
21-05-2009, 05:04 AM
|
 |
مراقبة الملتقيات
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة :
|
|
رد: جمعٌ ودراسةٌ لأحاديث صلاة الحاجة
من الشواهد المذكورة لحديث صلاة الحاجة:
حديثُ يوسف بن عبدالله بن سلام قال: صحبتُ أبا الدرداء أتعلمُ منه، فذكر قصةً، ثم ذكر أنَّ أبا الدرداء حدَّثه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من توضَّأ فأسبغَ الوضوءَ ثم صلى ركعتين يتمُّهما، أعطاه الله ما سأل معجَّلاً أو مؤخَّراً".أخرجه الإمام أحمد في مسنده (45/489 "27497") عن محمد بن بكر عن ميمون المرئي عن يحيى بن أبي كثير عن يوسف بن عبدالله بن سلام عن أبي الدرداء.
ومحمد بن بكر البرساني ضعيف، وشيخه ميمون بن موسى المَرَئي صدوق.
فهذا الإسناد ضعيفٌ، لأجل البرساني.
وروى الإمام أحمد في مسنده (45/ 531 "27546") عن أحمد بن عبدالملك عن سهل بن أبي صدقة عن كثير الطُفَاوي عن يوسف بن عبدالله بن سلام عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً: "من توضأ فأحسن وضوءَه ثم قام فصلى ركعتين أو أربعاً –شك سهلٌ– يُحسن فيهما الذكر والخشوع ثم استغفر الله عز وجل غفر له".
وقد ذكر عبدالله بن الإمام أحمد عقب هذا الحديث أنَّ أحمدَ بن عبدالملك –شيخ الإمام أحمد– أخطأ؛ فقال:
(سهل بن أبي صدقة)
والصواب (صدقة بن أبي سهل) وذلك أنَّ جمعاً من الرواة ذكروه بهذا الاسم، ومنهم:
سعيد بن أبي الربيع (رواه عنه عبدالله بن الإمام أحمد 45/531 وعنه الطبراني في الدعاء رقم " 1848").
وخالد بن خداش (عند الطبراني في الدعاء برقم " 1848" وفي الأوسط 5022).
ومسلم بن إبراهيم (المصدر السابق).
والفضل بن الحسين ( عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/83 " 2040").
وعبدالواحد الحداد (في المسند الكبير لأبي يعلى – المطالب العالية 4/350).
وهذا الإسناد لابأس به، فإنَّ مداره على (صدقة بن أبي سهل عن كثير الطفاوي) وقد ذكرهما ابن حبان في ثقاته.
ولكن ليس في هذا الحديث بهذا الإسناد دلالةٌ على صلاة الحاجة، وإنما فيه بيانُ فضل من توضأ فأحسن وضوءه، ثم صلى ركعتين أو أربعاً بخشوع وإقبال، وهذا أمرٌ قد ثبتت في فضله أحاديث.
وإنما الذي يـدلُّ –في الجملة- على صلاة الحاجة؛ اللفظُ الأول للحديث، إلا أنَّ إسنادَه ضعيفٌ –كما سبق-.
ومن الشـواهـد أيضاً:
حديث عثمان بن حُنيف رضي الله عنه أنَّ رجلاً ضريرَ البصر أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ادعُ الله أن يعافيني.
قال صلى الله عليه وسلم: "إن شئتَ دعوتُ، وإن شئت صبرتَ ؛ فهو خيرٌ لك". قال: فادعه، قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه؛ ويدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك وأتوجَّه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتُقْضَى لي ، اللهم فشفِّعه في".وهذا الحديث مدارُه على أبي جعفر عمير بن يزيد بن عمير الأنصاري الخطمي، وقد اختُلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجهين:
الأول/رُوي عن أبي جعفر الخطمي عن عُمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حُنيف الحديث.
وهذا الوجه أخرجه الترمذي في جامعه (3578) والنسائي في الكبرى (10495) وفي عمل اليوم والليلة (659) وابن ماجه في سننه (1385) وابن خزيمة في صحيحه (1219) والحاكم في المستدرك (1/313و519) والإمام أحمد في المسند (28/478) ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (19/359).
وعبد بن حميد في المنتخب (379) والطـبراني في الدعــاء ( 2/1289) والبخاري في التاريخ الكبير (6/210)
وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/24) وابن أبي حاتم في العلل (2/495"2604"):
من طرق عن عثمان بن عمر.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند (28/480) ومن طريقه أبونعيم في المعرفة (4/1959) عن روح بن عُبادة.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/519) من طريق محمد بن جعفر.
ثلاثتهم (عثمان بن عمر وَ روح بن عبادة وَ محمد بن جعفر) عن شعبة بن الحجاج عن أبي جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف.
وأخرجه النسائي في الكبرى (10494) وفي عمل اليوم والليلة (658) والإمام أحمد في المسند (28/480) والبخاري في تاريخه (6/209) وابن أبي خيثمة في تاريخه (كما نقل إسنادَه ولفظَه ابنُ تيمية في التوسل ص213 ) من طريق حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي به.
إلا أنه زاد في آخره: "وإن كانت حاجةٌ فافعل مثل ذلك".
وهذه الزيادة لم أجدها إلا عند ابن أبي خيثمة؛ فيما نقله عنه ابن تيمية.
الثاني/ رُوي عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف عن عمه عثمان بن حنيف به.
أخرجه النسائي في الكبرى (10496) وفي عمل اليوم والليلة (660) والبخاري في تاريخه (6/210) من طريق معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن أبي جعفر به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (9/30 "8311/1") وفي الصغير (1/306 "508" ) والدعاء (2/1287) وأبونُعيم في المعرفة (4/1959) والبخاري في تاريخه (6/210) وابن أبي حاتم في العلل (2/495 "2064")
من طريق عبدالله بن وهب عن شَبيب بن سعيد عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عثمان بن حنيف.
وفي أوله قصةُ رجلٍ كان يأتي إلى عثمان بن عفان يريد منه حاجةً فلا يلتفتُ إليه ولا ينظرُ في حاجته، فلقي هذا الرجلُ عثمانَ بن حُنيف رضي الله عنه، فأرشده بما أرشد النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الضرير ففعل، ثم ذهب إلى عثمان بن عفان فقضى حاجته.
هذا معنى القصة، وهي تدلُّ على أنَّ هذا الدعاءَ مشروعٌ لكل أحدٍ بهذه الصيغة
وفيها حجةٌ لمن يرى التوسلَ بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/526-) وابن السني في عمل اليوم والليلة (2/706 "629") والبيهقي في الدلائل (6/167) وعبدالغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (61) من طريق أحمد بن شبيب بن سعيد عن أبيه عن روح بن القاسم.
ولم يذكر أحدٌ منهم القصةَ التي أوردها ابنُ وهب في روايته، إلا عبدالغني المقدسي، فقد ذكر هذه القصة بتمامها.
وأخرجه البيهقي في الدلائل (6/176) من طريق إسماعيل بن شبيب بن سعيد عن أبيه عن روح بن القاسم.
كلاهما (هشام الدستوائي وَ روح بن القاسم) عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة عن عمِّه عثمان به.
وقد رجح أبو زرعة الرازي الوجه الأول عن أبي جعفر، وخالفه ابنُ أبي حاتم فرجح الوجه الثاني لاتفاق هشامٍ وروح بن القاسم عليه (العلل 2/495 "2064").
وهذا هو اختيار علي بن المديني فيما نقله عنه الطبراني في الدعاء (2/1290).
والذي يبدو أن كلا الوجهين صحيحٌ عن أبي جعفر، لمكانة رواتهما.
وصحح الحديثَ بالوجه الأول الترمذيُّ وابنُ خزيمة، وصححه بالوجه الثاني الطبرانيُّ (المعجم الصغير 1/306 "508" ) والبيهقي كما في الدلائل (6/176) وصححه بالوجهين الحاكم.
وحكم بصحة الحديث أيضاً الألبانيُّ (صحيح الجامع "1279" والتوسل ص74 ) ومقبل الوادعي (الشفاعة ص188 و190).
فائدة:نفى الترمذيُّ أن يكون أبو جعفر المذكور في الإسناد هو الخطمي، والصواب أنه هو، كما جاء صريحاً في بعض طرق الحديث، ونصَّ على ذلك عددٌ من العلماء.
فائدةٌ أخرى: لهذا الحديث وجهان شاذان، أحببتُ الإشارة إليهما :
أولهما/ ما رواه عَون بن عمارة عن روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن جابر.
أخرجه الطبراني في الدعاء (2/1290) من طريق الحسين بن إسحاق عن عون بن عمارة.
وروى الحاكم في المستدرك (1/526) وابن حبان في المجروحين (2/197) من طريق عون بن عمارة عن روح بن القاسم عن أبي جعفر عن أبي أمامة بن سهل عن عمه عثمان بن حُنيف؛ فوافق الطريقَ المشهورة عن روح.
قال الطبراني: (وَهِمَ عَون في هذا الحديث وهماً فاحشاً) قاله في الدعاء، ونحوه في المعجم الصغير (1/306).
ولا يمكن أن يقال: إن الوهم وقع ممن دون عون بن عمارة؛ بدليل أنه رُوي عنه على أحد الوجهين الثابتين؛ كما عند الحاكم وابن حبان في المجروحين!
أقول: لا يمكن أن يُقال ذلك، لأنَّ الراويَ عن عون عند الطبراني هو الحسين بن إسحاق وهو صدوق، وعون ضَعْفُه ظاهرٌ، فتحميله الخطأ والاضطراب أولى.
ثانيهما/ ما رواه إدريس العطار عن عثمان بن عمر عن شعبـة بن الحجاج عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أُمامـة عن عمِّه عثمان بن حُنيف.
أخرجه الطبراني في الكبير (2/8311) وعنه أبو نعيم في المعرفة (4/1958) عن إدريس بن جعفر العطار به.
وهذا الوجه منكر، لتفرُّد العطار به، ومخالفته الطريقَ الصحيحة عن عثمان بن عمر.
وإدريس متروك الحديث.
وبعد إتمام الكلام على أسانيد هذا الحديث، أنتقلُ إلى الكلام على متنه، فأقول:
جاءت روايتان شاذتان في متن هذا الحديث، أحببتُ التنبيهَ عليهما:
الرواية الأولى/ذِكْرُ قصةِ الرجل الذي أتى إلى عثمان بن عفان في حاجةٍ له، وقد سبقت الإشارةُ إليها.
وهذه القصة مدارُها على شبيب بن سعيد عن روح بن القاسم عن أبي جعفر عن أبي أمامة عن عثمان بن حنيف .
وقد رواها عن شبيب (عبدُالله بن وهب) في عامة المصادر التي خرَّجتْ الحديثَ من طريقه.
كما رواها عنه ابنُه (أحمدُ بن شَبيب) عند عبدالغني المقدسي في الترغيب في الدعاء دون بقية المصادر التي خرَّجت الحديث من طريقه.
وهذه القصةُ شاذةٌ لا تصح؛ لما يلي:
أولاً/ أنَّ مدارَها على شَبيب بن سعيد، ولأهل العلم كلامٌ في روايته، إلا أن الأقربَ صحةُ حديثه إذا حدَّث عنه ابنه أحمد وكان شيخُه في الإسناد يونس بن يزيد.
نصَّ على هذا ابنُ عدي في الكامل، وهي طريقةُ إخراج البخاري له في الصحيح ؛ كما ذكر ابن حجر.
ثانياً/نصَّ ابنُ عدي على أن عبدَالله بن وهب قد حدَّث عن شبيب بمناكير.
وهذه القصة من رواية عبدالله بن وهب عن شَبيب.
وأما رواية أحمد بن شبيب لها عن أبيه فلم تُذكَر في عامة المصادر إلا عند عبدالغني المقدسي.
ثم إن شيخ شبيب في هذا الإسناد ليس يونس بن يزيد.
ثالثاً/أن كلَّ مَنْ روى الحديثَ عن أبي جعفر لم يذكر هذه القصة، ومنهم شعبة بن الحجاج وهشام الدستوائي.
الرواية الثانية/زيادة: "وإن كانت حاجةٌ ؛ فافعل مثل ذلك".
وهذه الزيادة رواها ابنُ أبي خيثمة في تاريخه من طريق حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حُنيف.
ولم يرو هذه الزيادة أحدٌ ممن خرَّج الحديث من طريق حماد سوى ابن أبي خيثمة.
ثم إن شعبة بن الحجاج وهشاماً الدستوائي رويا هذا الحديث عن أبي جعفر الخطمي بدونها.
ومعلومٌ أن حماد بن سلمة وإن كان ثقةً في الأصل، إلا أن له أوهاماً في روايته عن كثير من شيوخه،كما ذكر الإمام مسلم وغيره، بينما هو أثبت الناس في ثابت البناني.
وإنما أحببتُ التنبيه على هاتين الروايتين، لأنه قد يُستدل بهما على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو جاهه، وهما روايتان منكرتان.
بـقي أن يُقــال:
هل في حديث عثمان بن حُنيف رضي الله عنه في قصة الرجل الضرير بلفظها الصحيح حجةٌ لمن رأى التوسلَ بذات النبي أو جاهه؟ حيثُ إنه قال: " اللهم إني أسألك وأتوجَّه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة".
والجواب:
كلا، ليس فيها ما يمكن أن يُتمسَّك به في ذلك، لأن الرجلَ إنما أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعوَ له لاليتوسل بذاته أو جاهه، ولو كان قَصَدَ ذلك لما احتاج إلى المجيء الذي يشقُّ على مثله، ولكفاه ذلك التوسلُ وهو قاعدٌ في بيته!
ولذا قال: "ادعُ الله أن يعافيني" وهذا دليلٌ صريح على التوسل المشروع بدعاء الرجل الصالح.
وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: "إن شئتَ دعوتُ، وإن شئت صبرتَ ؛ فهو خيرٌ لك" فقال الرجل: "بل ادعُه".
وقد ذكر أهل العلم هذا الحديثَ ضمن معجزاته صلى الله عليه وسلم؛ حيث أجاب اللهُ دعاءَه، وعاد بصرُ هذا الرجل الضرير.
قال ابن تيميَّة: (وهذا الحديث ذكره العلماءُ في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب، وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات، فإنه صلى الله عليه وسلم ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره).
قاعدةٌ جليلة في التوسل والوسيلة ص201
ثم إن في الحديث نوعاً آخر من أنواع التوسل المشروع، وهو ما أرشد إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل من التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة من إحسانٍ للوضوء ثم صلاةِ ركعتين ثم سؤالِ الله تعالى، وهذا توسلٌ مشروع.
يُنظر/ الواسطة بين الله وخلقه عند أهل السنة ومخالفيهم للدكتور المرابط بن محمد يسلم الشنقيطي ص571- .
وأنواع وأحكام التوسل المشروع والممنوع لعبدالله بن عبدالحميد الأثري ص181-.
والله أعلم، وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وآله وصحبه.
كتبه/ أبو محمد، عبدالله بن جابر الحمادي.
منقول من الألوكة
|