عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 26-06-2009, 05:04 PM
الصورة الرمزية بشرى فلسطين
بشرى فلسطين بشرى فلسطين غير متصل
مشرفة ملتقى فلسطين والأقصى الجريح
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
مكان الإقامة: فلسطين ..يوما ما سأعود
الجنس :
المشاركات: 3,319
الدولة : Palestine
افتراضي رد: مجمع الأمثال هنا بين أيديكم

بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ غدا لناظره قريب
أي لمنتظره، وأول من قال ذلك قُراع بن أجدع
يُروى أنّ النعمان بن المنذر خرج يتصيد على فرسه اليحموم ، فأجراه على أثر عير ، فذهب به الفرس في الأرض ولم يقدر عليه ، وانفرد عن أصحابه ، وأمطرت السماء ، فطلب ملجأ يلجأ إليه ، فذهب إلى بناء فإذا فيه رجل من طيء يقال له حنظلة ومعه امرأة له ، فقال لهما : هل من مأوى ؟
فقال حنظلة : نعم ، فخرج إليه فأنزله
ولم يكن للطائي غير شاة وهو لا يعرف النعمان ، فقال لامرأته : أرى رجلا ذا هيئة ، وما أخلقة أن يكون شريفا ، فما الحيلة ؟
قالت : عندي شيء من طحين كنت أدخرته ، فاذبح الشاة لأتخذ من الطحين ملّة ( خبز الملة والملّة الرماد الحار )
قال : فأخرجت المرأة الدقيق فخبزت منه ملّة ، وقام الطائيّ إلى شاته فاحتلبها ثم ذبحها ، فاتخذ من لحمها مرقة مضيرة ( مرقة تطبخ باللبن )
وأطعمه من لحمها ، وسقاه من لبنها ، وجعل يحدثه بقية يومه .
فلما أصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه ، ثم قال : يا أخا طيّء اطلب ثوابك ، أنا الملك النعمان
قال : أفعل إن شاء الله ، ثم لحق الخيل فمضى نحو الحيرة
ومكث الطائي بعد ذلك زمانا حتى أصابته نكبة وجهد وساءت حاله ، فقالت له امرأته : لو أتيت الملك لأحسن إليك ،
فأقبل حتى انتهى إلى الحيرة فوافق يوم بؤس النعمان ، فإذا هو واقف في خيْله في السلاح ، فلما نظر إليه النعمان عرفه ، وساءه مكانه .
فوقف الطائي المنزول به بين يدي النعمان ، فقال له : أنت الطائي المنزول به ؟ قال : نعم
قال : أفلا جئت في غير هذا اليوم ؟
قال : وما كان علمي بهذا اليوم ؟
قال : والله لو سنح لي في هذا اليوم قابوس ابني لم أجد بُدا من قتله ، فاطلب حاجتك من الدنيا وسل ما بدا لك فإنك مقتول
قال : وما أصنع بالدنيا بعد نفسي !
قال النعمان : إنه لا سبيل إليها
قال : فإن كان لا بد فأجّلْني حتى أُلِم بأهلي فأوصي إليهم وأُهيّء حالهم ثم انصرف إليك
قال النعمان : فأقم لي كفيلا بموافاتك
فالتفت الطائي إلى شريك بن عمرو ابن قيس من بني شيبان وكان صاحب الردافة ( وهو رديف الملك أي ولي عهده الذي ينوب مكانه في غيابه ) فقال له :
يا شريكا يابن عمرو هل من الموت محاله
يا أخا كل مُضاف يا أخا من لا أخا له
يا أخا النعمان فّك اليوم ضيفا قد أتى له
طالما عالج كُرَب الموت لا ينعم باله
فأبى شُريْك أن يتكفل به ، فوثب رجل من كلب ، يقال له : قُراد بن أجدع ، فقال للنعمان : هو عليّ
قال النعمان : أفعلت ؟
قال : نعم
فضمّنه إياه ثم أمر للطائي بخمسمئة ناقة .
فمضى الطائي إلى أهله ، وجعل الأجل حولا من يومه ذلك إلى مثل ذلك اليوم من قابل ، فلما حال عليه الحول وبقي يوم قال النعمان لقُراد :
فإن يك صَدْر هذا اليوم ولّى** فإنّ غداً لناظره قريب
فلما أصبح النعمان ركب في خيله متسلحا كما كان يفعل حتى إذا أتى الغَرِيَّيْن فوقف بينهما ، وأخرج معه قُرادا ، وأمر بقتله ، فقال له وزراؤه : ليس لك أن تقتله حتى يستوفي يومه ، فتركه
وكان النعمان يشتهي أن يقتل قُرادا ليفلت الطائي من القتل ،
فلما كادت الشمس تغيب وقُراد قائم مُجّرد في إزار على النطع ، والسياف إلى جنبه أقبلت امرأته وهي تقول :
أيا عين بكى لي قراد بن أجدعا ** رهينا لقتل ٍ لا رهينا مودعا
أتته المنايا بغتةً دون قومه ** فأمسى أسيرا حاضر البيت أضرعا
فبينماهم كذلك إذ رفع لهم شخص من بعيد ، وقد أمر النعمان بقتل قُراد ، فقيل له : ليس لك أن تقتله ، حتى يأتيك الشخص فتعلم من هو .
فكفّ حتى انتهى إليهم الرجل ، فإذا هو الطائي ، فلما نظر إليه النعمان شقّ عليه مجيئه ، فقال له : ما حملك على الرجوع بعد إفلاتك من القتل ؟
قال : الوفاء
قال : وما دعاك إلى الوفاء ؟
قال : ديني
قال النعمان : وما دينك ؟
قال : النصرانية ( الديانة في هذه الحقبة فهي قبل الإسلام )
قال النعمان : فاعرضهاعليّ، فعرضها عليه فتنصّر النعمان وأهل الحيرة أجمعون
وكان قبل ذلك على دين الوثنية ، فترك القتل منذ ذلك اليوم ، وأبطل تلك السُّنه وأمر بهدم الغريين ( بناءان مشهوران بالكوفة ، والغرى بالأصل هو البناء الحسن )
، وعفا عن قُراد والطائي ، وقال : والله ما أدري أيهما أوفى وأكرم ، أهذا الذي نجا من القتل فعاد ، أم هذا الذي ضمنه ؟ والله لا أكون ألأم الثلاثة
ثم أنشد الطائي يقول
ما كنت أُخلف ظنّه بعد الذي ** أسدى إلي من الفعال الخالي
ولقد دعتني للخلاف ضلالتي ** فأبيت غير تمجدي وفعالي
إني امرؤ مني الوفاء سجيّة ** وجزاء كل مكارم بذالِ
وقال أيضا يمدح قُراد
ألا إنما يسمو إالى المجد والعلا ** مخاريق أمثال القراد بن أجدعا
مخاريق أمثال القراد وأهله ** فإنهم الأخيار من رهط تُبّعا
__________________

يا أقصى والله لن تهون
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.40%)]