وتعطلت لغة الكلام
مشهد مسرحي
اسمه ( انا وبغداد)
ابطال المسرحية :
انا - بغداد(الام) - الراوي- الضمير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
الراوي:
حين تلتفت عيون الامهات تبحث عن ابنائها ، ولا تجدهم، فكيف سيكون حال الامهات؟؟
في زمن انقلبت فيه الموازين .
استرسلت الام وهي تردد في خفوت متواصل :
( دللول يا الولد يا ابني دللول يمه عدوك عليل وساكن الجول)(هكذا تغني العراقيات لاطفالهن ليناموا على صوت كلمات اغنية قديمة)
تردد بحزن وتلذذ في الحزن وتسترسل:دللول...
وفجاة تنتفض وكأنها استعادت الذاكرة بعد غياب طويل .
قالت في تساؤل غريب ومتكرر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحوار
ـــــــــــ
بغداد-ارضي طيبة مياهي عذبة سمائي صافية زهوري عبقة ارضي طيبة مياهي ...
انا- مالك يا حبيبة روحي ؟ ما هذا الوجوم البادي على وجهك الوضاء ؟ما هذه الاحزان في صوتك ؟ ما هذا التساؤل؟؟؟.
بغداد - اليست طيبة ارضي؟ عذبة مياهي ؟ صافية سمائي؟ عبقة زهوري؟
انا - انهم ..انهم
بغداد - انهم ماذا ؟ ما لي لا اراهم؟ الا يحق للامهات ان يسالن عن فلذات الاكباد؟؟؟ .. اجيبي؟؟.
انا - نعم .. ولكن.. نعم.
بغداد - ولكن ماذا ؟ ماذا هناك ؟ ماذا تخبئين ؟ اجيبي.
انا محتاجة اليهم .. احضاني تبحث عنهم ، عن زيد عن زينب عن سيف عن جعفر ...
انا - ماذا اقول لك ؟ ( في حيرة )
بغداد - قولي الصدق .. ولكن مهلا .. (بخوف وفزع)
ماتوا؟ هل ماتوا؟ اجيبي.
انا - لا ادري كيف اخبرك ، انا في حيرة من امري ، ماذا اقول؟
بغداد- قولي الصدق الحقيقة ، ام انها اصبحت اليوم مفردات مع عداد الموتى . ( في سخرية )
انا - ساخبرك ولكن فليحتمل قلبك المسكين الخبر ... اشفق عليك
بغداد-لا اريد شفقة من احد هيا اخبريني هيا هيا ( في جزع )
انا - زينب - في تردد - قضت تحت الركام في المنزل بالقذائف لم نتمكن من انقاذها ... كان الموت اسرع.
بغداد ( بجزع) ها.. اكملي ..
انا- اما جعفر فلم يتسع صدره لاحتمال المأساة فهاجر تحت جنح الظلام خارج البلاد لا يلوي على شئ .. و ..
بغداد - ماذا بعد ؟ من بقي لي ؟ جميعهم ؟؟ من استند عليه اذا ادلهمت الليالي ؟
وأنا جريحة في الصميم وجراحي مفتوحة تان بالالم ؟؟
من للأمهات؟ من يعين على انحناء الظهور ؟؟
من يعين على البلوى ؟؟ من ؟من؟ ( وهنا تصرخ بجزع ):
هكذا انتهى ابنائي؟ لا سلوى لا معين .. ولا نديم ؟
بمن الوذ ؟ ااستجير بالجيران ؟؟ ثم ماذا ؟ ..
يوما يومان ؟ ربما ثلاث ثم ماذا ؟
سيدب الملل الى صدورهم وسيتذمرون ومن ثم سانزوي في ركن سحيق في هذا البيت المهجور المهجور
انا - ارفعي يا حبيبة روحي يديك عالية بالدعاء الى رب العباد .. اتجهي اليه حين عزَ الاهل وفرَ الصديق
بغداد - بتمهل- وكأنها تسترجع مفردات كانت غائبة عن البال .. نعم .. نعم .. الله ، نعم الله .. هو من الجأ أليه ..
قامت واتجهت نحو السجادة فأدت صلاة خشوع وشكر لله على البلوى.. ثم رفعت يد الضراعة والاتكال الكامل على من لا يخيب الامال ، والذي هو اقرب من صدور الامهات اذا عزت الام..
بغداد -رافعة يد الدعاء:" الهي ، عظم البلاء ، وضاقت النفوس وعز الولد وشحت النفوس من الخير ، وأوصدت الابواب ابوابها الا بابك ظل مشرعا للمنكوبين ، يا اله المظلومين ، يا اله الصابرين ، هذه بلوانا بين يديك وشكوانا ظاهرة امام عينيك ...
ارحم يا الهي ضعف الامهات واجبر قلب من فجعت منهن ، وعمر القلوب بالايمان والتقوى ، وزينها بالصبر والصلاة ، وابعد اللهم الجزع عن صدورنا وازرع بذرة الامل في نفوسنا ، واحمها وارعاها لتنم وتورق ازهارها وتفوح عطورها ،
فارضي ما زالت طيبة ، ومياهي مازالت عذبة ، وسمائي صافية ، وزهوري عبقة
لانها مفردات العراق ، طيب العراق ، هي العراق
هذه معاناة تتعطل فيها لغة الكلام لانها حقيقية