رد: سنابل لا تموت
ثمرات الصدقات:
إنَّ للصدقات والإنفاق في سبيل اللَّه ثمارًا جليلة في الدنيا والآخرة، يمكن أن نوجز بعضها فيما يلي:
1- الصدقات تزيد الحسنات:
ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ هدف المسلم الواعي رفع رصيده من الحسنات عند اللَّه يوم القيامة، والصدقات هي إحدى السبل الموصلة إلى ذلك، فإذا كانت الصدقة من كسب حلال، خالصة لله تعالى؛ فإن اللَّه يقبلها بفضله ويضاعف ثوابها للعبد أضعافًا مضاعفة، والله ذو الفضل العظيم، قال سبحانه: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌٌ﴾ [البقرة: 245]. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل اللَّه إلا الطيب، فإن اللَّه يقبلها بيمينه ثم يُرَبِّيها لصاحبها كما يُرَبي أحدكم فَلُوَّه ( مُهْرَهَ ) حتى تكون مثل الجبل). [البخاري 1410، ومسلم 1014]. فسارع أخي الكريم في جمع الحسنات قبل أن يفوت الوقت، واعلم أنَّ ميزان الحسنات يرجح بحسنة واحدة خالصة لله تعالى.
2- الصدقات تزيد المال:
إنَّ الصدقات الخالصة لله تعالى هي سبيل زيادة المال في الدنيا والحصول على رضوان اللَّه تعالى في الآخرة، قال تعالى: ﴿إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌٌ﴾ [التغابن: 17]
روى مسلم عن أبي هريرة أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما نقصت صدقة من مال). [مسلم 2588]
وروى أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجل في فلاة من الأرض -أي: صحراء- سمع صوتًا في سحابة: اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حَرَّه -أرض بها حجارة سوداء- فإذا شَرْجة من تلك الشِّرَاج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع هذا الرجل الماء، فإذا رجل قائم في حديقته يحوِّل الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد اللَّه: ما اسمك ؟ قال: فلان بذاك الاسم الذي سمع في السحابة، فقال: يا عبد اللَّه، لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتًا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان لاسمك فماذا تصنع فيها ؟ قال: أما إذ قلت هذا فإني أنظر ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثُلثًا وأرد فيها ثُلثه). [مسلم: 2984]
3- الصدقة تُظِلُ صاحبها يوم القيامة:
إذا حشَر اللَّه تعالى الناس يوم القيامة، واشتد الكرب، وكَثُر العَرَقُ، اقتربت الشمس من رءوس العباد، فإن الصدقة تظل صاحبها في هذا الموقف العصيب.
عن أبي هريرة أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سبعة يظلهم اللَّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله - وذكر منهم -: رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) [البخاري 1423، ومسلم 1031]
روى أحمد عن عقبة بن عامر أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (كل امرئ في ظل صدقته حتى يُقضى بين الناس) [حديث صحيح: صحيح الجامع للألباني 4510]
4- الصدقة تزكي النفس:
إنَّ الإكثار من الصدقات يُزكي نفس المسلم ويُكسبه محاسن الأخلاق من الجود والكرم ويطهره من الشُّح والبخل، قال تعالى: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهٌِ﴾ [محمد: 38]، وقال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهٌَ﴾ [الشمس: 9]، وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونٌَ﴾ [الحشر:9]، وقال -عز وجل-: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌٌ﴾ [التوبة: 103].
5- الصدقة شكر لنعم اللَّه على العباد:
إنَّ الصدقة الطيبة الخالصة لله تعالى ما هي إلا ترجمة عملية لشكر اللَّه تعالى على نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، إن العبد إذا لم يقابل هذه النِّعم بالشكر فإنها سوف تزول، وبشكرها تدوم وتزداد ويبارك اللَّه فيها لعباده، قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌٌ﴾ [إبراهيم: 7].
6- اللَّه يتكفل بقضاء حوائج المتصدقين:
مِنْ بركات الصدقة أن اللَّه يوفق صاحبها إلى الطاعات، وييسر له أبواب الخير، ويقضي له حوائجه، ويُسخر له من يخدمه، قال سبحانه: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴿5ٌ﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴿6ٌ﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٌ﴾ [الليل: 75].
7- الصدقة مصدر سعادة القلب:
ما أجمل شعور المتصدق بالسعادة عندما يكون سببًا في مسح دَمْعَة يتيم أو دفع كُرْبة عن فقير؛ حقًا إنها سعادة يهبها اللَّه لعباده المحسنين، المنفقين في سبيله، إن هذه السعادة التي يملأ بها قلب المتصدق لا تُقَدَّرُ بمال، ولو لم يكن للمتصدِّق إلا هذه الفائدة الجليلة من السعادة الحقيقية لكفاه ذلك، قال تعالى: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌٌ﴾ [الحديد: 7].
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خير المتصدقين:
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- جَوادًا كريمًا، لا يبخل بما في يده، وكان يُؤْثر المحتاج على نفسه، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان سروره بما أعطى أعظم من سرور الآخذ بما أخذه.
عن أنس (أنَّ رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- غنمًا بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أي قوم: أسلموا، فوالله إنَّ محمدًا ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر) [مسلم 58].
|