عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 07-05-2009, 07:59 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شبهة تكفير ولاة أمر المسلمين والامر بقتالهم

حكم تكفير من يخالف حكم الله
السؤال: يستدل بعضهم بقوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44] على كفر ولاة الأمور في الدول التي يوجد بها بنوك ربوية أو مخالفات في وسائل الإعلام أو غيرها، فكيف يرد عليهم؟ الجواب: أولاً: الكفر هنا قد اختلف فيه: هل هو كفر عملي أو كفر اعتقادي؟ فيرى كثير من العلماء أنه كفر عملي وهو لا يخرج من الملة، ويرى بعضهم أنه كفر دون كفر. ثانياً: أن الآية فيمن لم يحكم بشيء مما أنزل الله؛ لأن الله يقول: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:44]، فمعناها: أنهم لا يحكم بكفرهم إلا إذا لم يحكموا بشيء مما أنزل الله ولو بآية، أو بحديث من كتاب الله ولا من سنة رسوله، لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:44] أي: لم يحكم بشيء مما أنزل الله. ثالثاً: لا شك أن تغيير شرع الله تعالى تغييراً جذرياً يعتبر اعتراضاً على الله تعالى، والاعتراض على الله والانتقاد له يعتبر كفراً، ولكن إذا اعتبرناه كفراً عملياً رأينا أن الخروج على أهله من الخروج على الأئمة، ولا شك أن فيه فتنة ومضرة على الذين يخرجون، وذلك لأن هؤلاء الأئمة الأمراء بأيديهم القوة والأسلحة الفتاكة، فالذين يخرجون عليهم لا يقدرون على مقاومتهم ولو خرجوا بحق. فلأجل ذلك يقول الشافعي في الأبيات المشهورة: لك العقل الذي زين الفتى إذا أنت لم تقو عدوك داره وقبّل يد الجاني التي لست قادراً على قطعها وارقب سقوط جداره ترقب إلى أن يظهر الله القوة للإسلام والمسلمين.
موقف المؤمن من البلاد التي انتشرت فيها المنكرات
السؤال: إذا كثرت المنكرات في مجتمع من المجتمعات وفشت وطمت، ثم نصح ولاة أمورها سراً ومع ذلك لم يستجيبوا، فما هو العمل؟ الجواب: ليس لك إلا أن تكرر النصيحة، وأن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأن تحرص على الدلالة على الخير، وأن تنجو بنفسك وبمن تستطيع النجاة به من أهل الخير مع أهل الخير المستجيبين لك، وحينئذٍ تكون معذوراً، وقد ورد في تفسير قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] يقول: (إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنياً مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أياماً الصابر فيها على دينه كالقابض على الجمر من قلة الموافق وكثرة المخالف)، ففي تلك الحال يكون الإنسان مهتماً بصلاح نفسه.

كيفية نصح ولاة الأمر
السؤال: إذا لم نستطع الوصول إلى ولاة الأمر لنصحهم، فكيف ننصحهم؟ الجواب: أولاً: تدعو لهم. ثانياً: تنصح جلساءهم الذين تستطيع أن تصل إليهم، أو جلساء جلسائهم لعلهم ينصحونهم أو يؤثرون فيهم. ثالثاً: تحرص على إصلاح من تقدر عليه من المسلمين بما تستطيعه من وجوه الإصلاح، وفي إصلاح بعض من المسلمين خير كثير، فهو أولى من ترك الإصلاح حتى يكون الشعب كله منحرفاً أو فاسداً، فبعض الشر أهون من بعض، فإذا رأينا -مثلاً- أن الأشرار لهم الغلبة والتمكن، وأنهم ينفذون كلماتهم ويبطشون بأهل الخير ويذلونهم ويهينونهم، ورأيناهم يزيدون ويفشون ويتمكنون، ورأينا الشر يستطير، ورأينا المصلين في قلة وذلة، وحملة القرآن ونحوهم، ورأينا العصاة أهل الخمور والفجور والفساد وما أشبه ذلك لهم التمكن فلابد أن نتصل بأهل الخير من إخواننا، ونتمسك بطاعة الله، ونتواصى بالحق ونتواصى بالصبر، وكل من رأيناه محباً للخير أو قريباً منه نصحناه سراً وبينا له، (والحق ضالة المؤمن)، فبذلك يظهر الخير ولو قليلاً قليلاً إلى أن يظهر أهله ولو بعد حين.
أنواع الخوارج وصور خروجهم
السؤال: هل الخروج يكون بالسيف فقط أم باللسان أيضاً؟ الجواب: لا شك أن أصل الخروج هو منابذتهم، فيقال: خرج على الأئمة بمعنى: نابذهم، وكفرهم، واستباح قتالهم، واستباح محارمهم. فهذا هو الأصل في الخروج. ولكن القسم الثاني يسمى تكفيراً وتضليلاً، وهو أيضاً قد يكون سبباً في وصول الأذى إلى ذلك المكفر، فإنَّا إذا رأينا مجموعتين: مجموعة يقاتلون الأئمة، وعندهم من القوة والذخائر ما يتمكنون به من أن يقاتلوا الإمام وأتباع الإمام والمسلمين الذين في طواعية ذلك الإمام سميناهم خوارج وسميناهم أهل خروج عن الطاعة. ورأينا آخرين على معتقدهم ولكنهم لا يخرجون ولا يقاتلون ويسمون القعد، نقول هؤلاء: أيضاً لهم حكم الأولين، وقد يكون الأولون هم الذين يتأثرون بهم، وذلك لأن كثيراً من الخوارج في العهد الأول لا يرون القتال، ولكنهم يسمون القعد من القعود، ويقال: أنهم قاعدون، ولكنهم يحثون الآخرين الذين عندهم قوة وجرأة على القتال، يقولون: قاتلوهم فإن لكم أجراً، ولكم ولكم. ذكروا ذلك في ترجمة عمران بن حطان ، وكان أولاً من أهل السنة، وروى أحاديث عن عائشة وغيرها من الصحابة، وحدث عنه بعض العلماء، وله أحاديث في صحيح البخاري إلا أنه في آخر عمره تزوج امرأة من الخوارج يظن أنه سيؤثر فيها وأنه سيصلحها ولكنها أفسدته، فغيرت عقيدته فأصبح خارجياً، ولكنه من الخوارج القعد وليس من الذين يقاتلون، وهو الذي مدح ابن ملجم الذي قتل علياً بالأبيات المشهورة التي يقول فيها: يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضواناً إني لأذكره يوماً فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزاناً فرد عليه بعضهم بقوله: يا ضربة من شقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش سخطاناً إني لأذكره يوماً فألعنه جهراً وألعن عمران بن حطانا فالحاصل أن مثل هؤلاء يقال لهم: القُعَّد، فيعتبرون الحكام مثل غيرهم أنهم داخلون في الكفر.
حكم القتال مع إمام الجور
السؤال: هل يجب قتال الفئة الباغية مع السلطان الجائر أم أنها لا تجب إلا مع الإمام العادل؟ الجواب: ذكروا في قتال البغاة أموراً. أولاً: أنهم لابد أن يكون لهم شبهة، وتلك الشبهة تخول لهم أن يخرجوا، فإذا لم يكن لهم شبهة فإنهم قطاع طريق فيقاتلون بكل حال؛ لأنهم يقتلون المسلمين، أما إذا كانت لهم شبهة وعندهم شوكة ولهم قوة فقالوا: يلزم الإمام أن يراسلهم قبل البدء بقتالهم، ويسألهم: ماذا تنقمون؟ فإذا ذكروا له ماذا ينقمون أصلح الأحوال التي يدعونها إن كانت صدقاً، أو اعتذر عنهم وبين خطأهم في هذا الاجتهاد. ثانياً: بعدما يصرون على القتال ويمتنعون من الرجوع ففي هذه الحال يقاتلهم، وإذا كان كذلك فإننا نقاتل معه حتى ولو كان معه شيء من الجور أو المعاصي أو النقص أو التقصير، وذلك حفاظاً على بيضة الإسلام، وعلى جمعية المسلمين.


الضابط في تقسيم البلاد إلى بلاد كفر وبلاد إسلام
السؤال: ما الضابط في الحكم على البلاد بأنها بلاد إسلام، علماً بأن بعض دول الغرب تترك المسلمين يؤدون شعائر إسلامهم؟ الجواب: إذا كان الحكم للكفر فإنها تعتبر بلاد كفر، لكن إذا كان بيننا وبينهم عهد فإننا لا نغزوهم ولا نقاتلهم، أما إذا كان الحكم للإسلام والمسلمين فإننا نحكم بأنها بلاد إسلام؛ لأن الأصل أنها بلاد إسلام، فمثلاً: أكثر بلاد أمريكا ونحوها بلاد كفر ولكن فيها مراكز إسلامية ودعاة مسلمون، وقد يقام فيها مساجد، فنقول: البلاد بلاد كفر وفيها مسلمون، وإذا انتقضت العهود التي بيننا وبينهم حل غزوهم وقتالهم، وما دام أنهم مسالمون ولهم عهود فإنهم لا يقاتلون. أما البلاد الإسلامية أصلاً -ولو كان فيها شيء من شعائر الكفر- فإن الحكم للبلاد التي فيها أصل الإسلام، فنقول مثلاً: بلاد تركيا بلاد إسلام، ولو أن فيها الآن اختلاطاً وقبوريين ومعاصي وخموراً، لكن الأصل أنها بلاد إسلام، وفيها المساجد والمكتبات والكتب ونحو ذلك فلا تكفر ولا تبدع، وكذلك كثير من البلاد الإفريقية لاشك أنها بلاد إسلام ولو ظهر فيها شيء من شعائر الكفر.

حكم من يكفر كل المجتمعات الإسلامية
السؤال: ما رأيكم فيمن يكفر المجتمعات الإسلامية قاطبة ويقول: إنها ارتدت بالكلية؟ الجواب: هذا قول خاطئ، وذلك لأن المجتمعات الإسلامية لا شك أنها تهدف إلى الحق ولو كان فيها شيء من النقص أو الخلل، ومعلوم أنهم ما قصدوا إلا الحق والخير، فهم مسلمون موحدون يشهدون الشهادتين ويدعون إلى الصلاة وإلى أركان الإسلام، ويدعون إلى تحقيق الإيمان والاتصاف بالإيمان، فنقول: إنهم من أهل الإسلام ولا يجوز تكفيرهم. ونقول بعد ذلك: لا يضر اختلافهم في الأسماء، فالأسماء عادية، يرضى هؤلاء -مثلاً- أن يسموا أنصار السنة، فنقول: نتفقد أحوالكم، فإذا كنتم على العقيدة فإننا نقركم ونسميكم بما تريدون. وإذا قال هؤلاء: نحن نتسمى بأهل التوحيد قلنا: لكم اسمكم ولكن ننظر في أعمالكم. وإذا تسمى هؤلاء بالسلفيين نقول: لكم ما تسميتم به ولكن حققوا أعمالكم. وإذا تسمى هؤلاء بأهل الدعوة. قلنا: نوافقكم على ذلك ولكم اجتهادكم ونظركم. وإذا تسمى هؤلاء -مثلاً- بأهل الدعوة أو بأهل التوحيد أو بغير ذلك من الأحزاب التي أسماؤها حسنة نقرهم على تسميتهم، ولكن نتفقد أحوالهم. ثم هذه الأحزاب الأصل فيهم والغالب أنهم يدعون إلى الخير ويحبونه، والله تعالى يتولى أمورهم وشئونهم، ولا نقرهم على ما فيهم من الأخطاء التي يخطئون فيها بل ننتقدهم في ذلك الخطأ، ولا يصل الخطأ إلى التكفير، فإن التكفير أمره كبير.


( الأسئلة ) جزء من محاضرة : ( معاملة أهل السنة لأئمة الجور ) للشيخ : ( عبد الله بن عبدالرحمن الجبرين )



 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.47 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.47%)]