حكم الإســـتعانةبالجـن
أبو حمد من موقع لقط المرجان
بسم الله الرحمنالرحيم
ان مسألة الإستعانة بالجن هي من المسائل الخلافية بين أهل العلم والتيأجازها بعض العلماء بشروط ومنعها آخرون .
وأحسن من تكلم في هذه المسألة شيخالإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى الجزء الحادي عشر حيث يقول:
والمقصود هنا انالجن مع الانس على احوال ؛
فمن كان من الانس يأمر الجن بما أمر الله به رسوله منعبادة الله وحده وطاعة نبيه ويأمر الانس بذلك فهذا من أفضل اولياء الله تعالى وهوفى ذلك من خلفاء الرسول ونوابه .
ومن كان يستعمل الجن فى أمور مباحة له فهوكمن استعمل الانس فى أمور مباحة له وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرمعليهم ويستعملهم فى مباحات له فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك وهذا اذاقدر انهمن اولياء الله تعالى فغايته ان يكون فى عموم اولياء الله مثل النبى الملكمع العبد الرسول كسليمان ويوسف مع ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامهعليهم أجمعين.
ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما فى الشركواما فى قتل معصوم الدم او فى العدوان عليهم بغير القتل كتمريضه وانسائه العلم وغيرذلك من الظلم ، واما فى فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة فهذا قد استعان بهم علىالاثم والعدوان ثم ان استعان بهم على الكفر فهو كافر.
وان استعان بهم علىالمعاصى فهو عاص إما فاسق وإما مذنب غير فاسق .
وان لم يكن تام العلم بالشريعةفاستعان بهم فيما يظن انه من الكرامات مثل ان يستعين بهم على الحج أو ان يطيروا بهعند السماع البدعى أو ان يحملوه الى عرفات ولا يحج الحج الشرعى الذى امره الله بهورسوله، وأن يحملوه من مدينة الى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروابه.
وكثير من هؤلاء قد لا يعرف ان ذلك من الجن بل قد سمع ان اولياء الله لهمكرامات وخوارق للعادات وليس عنده من حقائق الايمان ومعرفة القرآن ما يفرق به بينالكرامات الرحمانية وبين التلبيسات الشيطانية فيمكرون به بحسب اعتقاده فان كانمشركا يعبد الكواكب والاوثان اوهموه انه ينتفع بتلك العبادة ويكون قصده الاستشفاعوالتوسل ممن صور ذلك الصنم على صورته من ملك او نبى او شيخ صالح فيظن انه صالحوتكون عبادته فى الحقيقة للشيطان قال الله تعالى "ويوم نحشرهم جميعا ثم نقولللملائكة اهؤلاء اياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوايعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون".
ويقول في الجزء الثالث عشرمن مجموع الفتاوى:
قد قال تعالى عن قول الجن:
" منا الصالحون ومنا دونذلك كنا طرائق قددا وقالوا وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن اسلم فأولئك تحروارشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا".
ففيهم الكفار والفساق والعصاة وفيهممن فيه عبادة ودين بنوع من قلة العلم كما فى الانس وكل نوع من الجن يميل الى نظيرهمن الانس فاليهود مع اليهود والنصارى مع النصارى والمسلمون مع المسلمين والفساق معالفساق وأهل الجهل والبدع مع أهل الجهل والبدع
واستخدام الانس لهم مثل استخدامالانس للانس بشىء .
منهم من يستخدمهم فى المحرمات من الفواحش والظلم والشركوالقول على الله بلا علم وقد يظنون ذلك من كرامات الصالحين وانما هو من أفعالالشياطين.
ومنهم من يستخدمهم فى أمور مباحة اما احضار ماله أو دلالة علىمكان فيه مال ليس له مالك معصوم أو دفع من يؤذيه ونحو ذلك فهذا كاستعانة الانسبعضهم ببعض فى ذلك
والنوع الثالث أن يستعملهم فى طاعة الله ورسوله كما يستعملالانس فى مثل ذلك فيأمرهم بما أمر الله به ورسوله وينهاهم عما نهاهم الله عنهورسوله كما يأمر الانس وينهاهم وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم وحال من اتبعهواقتدى به من أمته وهم أفضل الخلق فإنهم يأمرون الانس والجن بما أمرهم الله بهورسوله وينهون الانس والجن عما نهاهم الله عنه ورسوله.
اذ كان نبينا محمدصلى الله عليه وسلم مبعوثا بذلك الى الثقلين الانس والجن وقد قال الله له قل هذهسبيلى أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركينوقال قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم
وعمر رضى الله عنه لما نادى يا سارية الجبل قال ان لله جنودا يبلغون صوتى وجنودالله هم من الملائكة ومن صالحى الجن فجنود الله بلغوا صوت عمر الى سارية وهو أنهمنادوه بمثل صوت عمر والا نفس صوت عمر لا يصل نفسه فى هذه المسافة البعيدة وهذاكالرجل يدعو آخر وهو بعيد عنه فيقول يا فلان فيعان على ذلك فيقول الواسطة بينهما يافلان وقد يقول لمن هو بعيد عنه يا فلان احبس الماء تعال الينا وهو لا يسمع صوتهفيناديه الواسطة بمثل ذلك يا فلان احبس الماء أرسل الماء اما بمثل صوت الأول ان كانلا يقبل الا صوته والا فلا يضر بأى صوت كان اذا عرف ان صاحبه قد ناداه
وهذهحكاية كان عمر مرة قد أرسل جيشا فجاء شخص وأخبر أهل المدينة بانتصار الجيش وشاعالخبر فقال عمر من أين لكم هذا قالوا شخص صفته كيت وكيت فأخبرنا فقال عمر ذاك أبوالهيثم بريد الجن وسيجيء بريد الانس بعد ذلك بأيام.
وقد يأمر الملك بعضالناس بأمر ويستكتمه اياه فيخرج فيرى الناس يتحدثون به فإن الجن تسمعه وتخبر بهالناس
والذين يستخدمون الجن فى المباحات يشبه استخدام سليمان لكن أعطى ملكا لاينبغى لأحد بعده وسخرت له الانس والجن وهذا لم يحصل لغيره والنبى صلى الله عليهوسلم لما تفلت عليه العفريت ليقطع عليه صلاته قال فأخذته فذعته حتى سال لعابه علىيدى وأردت أن أربطه الى سارية من سوارى المسجد ثم ذكرت دعوة أخى سليمان فأرسلته فلميستخدم الجن أصلا لكن دعاهم الى الايمان بالله وقرأ عليهم القرآن وبلغهم الرسالةوبايعهم كما فعل بالانس والذى أوتيه صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان فإنهاستعمل الجن والانس فى عبادة الله وحده وسعادتهم فى الدنيا والآخرة لا لغرض يرجعاليه الا ابتغاء وجه الله وطلب مرضاته واختار أن يكون عبدا رسولا على أن يكون نبياملكا فداود وسليمان ويوسف أنبياء ملوك وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد رسل عبيد فهوأفضل كفضل السابقين المقربين على الأبرار أصحاب اليمين وكثير ممن يرى هذه العجائبالخارقة يعتقد أنها من كرامات الاولياء . فتاوى ابن تيمية ج13/ص89.