عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-04-2010, 06:07 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي الحديث العشرون / الأربعين النووية

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنامن يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لااله الا الله وحدة لاشريك له وأشهد ان محمداعبده ورسوله بلغ الامانة وادى الرسالة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده ، اللهمصلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديهواستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين



أما بعد : فإن أصدق الحديثكتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وإن شر ألامور محدثاتها وكلمحدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.



فضيلة الحياء



عَنْأَبيْمَسْعُوْدٍعُقبَة بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيِّ رضي الله عنهقَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِصلى الله عليه وسلم (إِنَّ مِمَّا أَدرَكَ النَاسُ مِنكَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذا لَمتَستَحْيِ فاصْنَعْ مَا شِئتَ)[149] رواهالبخاري.





إنمما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : أي مما اتفق عليه الأنبياء، ومما ندب إليه الأنبياء وأنهذا مأثور عن الأنبياء المتقدمين ، وأن الناس تداولوه بينهم ، وتوارثـــوه عنهمقرناً بعد قرن.


"إِنَّ" أداة توكيد خبرها مقدم وهو قوله: "مِما أَدرَكَالناسُ" واسم إنقوله: "إذا لَم تَستَحْيِ فَاصْنَع مَا شِئت"


وقوله: "إِنَّ مِما أَدرَكَ الناسُ" (من) هنا للتبعيض، أيإن بعضالذي أدركهالناس من كلام النبوة الأولى.

وقوله: النبوَةِ الأُولَى بالنسبة لنبوةالنبي صلى اللهعليه وسلم." يعني السابقة،فيشمل النبوة الأولى على الإطلاق.


"إذا لَم تَستَحْيِ فَاصْنَع مَا شِئت"هذه الكلمة من كلام النبوةالأولى.


وعلى هذا الحديث يدور مدار الإسلام كله،والحديث لَفْظُه أَمْرٌ ومعْناهُتَوْبيخٌ وتَهْديدٌ .


قال ابن القيم"إِذا لَم تَستَحْيِ"في معناه قولان :


أحدهما : أنه أمر تهديد ، ومعناه الخبر : أي من لم يستح صنعَ ما شاء .


والثاني : أنه أمر إباحــة ، أي انظر إلى الفعل الذي تريدأن تفعله ، فإن كان مما لا يستحيَى منه فافعله ، والأول أصــح وهو قولالأكثريــن .


فيكون معنى "فاصنع ماشئت" إما أمر إباحة أيإذا أردت فعل شيء وكان مما لا تستحيمن فعله أمام الله والناس فافعلهفلا حرج. لأن الفعل إذا لم يكن منهياً عنه شرعاً كانمباحاً.


أو بمعنى التهديد والوعيد والذم لا الإباحة، فكأنهيقول: إذا لم يكن عندكحياءلا تستحي منالله تعالى ولا تراقبه فاعمل ما شئت ’ وقد ورد مثلهذاالأمر فيالقرآن الكريم خطاباً للكفار(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَعَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَالْقِيَامَةِاعْمَلُوا مَا شِئْتُمْإِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (فصلت:40)


وقيل أن المعنى الأول: إذالم تكن ذا حياء صنعت ما تشاء، فيكونالأمر هنا بمعنى الخبر، عائد على الفاعل.


والمعنى الثاني: إذا كان الفعل لايُستَحَيى منه فاصنعه ولاتبالِ. عائد على الفعل.


والحياءخلق يبعث على فعل الجميل وترك القبيـــــح, وقيلامتناع النفس عنفعل ما يعاب، وانقباضها من فعل شيء أو تركه مخافة ما يعقبه منذم .


والحياءخصلة من خصالالخير التي يحرص عليها الناس، ويرون أن في التجرد عنها نقصاًوعيباً، كما أنه من كمال الإيمانوتمامه.


والحياء جزءاً من الإيمان لا يتم إلا به,وشعبة من شعب الإيمان التي تقود صاحبها إلى الجنة،كما قال رسول الله eوالحياء شعبة من الإيمــان ) متفقعليه،وعن أبي بكرة-رضيالله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ , وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ , وَالْبَذَاءَةُ مِنْ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِيالنَّارِ).) رواه أحمد و الترمذي .


وجاء في الموسوعة الفقهية: الْحَيَاءُ لُغَةً مَصْدَرُ حَيِيَ , وَهُوَ : تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِوَيُذَمُّ.


وقيل: هو انفعال النفس وتألمها من النقص والقبيح بغريزة حبالكمال.


وعرَّفه ابن حجر – رحمه الله – بقوله : " هوخلق يبعث على اجتناب القبيح،ويمنع من التقصير في حق ذي الحق".


والتعريف المُختار للحياء ، وهو المشتهر، أنْ يقال: هو الخلق الذي يبعثويحمل على ترك القبيح من الصفات والأفعال والأقوال، ويمنع من التقصير في حق اللهالمتفضل المنعم سبحانه، والتقصير في حق ذيالحق.


وعن ابن عمر : ( أن رسول اللهeمرّ على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسولاللهe : دعه فإن الحياء من الإيمان ) . متفقعليه


ولذلك جاء اقتران الحياء بالإيمان في أكثر من موضع من النصوصالشرعية إشارة واضحة إلى عظم هذا الخلق وأهميته. قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (الْحَيَاءُوَالْإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا , فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَالْآخَرُ).


وقد عُرف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق واشتُهر عنه ، حتى قال عنهأبو سعيد الخدري رضي الله عنه ذلك : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء منالعذراء في خدرها ) ، والعذراء البنت التي لم تتزوج ولازالت شابةفالغالب أن تكون هذه البنت بهذه الصفاتحيية في خدرها في بيتها.


وقال – عليه الصلاة والسلام – عن أخيه موسى: “إِنَّ مُوسَى كَانَ رجلاً حَيِيّاً سِتِّيراً لا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ” رواه البخاري. وهكذا نشأ الأنبياء جميعا على هذه السجيّة .


وقال – عليه الصلاة والسلام – عن عثمان – رضي الله عنه -: “أَلا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الملائكة”


الحياء تاج الأخلاق وزينة النفس البشرية ، ، وهو البرهان الساطع على عفّةصاحبه وطهارة روحه ، ورافد من روافد التقوى لأنه يلزم صاحبه فعل كل ما هو جميل ،ويصونه عن مقارفة كل قبيح ، ومبعث هذا الحياء هو استشعار العبد لمراقبة الله له ،ومطالعة الناس إليه ، فيحمله ذلك على استقباح أن يصدر منه أي عمل يعلم منه أنهمكروه لخالقه ومولاه .


والحياء خلق من أخلاق القرآن , فقد ذكر الله تبارك وتعالى مادة " الحياء " في ثلاثة مواطن , فقال في سورة البقرة :" إن الله لايستحي أن يضرب مثلا ما بعوضةفما فوقها ". وقال في سورة الاحزاب :" يا ايها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبيإلا ان يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين إناه , ولكن إذا دعيتم فادخلوا , فإذا طعمتمفانتشروا ولا مستأنسين لحديث , ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم , والله لايستحيمن الحق :. وقال في سورة القصص : فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن ابييدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا".


وقد فسرأهل العلم معنى الحياء او الاستحياء في هذه الآيات , فقالوا فيمعنى الآية الأولى :" ان الله لا يستحي ": اي لايدع ولا يترك و لايمتنع , لأنالانسان اذا استحيا من شيء تركه وامتنع عنه, فاخبر الله تعالى بأنضرب الأمثال ليس بقبيح و لا بعيب حتى يستحي منه.


وقالوا في الآية الثانية : " فجاءته إحداهما تمشي على استحياء " إنالمعنى هو انها جاءت نحوه وقد سترت وجهها بثوبها , أو بيدها , او جاءت ماشية بعيدة عن الرجال , او جاءته وهي على إجلال له وإكبار .


وقالوا في الآية الثالثة :" إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكموالله لا يستحي من الحق نزلت بسبب قوم طعموا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وليمة زينب بنت جحش ، ثم جلسوا يتحدثون في منزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهله حاجة فمنعه الحياء من أمرهم بالخروج من منزله ., ولكن الله تعالى لا يترك التنبيه على ذلك لأنه الحق .

الحياء نوعان



نوع غريزي طبيعيفطري.وهوما كان خَلْقاً وجبلة غير مكتسب ، فبعض الناس يهبه الله عزّ وجل حياءً، يكونحيياً من حينالصغر، لا يفعل شيئاً ولا يتكلم إلا عند الضرورة، ،لأنهحيي. فهذامن أجل الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها . كما قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيسإِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ : الْحِلْمَ وَالأَنَاةَ " ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا أَمِ اللَّهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا ، قَالَ : " بَلِ اللَّهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا " ، قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ .
والمفطور على الحياء يكف عنارتكابالمعاصيوالقبائح . ولذا كان الحياء خيراً ولا يأتي إلا بالخير فهو مادةالخير بل الخير كله.لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إلَّابِخَيْرٍ).
النوع الثانيما كان مكتسباًمن معرفة الله ومعرفة عظمته وقربه منعباده واطلاعه عليهم ، وعلمه سبحانه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور فهذا من أعلىخصال الإيمان ، بل هو من أعلى درجات الإحسانوالمسلم الذي يسعى في كسب وتحصيلهذاالحياء إنمايحقق في نفسه أعلى خصال الإيمان وأعلى درجات الإحسان.

قال القرطبي: ( الحياء المكتسب: هو الذي جعله الشارع من الإيمان, غير أنَّمن كانت فيه غريزة الحياء فإنها تعينه على المكتسب, وقد يتطبع بالمكتسب حتى يصيرغريزياً).


وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جُمع له النوعان منالحياء: المكتسب, والغريزي, وكان في الغريزي أشدَّ حياء من العذراء في خدرها. وكانفي المكتسب في الذروة العليا صلى الله عليهوسلم .


والأول وهو الحياء الغريزي أفضل. وإذا خلت نفس الإنسان من الحياءالمكتسب، وخلا قلبه من الحياء الفطري، لم يبق له مايمنعه من ارتكاب القبيح والدنيء منالأفعال، وأصبح كمن لا إيمان له من شياطين الإنسوالجن.



ومن عوامل اكتساب الحياء


1- معرفة الله جل وعلا:معرفته بأسمائه وصفاته ومقاديرهوأحكامه وتشريعاتهوحلاله وحرامه .


2- الإقتداء بالنبي eقال أبو سعيدالخدري رضي الله عنه: (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَشَدّ حَيَاءً مِنْالْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا , فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِيوَجْهِهِ).متفق عليه.



و الحياء خُلُقٌمحمود وممدوح يكملالإيمان ولا يأتي إلا بخير لوكان لا يوقع صاحبه في ترك واجب ولا في فعلمحرمويمنع النفس عن القبائح ،أما عندما يصبح الحياء زائداً عن حده المعقول فيصل بصاحبهإلى الاضطراب والتحير،وتنقبض نفسه عن فعل الشيء الذي لا ينبغي الاستحياء منه،أومنع مما يجب،أوأوقع فيما يحرم ، فإنه مذموم, كما لو منع الحياء من أن إنكار المنكر مع وجوبه، أوخجل يحول دون تعلم العلم وتحصيل الرزق فهذا حياءمذموم، لأنهحياء في غير موضعه .


وقد قيل: حياء المرء في غيرموضعه ضعف.


ومن الأمورالتي يكون الحياء فيها مذموماً :



1- الحياء في طلب العلم .


قالتعائشة : ( نعم النساء نساء الأنصار ، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين ) . رواهمسلم .


وقال مجاهد : ” لا ينال العلم مستحي ولا مستكبر “ .


2- عدم قول الحق والجهر به .قال تعالى : ﴿ ....واللهلا يستحي من الحق ﴾ .


قال ابن حجر : " ولا يقال رب حياء يمنع من الحق ، أو فعل الحق ، لأن ذلك ليسشرعياً"


قال ابن رجب رحمه الله : ” إن الحياء الممدوح في كلام النبيeإنما يريد به الخلق الذي يحث على فعل الجميل وترك القبيح ،فأما الضعف والعجـــز الذي يوجب التقصير في شيء من حقوق الله أو حقوق عباده فليس هومن الحياء فإنما هو ضعف وخور وعجـــز ومهانــة .


__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.40 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.38%)]