رد: كل سلامى من الناس عليه صدقة
آفات الصدقة
إنَّ للصدقات آفات تقضي على ثوابها وتكون وَبَالاً على صاحبها في الدنيا والآخرة، وهذه الآفات يمكن أن نوجزها فيما يلي:
أولاً: الرياء:
إنَّ الرياء داء عُضال يقضي على ثواب الأعمال الصالحة ويجعلها هباءً منثورًا، وهو من صفات المنافقين الذين ذمهم اللَّه تعالى في كتابه العزيز قائلاً عنهم: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [النساء: 142].
عن أبي هريرة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال اللَّه تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) [مسلم: 2985]
ثانيًا: إتْباعُ الصدقات بالمن والأذى:
يجب على المسلم الحذر مِن أن يَمُن أو يؤذي أحدًا من الذين تصدق عليهم، فيقول له تذكر يوم أعطيتك كذا وكذا، قد حذرنا اللَّه من المن بالصدقة حيث قال سبحانه: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿261ٌ﴾ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿262ٌ﴾ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴿263ٌ﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينٌَ﴾ [البقرة261-264]
عن أبي ذر الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئًا إلا مَنَّهُ، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره). [مسلم 106]
سمع محمد بن سيرين رجلاً يقول لرجل آخر: فعلتُ إليك وفعلت، فقال له ابن سيرين: اسكت فلا خير في المعروف إذا أُحصي. [تفسير القرطبي 3/312]
ثالثًا: التصدق بالشيء الرديء:
اعلم أيها المسلم أنَّ اللَّه تعالى لا يقبل إلا الطيب من الصدقات، فاحذر أن تتقرب إليه بالشيء الرديء. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌٌ﴾ [البقرة: 267].
رابعًا: احتقار شيء من الصدقات:
يجب على المسلم ألا يحتقر شيئًا من الصدقات، سواء كانت صدقته هو أو صدقة أخيه المسلم. عن عدي بن حاتم أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة). [البخاري 1413، ومسلم 1016]
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سبق درهم مائة ألف درهم». قالوا: يا رسول اللَّه، وكيف ؟ قال: «رجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به، ورجل له مال كثير، فأخذ من عُرْض ماله مائة ألف فتصدق بها». [حديث حسن: صحيح النسائي للألباني 2527]
اعلم أخي الكريم أنَّ الصدقة وإن كانت قليلة فإنك سوف تجد ثوابها أضعافًا كثيرة عند اللَّه تعالى: قال سبحانه وتعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴿7ٌ﴾ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهٌُ﴾ [الزلزلة: 7، 8]
عن أبي ذر الغفاري أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) [مسلم 2626]
خامسًا: الرجوع في الصدقة:
احذر أخي الكريم أن ترجع في صدقتك التي أخرجتها لله تعالى.
روى الشيخان عن عمر بن الخطاب قال: حملت على فرس في سبيل اللَّه، فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه، وظننتُ أنه يبيعه برخص، فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (لا تشتره، ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئته). [البخاري 2623، ومسلم 1620]
|