من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة وقاه الله فتنة القبر
قال الترمذي : /1074- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قال : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :
(( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ؛ إِلاَّ وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ )) .
قَالَ أبو عِيسَى : ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ، وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ ؛ رَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ إِنَّمَا يَرْوِى عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، وَلاَ نَعْرِفُ لِرَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ سَمَاعًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ) .
======
تقدم قول الإمام الترمذي : ( غَرِيبٌ ) ، وهو كذلك في (التحفة الأشراف 6/288 حديث 8625) ،
ولكن في (تحفة الأحوذي ) : ( حسنٌ غَرِيبٌ ) . وكذا قال السوطي كما سيأتي في نقل القاري عنه في ( المرقاة ) .
======
وحسنه الإمام السيوطي في (الجامع الصغير) .
و
قال المُناوي - في شرح الجامع ، بعد أن نقل كلام الترمذي بتمامه - : ( ... لكن وصله الطبراني فرواه من حديث ربيعة عن عياض بن عقبة ، عن ابن عمرو فذكره ، وهكذا أخرجه أبو يعلى والحكيم الترمذي متصلا . وخرجه أبو نعيم متصلا من حديث جابر . فلو عزاه المؤلف [السيوطي] لهؤلاء كان أجود ، ومع ذلك ضعفه المنذري [ ؟ ]) . اهـ
وقالَ الحَافِظُ فِي ( فَتْحِ البَارِي 3/ 253) - بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الحَدِيثِ - : ( فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ ، وأخْرَجَهُ أبو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوَهُ ، وَإِسْنَادُهُ أَضْعَفُ ) اِنْتَهَى .
وقال المبارك فوري في (تحفة الأحوذي) :
(( قَوْلُهُ : ( وأبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ ) : بِفَتْحِ المُهْمَلَةِ والقَافِ ، اِسْمُهُ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو القَيْسِيُّ ، ثِقَةٌ مِنْ التَّاسِعَةِ ،
( عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفِ ) بْنِ مَانِعٍ الإِسْكَنْدَرِانِيِّ : صَدُوقٌ لَهُ مَنَاكِيرُ مِنْ الرَّابِعَةِ .
قَوْلُهُ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ ) : الظَّاهِرُ أَنَّ ( أَوْ ) لِلتَّنْوِيعِ لاَ لِلشَّكِّ .
( إِلاَّ وَقَاهُ اللهُ ) : أَيْ حَفِظَهُ .
( فِتْنَةَ القَبْرِ ) : أَيْ عَذَابَهُ وَسُؤَالَهُ ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ الإِطْلاقَ والتَّقْيِيدَ ، والأَوَّلُ هُوَ الأَوْلَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى فَضْلِ المَوْلَى . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَرَفَ الزَّمَانِ لَهُ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ كَمَا أَنَّ فَضْلَ المَكَانِ لَهُ أَثَرٌ جَسِيمٌ .
قَوْلُهُ : ( وَلا نَعْرِفُ لِرَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ سَمَاعًا مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ) : فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ لانْقِطَاعِهِ ، لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ ،
قالَ الحَافِظُ فِي ( فَتْحِ البَارِي 3/ 253) - بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الحَدِيثِ - : ( فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ ، وأخْرَجَهُ أبو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوَهُ ، وَإِسْنَادُهُ أَضْعَفُ ) اِنْتَهَى .
وَقالَ القَارِي فِي ( المِرْقَاةِ ) : ( ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي بَابِ : مَنْ لا يُسْأَلُ فِي القَبْرِ ، وَقالَ : أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ، وَابنُ أَبِي الدُّنْيَا عنِ ابنِ عَمْرٍو ، - ثُمَّ قالَ - : وأخْرَجَهُ اِبْنُ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ ، والبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْهُ بِلَفْظِ : ( … ؛ إلاَّ بَرِئَ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ ) . وأخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ أَيْضًا ثَالِثَةً عَنْهُ مَوْقُوفًا بِلَفْظِ : ( … ؛ وُقِيَ الفَتَّانَ ) .
قالَ القُرْطُبِيُّ : ( هَذِهِ الأَحَادِيثُ أَيْ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ سُؤَالِ القَبْرِ - لا تُعَارِضُ أَحَادِيثَ السُّؤَالِ السَّابِقَةَ . أَيْ لا تُعَارِضُهَا بَلْ تَخُصُّهَا ، وَتُبَيِّنُ مَن لا يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ ولا يُفْتَنُ فِيهِ ، فَمَن يَجْرِي عَلَيْهِ السُّؤَالُ وَيُقَاسِي تِلْكَ الأَهْوَالَ . وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ فِيهِ مَدْخَلٌ لِلْقِيَاسِ ، ولا مَجَالَ لِلنَّظَرِ فِيهِ . وَإِنَّمَا فِيهِ التَّسْلِيمُ والانْقِيَادُ لِقَوْلِ الصَّادِقِ المَصْدُوقِ ).
قالَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ : ( وَمَنْ مَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقَدْ اِنْكَشَفَ لَهُ الغِطَاءُ عَمَّا لَهُ عِنْدَ اللهِ ؛ لأَنَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ لا تُسْجَّرُ فِيهِ جَهَنَّمُ ، وَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا ، ولا يَعْمَلُ سُلْطَانُ النَّارِ فِيهِ مَا يَعْمَلُ فِي سَائِرِ الأَيَّامِ ، فَإِذَا قَبَضَ اللهُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ فَوَافَقَ قَبْضُهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلاً لِسَعَادَتِهِ وَحُسْنِ مَآبِهِ ، وَإِنَّهُ لا يُقْبَضُ فِي هَذَا اليَوْمِ إلاَّ مَنْ كَتَبَ لَهُ السَّعَادَةَ عِنْدَهُ ، فَلِذَلِكَ يَقِيهِ فِتْنَةَ القَبْرِ ؛ لأنَّ سَبَبَهَا إِنَّمَا هُوَ تَمْيِيزُ المُنَافِقِ مِنْ المُؤْمِنِ ) ،
قُلْت : وَمِنْ تَتِمَّةِ ذَلِكَ : أَنَّ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ ، فَكَانَ عَلَى قَاعِدَةِ الشُّهَدَاءِ فِي عَدَمِ السُّؤَالِ . كَمَا أَخْرَجَهُ أبو نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ عَنْ جَابِرٍ : قالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( مَنْ مَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ ؛ أُجِيرَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَجَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ )) .
وأخْرَجَ حُمَيْدٌ فِي (تَرْغِيبِهِ) عَنْ إِيَاسِ بْنِ بَكِيرٍ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قالَ : (( مَنْ مَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ؛ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ ، وَوُقِيَ فِتْنَةَ القَبْرِ )) .
وأخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قالَ : ( قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمَةٍ يَمُوتُ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةِ الجُمُعَةِ ؛ إلاَّ وُقِيَ عَذَابَ القَبْرِ ، وَفِتْنَةَ القَبْرِ ، وَلَقِيَ اللهَ ولا حِسَابَ عَلَيْهِ ، وَجَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَمَعَهُ شُهُودٌ يَشْهَدُونَ لَهُ أَوْ طَابَعٌ )) .
وَهَذَا الحَدِيثُ لَطِيفٌ صُرِّحَ فِيهِ بِنَفْيِ الفِتْنَةِ والعَذَابِ مَعًا . اِنْتَهَى كَلاَمُ السُّيُوطِيُّ )) . اهـ كلام المبارك فوري .
قال الإمام الألباني : - رحمه الله تعالى - :
(*) ( حسن ) صحيح الترمذي 858 ، صحيح الجامع 5773 ،
وعلق الشيخ الألباني على كلام الترمذي المتقدم ؛ فقال :
(*) ( .. رجاله موثقون ، إلآ أنه منقطع كما قال الترمذي ، لكن رواه الطبراني موصولا ، كما في الفيض ، وله طريق أخرى في المسند (2/176 ، 220) وإسناده حسن أو صحيح بما قبله ) . اهـ المشكاة 1367،
(*) وقال في (أحكام الجنائز 49 - 50 / باب : علامات حسن الخاتمة) :
( أخرجه أحمد [السابق] والفسوي في ( المعرفة 2/520) من طريقين عن عبد الله بن عمرو ، والترمذي من أحد الوجهين ، وله شواهد عن أنس ، وجابر بن عبد الله ، وغيرهما ، فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح حسن ) . اهـ ، ثم قال الشيخ في في الحاشية (1) : ( راجع تحفة الأحوذي والمشكاة 1367 ) . اهـ
(*) ( حسن لغيره ... وأخرجه الضياء في المختارة ) صحيح الترغيب 3562 .
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام
ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام
|