عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-06-2010, 09:15 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي قرش الأمانة (قصة للأطفال)

في يومٍ من أيام الشتاء، والسماء تَنهمرُ بمائها، وتُغدقُ بالخير، تَحلَّق البنون وأبناؤهم وبناتهم حول جدِّهم، وسأله أصغرهم:
Ÿ
نريد حكايةً يا جَدِّي.
Ÿ
عن أيِّ موضوع يا كِرام؟
Ÿ
عن أيِّ شيءٍ تريده أنت، نحبُّ أن نسمعَ قَصصك يا جدي، حبذا لو كانت قصَّة قديمة!
Ÿ
تريدون أن تسمعوا قصةً حدثت معي أم مع غيري؟
Ÿ
حدثت معك أنت ياجدي.
Ÿ
ولكن قصة واحدة في هذا اليوم.
Ÿ
كما تشاء يا جدي.
Ÿ
حبًّا وكرامةً لكلِّ هذه العيون التي تُبصرني، ولهذه الآذان التي تسمعني.

وبدأ الجدُّ بسرد الحكاية:

Ÿ
دخلت المنزل وأنا بعمرك يا أحمد.
أحمد: هل كنت صغيرًا مِثلي يا جدي؟

Ÿ
نعم كنت.. ناداني والدي: عبد الكريم، تعالَ يا بُني، أتيته مُسرعًا ومَثلتُ أمامه في لحظات، ماذا تريد يا أبي؟
Ÿ
أريدك أن تذهبَ وتَشتري لنا بخمسة قروشٍ لبنًا من مَحل أبي عبدو البقَّال.

Ÿ
شَهَقَ الجميعُ شَهقةً تنمُّ عن استغرابٍ، وأتبعوها: وهل كانت القروش الخمسة تَشتري لبنًا؟
أجاب الجدُّ: تَشتري صَحنًا مملوءًا لبنًا، فقد كان مَصروفي اليومي قرشًا واحدًا في اليوم! أحضرتُ الصَحنَ من المطبخ وانطلقت، ناداني أبي: عبد الكريم.
Ÿ
نعم ماذا تريد يا أبي؟
Ÿ
نسيت النقود!

عدتُ أخذتُ النقود ومضيتُ إلى أبي عبدو البقَّال، مسحتُ المحلَّ ببصري مَراتٍ عديدة، وهو يقول:
ماذا تريد؟ استقرَّ بصري على حِبال الحَلوى المعلَّقة، التي كاد لُعَابي يسيل لرؤيتها، ضمَّ الحبلُ الواحد منها حباتٍ كثيرة ومن كلِّ الألوان.

أريدُ هذا يا عم، وأشرتُ إلى حبلِ الحَلوى.

أجاب البائع: حسنًا.
وبكم تبيعه؟

بقرش واحد.
فقلت في نفسي: قرش واحد لن يُؤثِّر على صَحن اللبن.
Ÿ
حسنًا، أعطني حبلاً من الحلوى وبالباقي لبنًا.
دسستُ الحَلوى في جيبي، وعدتُ أحمل اللبن إلى أبي، نظر أبي من خلف نظَّارته إليَّ، ونظر إلى الصَحنِ، فوجده ناقصًا، ثمَّ قال لي: اذهب إلى أبي عبدو، وقل له: لسنا بحاجةٍ إلى اللبن.

Ÿ
إلى أبي عبدو، أبو عبدو لا يُعيد اللبن يا أبي.
فأعاد أبي: اذهب، وقل له: أبي يُقرئك السلام ويقول: أعدِ اللبن، فلا حاجةَ لنا باللبن اليوم.
Ÿ
ولكنَّني.
Ÿ
ولكنك ماذا يا ولد؟
Ÿ
لكنني اشتريت بقرشٍ حَلوى وبالباقي لبنًا
Ÿ
أحقًّا فعلت؟
Ÿ
مم.
Ÿ
صِحَّة وهَناء، خُذْ اللبن إلى المطبخ الآن.

دخلتُ باللبن إلى المطبخ، وأنا غارق في خَجَلي وتمنيت لو أنَّ الأرضَ انشقتْ وابتلعتني، وأخذتُ ألوم نفسي،
كيف أتصرف بدون علم أبي ولا إذنه؟! واغرورقت عيناي بالدموع، التفتَ إليَّ أبي، وقال لي: تعالَ يا بُني، لا عليك، خُذْ قرشًا آخر.
انصرفتُ والسُّرور يلفُّني وأنا أثبُ وثبًا.

Ÿ
آه يا أولادي مازلت أذكرُ ذلك وكأنَّه حَدثَ للتوِّ، رَحمَ الله جدَّكم، فقد زَرعَ فينا الأمانة زرعًا.
Ÿ
زِدْنا يا جدِّي.

Ÿ
المؤمنون عند شروطهم، اتفقنا على أن أروي قصةً واحدة فقط، تَعالَ يا أحمد، خُذْ هذه النقود و اشتري لنا خبزًا.
Ÿ
قال الجميع: أحمد، خُبز فقط، لا تشتري لنفسك حَلوى، فقد سمعت الحكاية.


رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.18 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.53%)]