الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
أعيد ذكر بعض الأدلة الدالة على كفر الروافض من جهة المكفر المرتبط بسبهم لخير رجال هذه الأمة
إن مما قد تقرر أن من يسب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ـ كالروافض ومن سار على نهجهم ـ مرتد بل حلال الدم إلا أن يتوب ويرجع عن مذهبه
كذلك اتهام أم المؤمنين رضي الله عنها ردة عن دين الإسلام
بعض الأدلة مع تفسير أهل العلم وبيان وجه الدلالة: :
أولاً : من القرآن الكريم
قال الله تعالى : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (الفتح:29)
قال إبن الجوزي رحمه الله تعالى : (( وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور ))
قال القرطبي رحمه الله : (( قوله تعالى : { وَعَدَ الله الَّذينَ ءامَنوا } أي : وعد الله هؤلاء الذين مع محمد وهم المؤمنون الذين أعمالهم صالحة { مَّغفرَةً وأَجراً عظيماً } أي ثواباً لا ينقطع وهو الجنَّة ، وليست " من " في قوله { منهم } مبعّضة لقوم من الصحابة دون قوم ، ولكنها عامَّة مجنسة مثل قوله تعالى : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ } (الحج:30) . لا يقصد للتبعيض ؛ لكنه يذهب الى الجنس ، أي فاجتنبوا الرجس من جنس الأوثان ، إذا كان الرجس يقع من أجناس شتى منها الزنا والربا وشرب الخمرة والكذب ، فأدخل "من" يفيد بها الجنس وكذا "منهم" أي : من هذا الجنس ، يعني جنس الصحابة .
وقال إبن إدريس رحمه الله : " لا آمن أن يكونوا قد ضارعوا الكفار- يعني الرافضة – لأن الله تعالى يقول : { ليَغيظَ بهمُ الكُفَّار } " تفسير إبن الجوزي " .
قال أبو عروة الزبيري رحمه الله : (( كنا عند مالك فذكروا رجلاً ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ مالك هذه الآية : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } (الفتح:29) .
قال مالك : من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب محمد عليه السلام فقد أصابته الآية )) " رواه الخلال ، وأبو نعيم وذكره إبن الجوزي مختصراً في تفسيره .
ونقل القرطبي هذا الأثر وعزاه للخطيب ثم قال : (( لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد ردَّ على الله رب العالمين ، وأبطل شرائع المسلمين)) " تفسير القرطبي " .
قال الله تعالى : { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ }،{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } (الحشر: 8 ، 10 ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله في " منهاج " [ 2/18 – 19 ] : " وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار ، وعلى الذي جاءوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبهم غلاً لهم ، وتتضمن أن هؤلاء الأصناف هم المستحقون للفيء .
ولا ريب أن هؤلاء الرافضة خارجون من الأصناف الثلاثة ، فإنهم لم يستغفروا للسابقين الأولين ، وفي قلوبهم غلّ عليهم . ففي الآيات الثناء على الصحابة وعلى أهل السنة الذين يتولونهم ، وإخراج الرافضة من ذلك ، وهذا نقيض مذهب الرافضة .
وقد روى ابن بطَّة وغيره من حديث أبي بدر عن سعد بن أبي وقاص قال : (( الناس على ثلاث منازل ، فمضت منزلتان وبقيت واحدة ، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت ، ثم قرأ : { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً } (الحشر:8) . هؤلاء المهاجرون وهذه منزلة قد مضت . ثم قرأ { وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } (الحشر:9) . ثم قال هؤلاء الأنصار وهذه منزلة قد مضت .ثم قرأ :
{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } (الحشر:10) . فقد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة ، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت أن تستغفروا الله لهم .
ففي أي مرتبة تراهم ؟؟
قال ابن أبي العز رحمه الله : (( فمن أضل ممن يكون في قلبه غلٌّ على خيار المؤمنين وسادات أولياء الله تعالى بعد النبيين ؟ بل قد فضلهم اليهود والنصارى بخصلة ، قيل لليهود : من خير أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب موسى ، وقيل للنصارى : من خير أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب عيسى ، وقيل للرافضة : من شر أهل ملتكم ؟ قالوا أصحاب محمد !! لم يستثنوا منهم الا القليل ، وفيمن سبُّوهم من هو خير ممن استثنوهم بأضعاف مضاعفة )) " شرح الطحاوية [ 470 ] " .
قال الشوكاني رحمه الله : (( أمرهم الله سبحانه بعد الاستغفار للمهاجرين والأنصار أن يطلبوا من الله سبحانه أن ينزع من قلوبهم الغل للذين آمنوا على الإطلاق ، فيدخل في ذلك الصحابة دخولاً أولياً لكونهم أشرف المؤمنين ، ولكون السياق فيهم ، فمن لم يستغفر للصحابة على العموم ويطلب رضوان الله لهم فقد خالف ما أمره الله به في هذه الآية ، فإن وجد في قلبه غلاً لهم فقد أصابه نزغ من الشيطان وحل به نصيب وافر من عصيان الله بعداوة أوليائه وخير أمة نبيه صلى الله عليه وسلم وانفتح له باب من الخذلان يفد به على نار جهنم إن لم يتدارك نفسه باللجوء الى الله سبحانه ةالاستغاثة به ؛ بأن ينزع عن قلبه ما طرقه من الغل لخير القرون وأشرف هذه الأمة ، فإن جاوز ما يجده من الغل الى شتم أحد منهم ، فقج انقاد للشيطان بزمام ووقع في غضب الله وسخطه ، وهذا الداء العضال إنما يصاب به من ابتلي بمعلم من الرافضة أو صاحب من أعداء خير الأمة الذي تلاعب بهم الشيطان وزين لهم الأكاذيب المختلفة والأقاصيص المفتراة والخرافات الموضوعة ،وصرفهم عن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المنقولة إلينا بروايات الأئمة الأكابر في كل عصر من العصور ، فاشتروا الضلالة بالهدى ، واستبدلوا الربح الوافر بالخسران العظيم ، وما زال الشيطان الرجيم ينقلهم من منزلة الى منزلة ، ومن رتبة الى رتبة حتى صاروا أعداء كتاب الله وسنة رسوله وخير أمته وصالحي عباده وسائر المؤمنين ، وأهملوا فرائض الله وهجروا شعائر الدين ، وسعوا في كيد الإسلام وأهله كل السعي ورموا الدين وأهله بكل حجر ومدر ، والله من ورائهم محيط )) " تفسير الشوكاني [ 51/ 287-288 ] .
وقال الزبير بن بكار : ثنا عبد الله بن ابراهيم بن قدامة اللخمي عن أبيه عن جده عن محمد بن علي عن أبيه قال : جلس قوم من أهل العراق فذكروا أبا بكر وعمر فنالوا منهما ، ثم ابتدأوا في عثمان فقال لهم : أخبروني أأنتم من المهاجرين الأولين { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } (الحشر:8) . قالوا : لا ، قال : فأنتم من الذين : {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ } (الحشر:9) . قالوا : لا ، فقال لهم : أما أنتم فقد أقررتم وشهدتم على أنفسكم أنكم لستم من هؤلاء ولا من هؤلاء ، وأنا أشهد أنكم لستم من الفرقة الثالة الذين قال الله عز وجل فيهم : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا } (الحشر:10) . الآية ، فقوموا عني لا بارك الله فيكم ولا قرب دوركم ، أنتم مستهزئون بالإسلام ولستم من أهله . " البداية والنهاية [ 9/122] .
واستحق الروافض الأخباث والأنجاس هذه العقوبة لأنهم وقعوا في أعراض أفضل الأمم بعد الأنبياء وحملة الشريعة الغراء الى أقاصي البلاد الذين بذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس ؛ فالطاعن فيهم طاعن في الدين وبعيد عن سبيل المؤمنين ، سالك لسبيل المعتدين المجرمين ، واقع في حبائل الغوي المبين متوعد بالعذاب مهين .
ورحم الله شيخ الإسلام إذ يصف سوء حالهم فيقول عنهم : (( أمة ليس لها عقل صريح ولا نقل صحيح ، ولا دين مقبول ، ولا دنيا منصورة بل هم من أعظم الطوائف كذباً وجهلاً ، ودينهم يدخل على المسلمين كل زنديق ومرتد كما دخل في النصيرية والإسماعيلية وغيرهما . فإنهم يعمدون الى خيار الأمة يعادونهم والى أعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين يوالونهم ، ويعمدون الى الصدق الظاهر المتواتر يدفعونه ، والى الكذب المختلق الذي يُعلَم فسادَه يقيمونه ؛ فهم كما قال فيهم الشعبي – وكان من أعلم الناس بهم – لو كانوا من البهائم لكانوا حُمراً ، ولو كانوا من الطير لكانو رخماً ، ولهذا كانوا أبهت الناس وأشَّدهم فرية مثل ما يذكرون عن معاوية ، فإن معاوية ثبت بالتواتر أنه أمره النبي صلى الله عليه وسلم كما أمر غيره وجاهد معه وكان أميناً عنده يكتب الوحي ؛ وما اتهمه النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الوحي ، وولاه عمر بن الخطاب الذي كان من أخبر الناس بالرجال ، وقد ضرب الله الحق على لسانه وقلبه ولم يتهمه في ولايته )) " الفتاوى [ 4/471-472 ] .
وقال تلميذه شيخ الإسلام الثاني ابن القيم رحمه الله تعالى بعد ما ذكر الجهمية والفرعونية والباطنية : ( والرافضة الذين هم بحبائل الشيطان متمسكون ، ومن حبل الله منقطعون ، وعلى مسبة أصحاب رسول الله عاكفون ، وللسنة وأهلها محاربون ، ولكل عدو لله ورسوله ودينه مسالمون ، وكل هؤلاء عن ربهم محجوبون وعن بابه مطردون ، أؤلئك أصحاب الضلال وشيعة اللَّعين ، وأعداء الرسول وحزبه )) " حادي الأرواح [ 196 ] .
وقال سبحانه وتعالى : { لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } (الحديد:10) .
والحسنى هي الجنة كما ورد مرفوعاً وموقوفاً من طرق كثيرة مستفيضة . واستدل ابن حزم رحمه الله تعالى : { وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُّ الحُسنَى } أن جميع الصحابة بدون إستثناء من أهل الجنة مقطوع بذلك .
ورضي الله عنهم من فوق سبع سماوات في قوله { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } (الفتح:18) . وفي قوله : {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة:100) .
قال البغوي رحمه الله تعالى : ( قال أبو صخر حميدة بن زيادة : أتيت محمد بن كعب القرظي فقلت له : ما قولك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة محسنهم ومسيئهم ، فقلت : من أين تقول هذا ؟ قال : اقرأ قوله تعالى:{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ }
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى : فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم ، أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضى الله تعالى عنه ، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم ، عياذاً بالله من ذلك ؛ وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة ، وقلوبهم منكوسة ، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله تعالى عنهم ، وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه ويسبون من سبه الله ورسوله ، ويوالون من يوالي الله ، ويعادون من يعادي الله ، وهم متبعون لا مبتدعون ويقتدون ولا يبتدون ، ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون )) " في تفسيره [ 2/367 ] .
قال ابن تيمية رحمه الله :
والرضى من الله صفة قديمة فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافيه على موجبات الرضى . ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً .. – إلى أن قال – فكل من أخبر الله عنه أنه رضي الله عنه فإنه من أهل الجنة ، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح ؛ فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح له ، فلو علم أنه يتعقب ذلك بما يسخط الرب لم يكن من أهل ذلك )) " الصارم المسلول [ 574-575 ] .
وقال ابن حزم رحمه الله تعالى : ( أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم ورضي عنهم وأنزل السكينة عليهم فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم ولا شك فيهم البنة ))
من السنة :
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من سب اصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ) اخرجه ابو نعيم ورواه الطبراني عن ابن عباس موصولا .
قال الامام الآجري : ( ومن سبهم فقد سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن سب رسول الله استحق اللعنة من الله عز وجل ومن الملائكة ومن الناس اجمعين ) الشريعة < 3/ 543 .
وقال ايضا : ( لقد خاب وخسر من سب اصحاب رسول الله صلىالله عليه وسلم ؛ لانه خالف الله ورسوله ولحقته اللعنة من الله عز وجل ومن رسوله ومن الملائكة ومن جميع المؤمنين ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، لا فريضة ولا تطوعا ، وهو ذليل في الدنيا ، وضيع القدر ، كثّر الله بهم القبور ، واخلى منهم الدور )ـ اللهم آمين ـ الشريعة < 3/ 550
قال المناوي : ( من سب اصحابي ) أي شتمهم ( فعليه لعنة الله والملائكة والناس ) أي الطرد والبعد عن مواطن الأبرار ومنازل الأخيار ، والسب والدعاء من الخلق ( اجمعين ) تاكيد لمن سب ، او الناس فقط أي : كلهم . وهذا شامل لمن لابس القتل منهم لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون فسبهم كبيرة ونسبتهم الى الضلال او الكفر كفر )
الفيض < 6/146 – 147 >
بعض المراجع
فانظر : الشَّرح والإبانة لابن بطّة ص160 ـ 162 ، الصَّارم المسلول ص570 ، شرح العقيدة الطّحاويّة ص528 ، الصواعق المحرقة ص318 .