[سامي]

تَعالَيْ أيُّها الذكْرَى.. وطُوفي مرةً أخْرى

أعيدي في مسامِعِنا.. حديثًا يسكُبُ السِّحْرا

ويسري في عذوبتِه.. نداءً يسلُبُ الفِكْرا

ويَنْدَى من بشاشتِه.. وينشرُ حولنا العِطرا

وقولي كيف هَلَّ النورُ تحملُ كفُّه الفجْرا

وكيف أفاقت الدُّنيا.. وهزَّت قلبَها البُشْرى

وكيف ارتدَّ وجهُ الأرضِ ينضحُ كلُّه بِشْرا

وكيف اهتزّ هذا الكونُ لمَّا أدرَك الأمْرا

بأن اللهَ قد ألْقَى إلى أكوانِنا سِرّا

يَشُقُّ مجاهلَ الدنيا.. ويلمعُ في الدُّجَى بَدْرا

يُحيلُ تقلُّبَ الإنسانِ في سوءاتِه طُهْرا

ليصبحَ بينَ كلِّ الخلقِ أعلى منهمُ قَدْرا

وقولي كيف فاضَ الخيرُ يمحو حوله الشَّرَّا

وكيف تألَّقَ الإيمانُ يطوي البغيَ والكُفْرا

وكيف تبسَّمَ الجلمودُ في الصحراءِ واخْضَرَّا

وكيف تدفقَ الإنسانُ في دربِ الهُدى سَيْرا

وكيف غدا ترابُ الأرضِ في رَاحاتِهِ تِبْرا

وكيف سعت له الدُّنْيا.. تَرُدُّ جِهَادَهُ نصْرا

وكيف تسامت الدنيا.. بدينٍ ينشرُ الخيْرَا

وماسَتْ رايةُ الإسلامِ في عليائِها فخْرَا

* * *

تعالَيْ أيُّها الذكْرَى.. فأنت بحالِنا أدْرى

تناءَى نورُك الغالي.. فطالَ الليلُ واستشْرى

وضِعْنَا في غياهبِه.. وأصبح عيشُنا مُرّا

وَهُنّا في حساب الكونِ لم نبلغْ به صِفْرا

وإن كنا ملايين.. فنحن الأمةُ الصُّغرى

تحُفُّ بنا من الأطماعِ ما قد جاوزَ الحَصْرا

فنحن بموجةِ الأطماعِ لا نَلْقَى لنا بَرّا

فطَوْرًا نلتوي ذُعْرًا.. وطورًا ننطوي قَهْرا

نموتُ وتحتَ أرجلِنا.. ترابٌ يُنْبِتُ العُمْرا

وتقتُلُنا جراحاتٌ.. تشُقُّ بِنَابِها الصَّخْرا

* * *

تعالَيْ أيُّها الذّكْرَى.. لعلَّ جراحَنا تَبْرا

ويوقظُنَا دبيبُ الفجْر يدخلُ نورُهُ القَبْرا

فيحْيا بين أعظُمِنا.. ضياءٌ قد غَفَا دَهْرا