عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-07-2009, 07:16 PM
الصورة الرمزية الفراشة المتألقة
الفراشة المتألقة الفراشة المتألقة غير متصل
مراقبة قسم العلوم الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: في جنة الفردوس ولن أرضى بالدون .. سأواصل لأصل هنااك بإذن الله
الجنس :
المشاركات: 6,542
افتراضي رد: شرح أحاديث عمدة الأحكام ،، كتاب الطهارة ،، الحديث الأول

تفصيل مسألة دخول الرياء على النيّة

ينقسم العمل الذي يُخالطه أو يُصاحبه الرياء بالنسبة لقبول العمل من عدمه إلى أقسام :
أن يُصاحبه الرياء من أصل العمل فيحبط العمل بالكليّة .
أن يطرأ عليه الرياء خلال العمل دافعه فإنه لا يضرّه ، وإن لم يُدافع الرياء فَلَهُ حالات :
إن كان العمل مما يتجزأ ، كالصدقة ونحوها ، فما دَخَلَه الرياء فهو حابط ، وما لم يدخل الرياء لم يحبط .
وإن كان مما لا يتجـزأ كالصلاة ونحوها فإنها تحبط ، لعـدم مُدافعته للرياء .

والنيّة أصل في صلاح الأعمال
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إنما الأعمال كالوعاء إذا طاب أسفله طاب أعلاه ، وإذا فسد أسفله فسد أعلاه . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .
والمُراد بذلك النيّة .

========

والرياء في العمل يكون وبالاً وعذاباً وحسرةً على صاحبه يوم القيامة ، يوم يُشهّر بصاحبه على رؤوس الأشهاد ، وعندها تزداد حسرته وندامته .
فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : من سمع سمع الله به ، ومن راءى راءى الله به . رواه مسلم عن ابن عباس ، وروى البخاري مثله عن جندب بن عبد الله .

قال العز بن عبد السلام : الرياء أن يعمل لغير الله ، والسمعـة أن يخفي عمله لله ، ثم يحدث به الناس .
قال الفضيل بن عياض : كانوا يقولون ترك العمل للناس رياء ، والعمل لهم شرك . عافانا الله وإياك .

وإخلاص العمل لله سبب لسلامة القلب
قال صلى الله عليه وسلم : ثلاث لا يَـغِـلّ عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر ، ولزوم الجماعة ؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم . رواه أحمد وأهل السنن .
قال ابن عبد البر : معناه لا يكون القلب عليهن ومعهن غليلا أبـداً ، يعني لا يقوى فيه مرض ولا نفـاق إذا أخلص العمل لله ، ولزم الجماعـة ، وناصح أولي الأمر .
وقال ابن رجب : هذه الثلاث الخصال تنفي الغل عن قلب المسلم . انتهى كلامه - رحمه الله - .
فعدمُ الإخلاص يُورث القلبَ الأضغان والأحقاد .

ومما بقي في شرح هذا الحديث مسائل :

الأولى : ما يتعلق بألفاظ الحديث
الثانية :
الكلام على الهجرة
الثالثة :
الاحتساب في المباحات وفي التّ{وك

فالمسألة الأولى : ما يتعلق بألفاظ الحديث ، ومنها :

إفادة الحصر في قوله : إنما الأعمال بالنيات .

وتقديرها : إنما تكون الأعمال صالحة ومقبولة عند الله بالنيات الصالحة .

وقوله : وإنما لكل امرئ ما نوى . وإن أظهر غير ذلك ، فالله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية .

ولذا لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما القتال في سبيل الله ؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا ، ويقاتل حمية ، فرفع إليه رأسه ، فقال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل . رواه البخاري ومسلم .

وهذا جواب الحكيم – كما يُقال – فلم يُعدد عليه الأغراض التي لا تكون في سبيل الله لكثرتها ، وإنما حصر له الجواب في تحديد من هو في سبيل الله عز وجل .

وعند النسائي من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال : من غزا في سبيل الله ولم ينوِ إلا عقالاً فله ما نوى .

وقوله عليه الصلاة والسلام : فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله . أعاد الجملة الثانية معطوفة على الأولى لأهمية هذا العمل ، وهو الهجرة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

بينما في آخر الحديث قال : فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه . لم يُعد الجملة كما في الأولى لسببين :
الأول : حقارة هذا الأمر الذي يُهاجر الإنسان من أجله .
الثاني :
لتعدد الأغراض التي يُهاجر لها الناس ، فلا تنحصر في دنيا أو زواج .

والمسألة الثانية : الكلام على الهجرة

فالهجرة في اللغة تُطلق على التّـرك

وفي الاصطلاح : الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام .

والهجرة باقية ما بقيت التوبة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

وأما قوله عليه الصلاة والسلام : لا هجرة بعد الفتح . كما في الصحيحين ، فالمقصود به لا هجرة مِن مكة – شرّفها الله وحرسها – لأنها صارت دار الإسلام ، فلا يُهاجر منها .

والهجرة أنواع :
هجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام

وهجرة من بلد البدعة إلى بلد السنة

وهجرة من بلد المعصية إلى بلد الطاعة

ومن ذلك : هَجْر ما نهى الله عنه ، لقوله عليه الصلاة والسلام : والمهاجر مَنْ هَجَرَ ما نهى الله عنه . رواه البخاري .

والمسألة الثالثة : الاحتساب في المباحات وفي التّروك

عندما يحتسب المسلم في أكله وشُربه ونومه وقيامه فإنه يؤجر على نيته هذه .

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم يؤجر في أخص حظوظ نفسه ، فقال : وفي بضع أحدكم صدقة . قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام . أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرا . رواه مسلم .

ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري إلى اليمن ، قال لهما : يسرا ولا تعسرا ، وبشرا ولا تُنفّرا . فانطلق كل واحد منهما إلى عمله ، وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه ، وكان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا ، فسلّم عليه ، فسار معاذ في أرضه قريبا من صاحبه أبي موسى فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه ... فقال معاذ حين نزل : يا عبد الله كيف تقرأ القرآن ؟ قال : أتفوّقه تفوقاً . قال أبو موسى : فكيف تقرأ أنت يا معاذ ؟ قال : أنام أول الليل ، فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم ، فأقرأ ما كَتَبَ الله لي ، فأحتسب نومتي ، كما أحتسب قومتي . رواه البخاري ومسلم .

فقوله رضي الله عنه : أحتسب نومتي ، كما أحتسب قومتي .

أي أنه يحتسب في نومته ، وينوي بها الاستعانة والتّقوّي على قيام الليل .

فالمسلم إذا استحضر النية فإنه يؤجر في سائر عمله ، حتى في المباحات .

قال عبد الله بن الإمام أحمد لأبيه : أوصني . قال : يا بُني انوِ الخير فإنك بخير ما نويت الخير .

وقال زيد الشامي : إني لأحب أن تكون لي نية في كل شيء حتى في الطعام والشراب . وقال : انوِ في كل شيء تريد الخير ، حتى خروجك إلى الكناسة .

وعن داود الطائي قال : رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية ، وكفاك بها خيرا وإن لم تَنْصَب . ذكره ابن رجب .

أي وإن لم تتعب فإنك تؤجر على حُسن نيتك .

وقيل لنافع بن جبير : ألا تشهد الجنازة ؟ قال : كما أنت حتى أنوي . قال : ففكر هنيهة ، ثم قال : امض !

فالمسلم بحاجة إلى تعاهد نيته ، ومراجعتها في كل عمل

قال سفيان الثوري : ما عالجت شيئا أشد عليّ من نيتي ؛ لأنها تنقلب عليّ .

__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام
ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]