وبعد أن أوصلها الشيخ وابنه ، وكان لقاء حارا بينها وبين أمها اختلطت فيه الدموع بالعتاب.
باتت عائشة في حضن أمها وقصت عليها علاقتها ب "جاك" وكيف تمكن منه "حسن" بحجر على رأسه ،وكيف وجدها الشيخ وزوجه واعتناؤهما بها .
بدأت الحياة تعود إلى سابق عادتها ، غير أن عائشة أصبحت أقل نشاطا من ذي قبل ولا تتكلم إلا قليلا ، ولا يراها الرائي إلا منطوية في ركن من الأركان ، وكانت الأم - بين الفينة والأخرى - تخرجها من عزلتها بأن تكلفها بشغل من أشغال البيت، وعائشة سرعان ما تعود لشرودها . خاف الأب أن يزداد أمرها استفحالا فطلب لها شيخا يرقيها ويتلو على مسمعها آيات من الذكر الحكيم ، وبعد الانتهاء نصح الشيخ الأب أن يأخذ ها إلى مكان "كذا" بمنطقة"كذا"حيث توجد زاوية يأتي إليها الناس من كل حدب وصوب ، لأجل التبرك وطلب الاستشفاء الرباني . يتلى فيها القرآن آناء الليل وأطراف النهار ، على رأس الزاوية امرأة صالحة زاهدة في الدنيا لا طمع لها فيها ، تقوم على خدمة المريدين بالوعظ والإرشاد ومعها أناس في خدمة الزاوية ومنهم قراء لكتاب الله ، وقد شفي على يديها وبإذن من الله عدد من الناس كانوا يشكون بعض الأمراض النفسية ، وما عليك إلا الذهاب بابنتك وتركها هناك لحين شفائها بحول الله .
-7-
عن بعد تراءت الزاوية بلونها الأبيض ومسجدها ذي القبة الخضراء والصومعة التي لا تعلو إلا قليلا . وما إن اقتربا منها حتى وصلتهم أصوات المقرئين ،وأحست عائشة بأن شيئا يجذبها إلى الزاوية ، فبدأت تسرع الخطى حتى وصلت قبل أبيها .
دق الأب الباب وفتح له وسئل عن حاجته والغرض من زيارته ، وقال أنه جاء من أجل طلب الاستشفاء لابنته ،فأدخلا غرفة الانتظار حيث يوجد بعض الناس ،وبدأت عائشة تسمع منهم عن كرم هذه السيدة وطيبوبتها ، وأنها لا تداوي إلا بالقرآن الكريم ولا تأخذ مقابلا عن ذلك ، وكل مايصرف على الزاوية هو من هدايا المحسنين ، حفظت القرآن في صغرها وكثيرا من الأحاديث النبوية ،وعرف عنها أنها تقول الحق ولا تخشى فيه لومة لائم، وأنهم دعوها بعدة ألقاب تبجلها لكنها خافت أن تأخذها عزة النفس بالإثم وقالت : ادعوني باسمي مسبوقا بأمة الله .
ومنذ ذلك الحين أصبحوا يدعونها " أمة الله بسمة شهيد"......................
|