عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20-01-2010, 04:29 PM
saidabouyounes saidabouyounes غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
مكان الإقامة: norway
الجنس :
المشاركات: 32
الدولة : Norway
افتراضي رد: بيان للشيخ علي بن حاج بعنوان : وجوب المجاوبة على من استعان على المسلمين بالدول ال

أولا: وجاء دور العلماء في القيام بما أخل به الحكام والأمراء:

* من الأمور التي انعقدت عليها كلمة أساطين فحول علماء السياسة الشرعية أن شرعية الحاكم لا تنعقد إلا بجملة من الأمور والشروط منها إقامة كتاب الله تعالى لقوله عليه الصلاة والسلام:"ما أقاموا فيكم كتاب الله" ومنها وجوب تحكيم والتحاكم والحكم بالشريعة الإسلامية السمحاء لقوله تعالى:"ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها..." وقوله جل جلاله:"وأن احكم بينهم بما أنزل الله" وقوله تعالى:"وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" ومنها أن يكون الحاكم تم اختياره من الأمة وبمحض إرادتها ذلك لأن الاغتصاب والقهر والغلبة والوراثة والتوريث والتزوير بجميع أشكاله القبلي والبعدي وأثناء يوم الانتخاب كل ذلك يطعن في شرعية ومشروعية الحاكم ويجعل منه مجرد حاكم فعلي متسلط وكل حاكم يفقد تلك الشروط التي نص عليها علماء الإسلام لا شرعية لحكمه ولا انعقاد لانتخابه أو بيعته ولا نفوذ لولايته وتعتبر ولايته في نظر فقهاء السياسة الشرعية ولاية ضرورة وأمر واقع لابد من السعي لتغييره وفق ضوابط شرعية. ومنها قيامه بمقاصد الحكم الشرعي في الإسلام المنصوص عليها في الكتاب والسنة وما كان عليه الخلفاء الراشدون الذين أوجب الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم اتباع منهجهم، وحيث أن أغلب حكام العالم العربي والإسلامي يفتقدون أهم مواصفات الحاكم الشرعي ومعظمهم قد أخلَّ بمقاصد الحكم الراشد شرعا بل أتوا بأقوال وأعمال وأفعال مضادة لمقاصد الشريعة الكبرى فقد وجب على علماء الأمة الراسخين في العلم القيام بواجبهم الشرعي نحو الأمة بحكم أنهم يندرجون في مسمى أولي الأمر في الأمة بل هناك من العلماء من قدَّم طاعة العلماء على طاعة الحكام عند التعارض والتنازع.
قال الإمام الجصاص رحمه الله مبينا أن أولي الأمر تشمل العلماء والأمراء معا: "لأن الأمراء يَلُونَ أمر تدبير الجيوش والسرايا وقتال العدو والعلماء يَلُونَ حفظ الشريعة وما يجوز وما لا يجوز فأمر الناس بطاعتهم والقبول منهم مَا عَدَلَ الأمراء والحكام وكان العلماء عدولا مرضيين موثوقا بدينهم وأمانتهم فيما يؤدون".
وقال ابن العربي المالكي رحمه الله:"والأمر كله يرجع إلى العلماء لأن الأمر قد أفضى إلى الجهال .... إن الأمر قد وقف في ذلك على العلماء وزال عن الأمراء لجهلهم واعتدائهم والعادل منهم مفتقر إلى العالم كافتقار الجاهل". وقال الفخر الرازي رحمه الله:"إن أعمال الأمراء والسلاطين موقوفة على فتاوى العلماء والعلماء في الحقيقة أمراء الأمراء فكان حمل لفظ أولي الأمر عليهم أولى" وقال ابن تيمية رحمه الله:"وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون يسوسون الناس في دينهم ودنياهم ثم بعد ذلك تفرقت الأمور فصار أمراء الحرب يسوسون الناس في أمر الدنيا والدين الظاهر وشيوخ العلم يسوسون الناس فيما يرجع إليهم من العلم والدين وهؤلاء أولوا الأمر تجب طاعتهم فيما يأمرون من طاعة الله التي هم أولوا أمرها" وقال ابن القيم رحمه الله:"والتحقيق أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم فطاعتهم تبع لطاعة العلماء ...". ونُقول أهل العلم في هذا المعنى فوق الحصر يدركها من غاص في كتب التفاسير وشروح الأحاديث ومظان الفقه السياسي الإسلامي والأهم من ذلك أن بعض العلماء الفحول نص على أن الأمة المسلمة إذا فقدت الحاكم الشرعي الذي تتوفر فيه بعض الشروط الشرعية الواجبة أو أخلَّ بأهم مقاصد الحكم الشرعي التي لا يجوز الإخلال بها أو التفريط فيها أو التلاعب بها فإن الجهة التي يجب عليها تولي أمور الرعية وتصبح أمورها موكولة إليها إنما هم العلماء الربانيون الحرصاء على حراسة مقومات الأمة المسلمة لأن التكاليف الشرعية الهامة منوطة أصلا بالحاكم الذي انتخب أصلا للقيام بها على أكمل وجه، قال إمام الحرمين الجويني رحمه الله:"فإذا شغر الزمان عن الإمام وخلا عن سلطان ذي نجدة وكفاية ودراية فالأمور موكولة إلى العلماء وحق على الخلائق على اختلاف طبقاتهم أن يرجعوا إلى علمائهم ويصدروا في جميع الولايات عن رأيهم فإذا فعلوا ذلك فقد هدوا إلى سواء السبيل وصار علماء البلاد ولاة العباد" وقال أيضا: "وإذا لم يصادف الناس قوَّاما بأمورهم يلوذون به فيستحيل أن يأمروا بالقعود عما يقدرون عليه من دفع الفساد فإنهم لو تقاعدوا عن الممكن عمَّ الفساد البلاد والعباد" وأرشد إلى طريقة يراها مناسبة في زمانه ولكل عصر طريقة مناسبة لتحقيق الغاية فقال:"لو خلا الزمان من السلطان فحق على قُطّان كل بلدة وسكان كل قرية أن يقدموا من ذوي الأحلام والنهى وذوي العقول والحجى من يلتزمون امتثال إشارته وأوامره وينتهون عن مناهيه ومزاجره فإنهم إن لم يفعلوا ذلك ترددوا عن إلمام المهمات وتبلدوا عن إطلال الواقعات".

* والحاصل مما تقدم على وجه الإيجاز أن أغلب حكام الدول العربية فاقدين للشرعية والمشروعية سواء بالمعيار الشرعي أو المعيار الغربي، لأن أغلبهم بل جميعهم وصل إلى سدة الحكم إما عن طريق الوراثة والتوريث أو الانقلاب والاغتصاب أو بتزوير الانتخاب أو بمساندة قوى خارجية كافرة لها مصالح مشبوهة في بلاد المسلمين ولا يمكن الحصول عليها في ظل حكام لهم شرعية حقيقية في بلادهم. فتعقد بين القوى الخارجية الكافرة والحكام الذين لا شرعية لهم صفقات سرية غير معلنة على شرط الحصول على مصالحهم غير المشروعة مقابل البقاء في السلطة أو الوصول إليها ولو على حساب مصالح شعوبهم العليا كما هو حال سائر حكام الدول العربية الذين أصبحوا عملاء لقوى الاستكبار العالمي، وبعضهم يتقاضى أجورا على عمالتهم من الإدارة الأمريكية وأجهزة الاستخبارات الأمريكية خاصة والغربية بصفة عامة.
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.71 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (3.68%)]