ولكن عندما يتذكر هروبها مع"حسن" يحس بالخزي والعار ، وتثور ثائرته وعندما يهدأ يقول في قرارة نفسه إنها عائشة فلذة كبدي ولا بد لي أن أبحث عنها ، ربما يكون" حسن" كذب عليها أو أغراها وهي لحسن نيتها لا تدري ، غدا إن شاء الله لن أعود إلا بها .
في الصباح الباكر وبعد صلاة الفجر جعل البردعة على الأتان وأوصى زوجته خيرا بأولاده وتوكل على الله وخرج ، أيذهب يمينا أم شمالا ؟ أماما أم وراء؟ لا يدري الطريق الذي سيسلكه ، واهتدى في الأخير أن يسلك طريق المدينة ويسأل عنها ويعطي مواصفتها لمن يجده أمامه ، والطريق إلى المدينة بعيد وليس هو الطريق المؤدي إلى حيث توجد عائشة .
عائشة أصبحت تخاف العودة فليس في العودة إلا ذكريات أليمة وحبيب العمر قد واروه التراب ، وشرودها طول النهار أمام الشيخ جعله يرتاب في أمرها فيلعن الشيطان ويبعد الظنون السيئة ويقول لزوجته أحسني إليها عسى الله أن يرحمنا بإكرامها وأن يجعل لها مخرجا.
تساعد عائشة الشيخين في أمورهم بدون كلام ، وحين تنهي عملها تختلي بنفسها وتتذكر وتبكي ، فلم تعد إلا شاردة أوباكية، وفي الليل نفس الكوابيس : تستيقظ فزعة وهي تصيح "جاك" "جاك" ولم يتمكن الشيخان من معرفة معنى هذه الكلمة الغريبة عنهما ، واعتبراها مما يقوله الانسان عند الهذيان،ولم يستطيعا مساءلتها لأنها لم تعد تجيب أحدا.
|