إذا أرادوا معرفة حكم أو تدليلاً عليه، فإنهم يهرعون إلى السنة النبوية، وهذا لا مانع منه إذا قدم الكتاب على السنة.

بل يشير الشيخ الغزالي – رحمه الله – إلى أن البعض يرجح بعض دلالات السنة على بعض دلالات القرآن.
لذلك فهو يضع بعض الأسس التي تبين العلاقة بين السنة والقرآن، أولها تقديم القرآن على السنة، فالقرآن بمثابة جذع الشجرة، والفروع والثمار تمثل المصادر الأخرى.

فكتاب الله "هو قطب الإسلام، ومنبع شرائعه، ويتضمن أصول الإسلام، ومنه تؤخذ الصور العامة لما يرضاه الله لعباده في شئون حياتهم، ومناحي تفكيرهم، ومعالم سلوكهم".

ويرى الشيخ الغزالي أن "المؤمن بالقرآن الكريم، يستحيل أن يرجح على دلالته دلالة، أو أن يشرك مع توجيهه هديًا، ذلك أن القرآن يعلو ولا يعلى عليه، وأنه يحكم على سائر الأدلة الأخرى، ولا يحكم شيء منها عليه".

ويرفض الغزالي القول بوجود تناقض بين القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهما يخرجان من مشكاة واحدة، فكيف يكونان متناقضين؟! وإن حدث ووجد تعارض في مصادر التشريع الأخرى وما جاء به القرآن فهو دخيل على دين الله، وطبيعة السنة والقياس والاصطلاح.

ويجعل الشيخ الغزالي مهمة السنة توضيح ما جاء في القرآن، وإكمال الأحكام في الصور الجزئية الكثيرة التي ليس من شأن الدستور العام أن يتعرض لها.

ويضرب الشيخ الغزالي على ذلك بمثل البيع، فقد ذكره القرآن الكريم في آيات تعد على أصابع اليد.

أما السنة النبوية فقد حوت بين دفتيها مئات من الأحاديث التي تفصل وتشعب، فالسنة هنا قامت مقام التوضيح والتفسير والبيان للأحكام الجزئية في البيع، والقرآن قد تحدث عنه بنوع من التفصيل والإجمال، وهذه هي إحدى وظائف السنة النبوية بالنسبة للقرآن الكريم.

ويلفت الشيخ الغزالي النظر إلى أمر مهم، وهو أن فهم السنة لا بد فيه من فهم الملابسات التي أحاطت بها، فإن أخذ الحديث مبتورًا عن الظروف التي قيل فيها، وعمن قيل له، وعن المكان الذي قيل فيه، وإذا عرفت هذه الملابسات، وظهرت هذه السياقات والظروف، لم نجد ساعتها تعارضًا أو توهم تعارض بين الكتاب والسنة.

وإتيان السنة في المرتبة التالية للقرآن فهو من باب الإجمال، فقد تكون السنة في مرتبة القرآن في بعض الأحايين، كما أن تقديم القرآن على السنة، لأنه كلام الله أولا، ثم لأنه قطعي الثبوت كله، والسنة منها ما هو قطعي الثبوت، ومنها ما هو ظني، فإن اتحدت السنة مع القرآن في الثبوت والدلالة، فلا سببا يجعل السنة أقل مرتبة من القرآن في الأخذ بالأحكام.
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.07 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.30%)]