عرض مشاركة واحدة
  #54  
قديم 05-03-2009, 03:59 PM
الصورة الرمزية خديجة
خديجة خديجة غير متصل
مشرفة ملتقى الفلاشات والفيديو كليب
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: الحضن الدافئ
الجنس :
المشاركات: 2,650
الدولة : Morocco
افتراضي رد: كتاب الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفي استمتع بحياتك....

لا تلمني !! انتهى الأمر .. ؟

يظن بعض الناس أنه عندما يلوم الآخرين على أخطائهم التي ربما تكون لا ترى إلا بالمجهر ..
يظن أنه يتقرب منهم أكثر .. أو أنه يقوي شخصيته بذلك ..
والحق أنه ليس الذكاء والفطنة أن تستطيع اللوم .. وإنما هو أن تتجنبه قدر المستطاع .. وتسعى إلى إصلاح الأشخاص بأساليب لا تجرح .. ولا تحرج ..
أحياناً تحتاج في بعض الأمور أن تتعامى .. خاصة الأشياء الدنيوية .. والحقوق الخاصة ..
ليس الغبي بسيد في قومه 00 لكن سيد قومه المتغابي

والملوم يعتبر اللوم سهماً حاداً يوجه إليه .. لأنه يشعره بنقصه ..
هذا أولاً ..
ثانياً : تجنب النصح في الملأ قدر المستطاع ..

تغمدني بنصحك في انفرادي ..


وجنبني النصيحة في الجماعة


فإن النصح بين الناس نوع ..


من التوبيخ لا أرضى استماعه

بل .. إذا انتشر خطأ معين .. واضطررت إلى النصح العام .. فاعمل بقاعدة : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا .. كما تقدم معنا ..
إذن .. اللوم كالسوط الذي يجلد به اللائم ظهر الملوم ..

وبعض الناس ينفر الآخرين إما بكثرة لومه .. أو

بلومه على أمور انتهت ولا يقدم اللوم أو يؤخر فيها شيئاً ..
أذكر أن رجلاً فقيراً .. تغرب عن أهله إلى بلد آخر .. واشتغل سائق شاحنة .. كان في أحد الأيام متعباً لكنه ركب الشاحنة ومضى بها في طريق طويل بين مدينتين ..
غلبه النوم أثناء الطريق .. فجعل يصارعه وأسرع قليلاً .. فتجاوز سيارة أمامه دون أن ينتبه إلى الطريق فإذا أماه سيارة صغيره فيها ثلاثة أشخاص .. حاول أن يتفاداها .. لم يستطع .. فاصطدم بها وجهاً لوجه ..
ثار الغبار .. وجعل المارة يوقفون سياراتهم ويتفرجون على الحادث ..
نزل سائق الشاحنة .. ونظر إلى السيارة المصدومة .. وإلى من بداخلها فإذا هم موتى ..
أنزلهم الناس واتصلوا بالإسعاف ..
قعد سائق الشاحنة ينتظر ووصول الإسعاف .. ويفكر فيما سيحصل له بعد الحادث من سجن ودية .. ويفكر في أولاده الصغار .. وزوجته ..
مسكين .. هموم انهدت عليه كالجبال ..!!
جعل الناس يمرون به ويلومونه ..
عجباً ..!! أهذا وقت اللوم .. ألا يمكن أن يؤجل قليلاً ؟
قال أحدهم : لماذا تسرع ؟ هذه عواقب السرعة ..
وقال آخر : أكيد أنك كنت نعسان ومع ذلك استمريت في القيادة ..! لم توقف سيارتك وتنام ..؟
وقال ثالث : المفروض أن مثلك لا تصرف لهم رخص قيادة !!
كانوا يقولون هذه العبارات بأسلوب حاد .. فيه تعنيف وصراخ ..
كان الرجل واجماً .. جالساً على صخرة ساكتاً .. متكئاً برأسه على يديه ..
وفجأة هوى على جنبه .. و .. و .. مااات ..
قتلوه بلومهم .. ولو صبروا قليلاً لكان خيراً له ولهم ..
ضع نفسك موضع الملوم ..المخطئ .. وفكر من وجهة نظره ..
فأحياناً لو كنت مكانه قد تقع في خطأ أكبر من خطئه ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراعي ذلك كثيراً ..
لما انصرف صلى الله عليه وسلممن خيبر.. أطالوا المسير حتى تعبوا ..
فلما أقبل الليل .. نزلوا في موضع في الطريق ليناموا ..
فقال صلى الله عليه وسلم: من رجل يحفظ علينا الفجر لعلنا ننام ؟
كان بلال رضي الله عنه متحمساً فقال : أنا يا رسول الله أحفظه عليك ؟
فاضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ونزل الناس فناموا ..
وقام بلال يصلي حتى تعب .. وقد كان متعباً من طول الطريق قبل ذلك ..
فقعد واستند إلى بعيره مستريحاً .. واستقبل الفجر يرمقه .. فغلبته عينه .. فناااام ..
كان الجميع في تعب شديد .. فطال نومه ونومهم .. ومضى الليل .. وطلع لاصبح .. والكل نيام .. ولم يوقظهم إلا حر الشمس ..
استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهبَّ الناس من نومهم .. فلما رأوا الشمس اضطربوا .. وكثر لغطهم ..
الكل ينظر إلى بلال ..
التفت صلى الله عليه وسلم إلى بلال وقال : ماذا صنعت بنا يا بلال ؟

فأجاب بلال بجواب مختصر .. لكنه موضح للواقع


تماماً ..
قال : يا رسول الله .. أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك ..
يعني أنا بشر .. حاولت أن أقاوم النوم .. فلم أستطع .. غلبني النوم كما غلبكم !!
فقال صلى الله عليه وسلم : صدقت .. وسكت عنه ..
نعم فما فائدة اللوم هنا ..
فلما رأى صلى الله عليه وسلم اضطراب الناس .. قال صلى الله عليه وسلم : ارتحلوا ..
فارتحلوا .. فمشى شيئاً يسيراً ..
ثم نزل ونزلوا .. فتوضأ وتوضئوا ..
ثم صلى بالناس ..
فلما سلم .. أقبل على الناس فقال :
إذا نسيتم الصلاة .. فصلوها إذا ذكرتموها ..
فلله دره ما أعقله وأحكمه صلى الله عليه وسلم ..
كان مدرسة لكل قائد ..
ليس مثل بعض الرؤساء اليوم لا تكاد عصا اللوم والتقريع تنزل من يده ..
بل كان صلى الله عليه وسلم يضع نفسه مكان من تحته ويفكر بعقولهم .. ويتعامل مع القلوب قبل الأجساد ..
يعلم أنهم بشر .. وليسوا آلات !!
في السنة الثامنة من الهجرة ..
جمع الروم جيشاً .. وأقبل من جهة الشام .. لقتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ..
وقيل إنهصلى الله عليه وسلم جمع جيشاً لغزوهم ابتداءً ..
بدأ صلى الله عليه وسلم يجهز جيشاً لإرساله إليهم .. فلم يزل يحث الناس حتى جمع ثلاثة آلاف ..
فزودهم بما وجد من سلاح وعتاد ..
قال لهم : أميركم زيد بن حارثة ..
فإن أصيب زيد .. فجعفر بن أبي طالب على الناس ..
فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة ..
وخرج معهم صلى الله عليه وسلم يودعهم ..
وخرج الناس يودعون الجيش ..
ويقولون : صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين ..
كان عبد الله بن رواحة مشتاقاً إلى الشهادة .. فقال :
لكنني أسأل الرحمن مغفرةً وضربةً ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي ياأرشد الله من غازٍوَقد رشدا
ثم مضى الجيش حتى نزلوا "معان" من أرض الشام ..
فبلغهم أن هرقل ملك الروم قد نزل من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم ..
وانضم إليه من القبائل حوله مائة ألف .. فصار جيش الروم مائتي ألف ..
فلما تيقن المسلمون من ذلك .. أقاموا في "معان" ليلتين ينظرون في أمرهم ..
فقال بعضهم : نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا ..
فإما أن يمدنا بالرجال ..
أو يأمرنا بما يشاء فنمضي له .. وكثر كلام الناس في ذلك ..
فقام عبد الله بن رواحة .. ثم صاح بالناس وقال :
يا قوم .. والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون .. الشهادة في سبيل الله .. تفرون منها !!

وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة .. ما


نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به .. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين .. إما ظهور وإما شهادة ..
فمضى الناس .. يسيرون ..
..........
__________________


حياكم لله معنا
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.94%)]