السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
شـ ــكراً اخـ ــيتـ ــي الــفـ ــاضـ ـلــ ـــه
حـــــ ــــنـان أحــــ ـــمد
إن القراءة مصرف عظيم من مصارف استغلال الوقت،كلما ازداد الإنسان من قراءته
واطلاعه وتثقيف فكره،فإنه سوف يكثر علمه ويزداد عمله.
والقراءة المستمره والنظر في بطون الكتب تعطي صاحبها القدرة على التحليل وإبداء
الرأي السليم.
إن من كثرت قراءته واطلاعه في الكتب المختلفة ينظرالناس إليه نظرة إكبار وتقدير
كما قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله وهو يتكلم عن شيخه حمّاد بن مسلم الأشعري حيث
يقول : " ما مددت رجلي نحو داره وإن بيني وبينه سبع سكك
وكان كذلك الإمام عبد الغني رحمه الله إذا ذكر الدارقطني قال :
" أستاذي "
وكان عبد الغني إمام زمانه في الحديث ..
وقال أبو عثمان المازني :
" رأيت الأصمعي وقد جاء إلى حلقة أبي زيد ( كان من أئمة الأدب ) فقبل رأسه
وجلس بين يديه وقال :
" أنت رئيسنا وسيدنا منذ خمسين سنة "
فما بلغ علماء السلف هذه المنزلة من الاحترام والتقديروقوة الشخصية إلا بسبب علمهم وكثرة اطلاعهم .
وقبل أن نستعرض بعض المواقف من المحبين للقراءة والمتعبدين لطلب العلم نقول مستفتحين ما قاله أحد الشعراء حين قال :
ما تطعمت لذة العيش حتى
صرت للبيت والكتاب جليساً
ليس شيئ أعزعندي من
العلم فلا تبتغي سواه أنيساً
لقد كان ابن المبارك -رحمه الله -من جيل أتباع التابعين
ولكنه مع ذلك كان يجالس اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال القراءةعن أخبارهم وآثارهم
افتقده بعض أصحابه من مجلسه فقال له مره :
" ما لك لا تجالسنا ؟
فقال ابن المبارك انا أذهب فأجالس الصحابة والتابعين وأشار بذلك إلى أنه ينظر في كتبه "
وهكذا كان دأب ابن المبارك رحمه الله ..
فلقد خط خطوط للدعوة ولدعاة من بعده ..
لأنهم لابد لهم من أن يتزودوا بزادٍ .. إيماني ..ثقافي ..فكري ..من خلا النظر في كتب الأقدمين رحمهم الله والمعاصرين أعانهم الله..
وهذا هو درس يعطيه ابن المبارك للأجيال التي تأتي من بعده بقوله :
" أنا أذهب فأجالس الصحابة والتابعين"
" ويشير إلى كتبه ".
يقول الشيخ عبد العظيم نقلاً عن إسحاق بن إبراهيم بن عيسى المرادي ...
" ولم أرى ولم أسمع احداً اكثر إجتهاداً منه في الاشتغال كان دائم الاشتغال في الليل و النهار .
وقال :جاورته في المدرسة يعني القاهرة بيتي فوق بيته اثنى عشر سنة فلم أستيقظ في ليلة من الليالي في ساعة من الساعات الليل إلا وجدت ضوء السراج في بيته وهو مشتغل بالعلم وحتى كان في حال الاكل والكتاب والكتب عنده يشتغل فيها "
يقول ابن الجوزي- رحمه الله-
" واني اخبر عن حالي ما اشبع من مطالعة الكتب وإذا رأيت كتاباً لم اره فكأني وقعت على كنز فلو قلت اني قد طالعت عشرين الف مجلد كان اكثر وأنا بعد في طلب الكتب فاستفدت بالنظرفيها ملاحظة سير القوم وقدر هممهم وحفظهم وعاداتهم وغرائب علوم لا يعرفها من لم يطلع ".
إن القارئ إذا فتح الكتاب ليقرأ يجب أن يركز فكره وناظريه
على الصفحة التى يقرؤها
كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وكذلك من نظر ألى الأشياء بغير قلب أو استمع إلى كلمات أهل العلم بغير قلب فإنه لا يعقل شيئا فمدار الأمر على القلب وعند هذا تستبين الحكمة من قوله تعالى:
( أفلم يسيروفي الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بهــآ )
فهذه هي أول السبل بل أهم السبل في محبة القراءة وهي القراءة
(القلبية) وهي عبارة عن قراءة وعي وإدراك.
إن العمل بما يقرأ هو السبيل إلى تثبيت العلم في القلب والعقل
ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله:
" العمل لقاح العلم فإذا اجتمعا كان الفلاح والسعادة وإن انفرد أحدهما عن الآخرلم يفيد شيئا "
ويقول الإمام النووي رحمه الله محدثاً عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال:
" تلقى الرجل وما يلحن حرفاً وعمله لحن كله"
فلابد إذن من ترجمة مايقرأ في الكتب إلى واقع عملي ومنهج حركي
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان خلقه القرآن.