عرض مشاركة واحدة
  #49  
قديم 28-06-2009, 12:21 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن (47)فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي


ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في سورة يونس: ﴿
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴿108﴾ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ [يونس: 108- 109].

﴿
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ﴾ نداء وخطاب للناس كافة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والحق المراد هنا هو القرآن الذي نزَّله الله على عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- ﴿فَمَنِ اهْتَدَى﴾ أي: اتبع الحق واستمسك به فإنما يهتدي لنفسه؛ لأنه يطلب لها رحمة الله التي وعد الله بها من اتبع هداه ويدفع عنها عذابه ﴿وَمَن ضَلَّ﴾ أي: حاد عن الطريق المستقيم وأعرض عن هذا الذكر فإنما يضل على نفسه. وقد أُمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يخبر الناس أن الذي جاءهم به من عند الله هو الحق الذي لا مرية فيه، فمن اهتدى به واتبعه فإنما يعود نفع ذلك الاتباع على نفسه.
ومن ضل عنه فإنما يرجع وبال ذلك عليه ﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ أي: وما أنا موكل عليكم حتى تكونوا مؤمنين وإنما أنا نذير مبين، أبلغكم ما أرسلت به وأمرت بتبليغه.

ثم أمر سبحانه أن يتبع ما أوحاه إليه من الأوامر والنواهي التي يشرعها له ولأمته. وأمره بالصبر على أذى لاكفار، وما يلاقيه من مشاق التبليغ وما يعانيه من الصَّد والكيد من أعداء الله. وجعل هذا الصبر ممتدًّا إلى غاية ﴿
وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ أي: يحكم الله بينه وبينهم في الدنيا بالنصر له عليهم وفي الآخرة بعذابهم. وهذا وعد من الله لنبيه.

وقد صبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المؤمنين حتى تحقق وعد الله بنصر الحق وإزهاق الباطل وحكم الله بما قدره وقضاه.

وفي مخاطبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمره بذلك توجيه لدعاة الحق حيث كانوا أن يقتدوا وأن يحسنوا الاتباع وأن يصبروا على ما يلاقونه صادقين محتسبين حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.

فإنَّ حكمته قد اقتضت أن يُبتلى أهل الحق حتى تتبين معادنهم وتُعرف حقيقتهم وتتميز صفوفهم والله عالم بهم.

ولابد لمن رغب في الفوز والنجاة أن يعتصم بالصبر وحسن الاتباع ﴿
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ ﴾ .

فتلك سنة الله ﴿
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ[محمد: 31 ]، ﴿الم ﴿1﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ[العنكبوت: 1- 3 ].

﴿
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [آل عمران: 142].

﴿
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ[آل عمران:214].

وسبيل أهل الإيمان لطلب النصر والرجاء فيه أخذهم بالأسباب التي أجملتها هذه الآية ﴿
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ﴾.

وحسن الاتباع لما نزل من الحق يتطلب عملاً صادقًا خالصًا في مجالات شتى لإقامة الحق ودفع الفساد والظلم.

يقتضي أن تتضافر الجهود وتضع كافة الإمكانات لإعلاء كلمة الله في إخلاص وصدق وحب ﴿
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ[الحجرات: 15 ].

إنَّ العلم بالحق والعمل به لا تتحدد به العاقبة فحسب بل يتحدد به مسار الإنسان من بدئه إلى منتهاه.

ولم تكن عقبى الدار لمن اتبعوا الحق من ربهم إلا خاتمة مسار في طريق مستقيم متميز بمعالمه وصفات أهله.

وحيثما قرأت القرآن لا تخطئك هذه المعالم ولا تستبهم عليك هذه الصفات.

ولا ترى في هذا الصراط المستقيم ضيقاً ولا حرجًا. ولا ترى في أهله سوءًا ولا عوجًا. بل ترى فيه وفيمن اتبعه نورًا وهدى وصلاحًا وتراحمًا وتقى.

﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[الأنعام: 153 ].
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.42 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.48%)]