الشبهة رقم (16)
16- ما الرد على بعض الوهابية في محاولتهم تضعيف حديث مالك الدار وكان خازن عمر؟
محاولتهم لتضعيف هذا الحديث بعدما صححه الحافظ ابن حجر لغوٌ لا يُلتفت إليه. ويقال لهذا المدعي: لا كلام لك بعد تصحيح أهل الحفظ أنت ليس لك في اصطلاح أهل الحديث حق. على أن التصحيح والتضعيف خاص بالحافظ وأنت تعرف نفسك أنك بعيد من هذه المرتبة بعد الأرض من السماء.
الـــرد المــــفــصــل
الحافظ صحح الرواية إلى مالك الدار. ولكن الرواية الصحيحة تقول لنا بأن الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لأمته مجهول. ولهذا حكى الحافظ عن سيف في كتابه (الفتوح) وهو كتاب في الأخبار لا الحديث) بأنه بلال بن الحارث. ولكن سيفا هذا ضعيف عند الحافظ ابن حجر ولهذا لم يثبت الحافظ صحة سند رواية سيف المصرحة بأنه الصحابي بلال. وقد قال الحافظ عن سيف (ضعيف في الحديث معتمد في الأخبار). وكتاب الفتوح هذا كتاب في الأخبار لا في الحديث. وهذا يبين أنه ليس عند الأحباش إلا روايات معضلة معلولة. يتمسكون بها تمسك الغريق بالقشة. ولو كانت عقيدتهم صحيحة لبنوها على الروايات الصحيحة القطعية.
س: ما الرد على قول الوهابية "إن الاستغاثة بالرسول بعد وفاته شرك" ؟
رَوى البَيهقيُّ بإسْنادٍ صَحِيح عن مَالكِ الدَّارِ وكانَ خَازِنَ عُمرَ قالَ: أصَابَ النّاسَ قَحْطٌ في زَمانِ عُمَرَ فَجاءَ رَجُلٌ إلى قبرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسُولَ الله اسْتَسْقِ لأُمّتِكَ فَإنَّهُم قَدْ هَلَكُوا فأُتِيَ الرجلُ في المََنامِ فقِيْلَ لَهُ: أقْرِىء عُمرَ السَّلامَ وأخْبِرْهُ أنَّهُم يُسْقَوْنَ، وقُلْ لَهُ: عَليكَ الكَيْسَ الكَيْسَ. فأَتَى الرَّجلُ عُمَرَ فأَخْبرَهُ، فَبكَى عُمَرُ وقَالَ: يا رَبّ مَا ءَالُو إلا مَا عَجَزْتُ. وقَد جاءَ في تَفْسِيرِ هذَا الرَّجُلِ أنّهُ بلالُ بنُ الحارِثِ المُزَنيُّ الصّحَابِيُّ.
فما حصل من هذا الصحابيّ استغاثة وتوسل. وبهذا الأثر يبطل أيضًا قول الوهابية إن الاستغاثة بالرسول بعد وفاته شرك.
الـــرد المــــفــصــل
لا ننسى أن الاستغاثة بغير الله مكروهة عند الأحباش ولا ثواب عليها.
أولا: باعتراف شيخكم الحبشي الذي قال إن الأفضل أن لا يقول القائل (المدد يا رسول الله) وإنما الأفضل أن يقول (اللهم بجاه نبيك أغثني) وهو مسجل بصوته.
ثانيا: باعتراف مشايخ الأحباش القائلين في نشرتهم بأن قول القائل (المدد يا رسول الله) لا ثواب له فيه. وأما قول اللهم أمدني بمدد نبيك فإن له ثواب". [أنظر الدائرة العلمية 27 وفتوى نبيل الشريف في مجلة منار الهدى 15/33]. فيلزمكم التفريق بين التوسل وبين الاستغاثة.
بل ويلزمكم أن التوسل مكروه عندكم لأن الاستغاثة والتوسل عندكم بمعنى واحد فتكونون قد رددتم على أنفسكم وأبطلتم حجتكم وهدمتم أركان عقيدتكم بأنفسكم.
ورواية مالك الدار إذا صحت فإنها تخبرنا أن رجلا مجهولا طلب من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يستسقي للناس. وقد خالف بفعله هذا عمر الذي أعلن أمام جماهير الصحابة الذين جمعهم للاستسقاء عن ترك التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كما في البخاري.
ورواية سيف التي تذكر لنا هذا المجهول بأنه الصحابي بلال مرفوضة لاتفاق المحدثين على ضعف سيف هذا.
فالرواية لو صحت لحكم عليها بالشذوذ لمخالفتها فعل جموع الصحابة بهدي خليفتها الراشد عمر.
ولكن يبدو أن الاستغاثة بغير الله محرمة عند الشيخ أحمد الرفاعي.
فقد ذكر الرفاعي أن " أحد الصوفية استغاث بغير الله فغضب الله منه وقال " أتستغيث بغيري وأنا الغياث" (كتاب حالة أهل الحقيقة مع الله ص92)؟
فلماذا يغضب الله إن كان التوسل والاستغاثة بمعنى واحد؟
لماذا الاستغاثة بالموتى شرك؟
الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك. وهم يزعمون أن نبينا يسمع كل نجوى ودعاء ولا يخفى عليه شيء من ذلك:
وهذا يلزم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم سميع بصير بالغيب. لا يخفى عليه شيء مما يدعو به الناس. لا تلتبس عليه المسائل يسمع المستغيثين أينما كانوا قريبين أو بعيدين بالآلف كانوا أم بالملايين.
لقد خفيت امور على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أن كان حيا: قال تعالى عن بعض المنافقين (لا تعلمهم نحن نعلمهم).
وخفي عليه قتل القراء السبعين من الصحابة.
وخفي عليه أن عائشة تخلفت عن الجيش. ولا يجوز أن يقال إنه علم ولكنه تركها تخلو برجل أجنبي عنها.
وخفي عليه جماعة من أمته انقلبوا على أعقابهم يمنعون أن يردوا الحوض. فيقول النبي صلى الله عليه وسلم (أصيحابي) فيقال له : أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
ويوم البعث لا يدري هل أفاق موسى عليه السلام قبل نبينا أم ماذا؟ قال عليه الصلاة والسلام " لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله" (البخاري2/849).
أن عيسى صرح أنه كان شهيدا على أمته ما كان فيهم. فقال (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم).
فكيف يعتقد هؤلاء أنه يسمع استغاثتهم أينما ووقتما كانوا؟ هذا هو التأليه مه الله سواء قبلوا بتسميته أم لا.
الشبهة رقم (17)
17- ماذا قال الحافظ تقي الدين السبكي عن التوسل والاستغاثة والتوجه والتجوه ؟
قال الحافظ الفقيه اللغوي تقي الدين السبكي إن التوسل والاستغاثة والتوجه والتَّجوُّهَ بمعنى واحد ذكر ذلك في كتابه شفاء السَّقام الذي ألَّفه في الرد على ابن تيمية بإنكاره سنية السفر لزيارة قبر الرسول وتحريمه قصر الصلاة في ذلك السفر.
الـــرد المــــفــصــل
التوسل والاستغاثة ليسا بمعنى واحد
أولا: باعتراف شيخكم الحبشي الذي قال إن الأفضل أن لا يقول القائل (المدد يا رسول الله) وإنما الأفضل أن يقول (اللهم بجاه نبيك أغثني) وهو مسجل بصوته.
ثانيا: باعتراف مشايخ الأحباش القائلين في نشرتهم بأن قول القائل (المدد يا رسول الله) لا ثواب له فيه. وأما قول اللهم أمدني بمدد نبيك فإن له ثواب". [أنظر الدائرة العلمية 27 وفتوى نبيل الشريف في [مجلة منار الهدى 15/33]. فيلزمكم التفريق بين التوسل وبين الاستغاثة.
وبالمناسبة فإنكم لم تأتوا بالنص صريحا من كتاب السبكي لتثبتوا لنا أنه قال بأن التوسل والاستغاثة بمعنى واحد. وأنا سوف آتيكم من كلام السبكي بما ينقض قولكم. قال السبكي " ولسنا في ذلك سائلين غير الله تعالى ولا داعين إلا إياه ، فالمسئول في هذه الدعوات كلها هو الله وحده لا شريك له ، والمسئول به مختلف ، ولم يوجب ذلك إشراكاً ولا سؤال غير الله" (شفاء السقام160-161). فتأمل قول السبكي (ولا سؤال غير الله) تفهم بعد ذلك لماذا لم يلتزم الأحباش إحضار كلامه بالنص. إنهم قوم خونة محرفون. ولا ننسى حذفهم ست صفحات من كلام الشيخ عبد الباسط فاخوري واحتيالهم بأن هناك سقط في المخطوط وأنهم سوف يستدركونه في الطبعة القادمة. وقد عهدناهم يجيزون الاحتيال حتى على الله.
ثالثا: وأما قولكم بأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فهو كذب. فإن عند ابن تيمية كتابا بعنوان (الرد على البكري واستحباب زيارة قبر خير البرية). ولكنه نهى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا" (متفق عليه). وقد حرم الجويني السفر إلى القبر قبل ابن تيمية بناء على هذا الحديث كما حكاه عنه النووي وابن حجر العسقلاني والزبيدي (النووي على مسلم 9 / 106 و 168 فتح الباري 3 / 65 إتحاف السادة المتقين 4 / 286).
واعترف السبكي بأن الجويني كان ينقل عن شيخه القاضي الفتوى بذلك (شفاء السقام ص121-124).
فلماذا لم تنكروا على الجويني مثل إنكاركم على ابن تيمية؟
الشبهة رقم (18)
18- ما الدليل على استحباب معرفة قبور الصالحين لزيارتها والقيام بحقها ؟
قَالَ الحَافِظُ وليُّ الدّينِ العِرَاقيُّ في حَديثِ أبي هُريرةَ أنَّ مُوسَى قالَ: "ربّ أَدْنِني مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجرٍ"، وأنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "والله لَو أني عِندَهُ لأَريْتُكم قَبْرَهُ إلى جَنْبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الكَثِيْبِ الأحْمَرِ": فيهِ اسْتِحْبَابُ مَعْرِفَةِ قُبورِ الصَّالحِينَ لزِيَارتها والقِيامِ بحقّهَا. اهـ.
فيفهمُ من قولِ رسولِ الله عن قبرِ موسى عليه السلام "والله لو أني عندَهُ لأريتُكُم قبرَهُ إلى جنبِ الطَّريقِ عندَ الكثيبِ الأحمرِ" والذي هو قُربَ أريحا الإشارةُ إلى أن زيارةَ قبورِ الأنبياءِ والصّالحينَ للتبركِ بهم مطلوبة وعلى هذا كانَ الأكابرُ وعلى ذلك نَصُّوا.
الـــرد المــــفــصــل
ما هو القيام بحقها عندكم؟ القيام بحقها عندكم: أن تستغيثوا بها وتبنوا عليها المساجد وتتضرعوا إليها بالدعاء وتشابهوا بفعلكم هذا اليهود والنصارى؟ هذا هو القيام بحقها عندكم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لعن الله اليهود والنصارى إتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد).
وإليكم حديثا ينهى عن الدعاء عند القبر. رواه أهل البيت وصححه الحافظ السخاوي :
روى عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة أن علي بن الحسين رضي الله عنه رأى رجلا يأتي فرجة كانت عند قبر النبي فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال : " ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي - يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله قال: لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً وسلموا على فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم " قال السخاوي " وهو حديث حسن (القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع ص228 وذكره البخاري في التاريخ الكبير2/3-289 مصنف عبد الرزاق6694 ومصنف ابن أبي شيبة2/375) ".
كيف يقوم الأحباش والصوفية بحق القبور؟
يُتمرغون ويكتحل بتراب القبر ويبتلعون شيئاً من تراب قبر الولي على الريق ليحصل لهم الشفاء (جامع كرامات الأولياء 1 / 117 ) قال الحبشي " وأما أخذ شيء من تراب القبر ثم يقرأ عليه سورة القدر سبع مرات ثم يوضع في الكفن أو في القبر خارج الكفن فلا بأس بذلك" (بغية الطالب ص158).
ويحكون في القبور غرائب القصص مما يمكن أن تقرأه في مجلة سوبرمان. فهذا الولي يخرج متى ما أراد وبهاء الدين نقشبند يخرج ويعرج فوق العرش متى ما أراد.
حتى إنهم يأخذون البيعة عند القبور ويسمعون كلام الموتى يكلمونهم (طبقات الشعراني1/186) .
بل اعتبر الرفاعية أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الكعبة بل أفضل من عرش الله، بل أفضل من الجنة (قلادة الجواهر 104 ).
ولا ننسى أن الأحباش رفاعيو الطريقة والرفاعية يعتقدون بعقيدة الشيعة باثني عشر إماما آخرهم المهدي صاحب السرداب (بوارق الحقائق 78 و 177 للصيادي).
وهذا والله عودة إلى الجاهلية القديمة وترويض للناس على تقديس التربة وتعليق القلوب بالموتى رجاء ما عندها وخوفا مما عندها.
الشبهة رقم (19)
19- مستحب أن يقال عند زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وقد ذَكَرَ الإمامُ أبو الوفاء بن عقيلٍ الحنبليُّ الذي هو من أعمدةِ المذهَبِ الحنبليّ أنه ممَّا يُستَحَبُّ قولُهُ عند زيارةِ قبرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنكَ قُلتَ في كتابِكَ لنبيّك صلى الله عليه وسلم:{ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسَهم جاءوك فاستغفروا اللهَ واستغفرَ لهم الرسولُ لوجدوا اللهَ توابًا رحيمًا} [سورة النساء]، وإنّي قد أتيتُ نبيَّكَ تائبًا مستغفرًا فأسألكَ أن تُوجِبَ لي المغفرةَ كما أوجَبتَهَا لمن أتاهُ في حياتِهِ، اللهم إني أتوجَّهُ إليكَ بنبيّكَ صلى الله عليه وسلم نبيّ الرّحمةِ، يا رسولَ الله إنّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربّي ليغفرَ لي ذنوبي"، فبعدَ هذا كيفَ يقولُ بعضُهم إن زيارةَ قبرِ النَّبي للتبرُّكِ بهِ والتّوسُّلِ بهِ زيارةٌ شركيّةٌ، فما أَبعَدَ هؤلاءِ عن الحَقّ.
الـــرد المــــفــصــل
هذا الفهم المحدث للآية يلزم منه الطعن في عمر بن الخطاب والصحابة أنهم جهلوا هذا الذي فهمه من بعدهم كابن عقيل الذي كثر الإنكار عليه لتلقيه علم الدين من المعتزلة والمنحرف عن السنة (سير أعلام النبلاء19/443). ألم تجدون لكم غير أبي طالب وابن عقيل لتستدلوا بهما على عقيدتكم؟
لقد أعلن عمر عن ترك التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته. ولو كان هذا المعنى الصحيح للآية لعمل به الصحابة الذين هم أحرص منا على الخير.
والآية معناها المجيء إليه صلى الله عليه وسلم في حياته .
وقد ذم الله من تخلف عن هذا المجيء واعتبرهم منافقين مستكبرين غير مغفور لهم فقال { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ 5 سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }. فهل الذين لا يأتون قبر النبي صلى الله عليه وسلم عند ارتكاب الذنب: فاسقون مستكبرون؟؟؟
ولم يثبت أن أحداً من الصحابة أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسأله الاستغفار وهذا يقتضي دخول الصحابة في المنافقين المستكبرين وأن الله لن يغفر لهم لأنهم ما عملوا بهذه الآية ، بل ثبت تركهم للتوسل به بعد موته والتوسل بغيره.
لا يعقل أن يعطل الصحابة تطبيق الآية ثم يأتي هؤلاء الخلوف ويفهمون منها ما لم يفهمه ولم يطبقه الصحابة.
ثم إن إيجاب مجيء القبر على كل مذنب من أمة محمد صلى الله عليه وسلم تكليف بما لا يطاق ، فإن الأمة لا تستطيع مجيء القبر عند ارتكاب كل ذنب.
أن في هذا الفهم إلغاء لدور الحج والعمرة، بل يصير القبر حَرَماً يحج إليه الناس. وحينئذ: فلماذا يحج الناس إلى مكة؟ أليس ليعودوا من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم؟ ولماذا يفعلون ذلك والآية تنص بزعمهم على وجوب حج المذنبين إلى قبره؟ وكأنهم يقولون: من حج إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه !!!
ويلزم أن يصير القبر عيداً بل أعظم أعياد المذنبين، وهذا مخالفة للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه نهى عن أن يُتخذ قبره عيداً.
أن الآية خاصة بحياة النبي صلى الله عليه وسلم حيث نزلت فيمن ترك الرسول صلى الله عليه وسلم وتحاكم إلى الطاغوت فهو بذلك أساء إلى الرسول وترك حقا شرعياً لا تتحقق التوبة منه إلا بالمجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإعلان التحاكم إليه . فوضح من ذلك أن هذه الآية نزلت في المنافقين { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } .
وإذا كانت هذه الآية تأمر بالمجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم لطلب الاستغفار فإن الآية التي بعدها تأمر بالتحاكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
ويلزم من هذا أن الصحابة تركوا العمل بالآيتين فلم يثبت مجيء أحد منهم إلى القبر عند الذنب. ولا هم تحاكموا إليه عندما اختلفوا فيما بينهم. أو يلزمكم فساد فهومكم.
قال تعالى [يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله] ويلزم أن هذا الحكم باق أيضا فكل امرأة تؤمن يجب أن تذهب إلى قبر النبي لتبايعه
الشبهة رقم (20)
20- ماذا قال الحافظ سراج الدين بن الملقن عن قبر معروف الكرخي؟
إنَّ أحدَ حُفَّاظِ الحديثِ واسمهُ الحافظُ سراجُ الدّينِ بن المُلقّن هذا تُوفّيَ بعدَ ابن تيمية بنحوِ ستين سنةً وهو من الفقهاءِ الشّافعيّينَ ذَكَرَ عن نفسِهِ في كتابِهِ طبقاتِ الأولياءِ وهو كتابٌ يذكرُ فيه تراجمَ أولياءَ من السَّلفِ والخلفِ فقال: "ذهبتُ إلى قبرِ معروفٍ الكَرخيّ وَقَفتُ ودعوتُ الله عِدَّةَ مرَّاتٍ، فالأمرُ الذي كانَ يصعبُ عليَّ ينقضي لما أدعو الله هناكَ عندَ قبرِهِ"، هذا معروفٌ الكرخيُّ من الأولياءِ البارزينَ المشهورينَ في بغدادَ، معروفٌ عند العَامّةِ والخاصَّةِ، يقصدونَ قبرَهُ للتّبرُّكِ.
الـــرد المــــفــصــل
ابن الملقن هذا مبتلى بخيالات الصوفية وكتبه تشهد بذلك. فقد جاء في كتابه أن الرفاعى أكل سمكاً مع تلاميذه ثم قال لعظام السمك : كوني سمكاً كما كنت أولاً . فما استتم كلامه حتى قامت وتناثرت سمكاًَ حياً : شاهدة لله بالوحدانية وللنبي بالرسالة وللسيد الرفاعي بالولاية العظمى ، وأنها كانت تسأل الرفاعي بحق الله أن يأكلها ، وأنه دخل رجل على الرفاعى مكتوب على جبهته سطر الشقاوة فمحاه " أي بدّل ما قدره الله فصار مكتوباً سعيداً (طبقات الصوفية لابن الملقن ص98-99).
• فهل حقا يأكل الرفاعي السمك ثم يعيدها حية؟
• وهل نطقت الأسماك بالشهادتين ومعها الشهادة للرفاعي بالولاية؟
• وهل يستطيع الرفاعي أن يبدل ما قدره الله في اللوح المحفوظ؟
يتبع إن شاء الله