المحطة الثانية (هل الدنيا في قلبك؟)
((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ))
وصية همس بها المصطفى صلوات الله عليه و سلامه في أذهان و قلوب أمته
هذه هي طبيعة الحياة التي أرادها لنا النبي صلى الله عليه و سلم أن نحياها
حياة الغربة
هل سألت نفسك يوما لماذا ؟؟
لأنا كنا نسكن الجنة قبل أن يخرج منها أبونا آدم عليه السلام إلى هذه الدار
نعم السبب هو أن الجنة هي منازلنا الأولى
و الطريد من أمثالنا يسعى إلى الرجوع و يطلب العودة استجابة لنداء العقل و القلب
فهل يعقل أن نبالغ في حبّ الدنيا والتعلق بزخارفها وزبارجها
فأنت" عابر سبيل" أي عندك هدف واضح في حياتك و تنطلق من أجل تحقيقه .
و الدنيا ما هي إلا الرحلة الأولى من إجمالي أربع رحلات إجبارية، و مدتها على أحسن الفروض هي ما بين الستين و السبعين (إن لم يكن أقل )
و الرحلة الثانية من الدنيا إلى القبر : و علمها عند ربي
و الرحلة الثالثة من القبر إلى ساحة الحشر : يستغرق خمسين ألف سنة
و الرحلة الأخيرة هي من ساحة الحشر إلى الدار الأبدية في الجنة أو النار
يا الله
فرحتلك الدنيوية كما ترى أولى الرحلات و أقصرها على الإطلاق
لكنها المرحلة المحورية التي تحدد السعادة أو الشقاء الذي بنتظرك في المحطات التالية
لكن ماذا يؤدي الإفراط في حب الدنيا ::

1- عندما تتقد نار هذا الحب الدنيوي في أعماق الإنسان
فسوف تقوده إلى أنواع الحرص والولع والتكالب على المتاع الدنيوي الزائل
فيسوقه يوماً بعد آخر إلى السقوط في لجّة التلوث بالخطايا
مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (هود: الآية : 15 - 16).
2- حب الدنيا هو سبب حال الأمة الآن من الضعف و الهوان
عن ثوبان – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : ومن قلة نحن
يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كـ غثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور
عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟
قال : حب الدنيا وكراهية الموت ."
هل تدرك ذلك
أنت سبب في ما يحدث لأمتك
بحبك للدنيا و الجري وراء متعها
أوردت أمتك المهالك
بالله عليك ألا يحزنك حال أمتك
ألا ينغص عليك عيشك ما يحدث في فلسطين و العراق و السودان و أفغانستان و.......
الحل بيدك .... فابدأ
3- محبتها تجعلها أكبر همّ العبد، وجعلها غاية وهدف [ بحد ذاته ]
وقد روى الترمذي من حديث أنس بين مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
:"من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهى راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له"
4- يبدأ طريق حب الدنيا من نفس النقطةالتي يبدأ فيها الإعراض عن الله ،،
اذا سكن حب الدنيا في قلب فلن يذق حلاوة حب الله ابد
حب الله و حب الدنيا لا يجتمعان في قلب
فأي حب تريد ؟؟؟
-الزهد في الدنيا ..كيف يكون ؟
ليس الزهد في تحريم الحلال ولا في التضييق على النفس و حرمها المتاع الحلال
معنى الزهد" أن يصل المسلم إلى مرحلةاليقين بالله عز وجل ويصبح قلبه مرتبطابالله تعالى"
سيدنا أبو بكر الصديق كان من أغنى أغنياء قريش كذلك عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم.
لم يتركوا التجارة والعمل من اجل القيادة.
فالأمة الإسلامية بحاجة إلي يد قوية لتعمل و تبني و تسد حاجتها
ثقافيا و سياسيا و إعلاميا و اقتصادياو.............
الأمة بحاجة إلى العزة والقوة وأن يكون الإنسان مساهما في صناعة الدنيا بأن يساهم في الإنتاج في مجتمع بلده وأن يكون مضيفا على الدنيا شيئا.
وإلا كان هو زائداعليها.
نحن بحاجة إلى" فقه التعامل مع الدنيا"، لقد وصف النبي هذه الدنيافقال الدنيا حلوة خضرة.
وعندما قال النبي عليه السلام" إن الدنياحلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها"
فالخلافة تتطلب أن نرى من بعد حتى نعرف كيف نتعامل مع هذه الدنيا.
إذن
الزهدَ نظرةٌ معطاءةٌ للوجود،وليست انكفاءً سلبياً لا خيرَ فيه..
وقد روي أن زاهداً من البصرة التقى مع زاهد من بَلَـــخٍ،
فقال البصري للبلَخي : (ما الزهدُ عندكم؟)
فرد البلَخي : (الزهد عندنا أنا إذا وجدنا شكرنا وإذا فقدناصبرنا)
فقالالبصري ساخراً : (هذا زهدُ كلاب بلخ..!!!)،
فتعجب البلخي،وقال له : (إذن..وما الزهدعندكم؟!)،
فقال البصري:الزهد عندنا،أنا إذا وجدنا أنفقنا وإذا فقدنا شكـــرنا،لأننا نرىالعطاءَ في المنع..!!)-
يُشير إلى أن الله لايمنع إلا إذا رآى مصلحةً فيذلك-
وفي الحديث القدسي الجليل (وإن من عبادي لَمَن أفقرتُه ولو أغنيتُه لَفَسَدَ حالُه..).
حب الدنيا ..في منظار من يؤمن ::
كيف إذن يكون قلب المؤمن المحب لله في الدنيا
المؤمن يعتبر حياته الدنيوية صفقة تجارية
فالدنيا مزرعة للآخرة
فانظر أي محصول تريد أن تجنيه يوم الحصادالأكبر
{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْوَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِفَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِوَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِفَاسْتَبْشِرُواْبِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة111
فلاتنسي أنك عقدت البيعة مع رب العالمين
فالزم نفسك بهذا الصك
لتربح الدنيا و الآخرة
